|
خرافة عذاب القبر
ياسين ديناربوس
الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 08:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنت فيما مضى كلما أطلقت العنان لخيالي متصورا اﻷ-;-حداث المسرحية لخرافة عذاب القبر اللتي يسردها شيوخ الكهنوت، أتوقف عند بعض اﻷ-;-سئلة :
لماذا يطلقون على ذلك الثعبان الخرافي وصف الثعبان اﻷ-;-قرع؟
هل هناك ثعبان أقرع وآخر أجلع وثالث كثيف الشعر ؟
إن كل الثعابين لا توجد شعرة واحدة على رؤوسها !
وجدت بعدها أن عقيدة الثعبان اﻷ-;-قرع وأسطورة عذاب القبر فرعونية اﻷ-;-صل، عاشت في مصر منذ آلاف السنين ثم اكتشفها علم المصريات في العصر الحديث حين فك رموز الهيروغليفية.
مما لا شك فيه أن كل مؤمن بالدار اﻵ-;-خرة إلا ويشغل فكره ما سيكون فيها من أحداث. لقد أدرك بعض الدعاة والوعاظ ولع الناس بهذا اﻷ-;-مر فأسهبوا واغترفوا من غث التراث، و صاروا يلقحون عقول الناس بعلوم ما أنزل الله بها من سلطان – من أبرزها أسطورة عذاب القبر..
وبات أساطين ذلك الفكر عند العامة هم أهل الدين و التدين وأصبح كل مخالف لمعتقداتهم الواهية إما منكرا للسنة أو قرآنيا أو خارجا عن الملة والدين ؛ وهي الرصاصات الجاهزة والتي يعطون أنفسهم حق إطلاقها على عباد الله بدون مبالاة.
من الضروري على كل مسلم أن يعلم أن استدلال على اﻷ-;-حكام الشرعية لابد أن ينبع من نص قطعي التبوث وإلا فكيف نستنتج أحكاماً يلزم اﻹ-;-يمان بها من خلال نصوص ظنية التبوث؟ وهل ترك الله سبحانه وتعالى العقائد و اﻹ-;-يمانيات لتفسير الفقهاء؟
نصوص القرآن الكريم قطعية التبوث كلها .. وبالنسبه لﻵ-;-يات فهناك آيات قطعية الدلالة وأخرى ظنية الدلالة، والذين قاموا بتأويل اﻵ-;-يات الظنية الدلالة من القرآن الكريم و صوروها على أنها عذاب القبر إنما خالفوا أسس الفقه والتفسير والعقيدة.
فقد كان ملزوما عليهم استنباط أي حكم يتوجب اﻹ-;-يمان به من نصوص القرآن القطعية الدلالة و هو اﻷ-;-مر غير الموجود بالنسبة لعذاب القبر و عليه يمنع اﻹ-;-ستنباط.
أما السنة القولية فكلها ظنية التبوث و ظنية الدلالة و هو ما اتفق عليه أهل العلم جميعا بلا خلاف بينهم، فيمكن العمل بها و لكن لا يمكن استخراج اﻹ-;-يمانيات منها.
كان لابد من هذا التقديم لفهم فلسفة اﻹ-;-يمانيات التي أشكلت على بعض العامة و من قبلهم بعض رجال الدين الذين غيبوا عقولهم و غلبوا اﻷ-;-حاديث على القرآن الكريم، إذ لا يمكن استخراج اﻹ-;-يمانيات من السنة الظنية التبوث و الدلالة، ﻷ-;-ن اليقين لا يستخرج من الظني أبداً و عليه فإن جميع اﻷ-;-حاديث التي تقرر عذاب القبر باﻹ-;-ضافة لكونها ملفقة على رسول الله فلايمكن اﻹ-;-عتماد عليها في استنباط حكم يؤمن به المرء.
