أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الله نصر - ألغام فى طريق التنوير















المزيد.....


ألغام فى طريق التنوير


محمد عبد الله نصر

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 22:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أفكارهم التكفيرية حقول ألغام.. وفتاواهم طلقات رصاص ، وفكرة ظلامية قد تقتل أمة، بل أنها تفعل ما لم تفعله القنبلة النووية. وياللأسف أن الدولة لم تنتبه لخطورتهم! إلا حينما ترجمت أفكارهم الظلامية المتطرفة إلى حوادث إرهابية وكأن القنبلة الفكرية أقل خطرًا وضررًا من القنبلة الذرِّية! فلم تتحرك الدولة لمواجهتهم إلا حينما حملوا السلاح ، فاختارت الدولة الحل الأمنى فواجهت السلاح بالسلاح! ولم تواجه السلاح الفكرى الظلامى بالسلاح الفكرى التنويرى وأغفلت مواجهة ألغامهم وطلقات رصاصهم الفكرية السرطانية التى تنتشر فى عقول الأمة كما تنتشر الخلايا السرطانية فتصيب الجسد كله.

هذا هو الداء العضال والمرض المزمن والمعدى كالوباء، وبعد توصيف الداء لابد من وصف الدواء، وألتمس فى كلمات العلامة الراحل الشيخ "أمين الخولى" رحمه الله تعالى ، دواء شافيَاً ومصباحًا ينير لنا الطريق المظلم بظلمة أفكارهم التكفيرية القاتلة.. يقول الشيخ: (إن الأفكار حين تجد فى العقل خواء وتصادف فى الدماغ خلاء تعشش وتستقر حتى ليصعب إخراجها وانتزاعها من العقول مهما كانت درجة زيفها وتزداد حدة استقرار الأفكار فى العقول والأدمغة عن طريق التكرار المستمر والترديد الدائم الذى يحول (موضوع) الفكرة إلى ما يشبه (العقيدة) الثابتة التى لا يجوز مناقشتها أو الاقتراب من حدودها بمنهج التحليل النقدي) .. وكثيرةٌ فى تاريخ ثقافتنا العربية الإسلامية هى الأفكار التى حولتها عقولا بشرية - ولو بالتشويه - إلى (عقائد ) لا يمكن المساس بها؛ لذلك لن تنجح مواجهة الإرهاب الفكرى بأفكاره الظلامية التكفيرية إلا بنشر أفكار تنويرية جديدة (تقتل الفكرالظلامى القديم بحثاً)؛ لأن (التجديد) دون فحص القديم فحصًا تحليليًا نقديًا من شأنه أن يضيف أفكارًا تنويرية إلى أفكار ظلامية، فتتجاور الأفكار التنويرية التجديدية والأفكار الظلامية القديمة دون أن يزحزح التنويرى الجديد الظلامى القديم ويحل محله.

من هنا نستطيع أن نتفهم مقولة (قتل القديم بحثا) على أساس أن البحث النقدى التحليلى للأفكار الظلامية والمسلمات اليقينية القديمة من شأنه نأن يكشف عن الجذور التاريخية والسياسية والاجتماعية لنشأة هذه الأفكار ويفصح عن تكوينها التاريخى الاجتماعى وبذلك يردها إلى أصولها الطبيعية بوصفها (فكرة) بشرية غير مقدسة قابلة للنقد والصواب والخطأ، وليست (عقيدة) وهذا النمط من البحث النقدى التحليلى التفكيكى يزيل القداسة عن الأفكار جراء تردادها وتكرارها وجراء تشويه الأفكار الأخرى التى تناهضها وتدحضها. وفى عملية إزالة القداسة عن الأفكار الظلامية نوع من (التفكيك) المعنوى الذى لا يغتال الأفكار ولكن يردها إلى سياقها الذى نشأت فيه ويسمح للأفكار التنويرية الجديدة بالقدرة على منافستها ومناقشتها على أرض (الفكر) وليس على أرض (العقيدة).

وإذا حدث صراع الأفكار وكان صراعا صحيحا وحقيقيا استطاع (الفكر التنويرى الجديد) زحزحة وتجاوز (الفكرالظلامى القديم) الذى أصبح مقدسا بكثرة ترداده وتكراره والجديد الذى لا يزعم لنفسه أية قداسة.. ودعوة قتل القديم بحثا تمهيدا لأى تجديد تكتسب فى التاريخ الثقافى المعاصر أهمية كبيرة رغم عدم الالتفات والاهتمام بدلالتها الحقيقية والاكتفاء بوهم مجازيتها اللغوية رغم أن العبارة ليست من قبيل المجاز _ وان بدت كذلك _ فالبحث النقدى التحليلى للأفكار القديمة حين يتمكن من إزالة القدسية الزائفة التى أضافت جدارا سميكا يكون قد نجح فى إزالة خطورتها على الوعى ومن ثم على التقدم؛ لأن هذه الأفكار التى اكتسبت من قدمها وكثرة تردادها وتكرارها قداسة ليست إلا قنابل موقوتة قابلة للانفجار، بل هى أشد فتكا وضررا من القنابل التى يزرعها الارهابيون.. بل لا أكون مبالغا حين أقول إن ضررها وخطورتها أشد من القنابل النووية.

وما يقوم به المفكر الباحث التنويرى من بحث نقدى تحليلى تفكيكى لهذه الأفكار الظلامية القديمة ليس الا تفكيكا لهذه القنابل والألغام الفكرية، وينزع عنها فتيل التفجير المقدس، وهو ما لا يقل بأية حال عما يفعل خبير المفرقعات حين ينزع فتيل التفجير عن القنبلة أو اللغم، بل هو دور أهم؛ لأنه يجتث الإرهاب من جذوره الفكرية ويرده إلى سياقه الطبيعى فى تاريخ الفكر فتزول عن فكرهم (القداسة) التى تسمح لأنصار ومعتنقى هذا الفكر الظلامى التقليدى القديم بتفجيره فى وجه المجتمع وفى وجه الباحث التنويرى المجدد، وهذا (قتل) حقيقى وليس مجازيا فى مجال (الفكر) .. إنه قتل بمعنى سلب الحق فى (الحياة)، وقضاء على (الحضور) فى عالم المستقبل، وإقصاء من مجال (النسبى ) إلى مجال (العقيدة المقدسة المطلقة) ومن كون إلى أخر. ان (انفجار الأفكار) ليست عبارة مجازية، فمجتمعاتنا العربية الإسلامية تشهد انفجارات إرهابية فعلية وحقيقية فى الشوارع والطرقات منشؤها (أفكار) ظلامية أمن بها شباب وفتية .. ألغام وقنابل فكرية تحولت الى قنابل يدوية وطلقات رصاص، ومثلما القنابل والألغام تحتاج إلى (الفاعل) الذى يقوم بنزع (فتيل المفجر) وإلقاء القنبلة.. لا أريد هنا مناقشة الأدوار ومن حول (الفكرة) إلى (قنبلة)؟ ومن نزع فتيل (المفجر)؟ ومن ألقاها؟

فهذا أمر شرحه يطول وسأتتبعه بكتيبات أخرى من سلسلة التنوير، ولكن ما أود قوله أن هناك أفكاراً زائفة وخاطئة ومتطرفة حولتها (القداسة) الموهومة بالقدم وكثرة الترداد والتكرار إلى (قنابل) قابلة للانفجار فى سياق اجتماعى سياسى بعينه كالذى نعيشه الآن. ومهمة الباحث المجدد الذى يستخدم منهج البحث التحليلى النقدى تفكيك هذه الأفكار وتعطيل ونزع (مفجر) القداسة عنها وإعادتها إلى سياقها الطبيعى بوصفها انتاجا بشرياً تاريخيا نسبيا محضا، وهذا الفعل البحثى هو بمثابة (قتل) للخطورة المضمرة الخفية فى تلك الأفكار وتظل تلك الأفكار موجودة كجزء من تاريخ الفكر ولكن بلا قداسة ولا قابلية للانفجار وهذا ما سيكون محور مقالاتى القادمة باذن الله، ولا تنوير ولا تجديد ولا حرب على الإرهاب قبل هذه الخطوة الهامة (قتل القديم بحثا).. ومشروع التنوير هو مشروع لحماية الأمن القومى وحماية الدين الإسلامى من عبث العابثين والحاجة اليه.



#محمد_عبد_الله_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان ...
- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الله نصر - ألغام فى طريق التنوير