زهدي الداوودي
الحوار المتمدن-العدد: 4698 - 2015 / 1 / 23 - 01:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثقافة العراقية في ظل الفساد
زهدي الداوودي
إذا كان المثقف العراقي من أبعد الناس عن الفساد، فإن الفساد من أقرب الناس إليه.
ما معنى ذلك؟ هل يمكننا أن نفهم بوجود علاقة جدلية بين الأثنين؟ وما هي فحوى هذه العلاقة؟. فحواها كما يأتي:
إنه من الصعوبة بمكان أن يبيع المثقف قلمه ويضع ضميره في المزاد العلني أو يبيع نتاجه بأي ثمن كان. ولكن، هل تسعفه هذه الأشياء في التغلب على العوز المادي. وإن أسعفته، فإلى متى؟
المثقف الأصيل لا يهاب أبدا. يفكر في الكتابة بشيء وخارج الكتابة بشيء آخر. لا يهمه إن وضع الشرطي القيد في معصميه وقاده إلى أحدى زنزانات السجون. في هذه الحالة تتغير الأشياء وتتكيف الكلمة مع الوضع الجديد، حيث يصان الكاتب إلى حد ما. وتتغير أساليب الإغراء. وتتزايد أعداد الصحف وتدر الإعلانات أرباحاً طائلة.
وتبدأ الأقدار بلعب دورها الخبيث في توزيع الأدوار. وإذا بصحفي مغمور يكلف أحد محرريه بتوطيد العلاقة مع أحد الكتاب المعروفين. ويغار المحرر لمجرد ذكر أسم الكاتب ويقول بحقد:
"ولكنه مجرد كاتب يا سيدي، إنه ليس صحفيا"
"وأنت يا جناب الصحفي، هل كنت صحفياً حين عينتك عندي بتوصية من (...) قلت لك إنني أريد كاتبا وليس صحفيا"
تنفس المحرر الصعداء لكون الشخص المطلوب كاتبا وليس محرراً صحفيا. وبشق النفس أوصل نفسه إلى الكاتب الذي عرف أنه يبحث عنه. قال له الكاتب:
"أنا لن أرتاد مجلسا، تجلس فيه أنت"
هذا هو موقف الصحفي أو المثقف الذي يحمل قلباً من البللور. وتكون المسافة بينه وبين الانتهازى لا نهائيا.
وتبقى نفس المسافة هي هي، بيد أن الحبل يكون هذه المرة بيد الصحفي الفاسد الذي يبشر للفساد أن يكون كبيرا جدا، كي يسبح فيه الكل.
#زهدي_الداوودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