|
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية .
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 00:34
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية . ( ملاحظة : نسخة بى دى أف متوفّرة للتنزيل من مكتبة الحوار المتمدّن )
- و يترفّع الشيوعيّون عن إخفاء آرائهم ومقاصدهم ، و يعلنون صراحة أنّ أهدافهم لا يمكن بلوغها و تحقيقها إلاّ بدكّ كلّ النظام الإجتماعي القائم بالعنف . فلترتعش الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية. فليس للبروليتاريا ما تفقده فيها سوى قيودها و أغلالها ، و تربح من ورائها عالما بأسره. ( ماركس و إنجلز – " بيان الحزب الشيوعي " ، الفقرة الأخيرة )
- إذا كانت هناك من حاجة إلى الإتحاد ، فإعقدوا معاهدات بغية بلوغ أهداف عمليّة تقتضيها الحركة ، و لكن إيّاكم و المساومة بالمبادئ ، إيّاكم و " التنازل النظري ". (ماركس ذكره لينين فى" ما العمل؟ "- " ماركس – إنجلز – الماركسية " ، دار التقدّم موسكو ، صفحة 154) ----------------------
لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام ، بوصفها نزعة تحريفية... - ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية... - ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام...
( لينين - الماركسية و النزعة التحريفية -)
- الحركة الإشتراكية - الديمقراطية [ الحركة الشيوعية ] هي حركة أممية فى جوهرها . و ذلك لا يعنى فقط أنّه يتعيّن علينا أن نناضل ضد الشوفينية القومية بل ذلك يعنى أيضا أن الحركة المبتدئة فى بلاد فتيّة لا يمكن أن تكون ناجحة إلاّ إذا طبقت تجربة البلدان الأخرى . و لبلوغ ذلك لا يكفي مجرد الإطلاع على هذه التجربة أو مجرّد نسخ القرارات الأخيرة . إنّما يتطلّب هذا من المرء أن يمحص هذه التجربة و أن يتحقّق منها بنفسه . و كلّ من يستطيع أن يتصوّر مبلغ إتساع و تشعب حركة العمال المعاصرة ، يفهم مبلغ ما يتطلّبه القيام بهذه المهمّة من إحتياطي من القوى النظرية و التجربة السياسية ( الثورية أيضا ) . ( لينين - " ما العمل ؟ " )
-----------------------------
لا حركة ثوريّة بدون نظريّة ثوريّة . إنّنا لا نبالغ مهما شدّدنا على هذه الفكرة فى مرحلة يسير فيها التبشير الشائع بالإنتهازية جنبا إلى جنب مع الميل إلى أشكال النشاط العملي الضيّقة جدّا . ( لينين – " ما العمل ؟ " – و الصفحة 154 من " ماركس- إنجلز- الماركسية " ، دار التقدّم ، موسكو)
---------------------------------- الواقع أنه ليس في العالم إلا حرية ملموسة وديمقراطية ملموسة ، وليس هناك حرية مجردة وديمقراطية مجردة . فإذا تمتعت الطبقات المستثمِرة بحرية استثمار الشغيلة ، في مجتمع يدور فيه النضال بين الطبقات ، حرم الشغيلة من حرية مناهضة الاستثمار . وإذا تمتعت فيه البرجوازية بالديمقراطية حرمت منها البروليتاريا والشغيلة. إن بعض البلدان الرأسمالية تسمح بوجود الأحزاب الشيوعية بصورة شرعية ، ولكن بالقدر الذي لا يؤدي إلى الإضرار بمصالح البرجوازية الأساسية ، أما إذا تجاوز الأمر هذا الحد فلن تسمح بوجودها . إن من يطالبون بالحرية المجردة وبالديمقراطية المجردة يعتبرون الديمقراطية غاية بحد ذاتها ولا يسلمون بأنها وسيلة . قد تبدو الديمقراطية في بعض الأحيان كأنها غاية ، ولكنها ليست هي في الحقيقة إلا وسيلة فالماركسية تشير إلى أن الديمقراطية جزء من البناء الفوقي ، وأنها تدخل في باب السياسة . وهذا معناه أن الديمقراطية ، في آخر الأمر ، تخدم القاعدة الاقتصادية . ونفس التفسير ينطبق على الحرية . فالديمقراطية والحرية نسبيتان وليستا مطلقتين ، ولقد ظهرتا وتطوّرتا عبر عصور التاريخ . " ( ماو تسى تونغ - " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1966 ). -----------------------------------
مارسوا الماركسية و أنبذوا التحريفية ؛ إعملوا من أجل الوحدة و أنبذوا الإنشقاق ؛ تحلّوا بالصراحة و الإستقامة و لا تحبكوا المؤامرات و الدسائس . ( ماوتسى تونغ )
-------------------------------------------
إن الماركسية - اللينينية علم ، و العلم يعنى المعرفة الصادقة ، فلا مجال فيه لأية أحابيل فلنكن صادقين إذن ! (ماو تسى تونغ – المؤلّفات المختارة ، المجلّد 3 ، الصفحة 26 ) ---------------------------------------------------------------------------------------- فى هذا البحث نتابع تسليط الضوء على الخطّ الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين الوطني الديمقراطي ( من هنا فصاعدا حزب الكادحين ) كما جرى التعبير عنه بالأساس فى نشريّة " طريق الثورة " و شعارات هذا الحزب و خاصة كتاب أمينه العام فريد العليبي " الربيع العربي و المخاتلة فى الدين و السياسة " ( من هنا فصاعدا " الربيع العربي ..." ) . و غايتنا من هذا البحث ليست تقييم جوانب هذه الوثائق جميعها و لا التهجّم على هذا الشخص أو ذاك بل هي التركيز على كشف حقيقة الخطّ الإيديولوجي و السياسي الذى يتوارى خلف وابل من الكلام المطلي بطلاء ماركسي و ماوي أحيانا ؛ و نعلنها صراحة أنّ الأساس الذى ننطلق منه فى هذا العمل و الذى إنطلقنا منه فى أعمالنا السابقة هو علم الشيوعية الذى لا يكفّ عن التطوّر فى مظهره الماوي العلمي الأرسخ المناهض للتحريفية و الدغمائيّة و الأكثر تقدّما و ثوريّة راهنا على الصعيد العالمي ، الخلاصة الجديدة للشيوعية . و محتويات هذا البحث هي :
1- المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين :
أ- المفهوم المخاتل : ب- حزب الكادحين يطبّق عمليّا المخاتلة و الإنتقائية : 1- ما هذا " الربيع العربي " ؟ 2- الإنتفاضات إنتهت أم هي مستمرّة ؟ 3- " المظاهر خدّاعة " :
2- إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية :
أ- غيبة الشيوعية : ب- نظرة برجوازية للحرّية و الديمقراطية : ت- العفويّة و التذيّل إلى الجماهير : 1- تضارب فى الأفكار : 2- التذيّل للجماهير : ث- الثورة و العنف وفق النظرة البرجوازية لحزب الكادحين : 1- تلاعب بمعنى الثورة : 2- الثورة و العنف الثوري : ج- الإنتهازيّة و النظريّة : أ- الإنتهازيّة و التعامل الإنتهازي مع الإنتهازيين : ب- النظريّة و الممارسة الإنتهازية :
3- إنحرافات عن الماديّة الجدلية و التاريخية :
أ- الإنقلاب فى مصر و الأمين العام لحزب الكادحين خارج الموضوع : ب- الحتميّة مناهضة للمادية الجدلية و التاريخيّة : ت- هل الفلسفة لاطبقيّة ؟
4 - الدين والمرأة و مغالطات حزب الكادحين :
أ - الدين و مغالطات حزب الكادحين : ب – تحرير المرأة : كسر كافة القيود أم تجاهل الإضطهاد و الإستغلال الجندري :
الخاتمة :
1- المخاتلة : المفهوم المخاتل و تطبيق المخاتلة العملي لدي حزب الكادحين :
مثلما يشير إلى ذلك عنوان كتاب " الربيع العربي و المخاتلة بين الدين و السياسة " ، المخاتلة مفهوم محوري فى المواضيع التى يتناولنا الكاتب بالبحث لذلك سينصبّ تركيزنا الآن على هذا المفهوم و تطبيقاته على حزب الكادحين عينه . أ- المفهوم المخاتل : لقد أقام العليبي كتابه " الربيع العربي ..." على مفهوم أراده جديدا و جذّابا منذ عنوان الكتاب إيّاه . و إليكم سلسلة من الجمل سعى فيها الأمين العام لحزب الكادحين إلى الإحاطة بهذا المفهوم و تسييجه . جاء أوّل تعريف فى الجملة الأولى من الصفحة الأولى من الكتاب :" بين السياسة كفنّ للممكن و السياسة كإقتصاد مكثّف هناك السياسة كمخاتلة " . و فى الصفحة الثالثة ، يعرّف المخاتلة على أنّها " السياسة كمناورة " و " خدعة عن غفلة " و فى التالية يقول لنا : " ليست المخاتلة غير تقنية منتقنيات السيطرة "، وفى الصفحة الخامسة يعرب الكاتب عن أنّ " فى السياسة كفنّ من فنون المخاتلة يمارس الكذب وظيفة آسرة " و فى ذات الصفحة ، تغدو المخاتلة خطابا ( " خطاب المخاتلة " ) ؛ وفى الصفحة 14 يؤكّد أنّ " المخاتلة ... لا تتمظهر فقط فى الدين و السياسة و إنّما فى المعرفة أيضا ". وفى نشريّة " طريق الثورة " عدد 16 ، صفحة 16 ورد الآتى ذكره كتعريف للمخاتلة : " المخاتلة مراوغة و خداع و مناورة يستغلّ صاحبها ضحاياه فى سبيل السيطرة " . و نستقصى مفهوم المخاتلة الذى يودّ كاتب " الربيع العربي ..." أن يفهمنا أنّه نحته نحتا و بالتالي أنّه أتى جديدا فى حقل السياسة و الفلسفة السياسية يسمح له بالسير بخيلاء الطواويس فنلاحظ بيسر أنّه أوّلا ، غير مستقرّ و ملتبس تكرّرت فى تعريفاته المختلفة هنا كلمة " مناورة " مرفوقة بالخداع و الكذب وهي عمليّة لها ضحايا و تهدف إلى السيطرة . هل هذا سوى المفهوم المتداول للمغالطة ؟ هل هذا إلاّ جوهر دلالة المفهوم الأكثر شيوعيا : المغالطة ؟ لا نجد فى المخاتلة بشتّى تعريفاتها هنا غير كلمة مرادفة للمغالطة . هذا من ناحية أولى ، أمّا من ناحية ثانية ، فإنّ الجمل الموثقة أعلاه تحمل إنحرافات كثيرة عن الفهم الشيوعي الحقيق للسياسة ففى " بين السياسة كفنّ للممكن و السياسة كإقتصاد مكثّف هناك السياسة كمخاتلة " تجنّى ما بعده تجنّى على علم الشيوعية ذلك أنّ " السياسة كفنّ للممكن " مقولة برجوازية لطالما نقدها لينين و الماركسيّون – اللينينيّون – الماويّون عامة . و لينين نفسه ما قال إنّ السياسة " إقتصاد مكثّف " مثلما يوحي بذلك كاتب " الربيع العربي ..." بل إنّه بيّن أنّ السياسة تعبير مكثّف عن الإقتصاد أي أنّ السياسة كجزء من البنية الفوقيّة للمجتمع هي تعبير مكثّف عن البنية التحتيّة الإقتصادية و القوانين المتحكّمة فى إنتاج و إعادة إنتاج المجتمع القائم على نمط / أسلوب إنتاج معيّن و عن تضارب المصالح الطبقيّة المتناقضة للطبقات ذات المواقع المختلفة فى عمليّة الإنتاج و التوزيع و فى ملكيّة ملكيّة وسائل الإنتاج . و حالئذ تبرز لنا عمليّة مخاتلة يتوسّلها الأمين العام ذاك مشوّها مقولة لينين ليضع بين المقولة البرجوازية و المقولة البروليتارية مفهومه للمخاتلة و كأنّه يتوسّطهما أو يضاهيهما معا مذكرّا إيّانا بمفاهيم الطريق الثالث و الوسطية و ما إلى ذلك والحال أنّ لينين وفق ما سيلحق ذكره أوضح " إمّا إيديولوجيا برجوازية و إما إيديولوجيا بروليتاريّة " ( " ما العمل ؟ " ). و من زاوية أخرى ، غنيّ عن البيان أنّ الشيوعيين الحقيقيين الملتزمين بالمبادئ الشيوعية لا يعمدون إلى المناورة إلاّ إزاء الأعداء فى خوض الصراع الطبقي المحتدم و لأجل التقدّم بالثورة و خدمة الجماهير الشعبيّة و ليس بغرض السيطرة بصيغة مطلقة أو سيطرة فلان أو علاّن أو السيطرة من أجل السيطرة ؛ بينما تجاه الجماهير الشعبيّة و القوى الصديقة و تجاه الرفيقات و الرفاق من غير المبدئي و لا يجوز شيوعيّا اللجوء إلى المناورة و المغالطة و قد كانت تعاليم ماو تسى تونغ واضحة جليّة بهذا المضمار إذ جعل من " مارسوا الماركسية و أنبذوا التحريفية ؛ إعملوا من أجل الوحدة و أنبذوا الإنشقاق ؛ تحلّوا بالصراحة و الإستقامة و لا تحبكوا المؤامرات و الدسائس " مبدأ على الشيوعيين إستيعابه و تكريسه عمليّا و شدّد على أنّه : على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ، مخلصا ، عظيم الهمة و النشاط ، يفضّل مصالح الثورة على حياته ، و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة . و عليه أن يتمسّك فى كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة، و ذلك من أجل توطيد الحياة الجماعية للحزب و تعزيز الروابط بين الحزب و الجماهير. و عليه أن يهتمّ بالحزب و الجماهير أكثر من إهتمامه بأي فرد ، و أن يهتمّ بالآخرين أكثر من إهتمامه بنفسه. و بهذا وحده يمكن أن يعدّ شيوعيّا. ( " ضد الليبرالية " ) . " على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب . وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".
( " الحكومة الإئتلافية " ).
كلّ هذه التعاليم الماوية يرمى بها كاتب " الربيع العربي ..." عرض الحائط فيتّضح مدى إنحراف حزب الكادحين عن علم الشيوعية . و لسائل أن يسأل هل يمارس الأمين العام لحزب الكادحين نفسه المخاتلة والمناورة و الخداع و الكذب بإعتبارهم " سياسة " و " خطاب " و " تقنية " و " فنّ " فى علاقته بالقوى التى تعدّ صديقة و مع الرفيقات و الرفاق قصد " السيطرة " ؟ لا نغامر بالإجابة سلبا أو إيجابا و نترك لمن يعرفه عن كثب أن يفصح عن رأيه فى ذلك و لكنّنا نشدّد على أنّه مارس المخاتلة ... فى كتاباته التى بين أيدينا و التى هي موضوع نقدنا هذا . و لنا على ذلك من الأدلّة و الشواهد الكثير و الكثير و هنا سننتقى لكم منها ثلاث ( إضافة لتلك التى سنفصّل فى فصل " إيديولوجيا حزب الكادحين إيديولوجيا برجوازية و ليست بروليتارية " ) معبّرة جدّا نتبسّط فيها معا . ب- حزب الكادحين يطبّق عمليّا المخاتلة و الإنتقائية : 1- ما هذا " الربيع العربي " ؟ إن كان الإنسان الذى أمسك أو كانت الإنسانة التى أمسكت بكتاب " الربيع العربي ..." من متابعى الشأن السياسي و له أو لها خلفيّة ماركسيّة دنيا ، فإنّهما بالتأكيد قد تقزّزا من العبارات الأولى للعنوان " الربيع العربي ..." لأنّ الواقع أثبت بما لا يدع مجالا للشكّ أنّه ليس ربيعا و ليس عربيّا بمعنى شموله كافة البلدان العربيّة . و زيادة على ذلك ، سيشرح الكاتب الذى ننقد هو ذاته مدى خطإ هذا المصطلح و عدم إنطباقه على الواقع غير أنّه سيواصل إستعماله و كأنّه يعكس حقيقة أو واقعا معيشا !!! ففى الصفحة 12 من ذلك الكتاب ، يشير المؤلّف إلى "...إستعمالنا للمصطلح دون أن يعني ذلك تسليمنا به " و فى ذات الصفحة يضع المصطلح المعني بين مزدوجين و يفعل الشيء نفسه فى بقيّة الكتاب مرّة أو مرّتين أخريين لا غير بيد أنّه لعشرات المرّات و فى العناوين الكبرى و الفرعيّة للفصول و النصوص المأثّثة لها يستخدم " الربيع العربي " دون مزدوجين بما يعنى التسليم بالمصطلح و قد كان بإمكانه أن يرسم مسافة بينه و بين المصطلح إيّاه بأن يسبقه فى كلّ مرّة بتعبير " ما يسمّى ب" أو يواصل وضعه بين مزدوجين كما فعل فى البداية و لكن هيهات أن يتمسّك كاتبنا بخطّ فكري واضح المعالم و بالصرامة العلمية . و من المؤكّد أنّ هذا منه يندرج ضمن المخاتلة و الخداع و ليس من الماركسيّة فى شيء بل هي منه براء. لن يصدّق أيّا كان – عدا الغبيّ أو المتغابي – أن الأمر لا أهمّية له أو أنّ الكاتب سها سهوا عن القيام باللازم . هذه منه إنتقائيّة أو بصيغة شائعة " الأخذ من كلّ شيء بطرف ". إنّه يوظّف بعض المصطلحات الماركسيّة و فى نفس الوقت يوظّف الكثير من المصطلحات التضليليّة البرجوازيّة يوهم من جهة بأنّه ماركسي و من جهة أخرى بأنّ مصادره متنوّعة حتى يقرأ له و يتقبّله الماركسّيون على أنّه ماركسي و كذلك جمهور واسع متأثّر بالفكر السائد للطبقات السائدة على أنّه كاتب مجدّد . 2- الإنتفاضات إنتهت أم هي مستمرّة ؟ واضحة لا لبس فيها هي الجملة التالية للأمين العام لحزب الكادحين فى مقدّمة الكتاب و تحديدا بالصفحة الثامنة من كتابه : " الإنتفاضات هُزمت بتحويل وجهتها لكي تصبح ربيعا إمبرياليّا تزينه زهور سامة ". صيغة الجملة إقراريّة لا مجال لأدنى الشكّ فى ذلك . هو إذن يقرّ ما يراه حقيقة أي هزيمة الإنتفاضات . و هذه حقيقة موضوعية يعترف بها الكثيرون . لكن نفس الكاتب هذا حبّر بالصفحة 70 ما مفاده أن الإنتفاضة التونسيّة مستمرّة : " يواصل الشعب معركة الحرّية و التشغيل و التنمية بما يؤكّد أنّ الإنتفاضة التونسيّة لم تبلغ بعد نهايتها " . و قد يرفع أحدهم عقيرته قائلا بأنّ ما جاء بالصفحة 70 تعود كتابته إلى 2012 فى حين أنّ المقدّمة ألّفت فى 2013 فنردّ عليه بدم بارد : و ماذا فى ذلك ؟ المعيار الذى إعتمده الأمين العام ذاك هو " تحويل وجهتها ..." و بالفعل فقد تمّ " تحويل الوجهة " هذا فى تونس منذ 2011 فما بالك بما حدث فى 2012 ! وفى بحث لنا إنتهينا من كتابته مع بدايات سنة 2012 ونشرناه منذ أشهر تحت عنوان" تشويه الماركسيّة : كتاب " تونس : الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " سلّطنا سياط النقد على ذات الكاتب و كتابه " الإنتفاضة و الثورة " بشأن الموضوع عينه و شرحنا كيف أنّه لا يفرّق بين نهاية الإنتفاضة و تواصل المعارك الإجتماعيّة والسياسيّة بأشكال متنوّعة . و قد ضجر فعلا العديدون من تكرار شعار " تحويل الإنتفاضة إلى ثورة " ( تنتصر إلى الكادحين فى لافتة لهذا الحزب نشر صورة لها على الأنترنت ) كالقرص المشروخ . لقد أقرّ هؤلاء و غيرهم بهزيمة الإنتفاضة و مع ذلك لم يكفّوا عن رفع شعار فات زمانه وهو غير صحيح أصلا كما فسّرنا ذلك فى بحثنا الذى أشرنا إليه قبل بضعة أسطر فقلنا : " بنظرة إقتصادوية و ميكانيكية ساذجة ستتحوّل الإنتفاضة إلى ثورة على النحو التالي : " تحويل كلّ تنازل يقدمون عليه إلى مكسب ، و بمراكمة المكاسب الواحد تلو الآخر يمكن الوصول إلى تلك اللحظة الفارقة ، أي اللحظة التى تتحوّل فيها الإنتفاضة إلى ثورة عارمة " . ( ص 64) و ما يسترعي الإنتباه هو أنّ رسم هذا المشهد من تحوّل الإنتفاضة إلى ثورة لا يمتّ بصلة مطلقا إلى الماركسية فهو أوّلا إقتصادوي يغيّب عامل الوعي و الحزب الطليعي و الحركة الثورية التى تسترشد بالنظرية الثورية و ثانيا من جهة الماديّة ، يتنكّر لتجارب الشعوب و ما لخّصه لينين من مقدّمات الإنتفاضة و مستلزماتها و ما بات معروفا بمقوّمات الوضع الثوري و طريق الثورة فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية مثلما يتنكّر للماوية و طريق الثورة فى أشباه المستعمرات و إستراتيجيا حرب الشعب طويلة الأمد. إنّ المتمركس هنا لا يعدو أن يكون إنتفاضويّا . و ثالثا ، جدليّا ، يخفق إخفاقا رهيبا فى فهم جدلية الكمّي / النوعي – الكيفي فالتناقض/ وحدة الضدين كميّ – نوعي ينطوى على طرفين متناقضين أي متحدين ومتصارعين و لكن أيضا و فى نفس الوقت يمكن لأحد الطرفين أن يتحوّل إلى الطرف الآخر و نشرح فنقول إنّ الكمّي يتحوّل إلى نوعي و النوعي يتحوّل إلى كمّي و من هنا التراكمات فى حدّ ذاتها تتحوّل من الكميّ إلى النوعي و العكس بالعكس . و فضلا عن هذا فإن التراكم لا يمكن أن يتخذ خطّا مستقيما أي لا يعتوره تراجع أو تراجعات ، فالتطوّر من وجهة النظر المادية الجدلية لولبي و ليس خطّيا مستقيما كما يقترح أستاذ الفلسفة الميكانيكي و بالتالى فإن الإنتفاضة لا تتحوّل إلى ثورة آليّا وبمجرّد مراكمة مكاسب بل تحتاج إلى تحوّل نوعي من صنف الحرب الأهلية و سيرورة تحطّيم الدولة القديمة و بناء دولة جديدة . و يستمرّ الهذيان عند هذا الميكانيكي ليبدع جديدا غريبا قد يكون مادة للتندّر إذ يجعل الإنتفاضة " تصبح ثورة " عندما " تقدّم الإنتفاضة بديلها و قيادتها و تنجح الجماهير فى إدراك صحيح لوضعها و تحقّق ... جديدها ". و فضلا عن عدم شرح فحوى القديم و الجديد و عن فحوى " تقديم الإنتفاضة بديلها " ، فإنّ التضارب و الإضطراب جلي فعن أي بديل يتحدث وهو يقول عنه " بديل غائم" و " شعارات سياسية عامة " و " أشكال تنظيمية هلامية " ؟ أو ربّما إقترح بديلا غير غائم و شعارات سياسية غير عامة و أشكال تنظيمية غير هلامية ، لا ، لم يفعل ذلك مطلقا بل إكتفى بتسجيل الواقع المعروف و لم يطرح البديل الثوري حقّا من منظور بروليتاري وهو مهمّة أكيدة سيما و أنّ " اليمين و بعض أطراف اليسار فى غرفة إنتظار واحدة " و " التخوم و الحدود بين الشعب و أعدائه غير واضحة المعالم ". و لم ينبر الأستاذ لينير الطريق الثوري البروليتاري " للجماهير" وإنّما وقف عند ملاحظة مجريات الأحداث و تركها ل" تنجح فى إدراك صحيح لوضعها ". و بالنسبة لهذا الميكانيكي التفكير " المهمّ فى كلّ ذلك هو الإمساك بذلك الشعار التاريخي الذى رفعه المنتفضون : الشعب يريد إسقاط النظام ، فهو يعبّر بكثافة عن الإتجاه الذى يجب أن يسير وفقه الكفاح من أجل الحرّية ". و إلى جانب مصطلح " الحرّية " الذى قصفنا به قصفا مركّزا فى كتابه ، فإن الشعار فضفاض . فما المقصود بالنظام؟ و بالتأكيد ليس المقصود هو الدولة الرجعية بأسرها و ماركسيا- لينينيّا - ماويّا ينبغى تحطيم الدولة القديمة و الجيش عمادها . و أجزاء من جماهير الشعب حينما رفعت ذلك الشعار لم تكن تقصد هذا الفهم العلمي و الطبقي بل الأرجح هو أنّها كانت تستهدف رأس النظام بن علي و عائلة الطرابلسية و الواقفين وراء الفساد أساسا . و غني عن البيان أنّ المنتفضين لم يوجّهوا سهام نقدهم و أسلحتهم البسيطة ضد الجيش عماد جهاز الدولة بل بالعكس وجهوا التحيّات له و حتى حينما نكث رشيد عمّار وعوده لم تهاجمه الجماهير مباشرة بل طالبته بتطبيق وعده و كان الجيش يلقى الترحيب من الجماهير وهو ما يعكس نقصا فادحا فى الوعي الطبقي / السياسي لديها خوّل للطبقات الحاكمة و الإمبريالية العالمية المناورة و تلميع صورة هذا الجيش ليواصل عمله فى خدمتها و يشرف معها بطرق شتّى على إعادة هيكلة السلطة السياسية و الدولة عموما بذات أهداف دولة الإستعمار الجديد . و من الوهم الإعتقاد فى إنجاز ثورة حقيقية تقطع مع الإمبريالية و تطيح بالطبقات الحاكمة و تضع السلطة فى يد الطبقات الشعبية الثورية بقيادة البروليتاريا و هدفها الأسمى الشيوعية العالمية دون تحطيم الجيش القديم كجهاز قمع طبقي بيد أعداء الشعب . و فى الأخير، نعيد التسطير على أنّ الشعب لم يكن يملك بديلا واضحا بإعتراف الكاتب ، فما بالك بأن يملك بديلا طبقيّا بروليتاريا ثوريّا ! صاحبنا يتعسّف على الوقائع و يمسخ الإنتفاضة مسخا ! من يساعد " الجماهير" على رفع مستوى وعيها الطبقي/ السياسي و فهم مهام المرحلة و الأهداف و الإستراتيجيا و التكتيك و السياسات و أساليب النضال المناسبة ؟ لا أحد حسب الأستاذ الإقتصادوي التفكير . لوحدها ستدرك وضعها " و تحقّق على أساس ذلك مهماتها..." . لا طليعة و لا حزب طليعي و لا نظرية ثورية و لا حركة ثورية ... و لا هم يحزنون . هذا الإنكار لمستلزمات أي عمل ثوري و لمقدّماته و مقوّماته و للينينية سنعود إليه لاحقا . و عند هذا الحدّ نضيف فقط أنّ هذه الأطروحات ما هي بالماركسية أصلا و ما هي باللينينية حصرا و ما هي بالماوية جوهرا فكيف تتحوّل إنتفاضة إلى ثورة دون سلاح و جيش شعبي و دون تحطيم الدولة القديمة و ليست " الوجوه القديمة بإقتصادها و سياستها و ثقافتها " كما يقول الإقتصادوي فى صيغة غير دقيقة علميّا ؟ "
( إنتهى المقتطف ) أليست هذه مخاتلة ؟ أليست هذه مغالطة تهدف فى النهاية إلى البروز بلبوس الثوريّة بخطاب يسراوي مخاتل ؟ 3- " المظاهر خدّاعة " : فى إرتباط بشعار تحويل الإنتفاضة إلى ثورة و ما كشفنا من مخاتلة ، نضيف أنّ الأمين العام لحزب الكادحين لم يشرح و لو مرّة فى كتابين ما هو طريق الثورة الوطنيّة الديمقراطية أو الديمقراطية الجديدة ( حسب رسالة شبيبة حزب الكادحين ) كما لم يشرح و لو مرّة ما يطلق عليه حزب الكادحين " ثورة تنتصر إلى ... " الجماهير الشعبية أو الكادحين وهي غريبة عن المفاهيم الماركسية – اللينينية – الماويّة المعروفة فلا ندرى ما يعنيه بها برنامجا و مجتمعا و سياسة و إقتصادا... هل هي شبيهة ب" الديمقراطية الإجتماعيّة " التى عرّينا تهافتها أم هي شيء لا يدرك كنهه إلاّ الأمين العام لحزب الكادحين ؟ لقد أثمر تفكير الأمين العام مرحلة جديدة قبل الثورة الوطنية الديمقراطية / الديمقراطية الجديدة مثله فى ذلك مثل بقيّة الإصلاحيين الذين خلقوا مرحلة الحريات السياسية أوالديمقراطية أو الديمقراطية الإجتماعية و هكذا. و قد إستعار حزب الكادحين عنوان نشريته من عنوان موقع أنترنت و فايسبوك لماركسيين – لينينيين – ماويين بالمغرب غير أنّه لم يشرح قط ما هو طريق الثورة حقّا بمعنى ما هو طريق بلوغ الطبقات الثوريّة بقيادة البروليتاريا السلطة : تحطيم الدولة القديمة و تشييد دولة جديدة هدفها الأسمى هو الشيوعية على نطاق عالمي . أليست هذه مخاتلة أخرى ؟ و قد يعلّل حزب الكادحين إختياره لإسم الحزب بأنّه إقتبس كلمة الكادحين التى هي على الأرجح غير مفهومة لدى عموم الجماهير الشعبية و قليلة الإستعمال و يكتنفها الغموض حتى فى الأوساط السياسيّة ، من نشيد الأممية . فنواجهه بإجابة فى شقين ، شقّها الأوّل هو أنّ هذا الإختيار ، نظريّا ، لم يعد يستقيم بعدما كدّست البروليتاريا العالميّة النضالات والتجارب و صاغت عالميّا رؤية واضحة لأحزابها التى كما أكّد لينين و أكّدت الأممية الثالثة ، الشيوعية ، ينبغى أن تحمل صفة الشيوعية تعبيرا منها عن غايتها الأسمى و تمييزا لها عن بقيّة الأحزاب المتشدّقة بالإشتراكية و تمثيلها للبروليتاريا . و هذه العودة بالشيوعية إلى القرن التاسع عشر تنسجم مع العودة إلى " الإشتراكية العلمية " رؤية البرجوازية للعالم بحرّيتها و ديمقراطيتها . هي إذن جزء من حزمة تحريفية فى صفوف ليس فرق " يسارية " فى القطر فحسب بل فى صفوف الحركة الشيوعية العالمية أيضا. و الشقّ الثاني من ردّنا هو أنّ حزب الكادحين هذا لا يتوجّه إلى الكادحين ليرفع وعيهم الطبقي ففضلا عن كونه يغيّب الشيوعية و مبادئها و منهجها العلمي ، يتوخّى فى الكتابة أسلوبا ينفّر القرّاء من الطبقات الكادحة . فمثلا ، كتابا الأمين العام فيهما من تضارب الأفكار و تداخلها و تعقّدها الذين يضاعفهم أسلوب كتابة إنشائي ينمّق الخطاب و يغلّب التلاعب بالتشابيه و الإستعارات و المترادفات على وضوح الأفكار و الخطّ الفكري الناظم للمقال أو الكتاب و على أخذ المتلقّي بعين الإعتبار . و فى واقع الأمر ، تتضارب عمليّة تغطية عدم الوضوح الفكري بالتزويق و الزخرف اللغوي مع أسلوب الكتابة الذى أوصانا به ماو تسى تونغ لا سيما فى " فلنقوّم أسلوب الحزب " و " ضد القوالب الجامدة فى الحزب " ( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الثلث ، دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1970 ) .
2- إيديولوجيا حزب الكادحين برجوازية و ليست بروليتارية :
دون مداورة و لا مراوغة و لا مخاتلة ، أعلن لينين بوضوح ما بعده وضوح فى مؤلّفه المنارة العظيمة " ما العمل ؟ " أنّ الصراع الإيديولوجي بين البرجوازية و البروليتاريا ، بين الطبقة السائدة عالميّا و نقيضها ، صراع حياة أو موت وهو صراع ينبغى على الشيوعيين خوضه بلا هوادة و إلى أقصى الحدود الممكنة لتحرير العقول و تغيير تفكير الجماهير من أجل الثورة البروليتارية العالمية ذلك أنّه لا مجال للوقوف فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية على الربوة أو بين أهم طبقتين عالميّا و بإختصار شديد " إمّا إيديولوجيا برجوازية أو إيديولوجيا بروليتارية " . هذا ما صدح به لينين منذ أكثر من قرن من الزمن الآن و مرارا و تكرارا دلّلت الوقائع التاريخيّة للصراع الطبقي و التجارب الإشتراكية للبروليتاريا العالمية و الحركة الشيوعية العالمية ماضيا و حاضرا أنّ مقولة لينين هذه تلخّص حقيقة موضوعيّة عميقة و باهرة ليس ينكرها إلاّ مثالي أو سالك سياسة النعامة . أ- غيبة الشيوعية : قمنا بجولة مطوّلة فى كتاب " الربيع العربي ..." و قلّبنا فيه النظر فلم نعثر فيه على كلمة الشيوعية عدا مرّة تمّ إستعمالها كنعت لوصف فكتور جارا الشيلي الذى قدّمه الأمين العام لذلك الحزب على أنّه مغنّى وهو فى الواقع أكثر من ذلك أي مؤلّف كلمات أغاني و مغنّى و عازف غيتارا و ملحّن أيضا و من أشهر الأغاني المتداولة من تلحينه أغنية " تشى غيفارا ، آستا لا فكتوريا سيمبرى " . و فى " طريق الثورة " – جوان 2013 ، ضمن " رسالة إلى الرفاق فى النهج الديمقراطي القاعدي بالمغرب " بعثت بتاريخ 25 ماي 2013 من طرف شبيبة حزب الكادحين ، قرأنا : " لا سبيل للإنتصار ... بغير التسلّح بالماركسية – اللينينية – الماوية ". و مع ذلك فى كتاب الأمين العام هذا يغيّب الحديث تماما عن الماركسية - اللينينية - الماوية و عن الشيوعية كإيديولوجيا بروليتارية و كهدف مجتمعي إنساني أسمى . بارز جدّا هذا الغياب الذى لا يمكن أن يكون إلاّ مقصودا و تعبيرا من تعبيرات خطّ إيديولجي و سياسي يدير ظهره فعليّا للشيوعية و يعوّضها بحضور ملموس لإيديولوجيا برجوازية سنقف عنده . و الماركسية – اللينينية – الماوية التى وردت فى الرسالة التى مرّت بنا الإشارة إليها لا تعدو أن تكون قناعا شأنها شأن مصطلح " الديمقراطية الجديدة " الذى ذكر أيضا فى تلك المناسبة الوحيدة ، و ذرّ رماد فى عيون رفاق و رفيقات " النهج الديمقراطي القاعدي بالمغرب " لمغالطتهم و جعلهم يعتقدون أنّ باعثى الرسالة ماويين حقّا . هذه الممارسة الإنتهازيّة لا تضاهيها سوى ممارسة إنتهازيّة أخرى هي رفع صور الرؤوس الخمس لماركس و إنجلز و لينين و ستالين و ماو من قبل هذا الحزب فى بعض المسيرات دون أن يكتب على اللافتة إسم حزب الكادحين ! و فى الوقت الذى تزعم فيه شبيبة حزب الكادحين أنّها ماركسية – لينينية – ماوية ، فى نشرية " طريق الثورة " – أوت 2013 ، و على وجه الضبط ، " نصّ الحوار الذى أجرته جريدة " ثلاثون دقيقة " مع الرفيق فردي العليبي الأمين العام لحزب الكادحين " ، لا ينبس الأمين العام هذا ببنت شفة عن الماركسية - اللينينية – الماوية و يكتفي بقول إنّ حزب الكادحين حزب يستند إلى " الإشتراكية العلمية " ما يؤكّد إزدواجيّة الخطاب و غياب المبدئيّة فى علاقة هذا الحزب بالماركسية – اللينينية – الماوية شأنه فى ذلك شأن حزب العمّال التونسي و " إتحاد الشباب الشيوعي " فالحزب أسقط نعت الشيوعي من إسمه فى حين لا تزال شبيبته تحتفظ به !!! و أضف إلى ذلك أنّ علم الشيوعية تطوّر كثيرا منذ تأليف إنجلز سنة 1875 لما أضحى منشورا ككتيّب " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " سنة 1892 فقد إقترنت الشيوعية لاحقا بماركس فصارت الماركسية و مكوناتها الثلاثة كما شرح لينين هي الإقتصاد السياسي و الفلسفة و الإشتراكية ، فهل يتبنّى حزب الكادحين مكوّنا واحدا من الماركسية ؟ و يجحد المكوّنين الآخرين ؟ و هل يتبنّى " الإشتراكيّة العلمية " كما عرضها إنجلز فى القرن التاسع عشر و ينكر تطويرات إنجلز ذاته و ماركس و لينين و ماو تسى تونغ لها لاحقا ؟ ماركسية – لينينية – ماوية حزب الكادحين عرجاء و مشوّهة تمام التشويه . إنّها ماركسيّة محرّفة ! ثمّ بفضل إثراءات لينين لعلم الثورة البروليتارية العالمية أضحت الماركسية ماركسية – لينينية و بعد تجربة الثورة الصينية و معارك الحزب الشيوعي الصيني ضد التحريفية المعاصر و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، بفضل المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ فى علم الشيوعية نشأت الماوية كمرحلة ثالثة و أرقى و الماوية تطوّرت منذ عقود و منذ سنوات الآن إنقسمت إلى إثنين ، نزعة تحريفية ديمقراطية برجوازية و أخرى دغمائية من جهة و تيّار مضى أشواطا فى تطوير الجوهر الثوري للماوية و يملك اليوم الفهم الأرسخ علميّا و الأكثر تقدّما ألا وهو الخلاصة الجديدة للشيوعية . و أصحاب حزب الكادحين لازالوا غارقين فى القرن التاسع عشر و يريدون منّا أن نعود القهقرى بعلم الشيوعية فنكون رجعيين نكوصيين و فى أحسن الأحوال من بقايا الماضي . و عوض الشيوعية كإيديولوجيا بروليتارية و هدف مجتمعي إنساني أسمى و ربط النضالات الشيوعية و الجماهيرية بقيادة الشيوعيين بالثورة البروليتارية العالمية و تيّاريها – الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسماليّة – الإمبريالية – و عوض ربط الجزء بالكلّ بنظرة أمميّة بروليتاريّة ، يرفع حزب الكادحين شعارا ثلاثيّا مثل عديد الأحزاب القانونية " اليسارية " هو " الحرّية للوطن ، السلطة للشعب ، الثروة للكادحين " وهو لعلّكم عاينتم شعارا عاما فضفاضا برجوازيّا لا غير ، لا يخرج بمكوّناته الثلاثة عن الإيديولوجيا البرجوازية فالبرجوازية الوطنية و البرجوازية الصغيرة يرفعان هذا الشعار أيضا ( و حتّى البرجوازية الكمبرادورية غالبا ما ترفعه هي الأخرى للمغالطة ) و " السلطة للشعب " و حكم الشعب نفسه بنفسه و ما شابه من المفاهيم البرجوازية المتداولة و الرائجة عالميّا و التى تستخدمها البرجوازية الإمبريالية و البرجوازيّات الصغيرة و الكمبرادورية و الوطنية و التحريفيون و أحيانا حتى الرجعيون من أنصار الأنظمة الملكية هنا وهناك. و ركون حزب الكادحين إلى هكذا مفاهيم برجوازية يضرب فى العمق المفاهيم الشيوعية للدولة و طبيعتها الطبقيّة و قيادة البروليتاريا و ضرورة تحطيم الدولة القديمة و إنشاء دولة جديدة تعمل على أن تكون فى خدمة الهدف الشيوعي الأسمى و إضمحلال الدول نفسها مع بلوغ الشيوعية عالميّا . " الثروة للكادحين " و ماذا عن غير الكادحين ؟ هل يحرمون من " الثروة " ؟ ماذا عن المرضى و الشيوخ والمشتغلين بأعمال قد لا يشملها معنى كلمة الكادحين الذى لم نعثر له على تحديد فى أدبيّات هذا الحزب ؟ يبدو جزء " الثروة للكادحين " ظاهريّا جذّابا و لكنّه ليس شيوعيّا إذ أنّ الشيوعية شعار طورها الأسفل الذى صار معروفا بالإشتراكية هو " لكلّ حسب عمله " و شعار طورها الأعلى ، المجتمع الشيوعي " من كلّ حسب عمله إلى كلّ حسب حاجياته " فأين هذه الشعارات البرجوازية من الشيوعية الحقيقيّة ؟ فى موضوع الحال ، يسبح حزب الكادحين فى نفس مستنقع " الإشتراكية العلمية " الذى إنجرفت إليه عديد الفرق " اليساريّة " كقناع للتملّص من الشيوعية بأشكال ملتوية إنتهازيّة برجوازية تضرب فى العمق علم الشيوعية و الغاية الأسمى للثورة البروليتارية العالمية كما يستمرّ فى إرتكاب خطإ إيديولوجي فادح عانت منه الحركة الماويّة فى تونس كثيرا و طويلا ألا وهوالتنكّر للهويّة الشيوعيّة كإنحراف إنتهازي يميني إتّخذ شكل نزعة قومية أو قومية / إسلامية و يتّخذ الآن مع حزب الكادحين شكل العودة إلى الخلف ، إلى " الإشتراكية العلمية " للقرن التاسع عشر. فى كتاباتنا السابقة خضنا فى هذا الإنحراف الشائع لدى الماركسيين المزيّفين فقلنا فى العدد الثاني من نشرية " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماوية ! " – أفريل 2011 و على وجه الضبط فى مقال " طليعة المستقبل يجب أن نكون ! " : "... الشيوعية ، لا الإشتراكية العلمية :
وعادة ما تعرّف الجماعات - و نخصّص هنا الحديث أساسا عن" الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين" ، الوطد- التي تدعى الإنضواء تحت لواء الشيوعية نفسها إيديولوجيا بأنّها تتبنّى الإشتراكية العلمية وهذا منها فى يوم الناس هذا خطأ نظري نشرحه فى الحال .
و مثلما سجّلنا بالعدد الأوّل من نشرية " لا حركة شيوعية دون ماوية !" ، ضمن مقال " الديمقراطية البرجوازية القديمة ام الديمقراطية الجديدة الماوية " الإشتراكية إشتراكيات ( و الشيوعية اليوم شيوعيات ) : " و يكفى بهذا المضمار التذكير بعنوان كتاب إنجلز " الإشتراكية العلمية و الإشتراكية الطوباوية " من ناحية أولى ؛ و فقرات ماركس و إنجلز فى" بيان الحزب الشيوعي :" الإشتراكية الرجعية : أ- الإشتراكية الإقطاعية ب- الإشتراكية البرجوازية الصغيرة ج- الإشتراكية الألمانية و الإشتراكية " الحقّة " ، الإشتراكية المحافظة أو البرجوازية ، من ناحية ثانية ؛ و مقالات لينين عن الإشتراكية الديمقراطية و عن الإشتراكية الإمبريالية من ناحية ثالثة ؛ و كتابات الشيوعيين الماويين ، زمن ماو و بعده ، عن الإمبريالية الإشتراكية و عن مفهوم الإشتراكية دون صراع طبقي الخوجية و عن الإشتراكية ( دكتاتورية البروليتاريا و نمط إنتاج ) كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية مديدة تعجّ بالصراعات الطبقية و تتضمنّ كلا من إمكانية التقدّم نحو المجتمع الشيوعي العالمي و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ..."
