|
فوز حزب سيريزا في اليونان، ردود الافعال وامكانيات القوى الشيوعية واليسارفي العالم.
شاكر الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 30 - 10:53
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
تابعت الردود التي صدرت، من الدول الكبرى والإئتلافات والتحالفات الدولية، بعد فوز حزب سيريزا اليساري في الانتخابات اليونانية الاخيرة وحصوله على 149 مقعد وبما يمكنه من تشكبل حكومة إئتلافية!
اغلب ردود الافعال والتي انطلقت عشية الانتخابات، تعكس خشية قوى الاتحاد الاوربي وامريكا والبنك الدولي والبنوك الاخطبوطية الاخرى، من وصول هذا الحزب إلى سدة الحكم وبالتالي امكانية تنفيذه للوعود الانتخابية التي قطعها والمتمثلة بانقاذ المواطن اليوناني من الفقر والبطالة والذل التي فرضتها بنود اتفاقيات الاتحاد الاوربي وبنوكه وسطوة انجيلا ميركل الرامية إلى فرض المزيد من البطالة والجوع والفقر على اليونانيين وتحويلهم في خاتمة المطاف إلى بقرة حلوب تسدد ديون بنوكها. تصريحات كل الاطراف تندد ضمنا بصعود هذا الحزب الذي وصفته باليساري المتطرف!. كل من يقف في مواجهة سياسات الاتحاد الاوربي وبنوكه العملاقة سيكون متطرفاً وسيكون البعبع الذي يتم تصديره لاوربا والتحذير من مغبة انتخاب هذه الاحزاب اليسارية المتطرفة!
ربما، سيكون مفهوماً لكل من يعرف ابسط فرضيات الصراع الطبقي وصراع قوى الشيوعية واليسار في العالم ضد الرأسمالية المعاصرة، البنوك والشركات الكبرى والدول التي تحميها، موقف دول الاتحاد الاوربي وموقف انجيلا ميركل وامريكا و...الخ، لكن سيكون من الصعب فهم موقف الحزب الشيوعي اليوناني من فوز حزب سيريزا في الانتخابات الاخيرة وبالتالي تشكيله لحكومة إئتلافية. فهذا الفوز بالنسبة للحزب الشيوعي اليوناني هو " أمل كاذب"!
الحزب الشيوعي اليوناني يصف حزب سيريزا باليساري وهذا الوصف لايتخلف كثيراً عن وصف مدراء البنوك الاوربية " يساري متطرف" ولن يعمل على دعم حكومته أو منحها تساهلا. وسيعمل على حشد قواه لمواجتها عبر "حضور معارضة عمالية شعبية"! موقف كهذا هو اعلان عداء صريح وواضح ضد حزب تمكن من خرق كل القواعد والممارسات التي تقر بالافقار والبطالة والاذلال البشري.
الحزب الشيوعي اليوناني حصل خلال الانتخابات الاخيرة على 337،947 الف صوت بما مكنه من زيادة عدد نوابه في البرلمان اليوناني إلى 15 نائباً بعد أن كان 12 نائباً، ويعتبر ان ما تحقق كان التفافا كبيراً حول سياساته! شخصياً، لااجد غرابة في موقف الحزب الشيوعي اليوناني الذي لاينظر للاحزاب اليسارية، راديكاليها وديمقراطيها، التي تعمل بآفاق وستراتيجات مختلفة عن تلك التي عمل بها ولاتتخذ منه مرجعية ابوية. حيث يجد ان وجودها يشكل عبئاً على وجوده وسياساته وتعاليمه التي مارسها طوال عقود.
الحزب الشيوعي اليوناني وبكل بساطة هو من مخلفات الحقبة السوفيتية ولم يتوقف لحظة من العمل وفق تلك التصورات وانتظار قرار الحسم من خارج اليونان ولذلك فقد بوصلته وسط رياح الدمار الاقتصادي والاجتماعي التي عصفت باليونان وحولته إلى مجتمع يغرق بالديون والفقر وعلى الإنسان العامل والكادح والمتقاعد أن يتوقف عن ممارسة حياته وأن يعيش دون مستوى الكفاف حتى تتم تلبية متطلبات قرارات وتوصيات صندوق النقد الدولي والبنوك المركزية في اوربا. موقف الحزب الشيوعي اليوناني لايتخلف قيد انملة عن مواقف الاحزاب الشيوعية في العراق والعالم العربي، التي كانت تعمل تحت الوصاية السوفيتية، في النظرة البائسة للقوى والاحزب الشيوعية واليسارية والعمالية التي تعمل خارج افقها وسياساتها. أي خارج نطاق ابوتها وتعاليمها. بعضها برع في إيجاد تخريجة مناسبة لمأزقه فكان بوقاً سافراً للاحتلال والتدمير وفقدان الكرامة!
