أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن زهري - كيف تنصر رسولك ... يا مغفل؟















المزيد.....


كيف تنصر رسولك ... يا مغفل؟


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 19 - 11:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"في شهر فبرايرعام 2006 عندما كان حوالي الألفين من الأصوليين يحرقون سفارة الدنمارك في لبنان‘ كان هناك أكثر من مائتي ألف شخص يجتمعون في عّمان (عاصمة الأردن) لحضور حفلة هيفا وهبي هناك"

تخيل لو أننا نعيش في الولايات المتحدة الإسلامية وأن مقر الأمم المتحدة في جاكارتا وأن مخترع الكهرباء هو عباس البصري وأن مكتشف نظرية النسبية هو علي المراكشي ومخترع الهاتف هو جرير البولاقي وأن أول مفاعل نووي لتوليد الطاقة في العالم تم تشغيله في ولاية باكستان وأن أفضل نوع من السيارات في العالم هو سيارات فيصل التي يتم تصنيعها في جدة – إحدى محافظات الجزيرة العربية – وأن أكبر شركة لتصنيع الطائرات في العالم هي شركة النور ومقرها الحُدَيّدَة في ولاية اليمن وأن أكبر مركز لأبحاث الطيران والفضاء، الذي أرسل أول رحلة للدوران حول الارض الذي إنطلق منه عالم الفضاء المسلم أحمد الإدريسي في أول رحلة إلى سطح القمر حاملا معه نسخة من المصحف الشريف وعلم الولايات المتحدة الإسلامية، يوجد في ولاية ماليزيا.

تخيل أيضا أن أكبر شركة لإنتاج الطائرات في العالم تقع في طرابلس وأن صاحب شركة إسلاموسوفت التي تقود تكنولوجيا الإنترنت في العالم هو بلال الجيزي وأن البنك الدولي مقره نواكشوط وعلى رأسه أحمد ولد أسلم وأن المتحكم في الشبكة الدولية للمعلومات هو الولايات المتحدة الإسلامية، وأن 99 بالمائة من محتوي الشبكة الدولية للمعلومات باللغة العربية وأن 312 جامعة في الولايات المتحدة الإسلامية تم تصنيفها بين أفضل خمسمائة جامعة على مستوى العالم وأن حجم المعونات الخارجية للدول الفقيرة قد بلغ في العام الماضي 47 مليار دينار إسلامي.

ماذا تتوقع أن تكون مشكلاتنا لو تصورنا هذا الوضع؟ ولايات الشمال الأفريقي تعاني من تدفقات الهجرة غير المشروعة من دول جنوب أوروبا عبر البحر المتوسط, وخصوصاً من إيطاليا, ويقوم مشاة البحرية الإسلامية بمراقبة السواحل لمنع تسلل المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة الإسلامية إلا أن إرتفاع معدلات البطالة في دول أوروبا يدفع العديد من الشباب في هذه الدول إلى محاولة الوصول إلى "الجنة الإسلامية" كما يسمونها في أوروبا للهروب من مشكلاتهم الإقتصادية وضعف الخطط التنموية، وقد رصدت الولايات المتحدة الإسلامية مبلغ ثلاثة مليارات من الدينارات لمساعدة الدول الفقيرة في أوروبا للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية.

مع إزدياد الطلب على تعلم اللغة العربية بإعتبارها اللغة الأولى عالميا من حيث كونها لغة العلم والبحث كما أنها لغة التجارة والأعمال قامت إدارة التعاون الخارجي بوزارة الخارجية بتوزيع أربعة ملايين نسخة من برنامج التعليم الذاتي للغة العربية وطرحها مجانا في المراكز الثقافية للولايات المتحدة الإسلامية في العالم لمواجهة الإقبال المتزايد على مراكز تعليم اللغة العربية في دول العالم النامي. وقد أعرب مثقفون أمريكيون عن قلقهم حيال الغزو الثقافي الإسلامي وإحتمال إندثار لغتهم الإنجليزية مع دخول العديد من المصطلحات العربية في لغتهم، أضف إلى ذلك التفوق الإعلامي الكاسح للولايات المتحدة الإسلامية وسيطرتها على معظم شبكات البث التليفزيوني في العالم.