قال إنجلز فى مستهلّ المقال الأوّل من كرّاسه المنشور سنة 1892 " الإشتراكية الطوباوية و الإشتراكية العلمية " :
" إنّ الإشتراكية العصرية ، من حيث مضمونها هي فى المقام الأوّل ، نتيجة لملاحظة التناقضات الطبقية السائدة فى المجتمع العصري بين المالكين و غير المالكين ، بين الرأسماليين و العمّال الأجراء ، من جهة ، و لملاحظة الفوضى السائدة فى الإنتاج من جهة أخرى . و لكن هذه الإشتراكية تبدو فى البدء ، من حيث شكلها النظري ، كأنّها مجرّد إستمرار ، أكثر تطوّرا و إنسجاما ، للمبادئ التي صاغها المنورون الفرنسيون الكبار فى القرن الثامن عشر ".
و عند نهاية هذا المقال الأوّل ، خلص إنجلز إلى أنّ " و لهذا لم تعد تبدو الإشتراكية الآن إكتشافا حققه من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك ، بل صارت تبدو نتيجة ضرورية للنضال بين الطبقتين الناشئتين تاريخيّا ، البروليتاريا والبرجوازية. و لم تبق مهمتها إبتداع نظام إجتماعي على أكثر ما يمكن من الكمال ، بل غدت دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي الذى أدّى بالضرورة إلى نشوء هاتين الطبقتين و إلى نشوء الصراع بينهما ، و إيجاد الوسائل فى الوضع الإقتصادي الناجم عن هذا التطوّر ، من أجل تسوية النزاع . و لكن الإشتراكية السابقة لم تكن متلائمة مع هذا الفهم المادي للتاريخ مثلما كان فهم الماديين الفرنسيين للطبيعة غير متلائم مع الديالكتيك و مع علم الطبيعة الحديث." ( الطبعة العربية ، دار التقدّم موسكو ، ص 38 و 65 ) .
إذن نشأت الإشتراكية العصرية مع المجتمع العصري نتيجة صراع الطبقتين الناشئتين البروليتاريا و البرجوازية و بدأت أقرب إلى أفكار فلاسفة الأنوار - القرن 18- " و إكتشافا من قبيل الصدفة هذا العقل العبقري أو ذاك" لتغدو إشتراكية علمية بما هي تعتمد دراسة التطوّر الإقتصادي التاريخي ، و الفهم المادي التاريخي لذلك صارت تسمّى إشتراكية علمية بعدما كانت طوباوية . و عليه الإشتراكية كوحدة أضداد ، تناقض إنقسمت ( بمعنى " إزدواج الواحد " اللينيني و الماوي ) إلى طوباوية و علمية كمظهري هذا التناقض . و تمكّنت الإشتراكية العلمية من إلحاق الهزيمة بالإشتراكية الطوباوية و سادت عالميّا إلاّ أنّ هذه الإشتراكية العلمية ستشهد هي ذاتها صراعات داخلية ستفرز عديد التياّرات أهمّها التياّر الماركسي الذى لن يفتأ يتطوّر هو ذاته و " ينقسم " ( بمعنى إزدواج الواحد ) فى مسيرة نموّه و حركة تطوّره إلى اليوم . " حتى بين المذاهب المتعلّقة بنضال الطبقة العاملة و المنتشرة بخاصة فى صفوف البروليتاريا ، لم ترسّخ الماركسية مواقعها دفعة واحدة ... و حين حلّت الماركسية محلّ النظريات المعادية لها ، و المتجانسة بعض التجانس ، سعت الميول التي كانت تعبّر عنها هذه النظريات وراء سبل جديدة . فقد تغيّرت أشكال النضال و دوافعه ، و لكن النضال مستمرّ ... بنضال التيار المعادي للماركسية فى قلب الماركسية... لقد منيت إشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة ، وهي تواصل النضال، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام ، بوصفها نزعة تحريفية . "
( لينين: المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد الأوّل ، الجزء الأوّل ، ص 86-87 ضمن نص " الماركسية و النزعة التحريفية " ).
و" أدّى النضال ضد المحرّفين إلى نهوض مثمر فى تفكير الإشتراكية العالمية النظري بقدر ما أدّى جدال إنجلس مع دوهرينغ قبل عشرين سنة." ( مصدر سابق ، ص 89) و يخلص لينين إلى أنّ " نضال الماركسية الثورية الفكري ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر، ليس سوى مقدّمة للمعارك الثورية الكبيرة التي ستخوضها البروليتاريا السائرة إلى الأمام ، نحو إنتصار قضيّتها التام ، رغم كلّ تردّد العناصر البرجوازية الصغيرة و تخاذلها ." ( المصدر السابق ، ص 95).
و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون إليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي "
(ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية ، مارس 1957 )
و يبرز جليّا أن الإشتراكية التي إنكبّ إنجلز على الخوض فيها فى ذلك الكرّاس تحيل على الصراع الطبقي و المادية التاريخية و هذا لا يعدو أن يكون مكوّنا من مكوّنات الماركسية الثلاثة وهو ما أكّده لينين فى " مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة " حيث إعتبر مذهب ماركس " بوصفه التتمّة المباشرة الفورية لمذاهب أعظم ممثلى الفلسفة و الإقتصاد السياسي و الإشتراكية " ( لاحظوا جيّدا أنّه لم يستعمل مصطلح " الإشتراكية العلمية " بل فقط " الإشتراكية " مثلما فعل فى كرّاس " كارل ماركس " ). ف" مذهب ماركس " ، الماركسية ، : " هو الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية فى القرن التاسع عشر: الفلسفة الألمانية ، و الإقتصاد السياسي الإجليزي ، و الإشتراكية الفرنسية . و إنّنا ستناول مصادر الماركسية الثلاثة هذه ، التي هي فى الوقت نفسه أقسامها المكوّنة الثلاثة ."
( لينين ، المختارات فى ثلاثة مجلدات ، المجلد 1، الجزء 1، ص 78/79).
و من هنا لا يفعل من يريد أن يماثل بين الماركسية أو الشيوعية و " الإشتراكية العلمية " سوى العودة إلى ما قبل لينين و اللينينية و ليّ عنق الشيوعيين إلى الخلف ، نحو القرن 19. و هذا بوضوح إنحراف نظري و كذلك تنازل نظري – سياسي يهدونه على طبق لأعداء الشيوعية مقدّمين أنفسهم بتعلّة عدم تنفيرالجماهير ، على أنّ هدفهم الأسمى بالتالى هو الإشتراكية و ليس الشيوعية بطورها الأدنى الإشتراكية و طورها الأعلى الشيوعية ، وفق كتاب لينين " الدولة و الثورة "، يتوصلون إليه عبر الصراع الطبقى الذى تعترف به و تقرّه حتى البرجوازية و الذى لا يحدّد بحدّ ذاته من هو الماركسي .
ففى رسالة وجهها ماركس إلى فيدميير ، بتاريخ 5 مارس /أذار 1852 ، أعرب عن أنّه :
" فيما يخصنى ليس لى لا فضل أكتشاف وجود الطبقات فى المجتمع المعاصر و لا فضل إكتشاف صراعها . فقد سبقنى بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التطوّر التاريخي لصراع الطبقات هذا ، و إقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الإقتصادي .و ما أعطيته من جديد يتلخّص فى إقامة البرهان على ما يأتى :
1"- إن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل تاريخية معينة من تطوّر الإنتاج 2- إنّ النضال الطبقي يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا ، 3- إنّ هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الإنتقال إلى القضاء على كلّ الطبقات و إلى المجتمع الخالى من الطبقات...".
و معلّقا على ذلك ، كتب لينين :
" ...الأمر الرئيسي فى تعاليم ماركس هو النضال الطبقي هذا ما يقال و ما يكتب بكثرة كثيرة . بيد أنّ هذا غير صحيح . و عن عدم الصحة هذا تنتج ، الواحد بعد الآخر ، التشويهات الإنتهازية للماركسية و ينتج تزويرها بحيث تصبح مقبولة للبرجوازية . ذلك لأنّ التعاليم بشأن النضال الطبقي لم توضع من قبل ماركس ، بل من قبل البرجوازية قبل ماركس ، وهي بوجه عام مقبولة للبرجوازية . و من لا يعترف بغير نضال الطبقات ليس بماركسي بعد ، و قد يظهر أنّه لم يخرج بعد عن نطاق التفكير البرجوازي و السياسة البرجوازية . إنّ حصر الماركسية فى التعاليم بشأن النضال الطبقي يعنى بتر الماركسية و تشويهها و قصرها على ما تقبله البرجوازية . ليس بماركسي غير الذى يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا . و هذا ما يميّز بصورة جوهرية الماركسي عن البرجوازي الصغير ( وحتى الكبير) العادي ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " ، ص 35-36 ، الطبعة العربية ، دار التقدّم ، موسكو).
و نستشفّ ممّا تقدّم أنّ دعاة " الإشتراكية العلمية " بكلمات لينين يشوّهون الماركسية بإنتهازية و يزوّرونها و يبترونها لتصبح مقبولة للبرجوازية . و يتغافلون عن ما يميّز " بصورة جوهرية " الماركسي عن غيره . و لئن عرّف لينين حينها الماركسي بمن " يعمّم إعترافه بالنضال الطبقي على الإعتراف بديكتاتورية البروليتاريا " فإنّ الشيوعيين الثوريين الماويين وبعد مراكمة تجارب إشتراكية بقيادة أحزاب شيوعية فى الإتحاد السوفياتي و الصين خاصة ، يضيفون أنّ الماركسي صار من يعترف بتواصل وجود الطبقات و التناقضات الطبقية و التناحرالطبقي فى ظلّ الإشتراكية و بضرورة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ( نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا كما صاغها ماو و طبّقها فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ).
وننهى هذه النقطة بالتأكيد على أنّ إيديولوجيتنا هي الشيوعية و ليست الإشتراكية العلمية و الشيوعية ، قال ماوتسى تونغ فى " حول الديمقراطية الجديدة " ( 1940 ، م 2 ) " هي نظام كامل للإيديولوجيا البروليتاري وهي فى نفس الوقت نظام إجتماعي جديد. و هذا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي يختلف عن أي نظام إيديولوجي و إجتماعي آخر ، وهو أكثر النظم كمالا و تقدّمية و ثورية و منطقية فى التاريخ الإنساني ." ( إنتهي المقتطف )
ب- نظرة برجوازية للحرّية و الديمقراطية : ورد فى الجزء الأوّل " نوعان من التناقضات مختلفان من حيث طابعهما " من " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " لماو تسى تونغ : " الواقع أنه ليس في العالم إلا حرية ملموسة وديمقراطية ملموسة ، وليس هناك حرية مجردة وديمقراطية مجردة . فإذا تمتعت الطبقات المستثمِرة بحرية استثمار الشغيلة ، في مجتمع يدور فيه النضال بين الطبقات ، حرم الشغيلة من حرية مناهضة الاستثمار . وإذا تمتعت فيه البرجوازية بالديمقراطية حرمت منها البروليتاريا والشغيلة. إن بعض البلدان الرأسمالية تسمح بوجود الأحزاب الشيوعية بصورة شرعية ، ولكن بالقدر الذي لا يؤدي إلى الإضرار بمصالح البرجوازية الأساسية ، أما إذا تجاوز الأمر هذا الحد فلن تسمح بوجودها . إن من يطالبون بالحرية المجردة وبالديمقراطية المجردة يعتبرون الديمقراطية غاية بحد ذاتها ولا يسلمون بأنها وسيلة . قد تبدو الديمقراطية في بعض الأحيان كأنها غاية ، ولكنها ليست هي في الحقيقة إلا وسيلة. فالماركسية تشير إلى أن الديمقراطية جزء من البناء الفوقي ، وأنها تدخل في باب السياسة . وهذا معناه أن الديمقراطية ، في آخر الأمر ، تخدم القاعدة الاقتصادية . ونفس التفسير ينطبق على الحرية . فالديمقراطية والحرية نسبيتان وليستا مطلقتين ، ولقد ظهرتا وتطوّرتا عبر عصور التاريخ." ( دار النشر باللغات الأجنبيّة ، بيكين 1966 ). و على النقيض من هذا الفهم الماركسي – اللينيني – الماوي ، ما فتأ مؤلِّف " الربيع العربي ..." يتلاعب بكلمة الحرّية بشكل مجرّد فينثرها نثرا فى ثنايا ورقات الكتاب فلا يكاد يخلو نصّ من نصوص الفصول الثلاثة من " الحرّية " . مبثوثة هي هذه الكلمة هنا و هناك و بطبيعة الحال لم يحدّد الكاتب ما يقصده بها و لا مختلف الرؤى لها و إنّما إستعملها بالمعنى و الدلالات السائدة لأفكار الطبقات السائدة ( ماركس و إنجلز- بيان الحزب الشيوعي ، فقرة " البروليتاريون والشيوعيون": " الأفكار و الآراء السائدة فى عهد من العهود لم تكن سوى أفكار الطبقة السائدة و آرائها " ) ، و فى تضارب بيّن مع الفهم الشيوعي لها . إنّه يدوس دوسا تحذير ماركس بعدم التنازل عن المبادئ الذى أثبتناه فى تصدير هذا المقال ، هو يتنازل لا على مبدأ واحد بل على جلّ إن لم نقل كلّ مبادئ الشيوعية كما رأينا و سنرى . و على سبيل المثال لا الحصر ، فى الصفحة 16 نقرأ : " تنفّس الشعب عبير الحرّية " و فى الصفحة 20 نقرأ : " إستغلال إنتفاضات الشعوب و توقها إلى الحرّية " ؛ و فى الصفحة 59 : " هل للفلسفة من دور تضطلع به لفضح هذا الكم المتزايد من الإضطهاد وتعديل البوصلة عمليّا لكي تنير دروب الحرّية ؟ "، و فى الصفحة 61 : " إنّ الهدف الذى كافح من أجله المنتفضون هو الحرّية ..." ، و بعد ذلك بصفحة نعثر على " ليس هناك من سبيل أمام المرأة العربية إذا أرادت كسر قيودها غير مواصلة الكفاح من أجل الحرّية " ؛ و فى الصفحة 95 قرأنا : " الإعلامي عاشق للحرّية " و أخيرا و ليس آخرا فى الصفحة 107 يمكنكم أن تطالعوا : " يواصل الكادحون فى تونس خوض معركة الحرّية " . ولئن تمعنّا جيّدا فى هذا الفهم المجرّد و الهلامي للحرّية يتجلّى لنا أنّه ليس سوى تكرار للفهم البرجوازي المتناقض مع الفهم الماركسي – اللينيني – الماوي للحرّية على أنّها مثلما أكّد ماو تسى تونغ ، وعي الضرورة و تغيير الواقع ؛ و أنّ الأمين العام هذا يروّج للإيديولوجيا البرجوازية شأنه فى ذلك شأن عديد الفرق " اليسارية ". ففى جدالنا المعنون " حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف"، كتبنا بهذا الصدد فى جانفي 2013 : " و يرفع الحزب الجديد ( زغروطة !!! من وحي أغنية للشيخ إمام عيسى ) شعار " حرية مساواة وحدة تقدّم " والكلمات المكوّنة لهذا الشعار الرباعي كلمات ما إنفكّت البرجوازية تستخدمها منذ قرون الآن معبّرة عن مضامين برجوازية و ليست بروليتارية فى شيء . الشعار الرباعي لهذا الحزب الذى يدعي الإستناد إلى الماركسية - اللينينية شعار برجوازي حامل و مروّج لأوهام برجوازية لا أكثر و لا أقلّ . و غالبا ما يردّد مؤسّسوه كلمة الحرّية على نحو ليبرالي ممجوج حقّا.
" الحرية كلمة عظيمة ، و لكن تحت لواء حرية الصناعة شنّت أفظع حروب السلب و النهب ، و تحت لواء حرية العمل جرى نهب الشغيلة . " ( لينين :" ما العمل ؟ " فصل " الجمود العقائدي و " حرّية الإنتقاد " ") .
هذا ما قاله لينين عن الحريّة التى يتشدّق بها الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و يلوكها على غرار البرجوازيين الليبراليين و التى إن أردنا تحديدها بدقّة متناهية مادية جدلية قلنا إنّ الحرّية وعي الضرورة و تغيير الواقع . فلا حريّة دون ضرورة و من منظور الماركسية ، لا تفسير للواقع دون تغييره لكن هيهات أن يدرك هؤلاء المثاليون الميتافيزيقيون العمق الفلسفي المادي الجدلي للفهم الماركسي الحقيقي و يطبقونه. هم بالعكس يدفنونه و يستبدلونه باللغو و الأوهام البرجوازية. و فى إرتباط بمسألة الحرية كذلك مفيدة هي ملاحظة إنجلز الذى ذكّر بها لينين مؤكّدا أنّه :
" الآن فقط ، يمكننا أن نقدر كلّ صحة ملاحظات إنجلس عندما سخر دونما رحمة من سخافة الجمع بين كلمتي " الحرّية " و " الدولة " . فما بقيت الدولة ، لا وجود للحرية ، و عندما تحلّ الحرّية تنعدم الدولة ." ( " الدولة و الثورة " ، الصفحة 101). ( إنتهى المقتطف ) و فى ما يتّصل بالديمقراطية ، لا يتورّع الأمين العام لحزب الكادحين كذلك عن أن يركن إلى خطاب ديمقراطي برجوازي غاية فى الوضوح . و من ذلك قوله بالصفحة 25 من " الربيع العربي ..." : " إنّنا نرى أنّ الديمقراطية المعنيّة هنا تبدو مجرّد وسيلة متلبسة مضامين مغشوشة ، و عوضا عن إنتشار قيم المواطنة وحقوق الإنسان و المساواة و العدل و الحرّية ..." وهي عبارات متداولة لدى الديمقراطيين البرجوازيين محلّيا و عالميّا . و الجملة برمّتها إن قدّمتها إلى أي متمكّن من الفهم الشيوعي للعالم سيوصّفها على أنّها جملة تعبّرعن فكر برجوازي يرقد على براميل بارود أوهام الديمقراطية البرجوازية لا غير فى كافة قارات الكرة الأرضيّة.
على عكس ما دعا إليه إنجلز ( و ذكره لينين فى " ما العمل ؟ " فى فقرة " إنجلز و أهمّية النضال النظري " ) من وجوب التخلّص من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم ، نلفى صاحب كتاب " الربيع العربي ..." يمضى فى حال سبيله الديمقراطي البرجوازي و ينهل بلا حدود من معين الإيديولوجيا البرجوازية و مفهومها القديم للعالم و لا ينشر فى صفوف الجماهير الشعبيّة الوعي الشيوعي و بعد هذا يعتبر نفسه ماركسيّا وفى الحقيقة ما هو بماركسي و ما هو من القادة الماركسيين الذين يضطلعون بالواجب الذى أوصى به إنجلز : " سيكون من واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظريّة و أن يتخلّصوا من تأثير العبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الإعتبار أنّ الإشتراكيّة ، مذ غدت علما ، تتطلّب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلّب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمّال بهمّة مضاعفة أبدا ." هكذا يروّج حزب الكادحين دون ادنى خجل ، جهارا نهارا و مرارا و تكرارا " للعبارات التقليديّة المستعارة من المفهوم القديم عن العالم " . و يلتقى مع فرق " اليسار" الإصلاحي فى نشر الديمقراطيّة البرجوازية و أوهامها . و قد نقدنا هذه الديمقراطية البرجوازية فى عديد المقالات فى نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة !" و سجّلنا مثلا المقتطف التالى فى العدد السادس – جانفي 2012 : " لا للأوهام الديمقراطية الرجوازية ! :
أ – الديمقراطية / الدكتاتورية :
ما إنفكّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين و قبلهم و إلى جانبهم على الساحة السياسية ، الحزب الإشتراكي اليساري – فى الحقيقة " الرأسمالي اليميني "- و حركة التجديد و قوى عديد أخرى يبثّون الأوهام البرجوازية الصغيرة حول مسألة الديمقراطية. دون مراوغة و مباشرة نقولها : إنّ حزب العمّال و حركة الوطنيين الديمقراطيين الذين يدعيان تبنّى اللينينية ينظّران و يمارسان فى تضارب تام مع اللينينية التى هي منهما براء. إنّهما مرتدّان . متحدثا عن مرتدّ آخر ، كاوتسكي فى"الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ( ص18) ، أوضح لينين :
" أنّه طالما هناك طبقات متمايزة ، - و طالما لم نسخر من الحسّ السليم و التاريخ ، - لا يمكن التحدث عن " الديمقراطية الخالصة " ، بل عن الديمقراطية الطبقية فقط ( و نقول بين هلالين إنّ" الديمقراطية الخالصة " ليست فقط صيغة جاهلة تنم عن عدم فهم لنضال الطبقات و لجوهر الدولة على حدّ سواء ، بل هي أيضا صيغة جوفاء و لا أجوف، لأنّ الديمقراطية، ستضمحلّ ، إذ تتطور فى المجتمع الشيوعي و تتحوّل إلى عادة ، و لكنها لن تصبح أبدا ديمقراطية " خالصة ". )
فلينين أكّد أنّه لا وجود لديمقراطية خالصة ، فوق الطبقات و أنّ ما هناك إلاّ ديمقراطية طبقية و أنّ كلّ ديمقراطية هي فى آن واحد دكتاتورية ؛ ديمقراطية لطبقة أو طبقات و دكتاتورية ضد طبقة أو طبقات ( و قد تعمّقنا فى هذه المسألة فى مقال " أنبذوا الأوهام البرجوازية الصغيرة حول الإنتفاضة الشعبية فى تونس " ، الحوار المتمدّن ) فى حين أنّ هؤلاء روّجوا خيالات عن ديمقراطية لا طبقية - سياسية و إجتماعية – و ما من مرّة نعتوها أو حدّدوها طبقيّا و بذلك ساهموا و يا لها من مساهمة فى تضليل المناضلين و المناضلات و الجماهير الشعبية .
