أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عياد فرج - فصام (تغير - ثبات)















المزيد.....

فصام (تغير - ثبات)


مجدي عياد فرج

الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 12:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إزدواج الشخصية هو مرض نفسي حيث يكون للفرد الواحد شخصيات متباينه لكل منها نمط إدراك وتفاعل مع البيئه ، أي تعدد هويات متمايزه في شخص واحد.
أما إزدواجية المبادئ فأقصد بها الكيل بمكيالين والوقوع في تناقض في الحكم علي شئ أو اتخاذ قرار.
وقد يسقط شخص ما في إزدواجية وينافق بتطبيق مبدأ ما في حالة دون أخري لمصلحته الشخصية أو لأحساسه بأنه حاله خاصه متمايزه ، لكن كيف لمجتمع بأكمله أن يكون مفصوم ؟!

إن إنفصام أو إزدواج المبادئ هو من أكثر الامراض الإجتماعيه المزمنة التي يعاني منها كثير من المجتمعات الإنسانية المعاصرة وخاصة مجتمعنا المصري. ومن الأمانه والولاء والاحساس بالمسؤليه أن نظهر نقاط الضعف ونلقي عليها ضوءا ساطعا ، لعلنا ننجح في إعادة إصلاح مجتمعنا وندرك الشعوب المتحضره التي أصبحت بالكاد علي أفق رؤيتنا. ساطرح علي سبيل المثال لا الحصر أمثله من مظاهر الفصام والإزدواجيه المتفشيه في مجتمعنا :-
الغالبيه منا غاضبون علي أوضاع مجتمعنا المزريه ، من الفساد والركود الثقافي والجهل والتخلف والفقر ، الكل يطالب بالاصلاح والتغيير للافضل ومع ذلك الكل يهلع لأول مختلف ويسرع لرجم هذا الشاذ غريب الاطوار الذي يدعو لترك القيم والنظم الإجتماعيه العظيمه المثاليه التي ورثناها عن سلفنا الصالح ، والتي هي بعينها التي كان يعاني منها في الجمله القبل السابقه. هنا يكمن سبب تعثر نهوضنا.
من منا لم يسمع تلك المقوله المصريه المتداوله بكثره " هو الشعب المصري كدا ... " من منا لم يعاني من عدم نظام أو نظافة الشوارع وتكدسها بالقمامه ومن غيرنا هو الذي يلقي بها. أتذكر انني كنت بداخل سياره مع شخصين ظلوا يلعنوا الشعب المصري علي إلقاء القمامة في الشارع ثم ألقي أحدهما ببعض القمامه قبل أن ينهي جملته.

كثيرا من المسيحيين إن لم يكن أغلبهم يعانون التهميش وعدم المساواه كونهم أقليه وأن الدين الرسمي للدوله هو الأسلام ، فتجدهم يتمنون مجتمع مدني لا يكون فيه مرجع التشريع ديني بل علماني وهم يفزعون عند تصاعد تيار الاسلام السياسي ، ولكنهم بطبيعة الحال ضد المدنيه عندما يتعارض الامر مع أيدلوجيتهم ، أي أن الامر يمكن اختصاره في القول " نحن مع المدنيه في الجانب الذي يخدم مصالحنا وضدها في الجانب الذي يقلل هيمنتنا الاجتماعية". المبادئ لا تجزأ ، إما تطبق أم لا ! .

علي الجانب الآخر تجد المسلمون يسمون غزوات الرسول "فتح" وغزوات فرنسا "إحتلال" أو في إدعاء البعض بأن الحضاره العلمانيه الغربيه فساد - وان الحضاره العربيه الاسلاميه هي الافضل - رغم أن العرب والمسلمين أول المستفيدين بحضارة الغرب وعلومها ومنتجاتها والعرب هم أول المهاجرين لتلك الدول التي يلعنون فسادها.
تجد أن أصحاب الأديان يطلقون علي نقل فكرهم الديني للآخر هو تبشير أو دعوه أو هدايه ، وفي نفس الوقت يطلقون علي نقل الآخر لفكره الديني إليهم تضليل وتدخل وكفر ومحاربه شيطانيه. كم من داعيه يبيع المعجزات للضعفاء ويذهب هو لأكبر مستشفيات أوروبا عند مرضه. ندافع عن إيمان ﻻ-;- نمتلك منه قدر حبة خردل ، من يستطيع نقل الجبل ؟
قصائدنا تمجد الحريه وأغانينا تنادي بالأنسانيه ونحن نسلب الفرد أبسط حقوقه في العيش بالطريقة التي يراها هو مناسبه. يحدثك شخص ما عن المفروض الصحيح الذي يعلمه جيدا ولا يفعله. الملايين خرجوا لاسقاط حكم العسكر وخرجوا أيضا لتفويض العسكر.
إنها إزدواجيات خرقاء غارقين فيها في سبات داخل قبورنا التي تآكلت جدرانها من الرياح ونفذت روائحها الكريهه منذ زمن بعيد.

