|
هل تنخرط أحزاب البورجوازية الصغرى في العمل على قلب ميزان القوى لصالح الشعب المغربي
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1315 - 2005 / 9 / 12 - 12:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
1) إن ما يمكن أن نستهل به هذه المقالة هو أن البورجوازية الصغرى ذات طبيعة انتهازية، و حربائية، و أن هذه الطبيعة تجرها إلى الوقوع في الكثير من المزالق، و القيام بالعديد من الممارسات مهما كانت منحطة، و دنيئة، و مهما كان عمل الطبقة الحاكمة مسيئا إلى الشعب، فإنها تفعل ما دام كل ذلك يؤدي إلى تحقيق تطلعاتها الطبقية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و من اجل أن تتموقع إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المكرس لاستغلال الجماهير الشعبية الكادحة و طليعتها الطبقة العاملة. و أحزاب البورجوازية لا يمكن أبدا أن تشد عن الطبقة التي تستهدف تمثيلها و تنظيمها و إقناعها بإيديولوجيتها و بمواقفها السياسية، و قيادتها من اجل فرض تحقيق تطلعاتها الطبقية. و أحزاب كهذه لا تفكر إلا في " كيف تتموقع قياداتها إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المشكل للطبقة الحاكمة" لا يمكن أن ننتظر منها أن تعمل على قلب ميزان القوى لصالح الجماهير الشعبية الكادحة إلا إذا كان السعي إلى ذلك مجرد وسيلة للضغط على الطبقة الحاكمة في أفق استدراجها إلى إتاحة الفرصة لتحقيق التطلعات الطبقية البورجوازية الصغرى و المنتمين إلى أحزابها بالخصوص، و لقياداتها الحزبية بالأخص. 2) فلماذا لا ننتظر من أحزاب البورجوازية الصغرى العمل على قلب ميزان القوى لصالح الجماهير الشعبية الكادحة ؟ إن البورجوازية الصغرى مريضة بالتطلعات البورجوازية و مهمة أحزابها العمل على تحقيق تلك التطلعات البورجوازية بالعمل على توظيف كل الوسائل الممكنة و غير الممكنة. و من الوسائل غير الممكنة و الممكنة التي تجعلنا نعتقد أن أحزاب البورجوازية الصغرى لا تعمل على قلب ميزان القوى لصالح الجماهير الشعبية الكادحة نجد : أ- ادعاء هذه الأحزاب إخلاصها للجماهير الشعبية الكادحة و هي في الواقع لا تخلص حتى لنفسها، أو لطبقتها لأن قياداتها غارقة من أخمص قدميها حتى رأسها في التفكير في مصالحها هي أولا و أخيرا. ب- انتهازية القيادات الحزبية التي لا ترى إلا نفسها و لا تعمل إلا على تحقيق تطلعاتها الطبقية، و لا تسعى إلا إلى التموقع، و بسرعة إلى جانب الطبقة الحاكمة على حساب الأعضاء الحزبيين، و على حساب الشرائح العريضة من البورجوازية الصغرى و المتوسطة التي أعطت ثقتها لتلك القيادات التي تزرع الوهم بين الواثقين فيها بأنها سوف تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم الطبقية. ج- استغلالها لغياب الديمقراطية لفرض إملاءاتها على الطبقة الحاكمة، و قبولها في نفس الوقت لمسلسل التزوير الذي يهم تحقيق تطلعاتها الطبقية عن طريق العمل على إرضاء الطبقة الحاكمة بتلميع صورتها على المستوى الوطني و القومي و العالمي. د- استغلال وجودها في المؤسسات المزورة محليا و وطنيا من اجل تنمية ثرواتها التي تجعلها من كبار الأثرياء، حتى تتمكن من التصنيف إلى جانب البورجوازية الكبرى، و الشروع في استغلال الطبقة العاملة المغربية و مجموع الكادحين. ه- استغلال وجودها في الحكومة لتبرهن عن إخلاصها للطبقة الحاكمة، و من اجل أن تخض الطبقة الحاكمة عينها عن ممارساتها الانتهازية، و المحسوبية و الزبونية و الإرشاء و الارتشاء سعيا إلى التسريع بعملية تحقيق التطلعات الطبقية. و- المساهمة الفعالة في تفويت الممتلكات العامة إلى الشركات العابرة للقارات، حتى