لقد عشت الحلم الجميل .... هل تتمنى أن يكون هذا الحلم واقعاً معاشاً؟ بالطبع نعم .... ولكن هل يمكن بالفعل تحقيق هذا الحلم؟ بالطبع لا .... لماذا؟ لماذا إذن شاركتنا هذا الحلم؟ لكي نعود سويا للواقع المعاش وهو بالطبع المقابل لهذا الحلم، فلا علم ولا إختراعات ولا حضارة ولا تكنولوجيا ولا شيء ... نعم لا شيء .... ونزعم أننا خير أمة أخرجت للناس وننسى أن هذه الخيرية مشروطة .... نعم مشروطة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إننا للأسف إختزلنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شىء واحدٍ هو جسد المرأة، فالمرأة منكر، جسدها منكر وصوتها منكر وكلها منكر كأن المنكر فقط هو العلاقة غير الشرعية بين الرجل والمرأة ... نعم إنها من أكبر الكبائر لكنها ليست كل المنكر ونسينا أن المنكرات في حياتنا قد ملأتها عن آخرها، فالرشوة منكر وهي تنتشر كالنار في الهشيم في كل مكان من أمتنا الاسلامية, وتعطيل مصالح العباد لمدة قد تصل إلى الساعتين بحجة أداء الصلاة منكر, وإغتصابك للمكان المخصص للمشاة أمام متجرك منكر، وإزعاج الناس بالقرع على إسطوانات الغاز في الطرقات منكر، والدروس الخصوصية الإجبارية منكر، وإهمالك لعملك وقراءة الجرائد والحديث مع الزملاء وتناول طعام الإفطار من الثامنة إلى العاشرة صباحا أثناء العمل منكر، وعدم إحترامك لإشارات المرور – إن وجدت – منكر، وعدم إتقانك لعملك منكر، ونفاقك لرئيسك في العمل للحصول على مزيّة دون زملائك منكر وإجحاف لحقهم، وأن تكون جاهلاً بالقراءة الكتابة وأنت مسلم منكر، وألا تقرأ منكر ... كيف لا تقرأ وأول أية نزلت على رسولنا الكريم تدعو للقراءة.

أما عن الأمر بالمعروف فقد إختزلنا المعروف في العبادات وأصبح كل منا داعية إسلامي يدعو إخوانه للصلاة والصيام وينظم البعض رحلات العمرة ... جميل لكن هل هذا كل المعروف؟ لا والله إن العبادات لله وهي فرض نحاسب عليه أمام الله، العبادات بيننا وبين الخالق سبحانه وتعالى، يقبل ما يقبل ويرفض ما يرفض منها ويحاسبنا عليها كما يشاء، هذه من البديهيات والمسلمات في العبادة لكننا قد أُمرِنا بإعمار الأرض، نحن ظل الله في هذه الارض، ما شاء الله، أنظر إلى هذه الخيرية التي حباك الله بها ... أنت ظل الله، لقد خلقك لتعمر هذه الأرض. ماذا فعلت؟ هل عمرتها؟ نعم لقد بنينا العديد من المساجد وزيناها للناظرين. هل هذا هو الإعمار؟ هل هذا هو كل الإعمار؟ ولماذا كل هذا البهرج وهذه الزينة في المساجد؟ ألم تسمع قول رسولنا الكريم "جعلت لى الأرض مسجدا طهوراً"؟ هل هذا هو كل الأمر بالمعرف؟

