|
يوميات نصراوي: ما تبقى من التاريخ
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 21:42
المحور:
سيرة ذاتية
قال لي رفيق شيوعي من فرع الناصرة، اعرفه من أيام قيادتي للشبيبة الشيوعية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، ان لا اتعب نفسي بمراسلة جريدة "الإتحاد" الشيوعية لأنها لن تنشر لي. الباب أغلق! لم افهم مناسبة هذا الحديث ولم أكن قد سألته عن سبب تجاهل صحيفة الحزب لمقالاتي (على الأقل التي سوقت بها جبهة الناصرة بشكل غير مسبوق إعلاميا في معركة انتخابات البلدية الأخيرة).فاجأني بجملته وانا القي عليه التحية، كما يبدو أراد ان أحثه على المزيد من الكشف لأنه أوقفني بمد يده للسلام . الجبهويون والحزبيون في الناصرة وكل المنافسين للجبهة من القوائم الأخرى ، يعرفون ما هو الدور الذي قام به نبيل عودة دون ان ينتظر أجرة من احد. بل من منطلق وعيي لمكانة المدينة ومستقبلها. لم يكن غيري في الساحة الإعلامية إلا إذا اعتبرنا ما كانت تنشره جريدة "الاتحاد" الشيوعية من أخبار الاجتماعات تسويقا.. وهو إعلام بدائي في المفاهيم الإعلامية العصرية. قلت له: لست قلقا من مقاطعة "الإتحاد"، أنا غاضب منهم لغبائهم، لانغلاقهم وقصورهم الإعلامي بحق مدينة الناصرة. لا افهم دوافع هذه المقاطعة التي تتواصل منذ ثلاث دورات انتخابية.. أي ما يزيد عن 15 سنة. عندما كنت محررا في جريدة "الأهالي" نصف الأسبوعية (بين 2000 – 2005)، حولتها إلى منبر إعلامي للجبهة ومرشحها للرئاسة رامز جرايسي. أضفت قائلا لذلك الرفيق الشيوعي: اني خضت ثلاث معارك انتخابية لبلدية الناصرة، كنت فيها الكاتب الوحيد تقريبا في تسويق قائمة الجبهة ومرشحها للرئاسة. في المعركة الأخيرة كتبت أكثر من 20 مادة إعلامية نشرت منها "الاتحاد" مادة واحدة بعد تدخل كل قيادة الجبهة في الناصرة... ونشرت مقالاتي في عشرات المواقع ولم يهمني ان اعرف سبب هذا العداء من جريدة "الاتحاد" وحزبها؟ قال: قرأت أكثرية ما نشرته. سألته : هل من سبب لهذا الموقف العدائي؟ قال : لا أريد ان اكشف لك حتى لا أصدمك. قلت ضاحكا: لماذا أوقفتني إذن؟ لا تخف أعصابي قوية.. قل ما لديك .. واجهت ما هو أسوأ من المقاطعة.. واجهت التهديد بسبب دفاعي عن الجبهة من منافسيها .. ونشرت أخبار التهديد في وسائل إعلام محلية عربية وعبرية، وفتحت الشرطة ملف للتحقيق، ولم يتكرم من دافعت عنهم ان يتصلوا للتعبير عن تضامنهم معي على الأقل. بعد إصراري ان اعرف سببا معقولا لمقاطعتي قال بتردد في البداية: فرع الناصرة. سألته ما علاقة فرع الناصرة؟ قال: فرع الناصرة للحزب الشيوعي أرسل لهيئة تحرير جريدة "الاتحاد"، بعد ان نشرت لك بتتابع بعض المقالات والقصص، يطالبها بالكف عن نشر مقالات نبيل عودة. سألته: ما التبرير؟.. وهل فرع الناصرة يقرر بسياسة جريدة حزب؟ مرة أخرى تردد. لكني أصررت. قال ان فرع الناصرة يتهمني في رسالته لجريدة "الاتحاد" بأني اعمل مع مكتب رئيس الحكومة نتنياهو على تجنيد المسيحيين للجيش. ضحكت وتوقعت ان يكون ما قاله مزحة منه.. قلت: والآن قل لي الحقيقة؟ قال لي : قلتها لك..توقعت ان اصدمك بهذا الكشف. استغرقني بعض الوقت لأصدقه، ولكنه يصر ان كلامه ليس مختلقا ، وأصر: باستطاعتك الاستفسار من رفاق آخرين دافعوا عنك. قلت : أنا الآن على يقين ان استقالة إل 50 رفيق ورفيقة من أنشط أعضاء الحزب والشبيبة في الناصرة ، وتشكيلهم لمجموعة "شباب التغيير" وإصرارهم على عدم توقيع اتفاق فائض أصوات مع الجبهة في الانتخابات الأخيرة، ورفضهم الدعوة للتصويت لرامز جرايسي لرئاسة البلدية والتسبب بإسقاطه بأصوات قليلة من الجولة الأولى (رغم اني أرى خطأ ذلك) لم يكن إلا نتيجة أوضاع مريضة داخل الفرع وربما أوسع من الفرع. يبدو لي ان تاريخ الحزب قد أغلق وما نشهده اليوم هي ظلال لما كان. اضفت: لست غاضبا. لي موقف من الخدمة المدنية لم أخفيه. ولكن اتهامي بالتعامل مع نتنياهو وتجنيد المسيحيين في الجيش هو تجاوز لكل الحدود الأخلاقية وليس السياسية