العلمانية عند رجال الدين

رافع محمد الدبي الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 17:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قبل فترة من الزمن نشر الشيخ المهندس الفقيه قاسم الطائي مقالا مهما أوضح فيه مفهوم رجال الدين للعلمانية أو لنقل مفهومه الشخصي لها وهو قد عرف العلمانية في بداية منشوره في أنها فصل للدين عن السياسة ، إن هذا المفهوم مع شيوعه بين الناس إلا انه غير صحيح فالدين هو عنصر أساسي من مكونات الشخصية الإنسانية والسلوك الإنساني النابع من تفكير البشر وشخصيته لابد أن يكون للدين دورا فيه أما الشائع من المنهج العلماني وهو الطريقة التركية فهذه الطريق إنما نشأت عن ردة فعل تجاه التخلف الذي فرضه الحكم الإسلامي وسلطة رجل الدين على المجتمع التركي والحقيقة إن هناك أكثر من منهج لتطبيق العلمانية وليس المنهج التركي فقط فهناك المنهج الأوروبي القائم على فصل سلطة رجل الدين عن السياسة وليس الدين وهناك في مجتمعاتنا الإسلامية قوانين لتنظيم الأحوال الشخصية تستقي قوانينها من الشريعة الإسلامية كل حسب المذهب الشائع لبلده بل والعلماني هو الوحيد القادر على اختيار أي الأنظمة أصلح والأكثر قربة مع منطق العقل لان الأمر لو ترك لرجل الدين لاختار مذهبه وتشريعاته وان كانت تختلف مع الآخرين ومن هنا يكون رجل الدين المتحكم في سياسة البلد دكتاتوريا شاء أم أبى فهو لايعترف بالآخرين وليس عنده أدنى استعداد لتغيير مفاهيمه بل ويحاول تغيير المجتمع تبعا لمفاهيمه وان كانت قد أكل الدهر عليها وشرب .
تطرق فضيلة الشيخ الفقيه إلى مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر إن تطبيق العقوبة من قبل أجهزة الدولة ومؤسساتها يؤدي إلى قيام الدكتاتورية وحصر التطبيق بالمرجع الجامع لشرائط المرجعية وكأني به يدعو إلى إلغاء مؤسسات الدولة وأجهزتها وترك تطبيق العقوبة بيد رجل الدين الذي سيحتاج حتما إلى جهات تنفيذية تنفذ قراراته وبالتالي فهو بحاجة إلى مؤسسات كتلك التي تعود للدولة ولست ادري من أين أتى بهذه الفكرة فعبر التاريخ لم توجد دولة بدون مؤسسات إلا إذا كان فضيلة الشيخ لا زال رغم شهادته العلمية الراقية يرى الدنيا بمنظار القرن الأول الهجري ويرى المجتمعات بذات البساطة في التكوين والمعيشة ويرى الدول بذات الأسلوب في العلاقات والتعامل ، وهنا أود أن أسأل فضيلة الشيخ هل النظام في إيران الذي من المؤكد انك تعتبره نموذجا قد قام بحل أجهزته ومؤسساته الأمنية والتنفيذية .
في الجزء الأخير من المنشور ذكر فضيلة الشيخ الفقيه إن تعريف العلماني هو كل من لا يؤمن بتطبيق فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكأني به هنا يريد القول إن العلماني هو من يريد إشاعة الفاحشة والفساد الأخلاقي والاجتماعي وأنا أرى العكس من ذلك فلا يمنع أن يجتمع في الإنسان العلمانية والتدين فالعلمانية في جزء مهم منها هو القبول بالأخر دينيا وسياسيا واجتماعيا والبحث عن المشتركات في المجتمع وعدم فرض الرؤية الدينية الضيقة المبنية على المذهبية .
هنا أود أن أسأل الشيخ الفقيه هل سمع عن الدانمارك ، هذه الدولة الأوربية المسيحية ذات المنهج العلماني والتي صنفت مؤخرا من أكثر دول العالم قربا من مبادئ الإسلام من خلال تطبيقها للحريات وحقوق الإنسان الأمر الذي تفتقده جميع دول الإسلام وخاصة تلك التي سلطتها بيد رجال الدين ، أقول له إن القوانين الدانماركية تؤمن للفرد الحرية في كل شيء بما فيها الملبس لذا ترى سكان الدانمارك شأنهم كشأن المجتمعات الأوروبية متحررين في ناحية الملبس ومع ذلك عندما قررت بعض النساء الخروج بمظاهرات وهن عاريات استخدمت الشرطة القسوة في التعامل معهن بما في ذلك الضرب المبرح وهو الأسلوب الذي يتعارض مع النظم الليبرالية إلا انه استخدم عندما أصبح هناك تجاوز لما هو مألوف والشرطة الدانماركية هنا ليست جهاز قمعي بيد دكتاتور ولا هي إحدى مؤسسات الولي الفقيه بل هو جهاز ينفذ سياسة الدولة ويطبق القوانين .
لم يبق إلا أن نقول إن الدافع المهم لرجال الدين في رفضهم لفكرة العلمانية المؤمنة هو حب السيطرة والتسلط والتحكم بمقدرات الناس والذي يؤدي في مجتمعاتنا إلى أمرين أما الخضوع والخنوع لإرادة دولة المرجع أو العودة بالزمن إلى الوراء والعيش في ظل التخلف .

#رافع_محمد_الدبي_الطائي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات