أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - -شارلي-.. توصيفنا وتوصيفهم














المزيد.....

-شارلي-.. توصيفنا وتوصيفهم


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 12:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



التوصيف الغربي للهجوم على مجلة شارلي إبدو يختلف كثيرا عن توصيف العالم العربي والمسلم. ففي الغرب يخضع التوصيف لعوامل مرتبطة بظروف التعريف الحديث لمفهوم الحرية وفي كيفية تعاطي الغربيين مع ذلك، فجاءت ردود أفعالهم على الحادث متسقة في غالبها على الرغم من وجود بعض الاختلاف في التفاصيل الجزئية. وذلك إن دل على شيء فيدل على اتساق منطلقاتهم السياسية والاجتماعية مع رؤاهم القيمية.

ومن الجدير الإشارة هنا إلى أن تلك الرؤى هي رؤى كونية وباتت جزءا أساسيا من تعريفنا للعالم الحديث الذي نعيش فيه. فمن دون الفهم الحديث للقيم لا يمكن أن نطلق على العالم تعريف الحديث. فالحداثة لا تتعلق فحسب بالتكنولوجيا الحديثة، بل تعبّر عن نفسها من خلال تطور المفاهيم الطبيعية والإنسانية المنتجة لتلك التكنولوجيا. لذلك، تعيش مجتمعاتنا العربية والمسلمة نقصا رئيسيا في موارد الحداثة، فهي في قطيعة معرفية مع كثير من تلك الرؤى والمفاهيم.

وبالنسبة لي، كفرد منتم إلى مجتمع عربي ومسلم وأصبح التعريف الحديث لمفهوم الحرية غريبا في مجتمعي بل ومطرودا في غالب الأحيان، يهمني قبل أي شيء آخر إيجاد مخرج لعلاقتي بهذا التعريف، أو بشكل أدق تعزيز علاقتي بالقيم الكونية وبالعيش في عالم حديث. فمن وجهة نظري وفي إطار سعيي للعيش بشكل طبيعي وسلس في هذا العالم، يجب أن أجد حلولا للنواقص التي تحيط بعلاقتي بالقيم الكونية الحديثة، وبالأخص بمفهوم الحرية، وبالذات بموضوع حرية التعبير وبكيفية استقبالي للآخر المختلف، وذلك قبل أن أدين العمل الإرهابي ضد مجلة شارلي إبدو.

أما الفرد الغربي، ولا أقصد الفرد الذي يعيش في الجغرافيا الغربية ويمتلك الجنسية الغربية بل أقصد ذلك الذي يتبنى الرؤى القيمية الغربية الحديثة، فهو يعيش واقعا مغايرا عما أعيشه أنا فيما يتعلق بفهمه لتعريف مفهوم الحرية ولتعريف حرية التعبير. فهو لا يتعامل مع الهجوم على المجلة من منطلق مدى ومحدودية حرية التعبير بل منطلق كيفية مواجهة الإرهاب، في حين أن منطلق مناقشة الحادث في المجتمعات العربية والمسلمة لا يزال يدور في فلك تعريف قيمة الحرية، وفي كيفية تشكيل رؤية واقعية حول ذلك، وفي خلق توازن بين ما يسميه العرب والمسلمون "الثوابت" الدينية وبين مدى نظرة العالم الحديث للحرية وكيفية التعامل معها والتعايش في ظلها. فلا يمكن أن ننظر - نحن العرب والمسلمون - إلى حادث الاعتداء على المجلة بنفس نظرة الغرب، ولا يمكن أن نقارن رؤيتنا مع رؤيتهم تجاه مسألة حرية التعبير في علاقتها بالحادث.

لقد تجاوز الغربيون التعريف القديم لمفاهيم قيمية عديدة، وباتوا يستظلون بالتعاريف الجديدة في مختلف شؤونهم، وأصبحوا يستمدون رؤيتهم إلى الحوادث، الإرهابية وغير الارهابية، انطلاقا من ذلك. فيما نحن - العرب والمسلمون - لا نزال منقسمين بين أغلبية متمسكة بالتعريف القديم لمعظم تلك القيم، أي متمسكة بقيم تتعلق بالحياة التاريخية القديمة، وبين أقلية لا تزال في إطار مناقشة تعريف تلك المفاهيم لوضعها في إطارها الحداثي. وقد أثبت الهجوم على شارلي إبدو، وحوادث كثيرة قبلها، أننا نعيش أزمة قبول الآخر بيننا في مجتمعاتنا قبل أن نعيشها مع غيرنا، نمارس الإقصاء العنيف والقانوني بكل أريحية ومن دون أي قلق، وهذا يعكس تأصّل إلغاء الأخر في ثقافتنا الاجتماعية. فنحن لم نعالج هذا الأمر في أوساطنا، ومن الطبيعي أن نفشل في التعاطي في ذلك مع الجانب الغربي.

لقد تم حبس الكثير من أصحاب الآراء الثقافية/الفكرية/الدينية في مجتمعانا العربية، لمجرد أنهم "تجاوزوا الثوابت". في حين هم طرحوا آراء مخالفة للصورة "النمطية" حول فهم الدين. هكذا نتعامل نحن مع أصحاب الرأي المختلف داخل أسوار مجتمعاتنا، فكيف لنا أن ندين الهجوم على شارلي إبدو؟ فالمسلمون لا ينتمون إلى رؤية موحدة حول الله والنبي وحول أمور دينية كثيرة أخرى، لكنهم لا يستطيعون إلا القبول بالرؤية "النمطية" الرسمية، أو أن تتهدّدهم المحاكمات والسجون. وحينما نتدبّر بصورة واعية في رسومات شارلي إبدو، سنجد بأن المجلة انتقدت تلك الصورة النمطية حول النبي والموجودة في عقل المجاهد/ المتطرف/ المتشدّد/ الإرهابي، ومارست ما يسعى إلى ممارسته الكثير من المسلمين في مجتماعتهم. لكن ذلك مسموح هناك وممنوع هنا، والمسلمون يعوضون السماح بذلك هناك عن طريق ممارسة الإرهاب. فتعدد الرؤى بشأن الدين، وبشأن مختلف أمور الحياة وشؤونها، أمر ضروري ولابد منه، وأي صورة تعكس تراجع منحنى التعدد ستحوّل مجتمعاتنا إلى مجتمعات بوليسية.

إن معضلة تقبّل الآخر "معرفية" أكثر من أي شيء آخر، وهي بالتأكيد ستساهم في رفع مؤشر الملاحقات والاعتقالات والاحكام بالسجن. فالفكر الديني الإسلامي لا يزال غير قادر على تقبل رؤى تساهم في قبول المختلف والتسامح معه والتعايش مع نقده. وإذا كان النص الديني لا يشتمل على أي إشارة واضحة لقتل "المنتقد" و"الساخر" وحتى "الساب"، فإنه بذلك قد سكت عن العقوبة. إذاً من أين أتت أفكار الاعتقال والسجن والقتل تجاه هؤلاء؟ وهل من مجال لحل ديني آخر يتواءم مع حياة التسامح وتقبل الآخر، أي مع حياة الحداثة؟ فالكثير من الإسلاميين تبرؤوا من قتل صحافيي شارلي إبدو، لكنهم لم يقولوا لنا كيف يجب أن نتعامل مع "الساخر".. وعليهم أن يقولوا لنا ذلك عاجلا..



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بيغيدا-...
- السؤال -خط أحمر-
- لماذا تجبرون الناس على دخول الجنة؟
- كيف يُقدِم المتديّنون على ارتكاب جرائمهم؟
- هل الحرية صنم يجب كسره؟
- الفقه.. والنظام المدني
- الفقه.. والحقوق المدنية
- المثقف.. -نائب- عن الأمة
- كيف نصنع التغيير؟
- تمنّيتها من مسلّم.. ولكن
- أي إصلاح؟
- عبث لا جدوى منه
- هل الدستور الكويتي بحاجة إلى تغيير؟
- تناقضات المجتمع.. ومسؤولية المثقف
- الإقصاء لمعالجة -الإقصاء-؟
- الشيعة.. وحزب الله.. والصراع السوري
- لا تنهزمي.. أمام -السلطة-
- إلى متى -تسجد- المرأة؟
- الثائر.. حينما يَنتقِد الثورة
- ازدواجية الإسلام السياسي


المزيد.....




- «حدثها الآن» إليك تردد قناة طيور الجنة بيبي نايل سات 2024 ال ...
- بزشكيان: دعم إيران للشعب الفلسطيني المظلوم مستمد من تعاليمنا ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف إيلات وميناء حيف ...
- المقاومة الاسلامية بالعراق تستهدف إيلات المحتلة بالطيران الم ...
- اضطهاد وخوف من الانتقام.. عائلات كانت مرتبطة بتنظيم -الدولة ...
- في البحرين.. اكتشاف أحد أقدم -المباني المسيحية- في الخليج
- “ولادك هيتجننوا من الفرحة” ثبت الآن قنوات الأطفال 2024 (طيور ...
- إيهود باراك: على إسرائيل أن توقف الحديث عن ديمونا
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- ماما جابت بيبي..أضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأق ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - -شارلي-.. توصيفنا وتوصيفهم