فقط. اعترف اني أشعر بالقرف. لاشيء إلا القرف من أساليب مخابراتية لا أخلاق فيها. كم كنت طيب القلب خلال 15 سنة، يتجاهلوني وأواصل دعمهم. يقاطعونني وأدافع عنهم. يشوهون سمعتي وارى بدعمهم قضية وطنية واجتماعية هامة. نبيل عودة صفحة مفتوحة بمقالاته كلها. ما نشرته منذ العام 2006 في الانترنت يزيد عن 600 مقال، يمكن الوصول إليها عن طريق الانترنت!! باستطاعة أي قارئ ان يراجع مواقفي السياسية، الثقافية والفكرية، بما في ذلك موقفي من الخدمة المدنية. أما توزيع التهم، وهو للأسف تقليد سياسي برز في ممارسة الحزب الشيوعي بعد ان بدأ يفقد مركزيته في الواقع العربي داخل إسرائيل، يسبب أضرارا للحزب وتراجع مكانته، ويبدو أني لم أقيم بشكل صحيح ان تاريخه قد انتهي!!. طلب مني ان لا اكشف اسمه حتى لا يتعرض للمحاسبة الحزبية. قلت حتى بدون طلبك لن اكشف اسمك لعقليات مريضة. ذكرني هذا اللقاء غير المتوقع بحدث جرى قبل أكثر من عقد من السنين، أيضا أثناء معركة انتخابية لبلدية الناصرة. جلست وقتها، في مهرجان افتتاحي لجبهة الناصرة عقد في بيت الصداقة في الناصرة، إلى جانب أستاذ علمني في الثانوية وتربطني به صداقة شخصية، أستاذ ثقف كل أهل بيته على المواقف الوطنية الشريفة. التقيته بعد أيام من المهرجان، قال لي انه غاضب على رفيق شيوعي مسئول رفض ان يكشف لي اسمه، قال له بعد ان انتهى المهرجان: كيف تجلس بجانب نبيل عودة الذي انتقد توفيق زياد؟ طبعا رد عليه ولن أورد الرد .. لأنه ليس موضوعي. لكنه قال لي انه خائف من هذا الجو المريض ان يسيطر على الحزب والجبهة. يبدو ان خوفه كان بمكانه الصحيح. للأسف غادر عالمنا قبل سنوات قليلة. مع مثل هذه العقليات الحاقدة لا يمكن التعامل. لست غاضبا، لكني آمل ان يقوم العقلاء، واعتقد ان صفوف الحزب لا تخلو منهم، بتصحيح المواقف، عقلتنها، ضبط الانفلات الغوغائي والتسيب في التطاول على شيوعيين سابقين لم يجدوا مبررا كافيا لاستمرار عضويتهم في الحزب، لأن تصرفات بعض قادته تجاوزت حسب رؤيتهم كل المنطق السياسي السليم. وجهة نظرهم هي ان استمرار النهج القائم سيراكم أزمة الحزب السياسية والقيادية ( وهذا ثبت) وهم ليسوا مستعدين للبقاء في تنظيم لا يحاسب قادته على تصرفاتهم.. بل يقمع كل نقد من أعضاء التنظيم.. ولست الأول أو الأخير الذي يواجه هذه الإشكاليات. هناك أحداث قررت عدم كشفها، رغم انها جاهزة لدي للنشر منذ سنوات. لست مخربا، بل ناشط سياسي له مواقفه المستقلة وبعضها يختلف ويتناقض مع موقف الحزب الشيوعي في السياسة أو الفكر. رغم ذلك ما زلت أرى بالحزب الشيوعي كإطار وليس كأشخاص ، النهج الأكثر تحملا للمسؤولية والأكثر أحقية بتمثيل مجتمعنا وشعبنا. هذا موقف مبدأي لا يتغير بسبب تصرفات غبية لمن جعلوا حزبيتهم سلفية دينية منغلقة!! لا اعرف من هم قادة الفرع في الناصرة. لكني آمل ان يراجعوا حساباتهم وضمائرهم. ليس مع نبيل عودة فقط، إنما مع قواعدهم وأبناء شعبهم الذين سينفضون من حولهم تدريجيا إذا ظلت هذه العقليات المخابراتية سائدة. لا تبصقوا على تاريخكم!!
[email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما قل ودل عن مغامرة نتنياهو الأخيرة
-
فلسفة مبسطة: قانون نفي النفي
-
العرب في اسرائيل: قائمة مشتركة للعشائر العربية؟
-
الو جهنم... مكالمة محلية؟!
-
الموجات الثلاث، نصف البحر وحبيبتي
-
ثقافتنا الغائبة او مثقفنا الغائب؟!
-
فلسفة مبسطة: وحدة وصراع الأضداد
-
فلسفة مبسطة: الديالكتيك
-
فلسفة مبسطة:نظرية المعرفة
-
انتخابات: من يقرر مصير الجماهير العربية؟!
-
الإختبار ..!
-
يوميات نصراوي: حكايتي مع الفلسفة
-
حتى ابن الله ...!!
-
الحاجز
-
يوميات نصراوي: أوراق قديمة لسالم جبران
-
بدأ الشوط الأول من لعبة الانتخابات
-
ملاحظات فكرية للحوار: لماذا نهتم بمستقبل اليسار؟
-
يوميات نصراوي: personae non gratae
-
يوميات نصراوي: لذكرى أمي...
-
هل تفقد اللغة العربية مكانتها في اسرائيل؟
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|