أليس من المعروف إستخدامك للتكنولوجيا التى إخترعها غيرك؟ أليس من المعروف أنك تطبع المصحف الشريف بماكينات وأحبار يسرتها لك تكنولوجيا الغرب الذي تنعته بالكفر؟ أليس من الأمر بالمعروف استخدم البريد الالكتروني والإنترنت في التواصل بينك وبين أفراد عائلتك مهما بعدت بينكم المسافات؟ أليس من المعروف إستخدامك لوسائل المواصلات الحديثة لتقطع الصحارى والقفار وأنت تحتسي القهوة أو ربما مشروب الكوكا كولا فوق السحاب؟ أليس من المتعارف عليه أن نرسل أبنائنا لتلقي العلم في جامعات الغرب؟ أليس من المعروف أننا نرسل من يئسنا من شفائهم للعلاج في الغرب؟

ألا تخجل من نفسك؟ أنظر حولك – ليس هذا هو إعلان تنظيم الأسرة القديم – أنظر حولك سوف تجد أن هاتفك المحمول مصنوع في فنلندا أو اليابان أو ربما الصين وأنك لا تملك من أمره شيئا سوى إستخدامه كمستهلك نهائي .. لقد صُنع هذا الجهاز بتكنولوجيا الغرب المتقدم. أنظر إلى ساعتك ... تُري أهي صناعة سويسرية أم يابانية أم صينية؟ حتى نظارتك، شمسية كانت أو طبية، إنها مصنوعة في الغرب. أما سيارتك فحدث ولا حرج، فإذا كنت من علية القوم فهي لابد وأن تكون أمريكية أو ألمانية، أما إذا كنت من حديثي العهد بالسيارات فربما تكون كورية ... لم يخترع المسلمون هذه التكنولوجيا إنما نقلوها عن جورج وفورد وكوهين وكاماساوا ماساهوتا. حتى نعليك تفتخر أنهما من ماركة كلاركس البريطانية أو أنهما صناعة إيطالية .... لا حول ولا قوة إلا بالله ... ألا تسهم في إعمار العالم بشيء؟

كيف تنصر رسولك؟ هذا هو السؤال المهم ... قال رسول الله صلى الله عليه سلم "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" صدق رسول الله. هذا هو الميثاق الذي يجب أن يضعه المسلم نصب عينيه .... لقد تركنا الدنيا طمعا في ثواب الأخرة وأصبح همّنا العبادات، العبادات فقط ، هذا والله ما من الإسلام في شيء لأن الإسلام دنيا ودين وأننا والله لمحاسبون على تركنا للدنيا حتى أننا أصبحنا أسرى لما تجود علينا به الأمم من إنتاج عقول أبنائها. إن العبادات فرض وأداؤها واجب لابد منه وهي علاقة مباشرة بين العبد وربه، لكن بها وحدها لا ينصلح حال المسلمين لأن الإسلام كما أوضحنا هو دنيا ودين وإذا لم نعمل ونسهم في منظومة الإبداع البشري وأن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا لن ينصلح حال أمتنا. إن نصرة رسولك الحقة أن تعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وأن تلحق بركب الحضارة والتقدم والإبداع كما فعل أسلافنا من علماء الفلك والطبيعة والفيزياء والفلسفة وعلم الإجتماع .... وأن نعمل لآخرتنا كأننا نموت غدا ...



بعض الملاحظات:
1. هذا المقال هو الفصل الأخير من كتابي "التجربة الدنماركية تداعيات ما بعد الأزمة" المنشور عام 2006، أعتقد أنه أكثر مناسبة الآن عنه في عام 2006
2. مغفل: أي إستطاع البعض أن يجعلوك في غفلة عن الحقيقة وليست سُبة



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2014
- اليوم الدولي للمهاجرين
- تراب الوطن ... أجساد الحور
- صعيدي حول العالم: في بلاد تركب الدراجات
- صعيدي حول العالم: في بلاد غاندي ونهرو
- المصريون المحدثون بين صافينار وفيفي عبده
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2013


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن زهري - كيف تنصر رسولك ... يا مغفل؟