تكون مردودية ذلك التفويت وسيلة لإرضاء الطبقة الحاكمة من جهة، و لتنمية ثروات القيادات البورجوازية الحاكمة من جهة، و لتنمية ثروات القيادات البورجوازية الصغرى من جهة أخرى. ز- السعي إلى إحداث تفاوت بين العاملين في الوظيفة العمومية من اجل قطع الطريق أمام إمكانية وحدتهم النقابية و النضالية، و لإرضاء القواعد الحزبية التي تتكون غالبيتها من الشرائح العليا و المتوسطة من هؤلاء العاملين. ح- استغلال المهام الجماعية، و الحكومية و البرلمانية من اجل خدمة المصالح الطبقية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية للطبقة العاملة. و التراجع عن العديد من المكتسبات التي تم تحقيقها كنتيجة للنضالات المطلبية خلال عقود النصف الأخير من القرن العشرين. ي- استغلال النفوذ لقمع الحركات الاحتجاجية المختلفة حتى يخضع الكادحون لإرادة الطبقة الحاكمة، و حتى يعملوا، و بإخلاص على خدمة مصالحها، و أن يعتبروا ذلك الخضوع و تلك الخدمة، و ما تستوجبه من تضحيات عملا وطنيا، و إخلاصا للوطن و لخدمته، و إلا فإنهم سيتهمون بالخيانة العظمى. 3) و لماذا ساهمت البورجوازية الصغرى في فك الطوق علن الطبقة الحاكمة كلما احتدت أزمة هذه الطبقة ؟ إن البورجوازية الصغرى لا يهمها أن تدوس كرامتها، و لا تتورع عن أن تتزلف أعتاب الطبقة الحاكمة، لأن انتهازيتها تدفع بها للقيام بكل الممارسات الهجينة و المنحطة حتى و لو أدى الأمر إلى دوس الكرامة الإنسانية في نفوس أفرادها و في ممارستهم. لأن الذي يهمها ليس هو حفظ كرامتها، بل من اجل تحقيق تطلعاتها الطبقية. و هي لذلك تجد ذاتها انطلاقا من : أ- الانحياز الواضح و الصريح و دون خجل إلى جانب الطبقة الحاكمة التي تمتص دماء الشعب المغربي، و تستنزف خيراته الاقتصادية و الاجتماعية، و تهضم حقوقه الثقافية و السياسية. ب- و هي عندما تعلن انحيازها تسعى إلى خدمة مصالحها الطبقية، و فك الطوق عنها، و العمل على تبييض تاريخها و السعي إلى قيام الشعب بالتخلي عن مصالحه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و العمل على الدفع بالأحزاب التقدمية و الديمقراطية، و المنظمات الجماهيرية إلى تقديم التنازلات إلى الطبقة الحاكمة حتى تزداد تقربا منها و تضمن استمرار تحقيق تطلعاتها الطبقية. ج- و في انسياقها وراء الطبقة الحاكمة نجد أنها تعمل على تكريس التنكر للطبقة العاملة و حلفائها الطبقيين لينكشف حبل كذب الشعارات البورجوازية الصغرى التي تم رفعها خلال عقود الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات و معظم سنوات التسعينيات من القرن العشرين لتتحول تلك الشعارات على يد حكومة تقودها البورجوازية الصغرى و بقيادة نفس التشكيلة القيادية لأحزاب البورجوازية الصغرى الخائنة إلى "زرواطة" غليضة تنزل على رؤوس العمال، و الفلاحين و سائر الكادحين، و المعطلين الذين لا حول لهم و لا قوة، ليفقد الكادحون و طليعتهم الطبقة العاملة كل أمل في المستقبل بسبب مراهنتهم على الشعارات البورجوازية الصغرى. و على أساس هذه المنطلقات التي سقناها نجد أن البورجوازية الصغرى بأحزابها و بقياداتها الحزبية، تعمل على فك الطوق عن الطبقة الحاكمة، لأن مصالحها معها، و لأن فك الطوق يساعد على التقرب من الطبقة الحاكمة، و على اكتساب ثقتها. 4) فهل من تعمل البورجوازية الصغرى على استعادة مكانتها بين الكادحين ؟ و هل تتخلى عن تطلعاتها الطبقية ؟ إن الذي نعرفه أن البورجوازية الصغرى ذات طبيعة متذبذبة و متلونة، فهي كالريح، إذا مالت مالت حيث تميل، و الذي نعرفه أيضا أن النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله، و البورجوازية الكبرى سوف تجد نفسها مضطرة إلى أكل البورجوازية الصغرى التي تصير ** بفعل الاستغلال الهمجي للبورجوازية الكبرى التي تأتي على الأخضر و اليابس. و القيادات الحزبية للأحزاب البورجوازية الصغرى، سوف تجد نفسها مفصولة عن قواعدها، و عن طبقتها كذلك بفعل تموقعها إلى جانب البورجوازية الكبرى. و بالتالي فإننا سنجد أنفسنا أمام واقعين : واقع القيادات البورجوازية الصغرى التي خانت الجماهير الشعبية الكادحة، و اختارت الارتباط بالبورجوازية الكبرى، و لم يعد في الإمكان بالنسبة إليها استعادة الارتباط بالجماهير الشعبية الكادحة التي لم تعد تثق في تلك القيادات المنبطحة منذ سنة 1996، من اجل أن تتموقع، و تساهم في التهام خيرات المغرب التي صار يحرم منها الشعب المغربي الذي يعاني كادحوه من البؤس الذي يزداد سنة بعد سنة. و واقع الشرائح العريضة من البورجوازية الصغرى التي تجد نفسها مجرورة إلى التبلتر. و هذه الشرائح التي تنتشر في صفوفها كافة الأمراض الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية ، ستجد نفسها أمام الباب المسدود. إذا لم ترتبط بالجماهير الشعبية الكادحة، و تساهم، و من موقع ذلك الارتباط في إفراز قيادة مخلصة للجماهير و مستميتة من اجل استفادتها. و نظرا لأن الشرائح البورجوازية الصغرى مستلبة بالوعي المقلوب، فإن ارتباطها بالجماهير الشعبية الكادحة لا يتم إلا إذا كانت هناك حركة جماهيرية جارفة، و قيادة أحزاب عمالية و تقدمية و ديمقراطية قوية. و لذلك فهذا الارتباط في حد ذاته لا يكون إلا انتهازيا. و هو ما يفرض ضرورة الحذر من صيرورة القيادات الحزبية و العمالية و التقدمية و الديمقراطية من البورجوازية الصغرى، لأنها إذا وصلت لابد أن تعمل على بيع نضالات الجماهير الشعبية الكادحة، و ما تحققه من مكتسبات في المزاد العلني من اجل تحقيق تطلعاتها الطبقية، و لنا فيما وقع في المغرب بعد سنة 1996، و ما يقع إلى يومنا هذا عبرة. فما العمل من اجل بناء منظومة من الحذر من ممارسات البورجوازية الصغرى ؟ ابن جرير في 28/08/2005
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشروط اللازمة لاحترام إرادة الشعب المغربي...
-
هل احترام إرادة الشعب المغربي حق إنساني؟ أم تاريخي؟ أم موضوع
...
-
الانتخابات الجماعية و توفير الإرادة السياسية
-
هل يمكن الحديث عن دستور عربي يحترم حقوق المرأة...؟! 2/2
-
هل يمكن الحديث عن دستور عربي يحترم حقوق المرأة...؟! 1/2
-
هل من مصلحة الرؤساء الجماعيين خدمة الشعب المغربي ؟!.
-
ضرورة إنضاج الشروط المزيلة للحيف الجماعي في حق الشعب المغربي
-
مناهضة المغاربة لاستغباء الرؤساء الجماعيين الأغبياء ...! ! !
-
على هامش ما وقع في شفا عمرو:الإرهاب الصهيوني و الإرهاب الظلا
...
-
على هامش ما وقع في شفا عمرو:الإرهاب الصهيووني و الإر هاب الظ
...
-
حرية المرأة بين الواقع المستلب و الواقع المأمول....2 / 2
-
حرية المرأة بين الواقع المستلب والحلم المأمول... 1/2
-
الدين / الماركسية نحو منظور جديد للعلاقة من أجل مجتمع بلا إر
...
-
الدين / الماركسية من اجل منظور جديد للعلاقة نحو افق بلا ارها
...
-
هل يعلم رؤساء الجماعات المحلية أن حبل الكذب قصير ... ؟!
-
نهب المال العام من سمات الرؤساء الجماعيين بالمغرب
-
الجماعات المحليةأو مجال تحويل الأغبياء إلى بورجوازيين كبار
-
توسيع القاعدة الحزبية / الإشعاع الحزبي / التكوين الحزبي : أي
...
-
هل من حق المواطن في الشارع المغربي أن يشعر بالأمن والامان؟
-
العطالة.. أو الأزمة الحادة في سياسية النظام الرأسمالي التبعي
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|