إنّهم لم يقوموا باللازم لينينيّا لشرح علاقة الديمقراطية بالدكتاتورية طبقيّا و بأنّ كل ديمقراطية هي بالضرورة دكتاتورية : ديمقراطية لأقلية أو أغلبية و دكتاتورية ضد أغلبية أو أقلية و مثال ذلك فى كتاب لينين " الدولة و الثورة " أنّ الديمقراطية البرجوازية ديمقراطية للأقلية و دكتاتورية ضد الأغلبية بينما دكتاتورية البروليتاريا / ديمقراطية البروليتاريا هي فى آن أيضا ديمقراطية الأغلبية دكتاتورية ضد الأقليّة.
و كذلك لم يبذل مدّعو تبنّى اللينينية قصارى الجهد – فى الواقع لم يبذلوا أي جهد – لتفسير أنّ لكلّ طبقة ديمقراطيتها و أنّ الديمقراطية ذاتها كشكل للدولة مآلها تاريخيا الإضمحلال مع إضمحلال الدولة مثلما بيّن ذلك لينين فى " الدولة و الثورة " أنّ " الديمقراطية البروليتارية لأكثر ديمقراطية بمليون مرّة من أية ديمقراطية برجوازية " ( لينين " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ، دار التقدّم ،موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 25).
و ليعلم مؤسّسو الحزب الجديد أن الديمقراطية البرجوازية وحتى البروليتارية المناقضة لها ، لينينيّا مآلهما الإضمحلال مستقبلا. و من أوكد واجبات الشيوعيين و الشيوعيات النضال بلا هوادة فى سبيل أن تعوّض ديمقراطية / دكتاتورية البروليتاريا ديمقراطية / دكتاتورية البرجوازية ثم مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية/ ديمقراطية البروليتاريا من أجل إضحلال الديمقراطية جميعها مع إضمحلال الدولة بما يعلن عالميّا بلوغنا هدفنا الأسمى ، الشيوعية كمجتمع خال من الطبقات لا حاجة فيه للدولة و لا للديمقراطية كشكل من أشكالها. و قد نبّهنا لينين في " الدولة و الثورة " لحقيقة أنّ :
" الديمقراطية هي أيضا دولة و أنّ الديمقراطية تزول هي أيضا ، تبعا لذلك ، عندما تزول الدولة ". ( المصدر السابق ، الصفحة 20). ( إنتهى المقتطف ). ت- العفويّة و التذيّل إلى الجماهير : 1- تضارب فى الأفكار : خطّ صاحب " الربيع العربي ..." فى مقدّمة كتابه وعلى وجه الضبط بالصفحة 9 ، وهو يعزف لحن ضرورة " فهم الهزيمة " و " فهم الثورة " : " ...و يصبح ممكنا إدراكما إذا كان سبب الهزيمة ماثلا بالنسبة إلى الإنتفاضات و الثورات فى جماهير لم تدرك شروط تحرّرها ، فإنتفضت بعفويّة ضد طغاتها و مستعبديها ، و لكن نضالها سرعان ما تكسّر على صخرة عدوّها الذى يمتلك وسائل القوّة المختلفة و منها المخاتلة فى الدين و السياسة ، أو إنّ ذلك السبب كامن فى أن " قادتها " قد تعوّدوا على المهادنة و التقاعس و التراجع و البيع و المبادلة ؟ دون أن يلغي هذا إحتمال تضافر هذين الشرطين مجتمعين فى تفسير ما حدث " . و فى الصفحة 61 ( نصّ " المرأة و الثورة " ) ورد أنّ " الإنتفاضات العربيّة جرى قطع الطريق أمامها مبكّرا للحيلولة دون تحوّلها إلى ثورات فعليّة " . موقف تحوّل الإنتفاضات إلى ثورات دون الحديث عن مستلزمات ذلك و من وجهة نظر الماركسية - اللينينية- الماوية فى المستعمرات والمستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات" الأسلحة السحريّة الثلاثة " أي الحزب الشيوعي الثوري الماوي و الجيش الشعبي و الجبهة المتحدة للطبقات الثوريّة بقيادة الحزب الشيوعي و الوضع الثوري كما حدّده لينين ، هذا الموقف فى حدّ ذاته ينمّ عن غرق الحزب الذى ننقد فى مستنقع العفويّة متصوّرا أنّ الإنتفاضات العفوية فى مظهرها الرئيسي لو ترك لها المجال كانت ستتحوّل عفويّا إلى ثورات و الحال أنّها لا تملك لا القيادة و لا البرنامج و لا الأدوات الثوريّة و الوضع ليس وضعا ثوريّا بالتحديد اللينيني من أزمة خانقة و عدم قدرة الطبقات الحاكمة على التحكّم فى الأمور و تفكّكها و صراعها فيما بينها و عدم قبول الطبقات الشعبيّة ببقاء الوضع على حاله و السعي حثيثا لتغييره تغييرا ثوريّا- و لنسطّر على هذا – وجود حركة ثوريّة تقودها نظريّة ثوريّة . مطالب الإنتفاضات كانت إصلاحيّة و لم تكن ثوريّة و حتى شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " الذى ظهر على نطاق ضيّق فى آخر الإنتفاضة الشعبيّة بتونس ليس ثوريّا مثلما حلّلنا فى مواقع أخرى . و لئن إعترف مؤلّف " الربيع العربي ..." هنا بعفويّة الإنتفاضات ، فإنّه سينقلب على ذلك فى مكان آخر و بكلماته هو التى يقصد بها غيره و تنطبق عليه " لا ضير من قول الشيء و ضدّه فذلك ما تتطلّبه تقنيات المغالطة " ، ففى الصفحة 21 يتحفنا ب " قد تمّ التركيز بشكل خاص على الطابع العفوي للربيع العربي ، و هو ما يصحّ أيضا على ربيع أوروبا الشرقيّة ، ربّما لإخفاء الدور الأمريكي و الأوروبي الغربي فالأوضاع كانت تدار فى جانب منها من وراء الستار ، و كلّما قوي ذلك التدخّل الخارجي كلّما قوي الحديث عن عفويّة ذلك الحدث . لقد كان هناك تنظيم هنا و تنظيم هناك ، و تنظيم الجماهير هُزم مبكّرا بالنظر إلى ضعفه الشديد ، بينما قوي تنظيم أعدائها لأسباب تتعلّق رئيسيّا بطبيعة الوضع ، فعندما تتدخّل دول كبرى فى مجرى الصراع و توظّف أجهزة قويّة داخليّا تعمل لصالحها فإنّ مهمّة الشعب تصبح صعبة و ينتصر تنظيم الرجعيّة " . فى كلام من هذا القبيل تسفيه لأحلام راودت هذا الحزب و أحزاب و مجموعات أخرى بتحوّل الإنتفاضة عفويّا إلى ثورة كانت على الأبواب فهم عاشوا و يعيشون فى عالم الأوهام و لا يرون لا العوامل الموضوعية و لا العوامل الذاتية ، لا يرون القوى الماديّة المعادية للثورة و ضرورة الكفاح الثوري الطويل المدى بقيادة شيوعية ماوية ثوريّة أقدامها راسخة فى علم الشيوعية المتطوّر أبدا و فى فهم الواقع المتحرّك فهما علميّا لتغييره جذريّا و ثوريّا من منظور الثورة البروليتارية العالمية و الهدف الأسمى للشيوعية على الصعيد العالمي. بمثاليّة ميتافيزيقية و أوهام ديمقراطية برجوازية يتخيّلون أن الإمبريالية و الطبقات الحاكمة الرجعية ستسلّم السلطة إلى المنتفضين و تحطّم دولتها دون مقاومة . لم يستوعبوا لا دروس الثورات البروليتارية و الماوية عبر العالم و لا دروس ما حدث فى العراق و أفغانستان و غيرها من الأماكن على كوكبنا . و فضلا عن ذلك ، ليست المسألة مسألة نفي التدخّل الأجنبي الإمبريالي الرجعي للعفوية و لا بالعكس نفي العفويّة لهذا التدخّل . كعلميين ماديين جدليين ، علينا أن نبحث عن الحقيقة الموضوعيّة و فى موضوع إهتمامنا الحقيقة الموضوعية هي أنّ الإنتفاضات إنطلقت عفويّة فى مظهرها الرئيسي ثمّ عندما إشتدّ عودها و قوي ساعدها و إتّسع نطاقها و نعيدها عفويّا فى مظهرها الرئيسي حاولت دول الإستعمار الجديد الرجعية التعاطي معها بسبل مختلفة و متنوّعة و منها حتى بالرصاص و لكن ذلك لم يفلح فى إيقاف المدّ الجماهيري و حرق ورقة رئيس الدولة – فى مصر وتونس – ، تدخّلت القوى الإمبريالية مباشرة أو عبر الرجعية العربية بصفاقة أكبر و بقوّة ( و هذا لا يعنى عدم تدخّلها سابقا بالنصيحة و المستشارين و العتاد و المال – و تذكّروا جيّدا موقف فرنسا خاصة فى بدايت جانفي 2011...) لترسم و تطبّق خططا تلاعبت بفضلها بعفويّة التحرّكات لترضيها بالفتات و الوعود و الكلام المعسول عن إصلاحات قد تتحقّق و قد لا تتحقّق أو تتحقّق اليوم و تسحب فى الغد و تحوّل وجهتها كي لا تخرج عن السيطرة فتضطرّ إلى مواجهتها بأشرس الطرق . هنا نجحت سياسة الجزرة و لم يبلغ الأمر حدّ إستعمال الإمبريالية نفسها و مباشرة سياسة العصا و التدخّل العسكري كما فعلت فى ليبيا مثلا لإختلاف الأوضاع. إذن إنطلقت الإنتفاضات عفويّة و ظلّت فى مظهرها الرئيسي عفويّة و تدخّلت الإمبريالية و الرجعية العربية بطرق شتّى و نجحت فى مساعيها فى الحفاظ على الدول الرجعية و إعادة ترميمها و هيكلتها . و ماركسيّا ، العفويّة لا يناقضها التنظيم ( " تنظيم الجماهير" حسب كلام الأمين العام لحزب الكادحين و بلا شكّ تفطنتم إلى أنّه ليس تنظيما حزبيّا و لا تنظيما جبهويّا بل مجرّد تنظيم جماهيري هشّ عفوي و يبرز الطابع العفوي ) و إنّما الوعي الطبقي ، الوعي السياسي و ليس الإقتصادوي كما شرح لينين فى " ما العمل ؟ " . و قد تناولنا هذه الفكرة بالنقد فى " تشويه الماركسية : كتاب " الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " : " الوعي الطبقي مقابل العفوية : و يدافع الإقتصادوي بإنتقائيّة عن أنّ الإنتفاضة لم تكن إنتفاضة عفوية تماما دون أن يحدّد الجانب الرئيسي فيها و الجانب الثانوي – و نحن نأكّد ما ينطق به الواقع من كون جانبها الرئيسي عفوي- و لأجل التعمية يذكر أنّها أفرزت أشكالا تنظيمية و قيادات جهوية معتبرا ذلك علامة على أنّها كانت غير عفوية فى جوانب منها و يقصد من هنا أنّها كانت واعية طبقيا و سياسيا إلاّ أنّه لا يصرّح بذلك مباشرة و يخلط خلطا فظيعا بين الوعي الطبقي السياسي و مسألة التنظيم و أشكال النضال . فحتى تحرّكات عفوية قادرة على إيجاد أشكال تنظيمية و قادرة على إفراز قيادات لا جهوية فحسب بل مركزية أيضا . و القضيّة تتعلّق ، من وجهة نظر البروليتاريا ، بالذات بطبيعة الأشكال التنظيمية أي بمضمونها الطبقي و مدى مناسبتها للتكتيك الثوري و فتحها الأبواب على الإستراتيجيا و تمكين الجماهير من الوعي الطبقي الثوري بقيادة طليعتها - الحزب الشيوعي الماوي - المسترشدة بالنظرية الثورية ، علم الثورة البروليتارية العالمية من التقدّم بالنضال وفق الأهداف البروليتارية المرسومة و بالأسلحة المطلوبة و الفعّالة بغاية تحطيم الدولة القديمة و إرساء دولة جديدة بقيادة البروليتاريا وكجزء من الثورة البروليتارية العالمية . و صاحبنا الإقتصادوي بعيد عن هذا الفهم البروليتاري بمسافة أميال كي لا نقول بعد السماء عن الأرض، يسبح فى عالم الأوهام متناسيا او غير مدرك الواقع فى القطر المتميّز بالصراعات الجهوية و العشائرية كتعبير آخر عن غياب الوعي الطبقي السياسي و فقدان النظرة البروليتارية للعالم و الموقف البروليتاري الثوري حقّا . و يتحفنا الإقتصادوي بمزيد من الدفاع عن العفوية معتبرا التنظيم يضاهي أو يساوي الوعي الطبقي بالصفحة 81 : " كما جرى تضخيم الطابع العفوي للإنتفاضة و تغييب وجود قوى منظّمة من مشارب شتّى سيّرت التحرّكات و أطّرتها ". صحيح أنّ هناك قوى شتّى نظّمت التحرّكات غير أنّ هذا لا ينفى أنّ حتى معظم المنظّمين لم يكونوا يملكون الوعي الطبقي السياسي البروليتاري و إن وجد أفراد قليلون بروليتاريون ثوريون فإنّهم لم يلوّنوا الإنتفاضة بلونهم و شعارات الإنتفاضة ذاتها تفصح عن عفوية لا عن وعي طبقي . و حتى إن كانت الإنتفاضة أفرزت " على مستوى الجهات قادتها " (ص 82) فإنّ ذلك لم يشمل الجهات كلّها بل حصل فى جهة أو جهتين ربّما – حسب قوله هو إذ لا نملك معلومات دقيقة بهذا المضمار وهو لم يشر إلى الجهات المعنية – و بالتالي تظلّ ثانوية و ثانوية جدّا ، و فضلا عن ذلك تبقى المسألة الحاسمة من وجهة النظر البروليتارية و الوعي الطبقي السياسي البروليتاري ، طبيعة القادة الطبقية و برنامجهم المكرّس عمليّا . فى خدمة أيّة طبقة هم؟ و ما هي خططهم ؟ و أساليب النضال المقترحة ؟ و الأهداف الطبقية ؟ إلخ و بالتأكيد أنّ هؤلاء القادة لم يرفعوا شعارات بروليتارية ثورية ، شيوعية . و حتىّ شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ليس شعارا ثوريّا من وجهة النظر البروليتارية الثورية ذلك أنّ هذه الأخيرة لا تتطلّع إلى تغيير نظام بن علي مثلا ، بنظام الترويكا الحالي ، أو بشكل آخر من أشكال نظام حكم الطبقات السائدة المتحالفة مع الإمبريالية العالمية ، و إنّما تهدف إلى تحطيم الدولة القديمة برمتها ، مؤسسات و جيش ... فالشعار إيّاه دليل إستفاقة الجماهير على حقيقة أن بن علي لن يحقّق لها المطالب المرفوعة بل هو زاد فى قمعها و أخذ يقتل المنتفضين وعلامة تقدّمها نحو إستهداف المجرم على رأس السلطة أساسا و ليس الدولة برمّتها . و مجبرون مرّة أخرى على التذكير بأنّ المنتفضين لم يواجهوا جيش دولة الإستعمار الجديد إلاّ لفترات متقطّعة و وجيزة لا سيما فى القصرين و سيدي بوزيد فخرج الجيش سليما من الإنتفاضة لا بل جعله جزء لا بأس به من المنتفضين وغالبية السكّان مأتمنا على مكاسب إنتفاضة الشعب و بطلا . و لا يسعنا هنا إلاّ أن نلفت النظر إلى أنّ أطروحات الإقتصادوي هذه بخصوص " إفراز القادة " و الأشكال التنظيمية أقرب ما تكون إلى الفكر المجالسي و أبعد ما تكون عن الماركسية – اللينينية – الماوية ." ( إنتهى المقتطف ) 2- التذيّل للجماهير : لمسنا فى الفقرات السابقة كيف أنّ الأمين العام لحزب الكادحين لم يفقه شيئا من العلاقة بين العفويّة و التنظيم و يخبط خبط عشواء بهذا الصدد فيناقض العفوية ب " تنظيم الجماهير " و بالتالي يتنكّر للينين و اللينينيّة و يتذيّل للجماهير فى نزعة مجالسية تعرّضنا لها فى مقال " تشويه الماركسية ..." . و يتجلّى هذا التذيّل كذلك فى مواقع أخرى من الكتاب و على سبيل المثال فى الصفحة 13 أين نقرأ : " هي محاولة نبتغى منها أيضا على الصعيد العملي إعادة الأمور إلى نصابها بإرجاع الإنتفاضات العربية إلى أسبابها الأصليّة و أصحابها الفعليين و تنقيتها ممّا علق بها جرّاء الضوضاء الإعلاميّة التى أدّت إلى مسخها والإستثمار الذيني الذى حوّل وجهتها و التدخّل الخارجي الذى أثّر سلبا فى سيرورتها ". و هذا الكلام الذى يريد أن يظهر الأمين العام من حديد و غيره من خشب يثير عديد الأسئلة منها على وجه الخصوص : - كيف السبيل إلى إرجاعها إلى " أصحابها الفعليين " ؟ و من هم هؤلاء ؟ - ألم يحقّق بعض من " أصحابها الفعليين " و الذين كانوا فى المقدّمة أحيانا من القوى الإصلاحية " اليسارية " و اليمينية مآربهم ؟ - ألم تنقسم الآن منذ مدّة صفوف " أصحابها الفعليين " التى كانت مصالحهم و حتى مطالبهم متباينة أصلا منذ البداية و توحّدوا ضد العدوّ المشترك لفترة محدودة ؟ و الأهمّ من ذلك : هل هذا هو دور القيادة الشيوعية : " إرجاع الإنتفاضات العربية إلى أسبابها الأصليّة و أصحابها الفعليين " ؟ مرّة أخرى ، تتمّ عمليّة طعن الفهم اللينيني لدور الشيوعيين و القيادة الشيوعية فى نشر الوعي الطبقي الشيوعي فى صفوف الطبقات الشعبية لا سيما البروليتاريا و على أساس ذلك المشروع الشيوعي و البرنامج الشيوعي المتفاعل مع الواقع الملموس يجرى تنظيم القوى من أجل الثورة البروليتارية العالمية بتياريها و إيجاد الأدوات السحريّة الثلاثة التى مرّ بنا ذكرها أعلاه ( الحزب والجيش والجبهة ) فى المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات . أين حزب الكادحين من علم الشيوعية ؟ لكم التعليق ... و يقينا أنّ صنّاع خطّ هذا الحزب تجاهلوا عمدا عامدين تعاليم لينين فى " ما العمل ؟ " و أطبقوا عليها دون شفقة من كلّ حدب و صوب ومزّقوها إربا بغاية فرض رؤاهم الخاصة البرجوازية . لقد تجاهلوا الكثير من الحقائق الواردة فى " ما العمل ؟ " و المتعلّقة بموضوع الحال و منها خاصة فى فقرة " عفويّة الجماهير و وعي الإشتراكية – الديمقراطية [ لنقرأ الشيوعية ] " : 1- " لا يمكن للعمّال أن يحصلوا على هذا الوعي [ الشيوعي ] إلاّ من خارجهم . و لنا فى تاريخ جميع البلدان شاهد على أنّ الطبقة العاملة لا تستطيع أن تكسب بقواها الخاصة غير الوعي التريدينيوني ، أي الإقتناع بضرورة الإنتظام فى نقابات و النضال ضد أصحاب الأعمال و مطالبة الحكومة بإصدار هذا أو تلك القوانين الضروريّة ". 2- " إنّ كلّ تقديس لعفويّة حركة العمّال ، كلّ إنتقاص من دور " عنصر الوعي " ، أي دور الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] ، يعنى – سواء أراد المنتقص أم لم يرد ، فليس لذلك أقلّ أهمّية – تقوية نفوذ الإيديولوجية البرجوازية على العمّال " . 3- " و يتحدّثون عن العفويّة . و لكن التطوّر العفوي لحركة العمّال يسير على وجه الدقّة فى إتجاه إخضاعها للإيديولوجية البرجوازيّة ، يسير على وجه الدقّة وفق برنامج ( " الكريدو " ) ، لأنّ الحركة العمّالية العفوية هي التريديونيونية ... و ما التريديونيونية غير إخضاع العمّال فكريّا للبرجوازية . و لذا فإنّ واجبنا ، واجب الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] ، هو النضال ضد العفوية ، هو النضال من أجل صرف حركة العمّال عن نزوع التريديونيونيّة العفوي إلى كنف البرجوازية و جذبها إلى كنف الإشتراكية – الديمقراطية [ الشيوعية ] الثورية . " و أصاب ستالين كبد الحقيقة حين قال فى " أسس اللينينية " : " نظرية " العفوية " هي نظرية الانتهازية ، هي نظرية السجود أمام عفوية حركة العمال ، هي النظرية القائمة على إنكار إن الدور القيادي لطليعة الطبقة العاملة ، إنكار الدور القيادي لحزب الطبقة العاملة ، إنكاراً فعلياً... إن نظرية السجود أمام العفوية تعارض معارضة تامة في أعطاء الحركة العفوية صفة واعية ومنظمة ، أنها تعارض في أن يسير الحزب على رأس الطبقة العاملة ، وفي أن يرفع الحزب الجماهير إلى مستوى الوعي ، وفي أن يقود الحزب الحركة وراءه . انها تريد من العناصر الواعية في الحركة، أن لا تمنع هذه الحركة من متابعة السير في مجراها، أنها تدعو إلى أن يقتصر الحزب على ملاحظة الحركة العفوية وعلى الزحف في مؤخرتها. إن نظرية العفوية هي نظرية الانتقاص من دور العنصر الواعي في الحركة ، هي عقلية " السير في المؤخرة " هي الأساس المنطقي لكل انتهازية ." ث- الثورة و العنف وفق النظرة البرجوازية لحزب الكادحين : و نحن نتفحّص مضامين الكتاب الذى ننقد سجّلنا خلطا فظيعا و تشويها كبيرا للثورة و العنف لذلك لا مناص من أن نفرد لهما بعض الفقرات . 1- تلاعب بمعنى الثورة : فضحنا فى مقال " تشويه الماركسية : كتاب " الإنتفاضة و الثورة " لصاحبه فريد العليبي نموذجا " تلاعب الأمين العام لحزب الكادحين بمقولة ماو عن الثورة و تشويهه لها و نتابع طلب الحقيقة و كشف المستور المخفي وراء الحجب من التشويهات و نستهلّ هذه النقطة بفضح تشويه آخر لمقولة أخرى لماو تسى تونغ و مفادها " طالما هناك إضطهاد هناك مقاومة " . فى سياق الولع بل الهوس بكلمة ثورة و إستعمالها فى محلّها و غير محلّها على غرار ما تفعل غالبية الإنتهازيّين " اليساريّين " ، يحوّل مؤلّف " الربيع العربي ..." المقولة إلى " طالما هناك الإضطهاد هناك الثورة " ( ص 6) فتصبح المقولة التى كانت تعكس حقيقة عميقة و شاملة للواقع المادي المتناقض مقولة خاطئة أصلا ذلك أنّ المقاومة شيء و الثورة شيء آخر تماما . الإضطهاد و المقاومة كما يفهمهما ماو تسى تونغ المادي الجدلي وحدة ضدّين / تناقض ، أمّا الإضطهاد / الثورة فليس تناقضا ( وحدة ضدّين ) ؛ الثورة و الثورة المضادة يمثّلان تناقضا . هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، المقاومة قد تكون عفويّة أو واعية ، مطلبيّة إصلاحية أو ثوريّة ، فى حين أنّ الثورة بالمفهوم العلمي ، الثورة كما حدّدها ماو تسى تونغ ( " ليست الثورة مأدبة و لا كتابة مقال و لا رسم صورة و لا تطريز ثوب فلا يمكن أن تكون بمثل تلك اللباقة والوداعة و الرقة، أو ذلك الهدوء و اللطف و الأدب و التسامح و ضبط النفس . إن الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى . " ماو تسى تونغ : " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان " مارس – آذار 1927، المجلد الأول من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الصفحة 12-13 ، باللغة العربية ) ليست عفويّة و إنّما هي عمليّة إنتفاضة عنيفة واعية طبقيّا تطيح خلالها طبقة بطبقة أخرى و البوم إذن شاسع بين دلالات مصطلح المقاومة و دلالات مصطلح الثورة . و عمليّا يتبدّى خطأ مقولة الأمين العام فى أنّه فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية الإضطهاد موجود عبر العالم قاطبة و فى الأقطار العربية مثلا لم تقع ثورات تندرج ضمن الثورة البروليتارية العالميّة بتيّاريها ( الثورتان الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ) و قد لا تحصل فى المستقبل المنظور . و الثورات التى إخترقت النظام الإمبريالي العالمي و أبرزها ثورة أكتوبر و الثورة الصينية أطاحت بهما الثورات المضادة و أعيد تركيز الرأسمالية فى البلدان الإشتراكية السابقة . و هكذا شاهدنا تحوّل مظهري التناقض/ وحدة الضدّين كلّ إلى نقيضه : إنتصرت الثورة على الثورة المضادة فى البداية و لعقود ثمّ إنتصرت الثورة المضادة على الثورة و خسرت البروليتاريا العالمية كامل المعسكر الإشتراكي الذى كانت تملكه فى وقت معيّن . و فضلا عن ذلك ، لا يسعنا إلاّ أن نشدّد على خطى لينين و ماو على أنّ الثورة البروليتارية العالمية ، الثورة الشيوعية بتيّاريها لا يمكن أن تكون إلاّ ثورة واعية قائمة على إستيعاب للمنهج العلمي المادي الجدلي و التاريخي و الواقع المادي المتحرّك أبدا . و عليه دون علم الشيوعية المتطوّر أبدا لا ثورة بروليتارية عالميّة كما لا حركة ثورية دون نظريّة ثوريّة على حدّ كلام لينين . و خرقاء هي صياغات مثاليّة ميتافيزيقيّة أخرى جاءت فى كتاب الأمين العام ذاك . ف" الثورة تمثّل العقبة الوحيدة لولوج عالم الحرّية " ( ص 6 ) تتنافى مع ما دلّلت عليه التجارب الإشتراكيّة للقرن العشرين و خاصّة الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى فى الصين 1966-1976 و أهمّ مساهمات ماو تسى تونغ الخالدة فى علم الشيوعية ، نظريّة وممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا كمرحلة إنتقاليّة من الرأسمالية إلى الشيوعية تحتمل إمكانيّة التقدّم صوب الشيوعية كما تحتمل إمكانيّة إعادة تركيز الرأسماليّة لذلك تشهد صراعا لا هوادة فيه بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي و بوجه خاص صراع خطّين صلب الحزب الشيوعي كقائد للمجتمع و مركز تنعكس فيه تناقضاته .