التهافتات القائلة بأن السنة مكملة للقرآن و أن هناك أحاديث تفيد اﻹ-;-قرار بوجود عذاب بالقبر مردودة على أصحابها إلى إذا كانوا يظنون النقص بالقرآن الكريم !!! و هذا ليس بإنكار للسنة القولية التي يفضل العمل بها ما لم تخالف نصا قرآنيا وما لم تعارض قويم العقل واﻷ-;-خلاق ( كرضاع الكبير المزعوم و التداوي بشرب أبوال اﻹ-;-بل .. إلخ )
أما السنة العملية الشارحة للفرائض والمفصلة لها فهي الوجه العملي لتنفيذ كتاب الله وهي فريضة وليست سنة وهي فقط المبينة بيقين لما أجمله القرآن الكريم.
ولست بدعا في إنكار أسطورة عذاب القبر المزعوم فقد اجتمع على هذا الرأي العديد من المفكرين والباحثين، وأول من أنكر عذاب القبر هم المعتزلة وقال بذلك أيضاً أجل علماء هذا العصر وعلى رأسهم الشيخ محمد متولى الشعراوى.
كما صدرت العديد من الكتب بينت بشكل مستفيض أن ما ورثناه من تأويلات بعض المفسرين والدعاة عن وجود عذاب في القبر ليس إلا جهداً بشريا أخطأ و لم يدرك الصواب.
وأما اﻷ-;-حاديث النبوية الواردة بشأن عذاب القبر فليس فيها حديثاً واحد صحيح السند رغم ورودها في كتب الصحاح و ذلك على مقياس علم الجرح و التعديل.
وأدعو كل باحث عن الحق للرجوع لكتاب شيخ محدثي هذا العصر محمد ناصر اﻷ-;-لباني – رحمه الله – سلسلة اﻷ-;-حاديث الضعيفة والموضوعة للوقوف على جملة أحاديث عذاب القبر المضعفة.
وقد يتعجب بعض قراء هذا المقال إذا قلت لهم أنه لا وجود لذلك الثعبان الذي يطلقون عليه اسم الشجاع اﻷ-;-قرع في كتب الحديث على أنه من بين عناصر عذاب القبر .. بل أنه مذكور على أنه من الغيبيات التي تحدث يوم القيامة في جهنم!!!
ولكم أن تتأكدوا من ذلك بقراءة الحديث في كتب الصحاح.
وفيما يلي سرد لبعض اﻵ-;-يات التي تفيد حتمية تأجيل الحساب و مصير الناس ليوم القيامة وتقطع الشك باليقين على أن عذاب القبر مجرد وهم :
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }
■-;-إن كل من يعتقد بعذاب القبر لابد أن يكون مكذبا بهذه اﻵ-;-ية أولا !ً
{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ-;- وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ-;- فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ-;- وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
■-;-كلمة (إنما) تعني أن الجزاء لا يكون إلا يوم القيامة !
{ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه }ُ
■-;-بمعنى أن رؤية اﻷ-;-عمال و الجزاء يكون يوم القيامة .. و يومها فقط !
{ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَت }ْ
■-;-فالعلم يكون يوم القيامة وليس يوم الممات !
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ }
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ }
■-;-يعني أن من أوتي كتابه بيمينه لم يلق أي نعيم في القبر و إلا ما قال ( إني ظننت أني ملاق حسابي )
■-;- و من أخذ كتابه بشماله لم يدر موقفه من الحساب إلا يوم القيامة و إلا لما قال ( و لم أدر ما حسابيه )
{ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا }
■-;-و هذه آية تنفي وجود عذاب القبر المزعوم ﻷ-;-نهم كانوا في حالة رقاد .. و الرقاد ما هو إلا سبات لا شعور فيه.
هذه دلالات لنصوص صريحة من كتاب الله تنفي بما لا يدع مجالا للشك خرافة عذاب القبر و هناك غيرها العديد من اﻵ-;-يات التي تؤكد ذلك فمن يريد تكذيب القرآن فليفعل و ليعتقد ما شاء له إبليس أن يعتقد.
إن أصبت فمن الله سبحانه وتعالى وإن أُخطأت فمن نفسي .
هذه وجهة نظري وليس ملزوم بها كل من قرأ مقالي.
#مقالات_ياسين_ديناربوس
#ياسين_ديناربوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقيقة الردة في الإسلام
-
عقوبة شارب الخمر في الإسلام
-
العين حق .. خرافة و خيال ...
-
حقيقة السحر
-
خرافة تلبس الجان لجسم الإنسان
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|