هل العالم بحاجة إلى يسار جديد برؤية وممارسات وخطاب سياسي مختلف؟ الاجابة قطعا ستكون بنعم. فالوقائع التي نعيشها يوميا افرزت الكثير من السياسات والممارسات التي تنتهجها سلطة البرجوازية وقوى الرأسمال والتي تتطلب اعادة نظر جدية في كل ما تنتهجه القوى والاحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية في العالم. وان ترتقي بعملها وفكرها ورؤيتها على صعيد النظرية والممارسة، بما يوافق سرعة تطورات العالم والانعطافات الكبيرة والمتسارعة التي يمر بها والمأسي التي نعيشها كل يوم نتيجة تلك السياسات. فهذه القوى امام حقبة كبيرة لاثبات وجودها عبر العمل الواعي والجدي وسط الناس وفهم حاجاتهم وآمالهم.
سيكون لقوى اليسار الجديد من على شالكة حزب سيريزا في اليونان أو حزب بوديموس في اسبانيا واحزاب اليسار في امريكا اللاتينية وحزب القائمة الموحدة في الدنمارك دوراً مهما في تحقيق قفزة كبيرة في النضال الاجتماعي والسياسي في العالم لصالح الإنسان وكرامته ووجوده وتطلعاته ولصالح الفقراء والعمال والنساء والمحرومين في هذا العالم ولصالح قضايا الحرية والمساواة بابعادها الحقيقية والاساسية، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً، فهذه القوى تواجه الوقائع بروحية جديدة تخلصت من كلاسيكيات العمل النضالي وفق معطيات المراحل السابقة ومن معايير ومقاييس إن كان هذا العمل يتناسب حرفياً مع النظرية الماركسية أم لا؟ ومن الأملاءات والشروط التي يتطلبها العمل وفق قواعد الحرب الباردة والوصاية السوفيتية، انها قوى شيوعية ويسارية حقة ولكنها استوعبت الدرس الذي يتحقق بمأساوية مخيفة ويكتب بدم الأبرياء نتيجة ممارسات الأنظمة والسلطات التي تعمل على تحقيق مصالح الرأسمال وقدرتها على فرض الجوع والفقر والحروب والتشرد والبطالة والإرهاب من أجل تحقيق مصالحه.
امكانيات قوى الشيوعية واليسار لتحقيق انتصارات كبيرة عبر صناديق الاقتراع، أصبحت حقيقة واقعة في عالم اليوم ولكن هذه الامكانيات رهن بهذه القوى وقدرتها على لفت انتباه الناس وتحولها إلى بديل و قطب أساسي في رسم المعادلات السياسية والصراع على السلطة في البلدان التي تتواجد فيها عبر إجابتها على الاحتياجات اليومية للملايين من البشر.
#شاكر_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العالم: ما قبل وما بعد- شارلي ايبدو-
-
خطاب الحلفي في إستذكار الغموكة: أي أفق شيوعي وماركسي؟
-
فضائح الدولة الفضائية!
-
-سبايكر- جريمة العصرالعراقي!
-
بارانويا النجوم في فلم - شخص تحبه-
-
محاكمة ارث الفاشية في العراق، مسؤولية مَن؟
-
قرار الحرب المغيب في العراق
-
صمت العالم
-
حرب الإعلام وإعلام الحرب!
-
العراق: من داعش الى دولة الخلافة!!!!
-
انهيار الدولة الشبحية!
-
لاشيء سيحدث خارج أسوار القُشلة!
-
الأحزاب في العراق: بين الدكتاتورية والرفض الشعبي
-
لننقذ أرواح أبنائنا الجنود، لنوقف نزيف الدم
-
التغيير السياسي في العراق: حقيقة أم وهم
-
8 شباط 1963 يوم أسود في تاريخ العراق
-
أزمة الأنبار: مفترق طرق
-
الدولة والعشيرة في العراق*
-
عن العطل والتعليم والمدارس الخاصة في العراق
-
نحن واليابان: آمالنا وآمالهم
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها
/ عبدالرزاق دحنون
-
إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا )
/ ترجمة سعيد العليمى
-
معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي
/ محمد علي مقلد
-
الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة
...
/ فارس كمال نظمي
-
التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية
/ محمد علي مقلد
-
الطريق الروسى الى الاشتراكية
/ يوجين فارغا
-
الشيوعيون في مصر المعاصرة
/ طارق المهدوي
-
الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في
...
/ مازن كم الماز
-
نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي
/ د.عمار مجيد كاظم
-
في نقد الحاجة الى ماركس
/ دكتور سالم حميش
المزيد.....
|