و اللافت على هذا الصعيد أنّ ما يعدّه الأمين العام لحزب الكادحين المثالي " موجة ثوريّة جديدة " ( ص 123) و " أحداث ثوريّة " (ص 128 ) ليس سوى نهوض مقاومة جماهيريّة عفويّة فى مظهرها الرئيسي ، أو ما يعدّهما " حدثين ثوريين لا غبار عليهما " ( ص 127 ) و يقصد الإطاحة ب " حكم المرشد " فى مصر و تونس ، ليسا سوى تغيير فى الوجوه فى إطار دول الإستعمار الجديد كما تشهد عليه أحداث مصر و عودة الجيش إلى الحكم مباشرة بعدما أشرك " الإخوان " لفترة فى السلطة و بقي يتحكّم فى الأمور من وراء الستار . إلى هكذا خزعبلات تؤدّى المثاليّة الميتافيزيقية و يؤدّى التلاعب بمفاهيم المادية الجدلية و التاريخية و تعويض الإيديولوجيا البروليتاريّة بالإيديولوجيا البرجوازية ! 2- الثورة و العنف الثوري : " للمضطهَدين الحقّ الدائم فى الثورة بما فى ذلك المقاومة العنيفة إذا إنعدمت سبل التغيير بالوسائل السلميّة ، فالمضطهَدون ليسوا هواة عنف و إنّما يكرهون عليه كرها ، و على أعدائهم الحذر من جوعهم و غضبهم فهم عندما يثورون يأكلون لحم مغتصبهم ". هذا ما ورد فى مسطور كلام الأمين العام ذاك بالصفحة السادسة من مؤلَّفه و نتوقّع أنّه إعتبر تلك الصيغة إنتصارا مدوّيا و فتحا ربّانيا مبينا و قد تبدو للوهلة الأولى معبّرة عن موقف ثوريّ ، شيوعيّ بيد أنّها ليست كذلك البتّة . لقد أطلق ماو تسى تونغ جملة نبراسا خلال الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى ألا وهي " من حقّنا أن نثور ضد الرجعيّة " دون أن يضع أي شرط للثورة على الرجعيّة على عكس ما يفعله الأمين العام المخاتل لأمر فى نفس يعقوب ، شرط " إذا إنعدمت سبل التغيير بالوسائل السلمية " . و قد خاض ماو تسى تونغ على رأس الحزب الشيوعي الصيني صراعا مريرا و مديدا ضد الخروتشوفيّة و التحريفيّة المعاصرة السوفياتيّة منها والإيطاليّة و الفرنسية و اليوغسلافية و " طريق التحوّل السلمي " أو التغيير السلمي . و بصيغه هذه يكشف الأمين العام لحزب الكادحين أنّه خروتشوفي النزعة فى مسألة العنف و الثورة العنيفة شأنه فى ذلك شأن غالبيّة فرق " اليسار " الإصلاحيّة التحريفية الغارقة إلى العنق فى أوهام الديمقراطية البرجوازية و المتعلّقة بأهدابها . و تلفت صيغة " المقاومة العنيفة " نظر المتمعّن فى كلام الخروتشوفي الجديد حيث يربط العنف بالمقاومة و التصدّى أي الدفاع عن النفس و ليس بالهجوم و الثورة و دكّ جيش الدولة الرجعية و تحطيمها و شقّ طريق بناء دولة جديدة بقيادة البروليتاريا هدفها الأسمى بلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . و لو نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى ، لألفينا أنّ جعل إستخدام العنف مشروطا و مرهونا بإنعدام " سبل التغيير بالوسائل السلميّة " يدين فى الواقع الثوريين و الثوريّات و نشرح فنقول ، فى إطار دول مستعمرة جديدة أو شبه مستعمرة أو رأسماليّة – إمبريالية تتوفّر فيها ديمقراطيّة برجوازية بدرجة أو أخرى و بشكل أو آخر يغدو الكفاح المسلّح و الإعداد له و ممارسته ليس من حقّ الثوريين و الثوريّات و الجماهير بإعتبار وجود " سبل التغيير بالوسائل السلمية " كالإنتخابات و البرلمانات و الجمعيّات إلخ ، بإختصار العمل القانوني وفق شروط و بحدود تضعها الدولة الرجعيّة و توسّعها أو تضيّق نطاقها متى و كيفما تشاء خدمة لمصالح الطبقات المهيمنة ضد مصالح الجماهير الشعبيّة . و عليه حسب منطق الأمين العام لحزب الكادحين مدانة هي الأحزاب و الجماهير التى تلجأ إلى العنف فى بلدان من هذا القبيل و من ثمّة مدانة هي الجماهير الإسبانيّة التى مارست العنف ضد أجهزة الدولة فى عدّة شوارع و عدّة مدن فى الأشهر الأخيرة و مدانة هي الجماهير التى إستخدمت العنف فى اليونان ... و بالمثل مدانة هي حرب الشعب فى الفليبين و الهند إلخ أين تتوفّر " سبل التغيير بالوسائل السلميّة " أي إنتخابات و برلمانات و ما شابه و أين تعدّ الهند " أكبر ديمقراطية فى العالم " !!! ثمّ ما المقصود ب " التغيير بالوسائل السلمية " و بخاصّة بمصطلح التغيير ؛ هل هو التغيير الجذري ، التغيير الثوري كجزء من الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها كنقيض حقيقي للإمبريالية و عملائها أم هو مجرّد تغيير إصلاحي فى إطار ذات الدولة الرجعية ؟ التغيير الإصلاحي قد يحتاج و قد لا يحتاج إلى العنف ( و بدرجات ) تبعا للأوضاع الملموسة للواقع الملموس( شاهدنا فى أمريكا اللاتينيّة و فى فلسطين قوى شتّى تعمد إلى العنف لفرض إصلاحات معيّنة ) أمّا التغيير الثوري أي الثورة بالمفهوم الذى صاغه ماو تسى تونغ بمعنى إطاحة طبقة بطبقة أخرى فتحتاج بلا ريب إلى العنف الثوري الجماهيري المنظّم الذى يقوده علم الشيوعية . هذه حقائق موضوعيّة أدركها إنجلز فلخّصها فى جملة معروفة قوامها أنّ العنف يقوم بدور القابلة لتوليد مجتمعات جديدة من رحم مجتمعات قديمة ، و أدركها ماركس و إنجلز و أعلنا فى 1848 فى " بيان الحزب الشيوعي " : " و يترفّع الشيوعيّون عن إخفاء آرائهم و مقاصدهم ،و يعلنون صراحة أنّ أهدافهم لا يمكن بلوغها و تحقيقها إلاّ بدكّ كلّ النظام الإجتماعي القائم بالعنف . فلترتعش الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية . فليس للبروليتاريا ما تفقده فيها سوى قسودها و أغلالها ، و تربح من ورائها عالما بأسره " . و شدّد لينين العظيم على أنّ : " طبقة مضطهَدة مظلومة لا تسعى إلى تعلّم إستعمال السلاح ، إلى الحصول على السلاح ، إنّ هذه الطبقة المضطهَدة لا تستحقّ أن تعامل إلاّ معاملة العبيد " . ( " برنامج الثورة البروليتارية العسكري " ، الصفحة 443 من الجزء 1 من المجلّد 2 من " المختارات فى ثلاثة مجلّدات " ، الطبعة العربية لدار التقدّم ، موسكو ). و أكّد ماو تسى تونغ : " إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي-اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".
(" قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني ).
و من هنا يتجلى دوس حزب الكادحين للمبادئ الجوهريّة للماركسية – اللينينيّة – الماوية ، هذا الحزب الذى يشترك فى الكثير و الكثير من الأفكار و الممارسات مع فرق الماركسيين المزيّفين الإصلاحيين و فى ما يتّصل بمسألة العنف موضوع الحال يكرّس مثل تلك الفرق السياسة الإنتهازية ل " حقيقة هنا و ضلال هناك" معتبرين العنف الثوري ضروري لتحرير فلسطين وغير ضروري لتحرير المستعمرات و المستعمرات الجديدة و أشباه المستعمرات و تونس منها وبالتالى ينطبق عليه ما صغناه فى كتابنا " حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حزب ماركسي مزيّف " فى نقطة " تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟ ":
" يتحدّث الحزب الجديد عن الإنتفاضة و التمرّد و الثورة و المسار الثوري و كأنّها الشيء عينه و يعتبر نفسه حزبا ثوريّا و يتجاهل تمام التجاهل دكتاتورية البروليتاريا بما هي دولة جديدة تقوم على أنقاض الدولة القديمة التى هي بدورها تتعرّض لعملية تجاهل كلي من حيث مصيرها . و يعتبر هذا الحزب أنّ ما حدث فى تونس هو " بداية تفكيك الدكتاتورية " و لا ينبس ببنت شفة عن جهاز الدولة بمكوّناته الأساسية من جيش و شرطة و مؤسسات دواوينية ... وعمادها الجيش .
" يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة . فكلّ من يريد الإستيلاء على السلطة و المحافظة عليها ، لا بدّ أن يكون لديه جيش قويّ "
( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجيا "6 نوفمبر - تشرين الثاني 1938 ؛ المؤلفات المختارة المجلّد الثاني ، الصفحة 66 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ) .
و يطلقون فى الوثائق التى ندرس لسانهم بكلام عن الإستعمار الجديد و نظام الإستعمار الجديد و يلوذون بالصمت المطبق و المطلق لمّا يتعلّق الأمر بكشف الحقائق و قول الحقيقة للجماهير ، قول إنّ الجيش هو العنصر الرئيسي فى سلطة دولة الإستعمار الجديد ، عماد الدولة القائمة و الساهر الرئيسي على ديمومتها و ديمومة مسك الطبقات الحاكمة بالسلطة بل و يمضون بعيدا ( مثل تصريحات شهيرة لمن أمسى أمينا عاما لهذا الحزب ) فى الثناء على الجيش التونسي و كيل المديح لجيش دولة الإستعمار الجديد هذا ! من ناحية يصبّون جام غضبهم و نار نقدهم على دولة الإستعمار الجديد و من ناحية أخرى يمدحون جيشها ، عماد هذه الدولة و عنصرها الرئيسي. بأي نبوغ لا يضارع وبأية مهارة تحريفية تحبك هذه المغالطة من المغالطات الكثيرة التى يعتمدها عن وعي قادة هذا الحزب على وجه الخصوص.
فى 2012 ، و عقب ما يسمّوه زورا " ثورة " وهو فى الحقيقة إنتفاضة شعبية ليس إلاّ ، نلفى جماعة هذا الحزب يهيلون جبالا من التراب على مبدأ آخر من المبادئ الأساسية للماركسية ألا وهو ضرورة تحطيم جهاز الدولة القديمة ، الذى طالما شدّد عليه لينين و ماركس من قبله عند تلخيصه لتجربة كمونة باريس التى ركّزت شكلا من أشكال دكتاتورية البروليتاريا و التى لا يرى فيها التحريفيون إلاّ جانب ثانويى انتخابات المسؤولين – دون التشديد الصريح حقّا على ناحية إمكانية إقالتهم- الذى ينفخون فيه نفخا ليجعلوا منه أسمى أشكال الديمقراطية فى المطلق أي يطمسون الديمقراطية البروليتارية / دكتاتورية البروليتاريا و يسوّقون لنقيضها الديمقراطية البرجوازية .
و من الدروس المستخلصة من كمونة باريس درس عظيم الأهمية و الدلالة سلّط عليه لينين الكثير من الضوء فى " الدولة و الثورة " ( الصفحات 39 و40) :
" و بوجه خاص برهنت الكومونة أنّ " الطبقة العاملة لا تستطيع أن تكتفي بالإستيلاء على آلة الدولة جاهزة و أن تحركها لأهدافها الخاصّة "..."( من مقدّمة لطبعة ألمانية من " البيان الشيوعي " بتاريخ 24 حزيران ( يونيو) سنة 1872) ؛ ثم فى أفريل سنة 1871 ، فى أيام الكمونة بالذات ، " كتب ماركس إلى كوغلمان : "... أعلنت أن المحاولة التالية للثورة الفرنسية يجب أن تكون لا نقل الآلة البيروقراطية العسكرية من يد إلى أخرى كما كان يحدث حتى الآن ، بل تحطيمها . و هذا الشرط الأوّلي لكلّ ثورة شعبية حقّا فى القارة ".
كان لماركس و لينين من المبدئية و الجرأة النظرية و العملية بحيث صرّحا بهكذا آراء على الملأ و ناضلا بما أوتيا من جهد نظري و عملي من أجل تكريسها فى الواقع و يأتي هذا الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد بعد أكثر من 140 سنة من كتابة تلك الأسطر العاكسة لحقيقة فاقعة و بعد ما يناهز القرن من تذكير لينين بها و إبرازها ثم تطبيقها على أرض الواقع فى ثورة أكتوبر 1917 ، ليتنكّروا لذلك ويتستّروا على أهمّ مكوّن من مكوّنات دولة الإستعمار الجديد و ينقذوا هذه الدولة بإستبعاد طرح أيّة فكرة عن تحطيمها . إنّهم يعملون على ترميمها و تحسينها و ليس على تحطيمها و إنشاء دولة جديدة على أنقاضها . آراءهم التحريفية هذه بعيدة جدّا ، بعيدة منتهى البعد عن الماركسية و روحها الثورية .
و مرّة أخرى ، يصحّ عليهم قول ماركس" يبرهنون على أنهم ليسوا أكثر من خدم للبرجوازية "! ".
( إنتهى المقتطف )
ج- الإنتهازيّة و النظريّة : نفصّل هذه المسألة فى نقطتين . أ- الإنتهازيّة و التعامل الإنتهازي مع الإنتهازيين : عرضنا فى ما أنف من الفقرات العديد من مظاهر الخطّ الإيديولوجي و السياسي الماركسي المزيّف لحزب الكادحين و إليكم المزيد منها . قبل تشكيل هذا الحزب ، كانت المجموعة تتقلّب كالحرباء و أكيد أنّ من تابع نشاطها على الأنترنت لاحظ تقلّبا غريبا فى التسميات فقد نشطت بعدد كبير من التسميات مستولية على أية تسمية تحيل على الماويّة لتقدّم نفسها على أنّها هي ممثّلة الماويين فى تونس . و حتى تسمية نشريّة للرفاق و الرفيقات الماويين بالمغرب ، " طريق الثورة " قد " إستعارها " هذا الحزب ليجعلها عنوانا لنشريّته فى محاولة منه لكسب جمهور تلك النشريّة المغربيّة و ليوحي بأن نشريّته تسلك نفس الخطّ هي و النشريّة المغربيّة و الحقيقة غير ذلك . أمّا عن الإنتهازيّة فى التحالفات فحدّث و لا حرج حيث ما إنفكّ هذا الحزب يعقد تحالفات لا تدوم غير بضعة أسابيع أو أشهر أو أحيانا مدّة كتابة بيان مشترك لا أكثر. صدرت بضعة نصوص فى نشريّة هذا الحزب تنقد الجبهة الشعبيّة الإصلاحيّة وقد ألفيناه بعدئذ يمضى ( مع آخرين ) بيانا مشتركا مع الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الحال وقتها أنّه رغم خلافاته مع فصائل أخرى من الجبهة الشعبيّة حول قضايا محدودة لا يزال وقتئذ يوقّع بياناته بالحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد – الجبهة الشعبيّة . وفى الأشهر الأخيرة ، شاهدناه يمضى بيانات فى مارس و ماي مع حزب آخر كان منظّما إلى الجبهة الشعبيّة الإصلاحيّة تلك هو حزب النضال التقدّمي . فهل لأنّ " المتنفّذين " فى الجبهة الشعبيّة الإصلاحية لفظوا هؤلاء أو أنّ هؤلاء غادروا تلك الجبهة كفّوا عن أن يكونوا إصلاحيين مثلما نعتتهم نشريّة حزب الكادحين ؟ لا ، الإنتهازية فى أبهى حلّتها هي التى تقود سياسات هذا الحزب المشوّه للماركسيّة – اللينينية – الماويّة . و إلى ذلك نضيف أنّ حزب الكادحين حتى وهو ينقد الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد فى نشريّته لم يذكره بالإسم . و هذا ليس غريبا من الذين و لسنوات الآن حاولوا بإنتهازيّة تجنّب الصراع ضد الإنتهازيّة و الإنتهازيين ، أن يعلنوا فى العدد 19 من نشريّة " طريق الثورة " هجوما على " مستنقع الإنتهازيّة " . بعد صمت القبور تجاه الإنتهازيّة و الإنتهازيين و التهرّب من مقارعتهم وأيضا و هذا قد لمسه بعض الماويين الناشطين على الفايسبوك ، بعد الهجوم بشراسة بتعلّة التكتيك و أنّ هذا ليس وقته ، على من كان يمارس بمبدئيّة و وضوح نقد الإنتهازيّة و الإنتهازيين من منطلق ماركسي – لينيني – ماوي ، نجد كاتب مقال " مستنقع الإنتهازيّة " وهو يتوقّع الردّ الذى إستعملته مجموعة ذلك الحزب أي رفض نقد الإنتهازية صلب " اليسار " و " التركيز على نقد اليمين " ، يدافع عن المنعطف الجديد و توجيه النقد إلى " اليسار" فيقول فى آخر ذلك المقال : " ربّما قال قائل إنّ اللحظة التاريخية الراهنة تفرض عدم توجيه النقد لهذا اليسار القابع فى المستنقع و التركيز على نقد اليمين بوجهيه الديني و الليبرالي و لكنّنا نجيب : متى كان هؤلاء منفصلين عن ذلك اليمين ألم يكونوا دائما حصان طروادته ؟ أوليس من أوكد المهام للإنتصار على اليمين تصفية الحساب مع الإنتهازيّة و الإنتهازيين ؟ " . و نحن نتفاعل مع هذه الأسئلة بطرح سؤالين لكشف إنتهازية هذا الحزب كاملة دون نقصان : ألم يكن من الواجب " تصفية الحساب مع الإنتهازيّة و الإنتهازيين " منذ مدّة بعيدة و ليس اليوم فقط ؟ و أين هو النقد الذاتي لسياسة مهادنة الإنتهازيّة و الإنتهازيين لسنوات طوال ؟ لم يفقه حزب الكادحين شيئا من جملة شهيرة للينين نادر من لا يعرفها ، خاصّة من المناضلين والمناضلات القدامي و نعنى " إنّ النضال ضد الإمبريالية يمرّ حتما عبر النضال ضد الإنتهازيّة " . تلازم النضال ضد الإمبريالية و عملائها مع النضال ضد الإنتهازية تلازم " حتمي" لينينيّا و هذا ما داسه حزب الكادحين و بعد ذلك يدّعى أنّه ناقد للإنتهازية و ماركسي – لينيني – ماوي !!! لطالما طبّق هذا الحزب سياسات إنتهازية باحثا عن الوحدة ثمّ الوحدة ( أية وحدة تقريبا مع من يصبغ عليه صبغة الثوريّة متى شاء ) محوّلا إياها إلى شيء مطلق و بمثاليّة ميتافيزيقية مغيّبا الصراع من أجل الوحدة الثوريّة – طبعا هي لا تعنيه بما أنّه غير ثوري - ، لا الوحدة الإنتهازيّة ليضرب فى الصميم الماديّة الجدليّة و إعتبار الصراع فى تناقض وحدة / صراع هو الرئيسي و المطلق بينما الوحدة عابرة و مؤقّتة و نسبيّة مثلما علّمنا ماو تسى تونغ فى " فى التناقض ". و يبدو أنّ هذا النقد العام و الذى يفتقد إلى العمق اللازم و إلى الإستناد إلى علم الثورة البروليتارية العالمية يترتّب أساسا عن فشل ذريع يرجّ و يزلزل فى إنشاء وحدة مع فرق و مجموعات كان حزب الكادحين يتوقّع إمكانيّة التحالف معها ، إنّه ردّ فعل تجريحا لمن خيّبوا آماله لا أكثر و لا أقلّ . أمّا نحن فقد قمنا باللازم و سعينا جهدنا منذ فيفري 2011 ، على نطاق واسع ، إلى فضح الإنتهازيّة و الإنتهازيين بشتّى ألوانهم وصولا إلى الإنتهازيين المتجلببين بجلباب الماوية وهي منهم براء . و منذ العدد الأوّل لنشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماويّة ! " إنكببنا على خوض صراع مبدئي ، بلا مداورة و لا مراوغة و مباشرة ضد التحريفية و الإصلاحية و إخترنا عنوانا معبّرا لنصوص العدد الأوّل " القلب على اليسار و " اليسار " على اليمين " فاضحين يمينيّة الفرق المحسوبة على الماركسية و إنتهازيّتها. و مذّاك لم ندّخر جهدا لمواجهة الإنتهازيّة اليمينيّة منها و اليسارية – التحريفية و الدغمائيّة – حتى فى صفوف الماويين و تشهد على ذلك مضامين أعداد نشريّتنا ، معتمدين التحليل الملموس للواقع الملموس و منطلقين من موقف و منهج شيوعيين ، عارضين البديل البروليتاري الثوري إستنادا إلى أهمّ المبادئ الشيوعية وتعاليم معلّمي البروليتاريا العالمية والتطويرات الحديثة لعلم الشيوعية المتجسّدة فى الخلاصة الجديدة للشيوعية بما هي راهنا فهم الشيوعية الأكثر رسوخا علميّا و الأكثر تقدّما .
