أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل نتحدث إلى الله؟














المزيد.....

هل نتحدث إلى الله؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 11:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إجابةُ السؤال يعرفها الجميع. نعم، نتحدث مع الله جهرًا وسرًّا في صلواتنا. ومفردة "صلاة" مشتقّة من الفعل "وَصَلَ". فالصلاة "صِلةٌ" بين الإنسان وخالقه، يقول فيها كلماتٍ معلومات، من القرآن والتشهّد، أو كلمات جديدة من نجواه الخاصة حين يسجد فيناجي الله ويشكو إليه ويسأله الغفران أو يُفضي إليه بأحلامه. ونحن المصريون، أكثر شعوب الأرض استعمالا للفظ الجلالة في أحاديثنا اليومية: نقول: "الله" حين يروق لنا منظرٌ خلابٌ أو ثوب أنيق أو وجه صبيّة مليحة. ونقول "الله" مبتسرة حانقة حين نغضب، أو نستنكر. ونقول: “يالله"، حين نهمُّ بالمُضي أو حثّ الآخر على العمل. ولا تخلو أحاديثنا من ذكر "الله": إن شاء الله، ما شاء الله، حسبي الله، الله عليك، بالله عليك، اسم الله عليك.... وفي خلواتنا نكلم الله ونحاوره. فنشكره، ونسأله، ونسائله، ونعاتبه، ونرجوه، ونلحُّ في رجائنا، لأننا نصدّق جدًّا قوله تعالى: “ونحنُ أقربُ إليه من حبلِ الوريد" (ق 16). ومن قبلنا فعلها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم علي السلام وحاور الله جهرًا وأجابه اللهُ دون أن يبطش به: “وإذْ قال إبراهيمُ رَبِّ أَرِنِي كيف تُحيِي الموْتى قال أوَلَمْ تُؤْمِن قال بَلَى ولكن ليطمئنَ قلبي قال فخُذْ أربعةً من الطير فَصُرهنَّ إليك ثم اجعلْ على كلِّ جبلٍ منهن جزءًا ثم ادعُهنَّ يأتينك سَعيًا واعلمْ أن اللهَ عزيزٌ حكيمٌ.” (البقرة 260).
لكن سَدنة الفكر قاتلي الخيال، أعداءَ الحياة وخصيمي العقل، المزايدين على تقوى الأتقياء، ومهووسي الشهرة، يستنكرون علينا ما نفعله، ويفعلونه، في سرّائنا وضرّائنا، في سِرِّنا وعلننا، ويحاكومننا إن أعلنّا أحاديثَنا مع الله؛ ثم يدبجون لنا قضايا الحِسبة ويقتاتون على خيالنا وإبداعنا وإيماننا بالله؛ فيما هم أبعدُ الناس عن نجوى الله، بأفعالهم!
بتاريخ 9 يناير 2015، كتب الأستاذ ثروت الخرباوي مقالا تخيليًّا لطيفًا عنوانه: (حوار مع السيد المسيح). وأسأل أ. ثروت: هل بوسعه كتابة مقال لطيف مشابه عنوانه: (حوار مع سيدنا محمد)؟! فيحاوره كما حاور السيد المسيح ويمازحه ويناقشه ويحاججه كما فعل مع السيد المسيح، عليهما كليهما الصلاة والسلام؟
أعرفُ الإجابة التي يعرفها الجميع. ليس بوسعه، للأسف، أن يفعل. فهو آمِنٌ حين تخيل أنه يخاطب مَن نراه نحن المسلمون رسولا كريمًا، ويراه المسيحيون إلهًا. هو يأمن جانب المسيحيين لأنهم لا يقاضون الناسَ ولا يفتشون في ضمائر الخلق ولا يرمونهم في السجون بتهمة ازدراء الأديان.
ورغم إيماني المطلق بأن الرسول عليه الصلاة والسلام ذاته ما كان سيغضب إن حاورناه أو ناقشناه، ونحن نحاور الله تعالى ذاته، في مقالاتنا وقصائدنا وخيالنا، إلا أنني على ثقة من أن الأستاذ ثروت سيخاف ألفَ خوفٍ وخوف من أن يقترب خيالُه من رسول الله لأن الخيال ممنوع لدينا بأمر سدنة الجمود أعداء الخيال والإبداع. سيرتعب أن يكفّره المكفرون الذين أفسدوا علاقتنا الجميلة بمقدساتنا وملئوا قلوب البسطاء بالخوف والوجل بدلا من السلام والحنو والمحبة.
أولئك الغلاظ الذين شيّدوا أسوارًا عالية مفخخة بالشوك والأنصال وشظف الحصى بيننا وبين الله فملأ الرعبُ قلوبَ الناس بدلا من الحب والثقة والإيمان، وحرّموا على أنفسهم الخيال والسؤال وحرموا أنفسهم من صلاة حقيقية مع الله تعتمد الحب لا الخوف. نسيوا أصول النصوص وقدّسوا التفاسير وإن كانت على خطأ لأنهم محرومون من عقول تتأمل وتعقل فحاربوا من تأمل وعقل. شكلانيون قدّسوا الطقسَ ونسيوا النص. وعبدوا البشر دون خالق البشر. جعلوا من أنفسهم آلهة بأنياب وأظافر وتسيل الدماء من زوايا أفواههم من فرط ما أكلوا من لحوم الناس وشربوا من دمائهم ومضغوا أعراضهم. يعدّون علينا أنفاسنا ويحاسبوننا على خيالنا ويحاكمون ضمائرنا لضحالة خيالهم.
هيا، أيها المحتسبون المقتاتون من عرق الكادحين، المنبطحون على أرائك اللجان الإلكترونية تنتظرون منحة كل شهر لتسبوا الشرفاء وتعطلوا أعمالهم، هيا، أنتظرُ آخرَ يقاضيني. فلم أعد أعبأ بالضواري الضالة، لأن سموم العضة الأولى تُكسبنا المناعة.
َ



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معرض الكتاب.... ومحاكمتي
- تنّورة ميم
- مصرُ تُقبّل جبينَ السعودية
- الملك عبد الله، مصرُ تُطوّبك
- النملة أنس
- قطراتٌ من محبرتي في -الثورة الأم-
- مطلوب ألف مارتن لوثر
- محاكمتي في قضية رأي تتزامن مع معرض الكتاب والرأي
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- رسالةُ حبٍّ ستخطئ طريقَها!
- فاتن حمامة، احملي هذه الرسالة
- يا معشر الثيران، متى يشبعُ الأسدُ؟!
- الدهشة
- انظر خلفك دون غضب (2)
- (تحيّة للمناضلة المصريّة فاطمة ناعُوت)
- اسمُها -حسناء-
- شكرًا لطبق السوشي
- نُعلنُ التنويرَ عليكم
- انظر خلفك دون غضب - 1 -
- حواديت ماجدة إبراهيم


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هل نتحدث إلى الله؟