ب- النظريّة و الممارسة الإنتهازية : عقب سنوات من خطاب يركّز كلّه على " الواقع " و " العملي " ، إكتشف أخيرا حزب الكادحين و أمينه العام " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة " و نفضا عنها الغبار و بات إستعمالها لديهما فى المدّة الأخيرة متواترا . و يعزى هذا فى تقديرنا إلى أمرين إثنين هما أوّلا ، تراجع فى نسق المعارك الإجتماعيّة و السياسيّة و إتساعها و ثانيا ، تسجيل تأثير متزايد لكتابات شيوعية ماويّة ثورية منها كتاباتنا على الجبهة النظريّة و الرافعة لمقولة لينين تلك و المطبّقة لها ، فى صفوف أغلب فرق " اليسار " و حتى لدى عناصر من حزب الكادحين والقريبين منه رغما عن الحصار و التجاهل و حملات التشويه. لقد كان حزب الكادحين غارقا فى التجريبيّة و " الحركة كلّ شيء و الهدف لا شيء " . رغم تشدّقه بمقولة لينين تلك ، كانت الحركة و لا تزال كلّ شيء بالنسبة له أمّا الهدف الشيوعي فلا شيء فهو غائب و مغيّب تماما كما ألمحنا إلى ذلك فى مواضيع مختلفة من هذا البحث . و فى مسعى إنتهازي آخر ، عمد حزب الكادحين إلى إضافة جزء من عنديّاته إلى مقولة لينين فصارت مشوّهة تمام التشويه :" لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة و لا ثورة دون حزب ثوري ". وهو يستهدف من هذه الإضافة الفجّة جعل نفسه حزبا ثوريّا و ربط النظريّة الثوريّة بالحزب الثوري و الحال أنّه ليس حزبا ثوريّا بل هو حزب برجوازيّ مخاتل كما رأينا و أنّ الحركة الثوريّة فى مقولة لينين تشمل الحزب الشيوعي الثوري و منظّمات ثوريّة أخرى . وهو يحاول توظيف مقولة لينين توظيفا براغماتيّا نفعيّا ، يقوم حزب الكادحين بتشويهها مثلما شوّه مقولات ماو تسى تونغ و ماركس قبل ذلك . و إلى هذا الجانب من المسألة ، نضيف جوانبا أخرى . لم يعرض حزب الكادحين قط على الملأ أي تقييم للتجربة التاريخيّة للمجموعة التى قال أمينه العام أنّها سليلة تجربة إنطلقت منذ ثمانينات القرن العشرين و لم يحدّد نقاط ضعفها و نقاط قوّتها كما لم يحدّد خطوط تمايزه و إلتقائه مع فرق ماويّة أخرى ، و هذا يذهب بجلاء ضد اللينينية و الوضوح النظري المطلوب الذين تتمّ التضحية بهما على مذبح وحدة أي وحدة مع غير الماركسيين و التحالفات الإنتهازية. و بارز هو غياب الشيوعية و مبادئها و رموزها و نقاشات الحركة الشيوعية العالمية فى نشريّة حزب الكادحين و فى كتابي أمينه العام . لا نجد فى هذه الأدبيّات سوى ذكر إنتقائي مشوّه لأجزاء من هذه أو تلك من المقولات المعروفة . و كذلك لم نعثر فيها على نقد للتحريفية و الدغمائيّة و لا على ترويج لعلم الشيوعية مواقفا و مقاربة و منهجا و طبعا لا كلمة عن الأممية البروليتارية و الواجبات الأممية للشيوعيين ... و بالمقابل كان حضور الإيديولوجيا البرجوازية متميّزا كما فصّلنا أعلاه . أين هي إذن النظريّة الثوريّة ؟ هي مجرّد كلمات يستهلكها حزب الكادحين للمغالطة و المخاتلة لا غير . و هذه إنتهازيّة فى التعاطي مع النظريّة و الشيء من مأتاه لا يستغرب . لا نستغرب هذه التخريجات من حزب ماركسي مزيّف ، من حزب تحريفي و" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ." ( ماو تسى تونغ ) .
عندما تصل السياسة الإنتهازية لهذا الحزب إلى هذا الدرك الأسفل فإنّها تتجلّى كإنحطاط .
3- إنحرافات عن الماديّة الجدلية و التاريخية :
و حتى لا نطيل على القرّاء و نثقل عليهم ، نكتفى هنا ببضعة أمثلة ذات الدلالة الكبيرة على إنحرافات بيّنة عن علم الشيوعية . و أنت تطالع فقرات كتاب " الربيع العربي ..." تخال أحيانا أن من كتبها لم يستوعب أبدا المادية الجدلية و التاريخية و الحال أنّه أمين عام لحزب الكادحين الذى يقول إنّه يتبنّى " الإشتراكية العلمية " و تزعم شبيبته أنّها تتسلحّ بالماركسية – اللينينية – الماوية . أ- الإنقلاب فى مصر و الأمين العام لحزب الكادحين خارج الموضوع : هل يجوز لمن من المفترض أنّه درس الماديّة الجدليّة والتاريخية و يجيد تطبيقها أن يصرّح بمثاليّة فجّة تصريحا من هذا القبيل : فضلا عن هذا هناك " الشرعيّة الإنتخابية " التى يريد الإمبرياليون تغليف الأنظمة العربيّة بها حفاظا على الأسطورة التى روجوها عن " الربيع العربي " ، علما أنّ هؤلاء إستعملوا سابقا مجلس الأمن و الجمعيّة العامة للأمم المتحدة للتدخّل عسكريّا فى عدد من البلدان جرّب فيها إنقلاب على " الشرعيّة الإنتخابية " مما سوف يوقعهم فى مأزق لو دعموا إنقلابا عسكريّا فى مصر الآن على الأقلّ ". ( الصفحة 125 ، مقال " مصر درس عظيم من يوم النزول العظيم " بتاريخ 30 جوان 2013 ). مربط الفرس هنا هو أنّ الأمين العام هذا فى إندفاع مثالي كالسيل العارم و الطوفان الجارف يجازف بالتصريح بأن الإمبريالية لن تدعم إنقلابا فى مصر لأنّ ذلك سيوقعها فى " مأزق " ! بداية ماذا أثبت الواقع بعد عدّة أيّام ؟ أثبت خطل هذه القراءة المثاليّة و فعلا حصل إنقلاب عسكري مدعوم من قبل الإمبريالية الأمريكية خاصة تمّ الإعداد له منذ أشهر و قد قدّمت جريدة " الثورة " لسان الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية معطيات ملموسة عن ذلك فى عدّة مقالات نخصّ بالذكر منها مقالا واحدا فى منتهى الأهمّية : - " يمكن لملايين الناس أن يخطئوا : الإنقلاب فى مصر ليس ثورة شعبية ." (2 أوت 2013 ) . www.revcom.us/.millions-of-people-can-be-wrong-the-coup-in-egypt-is- not-a-peoples-revolution-en.html و زيادة على ذلك ، لم تقع الإمبريالية فى " مأزق " أبدا و إنّما طبّقت خطّة أصبغت بفضلها على الإنقلاب العسكري شرعية بلغت بالبعض وصف الحدث بالثورة الجماهيرية و جعلت من سمير أمين و غيره من الذين يعتبرون أنفسهم يساريين يناصرون الإنقلاب العسكري و ينافحون عنه . و بعد أقلّ من سنة نُظّمت إنتخابات رئاسيّة فاز فيها ممثّل الجيش ب " الشرعية الإنتخابية " . فكانت الحصيلة عودة الجيش إلى سدّة الحكم المباشر فى مصر و جرت مغالطة كبرى للجماهير الشعبيّة و إتضح أيما إتضاح أنّ الرؤية المثاليّة للأمين العام الذى لم يفهم طبيعة الإمبريالية و الأنظمة الرجعية و عدم تورّعها عن إقتراف ايّة جرائم مهما كانت – من الكذب و الخذاع إلى السحق بالقنابل - حفاظا على مصالحها ، " خارج اللعبة " . و من المفارقات المضحكات المبكيات أن صاحبنا هذا يسعى إلى التنظير للمخاتلة فى السياسة فيخاتل القرّاء بيد أنّه يقع هو بدوره فى حبال المخاتلة الإمبريالية : لمثاليّته خدعته الإمبريالية عن غفلة من أمره و نظّمت بمعيّة الجيش المصري و الطبقات الرجعيّة هناك إنقلابا عسكريّا لم يكن يتوقّعه ذلك الذى لم يفقه كنه الإمبريالية و الطبقات الرجعية و الجيش المصري و المناورات و الخدع التى يمكن أن تحيكها وتعمد إليها . خُدع المنظّر للخداع و ختل المنظّر للمخاتلة !!! ب- الحتميّة مناهضة للمادية الجدلية و التاريخيّة : من الأخطاء الفادحة التى نخرت جسم الحركة الشيوعية العالمية لعقود و شخّصتها الخلاصة الجديدة للشيوعية و ناقشناها فى جدالنا ضد محمّد علي الماوي فى كتابنا " صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية : هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربياّ " ، خطأ الحتميّة أو الحتمية التاريخية . فقد إعتقد و يعتقد الكثير من الشيوعيين أنّ إنتصار البروليتاريا ثمّ تحقيق الشيوعية أمر حتمي تاريخيّا وهو ليس كذلك إذ هو مرتهن بنضال الشيوعيين و قيادتهم للثورة البروليتارية العالمية بإقتدار إعتمادا على فهم علمي راسخ و تطبيق مبدع لعلم الشيوعية على الظروف الخاصّة و العامة و على جدليّة الخاص و العام أيضا ( هذا دون أن نتطرّق بالتفصيل إلى إمكانيّة كوارث طبيعية أو كوارث تنجم عن أفعال النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و الطبقات الرجعية : تحطيم كوكبنا ...). و حتى التقدّم صوب الشيوعية العالمية يحتاج إلى النضال المستميت ضد إعادة تركيز الرأسمالية و خوض الصراع الطبقي على طول المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية على أساس علمي خدمة للمصالح الإستراتيجية و الآنية للجماهير الشعبية بغاية تحرير الإنسانيّة جمعاء فى نهاية المطاف . و التقدّم نفسه لا يسير فى خطّ واحد مستقيم بل فيه تراجعات و عثرات و إنتكاسات وهو ما أثبته تاريخيّا التجارب الإشتراكية السابقة و خسارة البروليتاريا العالمية لأكثر من دولة بل للمعسكر الإشتراكي برمّته الذى بنته بفضل تضحيات جسام لأجيال و أجيال من الشيوعيين و من الجماهير الشعبية . و نمضى إلى تفحّص ما ورد فى الصفحة 35 من " الربيع العربي ..." لنعرّي الحتمية التى تتضمّنها نهاية نصّ " الربيع العربي و زمهرير جهنّم " : " و ستبدأ الحياة السياسيّة دورة أخرى تكون علامتها ثورة فعليّة هذه المرّة خلال وقت لن يتأخر كثيرا ، و لكن نجاحها لن يكون مرتبطا فقط بكفاح الأمّة العربيّة ضد أعدائها ، و إنّما أيضا بمجرى الصراع الطبقي فى العالم برمّته ". وجه الحتمية المقيتة هنا هو " ثورة فعليّة هذه المرّة " و " خلال وقت لن يتأخّر كثيرا " فمن أين للأمين العام ذاك هذا التأكيد المطلق بحصول ثورة فعليّة فى المرّة القادمة ؟ منطق خطابه الداخلي يفهم منه أنّه يقول لأنّ الإنتفاضات وقع الغدر بها ، ستتعلّم الجماهير و حتما سيكون الإنتصار حليفها فى المرّة القادمة. لا. ما من أحد بإمكانه تأكيد حصول ذلك . هذا من ناحية و من ناحية ثانية ، تحتاج الثورة الفعليّة شروطا ذاتية وموضوعيّة لتتقدّم فما بالك لتحقّق الظفر و تصون الدولة الجديدة و تسلك المسالك الوعرة بإتجاه الشيوعية عالميّا ، و قد تتوفّر هذه الشروط و قد لا تتوفّر مع إندلاع إنتفاضات أخرى مستقبلا و ما من ضامن لأن تبلي القوى الثورية البلاء الحسن و لأن لا تتمكّن الرجعيّة و الإمبريالية من خداع الجماهير الشعبية و قواها الثوريّة مجدّدا أو من سحقها بالقوّة سحقا . و يكفى بهذا المضمار النظر فى تاريخ نضال الشعب الفلسطيني مثلا لرؤية عدد الإنتفاضات التى تمّ الإلتفاف عليها أو سحقها . و حتى ثورات مسلّحة جرى تركيعها فى عديد القارات و لم تكتمل الثورة أو هزمت تماما فى وقت ما . و لنا نحن الماويّون فى ما جرى لحرب الشعب فى النيبال من خيانة للثورة و للشيوعية جرّاء خطّ تحريفي ساد صلب الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) أفضل مثال . و من أين للأمين العام هذا تأكيد حصول الثورة الفعليّة " خلال وقت لن يتأخّر كثيرا " فهل صار من المنجّمين ؟ وقد يعترض على كلامنا معترض فنحيله على تجربة الفليبين حيث حرب الشعب ، أرقى أشكال الصراع الطبقي ، التى يقودها الحزب الشيوعي الفليبيني هناك عمرها أكثر من أربع عقود وهي شهدت و تشهد مدّا و جزرا و راهنا رغم الضربات التى طالت قيادات من الحزب ، تسعى جاهدة للخروج من مرحلة الدفاع الإستراتيجي و بلوغ مرحلة التوازن الإستراتيجي . وما جدّ لحرب الشعب فى البيرو و الحزب الشيوعي البيروفي عقب إيقاف غنزالو رئيس الحزب و قادة آخرين ينهض دليلا لا أسطع منه على ما نذهب إليه . و يعزى تهافت هذه التأكيدات المثاليّة المؤدّية إلى أخطاء لا أفدح منها إلى النظرة البرجوازية للعالم لدى كاتب " الربيع العربي ..." و التى لا تفصح عن فحواها بسهولة لمن لا يملك أدوات القراءة و النقد الماركسيين . إنّه مثلما رأينا يروّج للإيديولوجيا البرجوازيّة وهو أسير الأوهام البرجوازية بأن الثورة ستحصل نتيجة إنتفاضات تشبه تلك التى جدّت قبل سنوات . لا . هذه أوهام برجوازية حول طريق الثورة الحقيقي من منظور الماركسية – اللينينية – الماوية و متطلّبات تحطيم الدولة القديمة و تشييد دولة جديدة تقودها البروليتاريا و يكون هدفها الأسمى تحقيق الشيوعية على الصعيد العالمي . فى المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة ، لن تحدث الثورة و عملية التحطيم / البناء دون حرب الشعب الطويلة الأمد يحتاج تحقيق الظفر إلى أدوات أساسية بل حيويّة ليست متوفّرة حاليّا و لا فى بلد من البلدان العربيّة " حزب شيوعي ماوي ثوري حقّا متسلّح بالفهم الشيوعي الأكثر علمية و تقدّما ، و جيش تحرير شعبي و جبهة متّحدة للطبقات الثوريّة تبنى فى خضمّ حرب الشعب و ليس قبلها ، و كلاهما تحت قيادة الحزب الشيوعي الماوي الثوري الذى ينجز الثورة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها و هدفها الأسمى الشيوعية على الصعيد العالمي . وفى الصفحة 128 من الكتاب الذى ننقد وهي الصفحة الأخيرة من الفصل الثالث ، فقرة أخيرة ترشح بحتميّة باعثة على الغثيان : " لقد أثبتت الوقائع الملموسة حلوها و مرّها مرّات ومرّات أنّ صراع الطبقات محرّك للتاريخ الذى يتقدّم رغم كلّ شيء إلى الأمام ن طاويا فى طريقه صفحات مشينة من الإستغلال و الإضطهاد ، و ما يشهده الوطن العربي الآن من أحداث ثوريّة يمتزج فيها الفرح بالألم لن تكون نهايتها إلاّ لطالح الكادحين فطريق الثورة يتوّج دوما بالإنتصار على الرجعيين الذين ترتعش أياديهم و تتلعثم ألسنتهم كلّما هبّ الكادحون إلى الكفاح و الثورة فهم أوّل من يدرك ذلك الدرس منتظرين يوم السقوط الحزين . " لا ، يا صاحب " الربيع العربي ..." ، لا يتقدّم التاريخ رغم كلّ شيء دوما إلى الأمام بشكل خطّي و تصاعدي إلى الأمام ، بل تعلّمنا الماديّة الجدليّة و تعلّمنا الوقائع الملموسة أنّ سيره و إن كان رئيسيّا لولبي تصاعدي فإنه يشهد تراجعات و إنتكاسات قد تطول مدّة طويلة و طويلة جدّا بمعنى أنّها تصبح المظهر الرئيسي و يصبح التقدّم المظهر الثانوي لتناقض التقدّم / التراجع . و لنا فى ما آل إليه المعسكر الإشتراكي و خسارة البروليتاريا العالمية للبلدان الإشتراكية السابقة خير دليل على ذلك . لا ، يا صاحب " الربيع العربي ..." ، الأحداث التى يشهدها جزء لا غير من الوطن العربي ليست " أحداثا ثوريّة " كما شرحنا . لا ، يا صاحب الأمانة العامة لحزب الكادحين ، لا " يتوّج طريق الثورة دوما بالإنتصارعلى الرجعيين " ( لاحظوا طريق الثورة و ليس الثورة بما يوحي بلخبطة فكريّة لا نقف عندها الآن ) ، الثورات قد تنتصر و قد لا تنتصر ففى روسيا هُزمت ثورة 1905 و إنتصرت ثورة أكتوبر 1917 و الثورة الماوية فى النيبال مرّت طوال سنوات عشر طوال رئيسيّا بإنتصارات و لكنّها بفعل هيمنة خطّ تحريفي على الحزب الماوي و تحوّل هذا الأخير إلى ضدّه ، خسرت الثورة الماوية أهم مكاسبها و نقصد حزبها الشيوعي الماوي الثوري و السلطة الحمراء و جيش التحرير الشعبي الذين تمّ تفكيكهما للإلتحاق بالعمل فى إطار الدولة الرجعية القائمة و بنشر أوهام الديمقراطية البرجوازية . ت- هل الفلسفة لاطبقيّة ؟ فى الفصل الثاني من " الربيع العربي ..." ، نعثر على نصّ " الثقافة و الثورة " وفيه تحدّث المؤلّف عن الفلسفة و صلتها بما يجرى فى بلدان عربيّة و ممّا ورد فى ذلك النصّ فقرة نسلّط الضوء على ما تنطوى عليه من إنحراف بيّن عن الماديّة التاريخية . " وعندما إزاء غيبة الفلسفة ، فى خضمّ الزلزال السياسي و الإجتماعي الذى يعصف بالعرب اليوم ، فإنّ ذلك معناه أنّ أمرا ما لا يسير على ما يرام فى البيت الفلسفي نفسه ، مما يفؤض على الفلاسفة الإستيقاظ و فتح العين و الأذن أيضا لإدراك ما يجري ، و الإنخراط فى الكفاح التحرّري للكادحين و المقهورين ، و إلاّ ماتوا بين ركام الأبنية المنهارة من حولهم " . ( ص 69 ) فضلا عن المثاليّة التى ينمّ عنها إعتقاد أنّ الفلسفة غائبة ( " غيبة الفلسفة " ) عن مجريات الصراع الطبقي المحتدم حيث يتمّ إنكار هيمنة لونين من التيّارات الفلسفيّة على الساحة و نقصد الفلسفة البرجوازيّة الليبرالية بمروحة مشتقّاتها والفلسفة الإسلاميّة بنزعاتها المتنوّعة ( و بدرجات مختلفة ) ؛ يذهلنا حديث الأمين العام عن الفلسفة و الفلاسفة بشكل عام و مطلق و كأنّها لاطبقيّة أو خارج صراع الطبقات و كأنّ هذا المجال من البنية الفوقيّة لا يعرف و لا يعكس الصراع الطبقي و بذلك يسدى خدمات جليلة للرجعيّة عموما . و هذا الشيء من مأتاه لا يستغرب إذ فى ما يتعلّق بالديمقراطية و الحرّية أتى تناوله لهما و كأنّ الديمقراطية " خالصة " ، فوق الطبقات و كأنّ الحرّية ليست مرتبطة بالضرورة و ليست وعي الضرورة و تغيير الواقع كما علّمنا ماو تسى تونغ مطوّرا الفهم الماركسي للحرّية . لهذا لا نستغرب ممّن توغّل فى دروب الديمقراطية البرجوازية ويروّج لمفاهيمها أن يستشهد بفيلسوف فرنسي كان فى وقت ما ماويّ النزعة ، آلان باديو ، و يتجاهل أنّ فلسفة هذا الأخير و كتاباته لسنوات قبل وفاته ، أمست تقدح كلّيا فى التجارب الإشتراكية برمّتها دون تمييز المكاسب التى تمثّل المظهر الرئيسي عن الأخطاء التى تمثّل المظهر الثانوي لهذه التجارب ، كما أضحت مناهضة للشيوعية و لعديد مبادئها و منها دكتاتورية البروليتاريا ... و قد تولّى الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية الردّ عليه ردّا ضافيا شافيا فى مجلّته " تمايزات " – العدد الأوّل بجدال فى منتهى الأهمّية رابطه على الأنترنت هو : http://demarcations-journal.org/issue01/demarcations_badiou.html يتعاطى الأمين العام هذا مع الفلسفة و الفلاسفة بإنبهار و إبهار و يخاتل حينما يدّعى التواضع فيما يسوّى بينه وبين الفلسفة و يجعل نفسه ممثّلا للفلسفة و كأنّه هو هي و هي هو فيلمّع صورته وهو يتظاهر بالتواضع المخاتل قائلا : " لا أريد التورّط فى مديح الذات و لكن المنتفضين فى مسقط رأسي المكناسي من ولاية سيدى بوزيد على سبيل الذكر يعرفون عن حضور الفلسفة خلال اليوم الفاصل من تاريخ الإنتفاضة ..." . هذا من جهة و من جهة ثانية ، يتناسي أنّ ماو تسى تونغ على خطى ماركس عمّق إخراج الفلسفة الماديّة الجدلية من المكتبات و سعى قدر طاقته لنشرها فى صفوف البروليتاريا و الجماهير الشعبية لتكون لها سلاحا فى الصراع الطبقي ضد البرجوازية و الإمبريالية و الرجعية و من أجل التقدّم صوب الشيوعية . البون بين الماويّة و بين هذا الأمين العام شاسع و شاسع جدّا و يتجلّى كذلك فى مقولة شهيرة لماو تسى تونغ موثّقة فى " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " بالفصل الثاني " الطبقات و الصراع الطبقي " تدحض إعتبار الأفكار فى المجتمعات الطبقيّة – و الفلسفة طبعا – لاطبقية : " فى المجتمع الطبقي يعيش كلّ إنسان كفرد من أفراد طبقة معيّنة ، و يحمل كلّ نوع من أنواع التفكير دون إستثناء طابع طبقة معيّنة ." ( " فى الممارسة العملية " ( يوليو- تمّوز- 1937) ، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الأوّل)
4 - الدين والمرأة و مغالطات حزب الكادحين :
تيسيرا للتناول و الشرح ، نفكّك النقطة إلى جزئين . أ - الدين و مغالطات حزب الكادحين : إعتبارا للنظرة المثاليّة الميتافيزيقيّة التى تقود هذا الأمين العام ، يشكو تعاطيه مع الدين من عدّة تعميمات مجافية للحقيقة . ومثال ذلك ما ورد فى " الربيع العربي ..." ، بالصفحة 36 و 37 تباعا ( نصّ " الدين و السياسة فى الإنتفاضة التونسية " ضمن الفصل الأوّل ) : - " إنّ ردّة الفعل الشعبيّة لا يمكنها الإلات من تأثير الدين " لأنّ " الإسلام يسود فى بلاد العرب " ( و النزعة القوميّة الشوفينيّة التى يتميّز بها الأمين العام كما رأينا تنسى أنّ ما يسميها بلاد العرب مساحة جغرافيّة تعيش في مناطق منها قوميّات غير عربيّة كالبربر و الأكراد ...) . و الواقع قد كذّب و قد يكذّب هذا التعميم الأخرق فإنتفاضة الحوض المنجمي بالجنوب التونسي سنة 2008 أفلتت من تأثير الدين مثلما أفلتت الإنتفاضة الشعبيّة فى تونس من سيدى بوزيد إلى القصرين و غيرها من المناطق و المدن على طول البلاد وعرضها إلى العاصمة من تأثير الدين فى مراحلها الأولى لظروف يطول شرحها و ليس هذا مجال تفصيلها . و عقب فقرات من ذلك التعميم المثالي الأخرق يطلق صاحب " الربيع العربي ..." تعميما مثاليّا آخر : " و غنيّ عن البيان أن الدين عبّر فى السنوات الأخيرة عن نفسه كحصن لدى الشعب ضد الإمبريالية و لكنّه إستعمل أيضا كحصن ضد الثورة و ذلك بإختلاف القوى التى سعت إلى توظيفه لحسابها " . غريب أمر هذا الأمين العام : أين شاهد الدين " كحصن لدى الشعب ضد الإمبريالية ؟ " إنّه يعرض علينا وهما قديما متداولا على أنّه حقيقة . هل كان الدين فى تونس حصنا لدى الشعب ضد الإمبرياليّة "؟ كلاّ . و بالعكس كان فى خدمة النظام الحاكم عميل الإمبريالية وفى خدمة الإسلاميين الفاشيين ، عملاء الإمبرياليّة هم أيضا . و حتى فى فلسطين ، باتت حقيقة ساطعة أن الدين إستعمل ويستعمل ليس ضد الإمبريالية فى آخر المطاف و إنّما فى خدمتها هي و خدمة كلب حراستها ، الكيان الصهيوني و الرجعية العربيّة . و الرجعيّة العربيّة غذّت نمّو الفرق الدينية و إن كانت لشق منها أحيانا مشاكل مع هذه الفرقة أو تلك فهي مشاكل ضمن الرجعية لا غير و الإمبريالية و الصهيونيّة قد شجّعا إنشاء و رعاية الفرق الدينية لأغراض شتّى حتى فى قلب الوحش الإمبريالي الأمريكي ذاته حيث إشتدّ عود الفاشيين المسيحيين بتمويل و دعم من مثلا بوش الأب و بوش الإبن . و تدعيما لتعميمه المثالي هذا ، يحيلنا الكاتب على الهامش 33 أسفل الصفحة 37 أين يقول حليم بركات : " قد يستخدم الدين من قبل الأنظمة السائدة فى تثبيت شرعيتها و هيمنتها أو من قبل القوى المعارضة للتحريض و إثارة السخط ضد النظام القائم ، أو من قبل الطبقات و الجماعات العاجزة المحرومة البائسة بحيث تستمدّ منه العزاء و المصالحة مع أوضاعها التى تحيلها إلى كائنات ضعيفة معرّضة للإضطهاد و القمع " المجتمع العربي فى القرن العشرين ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، الطبعة الأولى 2000 ، ص 424. و جليّ لمن له عيون ليرى أنّ صيغة حليم بركات هذه تخرج من بوتقة الصراع الطبقي السياسي منه والإيديولوجي البروليتاريا و إيديولوجيتها الشيوعية و إن لم تكن حاضرة بقوّة هائلة أو كان حضورها خافتا و نسرع إلى الشرح فنقول صحيح أنّ الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية ( والإسلاميين الفاشيين و الليبراليين و الديمقراطيين...) يستخدمون الدين لأغراضهم الخاصّة لكن البروليتاريا ليس بوسعها إستخدام الدين لتحرير نفسها و تحرير الإنسانيّة جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد و الإستغلال الجندري والطبقي و القومي تحريرا دون آلهة كما ورد فى كتاب بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكي" لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا "،2008. فالدين كأفيون للشعوب و نظرة للعالم " إيديولوجيا و أداة بيد الطبقات المستغِلّة " ( عنوان مقال قيّم جدّا " الإسلام إيديولوجيا و أداة بيد الطبقات المستغِلّة " لنسرين جزايرى صدر فى مجلّة " عالم نربحه " ، مجلّة الحركة الأممية الثورية التى توقفت عن الصدور بعد عددها 32 لسنة 2006 جرّاء إختلافات عميقة صلب الحركة إيّاها و صراع الخطّين المفتوح عالميّا و إنقسام الماوية إلى إثنين ...؛ ترجم شادي الشماوي المقال و نشره على الأنترنت بموقع الحوار المتمدّن ) و حاجز أمام إقتحام الإنسانيّة السماء و فى طريق المستقبل ، فى طريق تحرير الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد الجندري و الطبقي و القومي . و فى حركة ما عدنا نستغربها من كاتب " الربيع العربي ..." أقدم على جعل الدين محايدا فى جوهره بينما هو فى الأصل و الحقيقة " إيديولوجيا و أداة بيد الطبقات المستغِلّة " فخطّ فى الصفحة 12 : " لقد تمّ تحويل الدين ذاته إلى مشكلة سياسيّة و سلاح إيديولوجي فى معركة فتحت أبوابها على مصراعيها فجأة حول من تكون له الهيمنة على السلطة و الدولة ..." لأجل القيام بالثورة البروليتارية العالميّة و تحرير الإنسانيّة لا بدّ من تحرير عقول قسط كبير من الناس فى البداية قبل بلوغ تحرير عقول الأغلبية و المضيّ قدما صوب الشيوعية ، تحريرها من الخرافات و الأوهام ، لا بدّ من إستيعاب مجموعات كبيرة من الجماهير للنظرة الشيوعية للعالم و تطبيق علم الثورة البروليتارية العالمية لتغيير العالم تغييرا جذريّا بإتجاه الشيوعية كهدف أسمى ، و واهمون غاية الوهم أولئك الذين يعتقدون فى إمكانيّة بناء الإشتراكيّة و السير صوب الشيوعية و الحفاظ على ذات النهج البروليتاري بجماهير شعبيّة أو غالبيّة جماهير شعبية لم تتحرّر عقولها من الخرافات الدينيّة . إنّ إنحراف الأمين العام هذا عن الفهم الماركسي – اللينيني – الماوي الصحيح لطبيعة الدين و دوره فى الصراع الطبقي و علاقته بالثورة البروليتارية العالمية و الشيوعية ، تعبير من تعبيرات نزعة قوميّة إسلامويّة عانت منها الحركة الماويّة فى تونس و قوامها أنّه يمكن للدين الإسلامي أن ينهض بدور تقدّمي و وطني تحرّري . و قد خضنا فى الموضوع فى عدّة مناسبات سابقة و بشكل مركّز بيّنّا بالدليل القاطع و البرهان الساطع إنطلاقا من الواقع الملموس خطل هذه النظرة التحريفيّة فى مقال " إسلاميّون فاشيّون، للنساء و الشعب أعداء ، و للإمبريالية عملاء " و فصّلنا كيف أنّ هذا التحريف للماويّة مصدره رؤية قوميّة ضيّقة تناهض الأممية و تخفق فى فهم أنّ فى عصرالإمبريالية والثورة الإشتراكية ، لم يعد للدين أي دور تقدّمي فهو نعيدها إيديولوجيا و أداة فى يد الطبقات المستغِلّة . و ذات النظرة القوميّة الضيّقة التى تكشّفت أيضا فى عنوان مقال فى "طريق الثورة "- أكتوبر 2012 : " الإمبريالية لا تريد للعرب الديمقراطية و تريد الإستعمار لنهب الثروة " ( لاحظتم بلا أدنى ظلّ للشكّ " العرب " بصيغة خطاب قوميّ لا يميّز بين الطبقات الرجعية عميلة الإمبريالية و الطبقات الشعبية التى تتضارب مصالحها الجوهرية مع الإمبريالية و الرجعية ) ، دفعت الأمين العام هذا إلى أن يردّ ما أسماه بإنتشار الإسلام السياسي أو " تنامي الجماعات الدينيّة فى الوطن العربي " إلى عاملين هما " اللحظة الإيرانية " و " لحظة أخرى لا تقلّ أهمّية ...هزيمة 1967 و قبول عبد الناصر بمشروع رودجيرس " فيهدر بمثالية لا يحسد عليها الإطار العالمي الذى ولّد اللحظتين و من أهمّ عناصره ما يسمّى بالحرب الباردة بين الكتلة الإمبريالية والرجعية برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و الكتلة الإمبريالية و الرجعيّة الأخرى التى تترأسها الإمبريالية الإشتراكية ( إشتراكيّة قولا و إمبريالية فعلا ) السوفياتية و خسارة البروليتاريا العالمية لحصن الصين الماويّة التى أعادت التحريفية فى السلطة – البرجوازية الجديدة تركيز الرأسمالية فيها عقب إنقلاب 1976 الذى حوّل الحزب و الدولة البروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين . فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية ، لا يزال الأمين العام لحزب الكادحين و أمثاله من الماركسيين المزيّفين يحلّلون القضايا من زوايا نظر غير وجيهة ، زوايا نظر ضيّقة قوميّة أو حتى جهويّة (مثلما سجّلنا فى بحث " تشويه الماركسية..." ) و يتجاهلون عن وعي أو عن غير وعي أنّ العالم أرحب و التأثير فى النطاق العالمي و التأثّر به كبير و كبير جدّا سيما و أنّ المستعمرات و أشباه المستعمرات والمستعمرات الجديدة تقع تحت كلاكل الإمبريالية العالمية. إنّهم يركّزون على الخاص و لا يرون العام . بمثاليّة ميتافيزيقيّة يخرجون من مجال رؤيتهم الضيّقة العلاقة الجدلية بين الخاص و العام أو التناقض الخاص / العام و لا يعالجونه أصلا . و على عكس هؤلاء و أشباههم و أشياعهم من المتمركسين الذين يشوّهون الشيوعية أيما تشويه مقدّمين أجلّ الخدمات للإمبريالية و الرجعية و غيرهم من الدغمائيين ، إنبرى بوب أفاكيان ليتصدّى بإقتدار لمهمّة تحليل و تلخيص تنامي الأصولية الدينية عبر العالم قاطبة و السياسة الشيوعية الصحيحة تجاهها فى الظروف العالمية الجديدة فى كتابه " " لنتخلّص من كافة الآلهة ! تحرير العقل و تغيير العالم راديكاليّا ". و فى نصّ " لماذا تنمو الأصولية الدينية فى عالم اليوم ؟ " عالج هذا التنامي بمنهج مادي جدلي على ضوء التناقض الأساسي للنظام الرأسمالي الإمبريالي العالمي وتفحّص بدقّة مجمل العوامل و الدوافع و تدخلاتها ، العالمية منها و المحلّية . و مثلما تمّ تغييب الشيوعية و دكتاتوريّة البروليتاريا و طريق الثورة و العنف الثوري الجماهيري المنظّم و ما إلى ذلك من مبادئ شيوعية ، تمّ تغييب الأممية البروليتارية تغييبا تاما رغم رفع شعار " يا عمّال العالم و شعوبه و أممه المضطهدة إتحدوا " فى مناسبات غرّة ماي أساسا . فلا ربط بين الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية و الثورة الإشتراكية فى البلدان الرأسمالية - الإمبريالية بإعتبارهما تياري الثورة البروليتارية العالمية بقيادة البروليتاريا و الإيديولوجيا الشيوعية و هدفهما الأسمى الشيوعية على الصعيد العالمي ، و لا ذكر حتى لمفردة الأمميّة البروليتارية . قارنوا موقف حزب الكادحين و الكثير من الماركسيين المزيفين من جهة و الموقف اللينيني بصدد الواجب الأممي للشيوعيين من جهة ثانية ، هذا الموقف اللينيني الشيوعي الثوري حقيقة هو الموقف الذى أعاد بوب أفاكيان التشديد عليه و بقوّة و عمّقه و طوّره فى سياق الخلاصة الجديدة للشيوعية عامة و الصراع ضد النزعات القوميّة و النظرة البرجوازيّة للعالم خاصة . و لأنّ المجال لا يسمح بالتوسّع كثيرا فى المسألة ، حسبنا هنا التذكير بفقرتين للينين فقد جاء فى كتابه " الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي " ( دار التقدّم ، موسكو ، الصفحة 68-69 ) : " أمّا الإشتراكي ، البروليتاري الثوري ، الأممي ، فإنّه يحاكم على نحو آخر : ... فليس من وجهة نظر بلاد"ي" يتعين علي أن أحاكم ( إذ أنّ هذه المحاكمة تغدو أشبه بمحاكمة رجل بليد و حقير ، محاكمة قومي تافه ضيق الأفق ، لا يدرك أنّه لعبة فى أيدى البرجوازية الإمبريالية ) ، بل من وجهة نظر إشتراكي أنا فى تحضير الثورة البروليتارية العالمية ، فى الدعاية لها ، فى تقريبها. هذه هي الروح الأممية ، هذا هو الواجب الأممي ، واجب العامل الثوري ، واجب الإشتراكي [ إقرأوا الشيوعي ] الحقيقي ."
و صاغ لينين فى " مسودّة أوّلية لموضوعات فى المسألة القومية و مسألة المستعمرات " :
" إن الأممية البروليتارية تتطلّب ، أوّلا ، إخضاع مصالح النضال البروليتاري فى بلد من البلدان لمصالح هذا النضال فى النطاق العالمي ، ثانيا ، كفاءة و إستعداد الأمّة المنتصرة على البرجوازية للإقدام على تحمّل التضحيات الوطنية الكبرى من أجل إسقاط رأس المال العالمي" . ب – تحرير المرأة : كسر كافة القيود أم تجاهل الإضطهاد و الإستغلال الجندري : بادئ ذى بدء ، نلقى نظرة على مغالطة / مخاتلة إعتمدها كاتب " الربيع العربي ..." ليستهجن نضال الجمعيّات النسائيّة عامة و ليس نضال جمعيّة بعينها . يروى لنا فى نصّ " المرأة و الثورة " ( تحديدا بالصفحة 64 من الكتاب ) أنّه قد حضر " قبل مدّة ندوة نظّمتها جمعية نسويّة تونسية فإسترعي إنتباهي تركيز إحدى ناشطاتها على رفض " هيمنة الرجال و هيمنة الأحزاب " ، و هذا الخطاب يتجاهل أن معركة الكادحين نساء و رجالا واحدة ، و انّ تحرّر المرأة جزء من تحرّر المجتمع ، فضلا عن أنّ تلك المعركة تحتاج أدوات مثل الحزب الثوري ، و أنّ الجمعيّة النسويّة لا يمكن بأي حال أن تكون بديلا عنه " . و لسائل أن يسأل أين تكمن المغالطة هنا ؟ يتحدّث صاحب " الربيع العربي ..." عن جمعيّة أوّلا لا يعيّن توجّهها السائد بمعنى هل انّها برجوازيّة إصلاحية أم هي بروليتارية ثوريّة و يكتفى بنعتها بأنّها جمعيّة نسويّة . هذا جانب من عمليّة المخاتلة يطمس المظهر المحدّد لطبيعة الشيء و الجانب الآخر هو " الجمعيّة النسويّة لا يمكن بأي حال أن تكون بديلا ..." عن " الحزب الثوري " . من من الماركسيين يطرح هكذا طرح : جمعيّة بديلا عن الحزب الثوري ؟ لا يمكن أن يصدر هذا إلاّ عن أناس أفكارهم لا تمتّ بصلة للماركسية و بالتالي من غير السليم تعميم الكلام :" جمعية "! أمّا النسويّة البروليتارية الثوريّة فهي تعتبر نشاطها رافدا من روافد الثورة البروليتارية العالمية و تنظيم من تنظيماتها يقودها مباشرة أو بشكل ما حزب شيوعي بروليتاري ثوري على أن تتمتّع النسويّة البروليتارية الثورية المنظّمة فى جمعيّة أو حركة أو ما شابه من إطار ذو طابع جبهوي لا ينتمى إليه أعضاء حزب معيّن فحسب بنوع من الإستقلاليّة . و الجانب الثالث لهذه المغالطة المخاتلة هو " هيمنة الرجال " و قد إستغلّه الأمين العام لحزب الكادحين لينكر ضرورة النضال و من الآن و خلال كامل السيرورة المفضية إلى الشيوعية عالميّا ضد النظام الأبوى - الذكوري أينما و متى و كيفما تمظهر بما فى ذلك صلب الحزب الشيوعي الثوري ذاته . النظام الذكوري نظام إستغلالي و إضطهادي لذلك هو مرفوض شيوعيّا ، سواء كان المجتمع مستعمرا أو شبه مستعمر أو رأسماليا- إمبرياليا و " هيمنة الرجال " إن كانت تساوى أو تعنى هيمنة النظام الذكوري و المفاهيم و التصرّفات و السلوكات الذكوريّة مرفوضة أيضا ، و كذلك هي مرفوضة شيوعيّا " هيمنة النساء " إن كرّست النظام الذكوري أو حتى نظام تهيمن فيه النساء و يكون إستغلاليّا و إضطهاديّا . إستغلال الإنسان للإنسان لا تقبل به الشيوعية . و " معركة الكادحين نساء و رجالا واحدة " مقولة قد تبدو للوهلة الأولى صحيحة غير أنّ تفحّصها و تحليل المقصود بالكادحين ، طبقات و فئات إلخ سيبيّن التناقضات صلب الكادحين أنفسهم . و الشيوعيات و الشيوعيون لزاما عليهم النضال ضد أي شكل من أشكال إخضاع النساء و إستغلالهنّ و إضطهادهنّ حتى إن كان المضطهِدون من الكادحين . الكادحة التى يضطهدها الزوج أو الأب أو الإبن ... الكادح تتوحّد معه ضد الطبقات الرجعيّة و الإمبريالية فى جانب من معاركها و لكنّها تصارعه و تقاتل الإضطهاد و الإستغلال الذكوري مهما كان مأتاه . و هذا الكلام ينسحب أيضا على صفوف الأحزاب الشيوعية عينها حيث يتحد الرفاق و الرفيقات ضد الأعداء الرئيسيين دون أن يغفلوا أبدا النضال ضد النظام الذكوري و تأثيراته حتى فى صفوف حزب شيوعي يكون فى مظهره الرئيسي المحدّد ثوريّا. و لا ننسى أن التناقضات فى صفوف الشعب قد تتحوّل إلى نقيضها وتصبح تناقضات مع الأعداء إذا لم تقع معالجتها معالجة صحيحة من منظور شيوعي ثوري . و عليه شاهدنا أحزابا ماوية توبّخ و/ أو تطرد من صفوفها " رجالا " إعتدوا بشكل أو آخر على أو إستغلّوا أو إضطهدوا بشكل أو آخر رفيقات أو نساء بوجه عام . و هذه الحقائق و السياسات المبدئيّة هي ما يريد الأمين العام لحرب الكادحين إهالة التراب عليه . و جدير بالذكر أنّ للأحزاب الماويّة التى بلغت حدّا معيّنا من التطوّر منظمات نسويّة بروليتارية ثورية تشرف عليها أساسا رفيقات و تستعين برفاق عند الحاجة و تطبّق بإستقلاليّة نسبيّة برامجا و نشاطات و تقود نضالات تصبّ فى آخر المطاف فى نهر الثورة الهادر و الغاية الأسمى هي الشيوعية على الصعيد العالمي . و تفيدنا دراسة تجربة حرب الشعب الماوية فى النيبال طوال عقد من الزمن ، من 1996 إلى 2005 ، بأنّ الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) لمّا كان يقوده خطّ شيوعي ثوري حقّا ، طوّر قسما خاصا بالمرأة فى لجنته المركزيّة سعى إلى منحه صلوحيّات خاصّة و نوع من الإستقلاليّة فى تدبّر المشاكل الخصوصيّة و معالجتها و النضال ضد النظام الذكوري مهما كانت تمظهراته . و قد صاغت برفاتي عندها ( قبل تحوّلها هي و بابوران باتاراي زوجها إلى جانب براشندا إلى قيادية للخطّ التحريفي الذى ساد منذ 2005 و خرّب الحزب و حرب الشعب هناك ) مقالات عن مشاركة المرأة فى الثورة و مقاومة النظام الذكوري و تأثيراته حتى صلب جيش التحرير الشعبي الذى كان تحت قيادة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) ، مقالات من الأهمّية بمكان يتعيّن على الشيوعيّات و الشيوعيين دراستها و الإستفادة منها هي وكامل كتاب شادي الشماوي " تحرير النساء من منظور علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية " وهو متوفر على الأنترنت بمكتبة الحوار المتمدن . وفى نشريّة " طريق الثورة " عدد 18 ، أفرد حزب الكادحين نصّا لقضيّة تحرير المرأة عنونه " مصدر إضطهاد المرأة و سبيل تحريرها " (أتى على الأرجح ردّا غير مباشرعلى مقالات ماويّة ثوريّة نشرت فى مارس 2014 ) خاتل فيه مرّة أخرى ليتجنّب ضرورة النضال ضد النظام الذكوري و تمظهراته حتى فى صفوف الكادحين و أحزابهم و جمعيّاتهم فكتب : " تعانى المرأة فى ظلّ هذه المجتمعات الطبقيّة من إضطهاد مزدوج . الإضطهاد الأوّل تشترك فيه مع الرجل ، فالنساء تتعرّض لما يتعرّض له الرجال من إستغلال و إستعباد من قبل الطبقات السائدة فى الحقول و فى المصانع و فى الوظائف ... بل إنّهن يعانين من إستغلال أكبر مقارنة بالرجال نظرا للنظرة الدونيّة التى ألحقت بهنّ . أمّا الشكل الثاني من الإضطهاد فهو يرتبط بالإضطهاد الجندري الذى يمارسه الرجل ضدّها ." فى الواقع فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة و المستعمرات الجديدة تعاني نساء الطبقات الشعبية من إستغلال و إضطهاد يكتسى أبعادا ثلاثة ذكرت منها نشرية " طريق الثورة " إثنين و تناست الثالث وهو الإستغلال و الإضطهاد القومي لكن هذا قليل الأهمّية فى موضوع الحال نسبة لمسكنا هنا بهذا الحزب وهو يذكر " الإضطهاد الجندري الذى يمارسه الرجل ضدّها " بيد أنّه لا يعالجه أبدا كتناقض يشقّ المجتمعات الطبقية ذات النظام الذكوري من جهة و كتناقض صلب الشعب من جهة أخرى . و يكتفى بذكره ليعلم القارئ أنّه يعرفه ثمّ يقوم بحركة مراوغة و يخاتل فيركّز النظر على " التحرّر الوطني و الطبقي " فقط و يسقط التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد الجندريين . إنّ حزب الكادحين و أمينه العام يتماديان فى إقتراف إنحراف تأجيل النضال ضد الإستغلال و الإضطهاد الجندري إلى مستقبل غير معلوم . و هذا التأجيل فى خوض هذا النضال الذى دونه لن تطلق الطاقات الجبّارة للنساء ، لنصف السماء ، و لن تتحقّق الشيوعية ، إنحراف قديم منبعه نظرة برجوازية للعالم . فحركة التحرّر الوطني الفلسطينية ، يمينها و وسطها و " يسارها " قد إرتكبت هذا الخطأ ممّا أبقى النظام الذكوري قويّا و بلا تحدّى و جعل المرأة عموما و غالبا تنهض بأدوار ثانويّة جدّا ( و طبعا لسنا فى حاجة هنا لمن يذكّرنا ببعض الوجوه النسويّة البارزة التى قامت بعمليّات بطولية أو نهضت بأدوار هامة و تولّت مسؤوليّات كبرى لأنّنا نتحدّث عن غالبيّة نساء الجماهير الشعبية ، عن القاعدة لا عن الإستثناء). و وجدت القوى الرجعية و الإسلامية الفاشيّة الأرضيّة خصبة لتعميق الإستغلال و الإضطهاد الجندري للنساء و لمحاولة تأبيده فبلغ الأمر بحزب الله اللبناني أن أبعد النساء اللبنانيّات من جبهة القتال المسلح و كبّل عامة الكثير منهنّ بالشؤون المنزليّة . و قد ناضل عدد كبير من الجزائريّات و إجترحن البطولات أحيانا و كان مآل المرأة الجزائيّة على وجه العموم فى دولة الإستعمار الجديد مجدّدا الدونيّة و التهميش و الإخضاع و " ربع رجل " إعتبارا لتشريع و ممارسة زواج الرجل بأربع نساء فى آن واحد ! تلك أمثلة من الواقع و من التاريخ عن نتيجة النظرة البرجوازية للعالم و الإلتزام بقضيّة تحرير المرأة قولا و مواصلة إضطهادها و إستغلالها فعلا أمّا النظرة الشيوعية للعالم فتتلخّص فى كسر القيود جميعها و بإختصار شديد فى ، أوّلا ، شعار رفعته الحركة الأممية الثورية و لا زالت ترفعه أساسا الأحزاب و المنظّمات المناصرة للخلاصة الجديدة للشيوعية " لنكسر القيود و نطلق العنان لغضب النساء كقوّة جبّارة من أجل الثورة " / و ثانيا ، عنوان مقال للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) : " الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة ! و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي ! " و قد كثّف بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية ، الحاجة إلى النضال ضد كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال بلا إستثناء فى مقولة شهيرة ترجمها و نشرها شادي الشماوي بمناسبة 8 مارس 2014 ألا وهي : " ليس بوسعكم كسر جميع السلاسل مستثنين واحدة . ليس بوسعكم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد و أنتم تريدون الحفاظ على إستغلال الرجال للنساء . ليس بوسعكم قول إنّكم ترغبون فى تحرير الإنسانية و مع ذلك تحافظون على نصف البشر عبيدا للنصف الآخر . إنّ إضطهاد النساء مرتبط تمام الإرتباط بتقسيم المجتمع إلى سادة و عبيد ، إلى مستغِلِّين و مستغَلّين و من غير الممكن القضاء على كافة الظروف المماثلة دون التحرير التام للنساء . لهذا كلّه للنساء دور عظيم الأهمّية تنهض به ليس فى القيام بالثورة و حسب بل كذلك فى ضمان أن توجد ثورة شاملة . يمكن و يجب إطلاق العنان لغضب النساء إطلاقا تامّا كقوّة جبّارة من أجل الثورة البروليتارية . ( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007. ) و قد بان لنا جليّا تحريف حزب الكادحين لرؤية علم الثورة البروليتارية العالمية لقضيّة تحرير النساء و الإنسانيّة جمعاء ، نقف برهة عند زاوية أخرى من المسألة التى نعالج و المتصلة بمتى تتحرّر المرأة قولا و فعلا وبغيبة أخرى للشيوعية و الخلط بينها و بين الإشتراكية . فى نهاية " مصدر إضطهاد المرأة و سبيل تحريرها " ، تعثرون على ما يلى : " و ما دامت هذه المجتمعات الطبقيّة القائمة على الإستغلال و الإضطهاد ، فإنّ معاناة المرأة ستتواصل ، و لن تُمحى هذه المعاناة إلاّ ببلوغ المرحلة الإشتراكية و القضاء على مختلف أشكال الإضطهاد القومي و الطبقي و الجنسي ." لعلّكم عاينتم مثلنا إستخدام مصطلح " حرّية " مجدّدا بدلا من تحريرالمرأة لكن هذا لا يكتسي الأهمّية و الدلالة التى يكتسيها الخلط بين الإشتراكية و الشيوعية حيث يروّج كاتب النصّ المثالي ل " لن تمحى هذه المعاناة إلاّ ببلوغ المرحلة الإشتراكية فالقضاء على مختلف أشكال الإضطهاد القومي و الطبقي و الجنسي ". و يذهب هذا القول ضد واقع أنّ الإشتراكية ذاتها مجتمع إنتقالي طبقي " لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه و إن صارت البروليتاريا مهيمنة فيه . لقد أعرب ماركس منذ أكثر من قرن الآن عن أنّ : 1- " ... بين المجتمع الرأسمالي و المجتمع الشيوعي تقع مرحلة تحوّل الرأسمالي تحوّلا ثوريّا إلى المجتمع الشيوعي و تناسبها مرحلة إنتقال سياسية أيضا ، لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا ..." ( " نقد برنامج غوتا " و ذكره أيضا لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 92 ) . 2- " إنّ ما نواجه هنا ليس مجتمعا شيوعيّا تطور على أسسه الخاصّة ، بل مجتمع يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي بالذات ؛ مجتمع لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه ". ( ذكره لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 98 ). كما يذهب ذلك القول التحريفي المضمون ضد الفهم الذى طوّره ماو تسى تونغ للإشتراكية و نظريّة و ممارسة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وهي أهمّ مساهماته الخالدة فى علم الشيوعية . ( أنظروا " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984 ترجمة شادي الشماوي ، ضمن كتابه " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية " بمكتبة الحوار المتمدّن ). و من هنا يتضح أكثر أنّ حزب الكادحين لم يستوعب الماركسية و لم يستوعب الماويّة و ليس له منهما سوى قشور عبارات متناثرة يتقنّع بها على أنّه ماوي و الماويّة منه براء و يتقدّم عمليّا بخطّ تحريفي برجوازي لا غير . الإشتراكية ( نمط إنتاج و دكتاتورية البروليتاريا و مرحلة إنتقاليّة طويلة من الرأسمالية إلى الشيوعية ) مجتمع طبقي لا يمّحى فيه كلّيا لا الإضطهاد القومي و لا الطبقي و لا الجنسي و إنّما تسعى فيه الدولة و الحزب البروليتاريين و الجماهير الشعبية بقيادة الشيوعيين حقيقة إلى المضيّ قدما على الطريق الإشتراكي نحو الشيوعية فى حين تحاول قوى الرجعية – مستفيدة من بقاء الحقّ البرجوازي و " طابع المجتمع القديم " و بصفة مباشرة أو غير مباشرة من قوّة الإمبريالية و الرجعية فى العالم – فرض سلوك الطريق الرأسمالي و قلب المسار و إعادة تركيز الرأسمالية . ببلوغ الشيوعية عالميّا يتمّ القضاء نهائيّا على الإضطهاد و الإستغلال القومي و الطبقي و الجندري و سوى ذلك يندرج ضمن الأوهام و المغالطات و المخاتلة و التحريفية و الماركسية المزيّفة . لذلك نعيد عليكم : " الإعداد للثورة الشيوعية مستحيل دون النضال ضد إضطهاد المرأة ! و تحرير المرأة مستحيل دون بلوغ المجتمع الشيوعي ! " ==================================================
الخاتمة : على ضوء ما حلّلنا و لخّصنا من تنظيرات حزب الكادحين و ممارساته ، بوسعنا الآن أن نجزم دون أدنى ظلّ للشكّ بأنّ هذا الحزب يحرّف الماركسية - اللينينية - الماوية و يشوّه التشويه كلّه علم الشيوعيّة. خطّه الإيديولوجي و السياسي برجوازي و ليس بروليتاري و منهجه يتميّز بالمثاليّة الميتافيزيقية ما ادّى ويؤدّى إلى أخطاء فادحة و ضارّة غاية الضرر فى قراءة الواقع الموضوعي و الذاتي . و فى ما يتّصل بمسالتين حيويّتين بالنسبة للثورة البروليتارية العالمية فى الظروف الراهنة و إستراتيجيّا ، مسألة الدين و تحرير المرأة ، ألفيناه يسلك نهجا إنتهازيّا يمينيّا و يكرّر أخطاء طالما عانت منها الحركة الشيوعية فى تونس و عربيّا و حتى عالميّا . و كاد قلمنا يسبقنا ليخطّ بإختصار إنّ حزب الكادحين حزب المخاتلين لكنّنا وضعنا حدّا لهذا التعميم الذى لا يعكس واقع ذلك الحزب كوحدة أضداد لنقول عوضا عن ذلك و بلغة أدقّ و أكثر علميّة و مادية جدليّة إنّ الخطّ الإيديولوجي و السياسي المهيمن والمسيطر أي المظهر الرئيسي الذى يعيّن طبيعة هذا الحزب ، مخاتل و تحريفي و فى نهاية المطاف برجوازي و صنّاع هذا الخطّ و الذين أدركوا إنتهازيّته اليمينيّة رئيسيّا و اليسراوية ثانويّا و تركوا أنفسهم يخدعون و خدعوا غيرهم به لا يرجى منهم خيرا و على الأرجح لن يصلحوا الأخطاء فى حقّ علم الشيوعية و الجماهير الشعبية بل سيتمادون فيها و فى النهج الذى إختاروه عن وعي ؛ أمّا الذين ( داخل صفوف الحزب و خارجه ) تمّ التغرير بهم و تضليلهم و خداعهم و إستوعبوا الآن مدى خطورة المستنقع البرجوازي الذى يقود إليه الخطّ السائد صلب تلك المجموعة و هو خطّ ايديولوجي و سياسي خاطئ ، فعليهم أن يتصرّفوا كشيوعيين و شيوعيّات حقّا و فعلا و يقوموا باللازم شيوعيّا ، و إلاّ سيظلّون بقبولهم بهذا الخطّ التحريفي و السكوت عليه أو الدفاع عنه يقدّمون أجلّ الخدمات لأعداء الشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الماوية الثوريّة و الثورة البروليتارية العالمية بتيّاريها . و من أوكد واجيات المناضلين و المناضلات الذين يتطلّعون نحو الهدف الأسمى الشيوعي و يبذلون طاقتهم بطرق شتّى من أجل تحقيقه فى الواقع أن يستخلصوا الدروس و العبر و يصارعوا بكلّ ما أوتوا من جهد فى سبيل خطّ إيديولوجي و سياسي صحيح ، فى سبيل نظريّة ثوريّة حقيقية دونها لن توجد حركة ثوريّة حقيقيّة تهدف إلى إنجاز تغيير ثوري و جذري عالميّا ، إلى القيام بالثورة و تحرير الإنسانيّة من كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال الجندري و الطبقي والقومي . و راهنا يترتّب على الشيوعين و الشيوعيّات ، على الجبهة النظرية ، أن يدرسوا و يستوعبوا و يطوّروا ماركسية - لينينية - ماوية اليوم أي الفهم الأكثر رسوخا علميّا و الأكثر تقدّما عالميّا فى الوقت الحاضر ألا وهو الخلاصة الجديدة للشيوعية التى عرّفها بوب أفاكيان بإقتضاب قائلا " القيام بالثورة و تحرير الإنسانية " ( الجزء الأوّل ) : " تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية ، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيئ مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . " و على من يرنو إلى التعمّق فى علم الشيوعية كما طوّرته الخلاصة الجديدة للشيوعية أن يدرس كتابينا السابقين ( " صراع خطّين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية : هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربيّا " و " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية " ، و طبعا كتب شادي الشماوي التى تتضمّن نصوصا كثيرة لمعارضي هذه الخلاصة و أنصارها ، ومنها " المعرفة الأساسيّة لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية " و " الماويّة تنقسم إلى إثنين " و" مقال " ضد الأفاكيانية و الردود عليه " ، إضافة إلى مقالات أخرى . و هذه الكتب و المقالات متوفّرة باللغة العربية على الأنترنت بموقع الحوار المتمدّن و بمكتبته . وختاما ندعو الرفيقات و الرفاق لأن ننقش جميعا مقولتي لينين و ماو الآتي ذكرهما فى أذهاننا نقشا و لا ننساهما بتاتا : 1- " يمكن لغلطة تبدو لأوّل وهلة " غير ذات شأن " أن تسفر عن أوخم العواقب ، و ينبغى للمرء أن يكون قصير النظر حتى يعتبر الجدال بين الفرق و التحديد الدقيق للفروق الصغيرة أمرا فى غير أوانه أو لا لزوم له . فعلى توطّد هذا " الفرق الصغير " أو ذاك قد يتوقّف مستقبل الإشتراكية الديمقراطية الروسية [ لنقرأ الشيوعية ] لسنوات طويلة ، طويلة جدّا " . ( لينين " ما العمل ؟ " – و ذكر أيضا بالصفحة 154 من " ماركس – إنجلز – الماركسية " ، دار التقدم ، موسكو ). 2- " صحّة أو عدم صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي محدّدة فى كلّ شيء " . (ماو تسى تونغ – ذكرت المقولة فى تقرير المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي الصيني سنة 1969 )./.
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! ( عدد 22 / ديسمبر 2
...
-
الإنتخابات فى تونس : مغالطات بالجملة للجماهير الشعبية من الأ
...
-
النقد الماركسي يكشف المزيد من الحقائق الموضوعية عن فرق و أحز
...
-
فرق اليسار التحريفية و إغتيال روح النقد الماركسي الثورية
-
تونس : الإنتخابات و الأوهام البرجوازية و الشيوعيين بلا شيوعي
...
-
الجزء الثاني من كتاب - ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تط
...
-
رفع الراية الماويّة لإسقاطها : المنظّمة الشيوعيّة الماويّة ت
...
-
إلى الماركسيّات والماركسيين الشبّان: ماركسيين ثوريين تريدوا
...
-
الإنتخابات وأوهام الديمقراطية البرجوازية : تصوّروا فوز الجبه
...
-
تشويه الماركسية : كتاب - تونس : الإنتفاضة و الثورة - لصاحبه
...
-
خروتشوفيّة - اليسار - الإصلاحي
-
الوطنيون الديمقراطيون و وحدة الشيوعيين الحقيقين وحدة ثوريّة
...
-
مقدّمة كتاب - ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تطوير الماو
...
-
نقد بيانات غرة ماي 2013 - تونس : أفق الشيوعية أم التنازل عن
...
-
قراءة نقدية فى كتاب من التراث الماويّ :- ردّا على حزب العمل
...
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين : القطيعة فالقطيعة ثم
...
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين
-
النقاب و بؤس تفكير زعيم حزب العمّال التونسي .
-
قراءة فى البيان التأسيسي لمنظمة العمل الشيوعي – تونس .
-
مقدّمة - بؤس اليسار الإصلاحي التونسي : حزب العمّال التونسي و
...
المزيد.....
-
النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و
...
-
الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا
...
-
-الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
-
تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال
...
-
المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف
...
-
أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا
...
-
لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك
...
-
بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف
...
-
اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية
المزيد.....
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|