عندما يرزق المجتمع بطفل جديد يكون قد حدث نسخ بيولوجي وهي الخطوه الاولي ، أما الخطوه الثانيه فهي النسخ الفكري لتكتمل عملية التنميط أو التلمذه أو تنشئة أبناء صالحين أو بلفظ آخر نسخ جديده ، فحسب ثقافتنا الأبويه الأبناء المتمردون أو المتخذون موقف فردي تجاه الموروث هم عاصين غير صالحين. لهذا السبب يكون هناك ضغط نفسي واجتماعي علي أي موقف شخصي لا يطابق النمط المفترض ، مما يؤدي طبيعيا إلي خضوع الفرد لعملية تنميطه دون أن يعي وبالتالي ينتهي الامر بمجتمع أفراده مشابهين لأبنائهم ذو المواقف المزدوجه يرثون قيم عظيمه وقيم فاسده معا ، خاملين ذوي أرواح بليده منسابين مع التيار دون أدني مقاومه بلا موقف شخصي ، منهزمون يزمون إلقاء القمامه ولكن أحدهم لا يتوقف ليقول "أنا" لا ألقي قمامه في الشارع ، وبالطبع الأمر يمكن تعميمه علي كل مشاكلنا التي نعاني منها.

في المواقف المزدوجه التي يظهر فيها إنفصام حاد في المبادئ ، إعلم جيدا ان صاحب هذا الموقف اتخذه لمصلحتة الشخصيه ، أو أنه يعاني خمول فكري فاصبح هذا السلوك نمط يقلد فيه الآخر وفي نفس الوقت الآخر يقلده فيه ، وكما يقال في مجتمعنا "زينا زي الناس - مايسير علي الناس يسير علينا " ، الاختلاف في حد ذاته أصبح جريمه أصبح هاجس مرعب ، لما ، لأن تلك النفوس مهزومه سلبت منها انفسها يهابون إتخاذ مواقف فرديه ، مجرد نسخه جديده من نمط قديم ، يخشون الظهور تحت الاضواء ، قابعين في ظلام الاغلبيه لألي توجه إليهم الأصابع ، رغم أنهم يعانون الظلام مع الاغلبيه التي تزم كل من يوقد شمعه.
إن لجأت أنا لواسطه أو محسوبيه لإتمام مصلحه معينه فلم تخرب الدنيا ، منديلي انا لم يزيد كثيرا من القمامه. أنا مركز الكون ، انا الحاله الخاصه ، يجب علينا حقا أن نلتزم كلنا ، ولكن إن التزم الاخرين دوني انا لا يسبب كثيرا من المتاعب ، لانه فرد واحد غير ملتزم أنا فقط ، اؤكد لك انني صحيح بشكل مطلق ليس لاني انا هو انا ، بل لاني صحيح ، يحق للفتاه التي أحبها ان تثق في ولا يحق لاحد ان يمنع مشاعرها تجاهي ، ويحق لي ان أتدخل في شئون أختي لامنعها من حب أي شاب ، كم من أم عانت من غلو مهر عروس ابنها وهي تطلب اغلي مهر لبنتها.
إن المزاعم السابقه خليط من وهم المركزيه والذاتيه وفصام المبادئ وضيق الأفق.

من أشهر الاكتشافات العلميه ما اكتشفه كوبرونيكس وأينشتين ودارون ، فالأول إكتشف أن وهمنا بالمركزيه هي ذاتيه خادعه وضيق أفق والثاني أثبت أن حتي تقديرنا للوقت والمسافه يختلف طبقا لاختلاف المرجع ، والثالث وضح اننا لم نهبط من السماء للارض بل العكس ، خرجنا من الارض لنرتفع نحو السماء.
إن تدريس العلوم والفلسفه بعمق اكثر علي هذا النحو أي الانتباه لمغزي تلك المكتشفات وأثرها الكبير في تهذيب النفس ورقيها قد يساعدنا علي النضوج والاحساس بالمسؤليه والخروج من وهم كلمة "أنا" ، لانها تصدم منهجنا القديم في التفكير فالكاتب يري أن الانتباه للاكتشافات العلميه والثورات الفلسفيه تؤثر بشكل أعمق مما نتوقع في فكرنا وسلوكنا و فالتغيير يبدأ من العقل والفكر ، إذا اردت أن تحل مشكلة إلقاء القمامه كن أكثر عمقا ، إبحث عن الاسباب العميقه ، عد إلي جزور المشكله ، أسأل عن الفكر والمنهج.
أحيانا اتوق لان اسأل شخص ما حينما اراه يلقي قمامه في الشارع ، هل تحب أن يلقي الناس بالقمامه في الشارع فيصبح قذر ؟ حسنا ، هل تعتقد أن الارض تدور حول الشمس ام العكس ؟ إني أناشد القارئ العزيز بتمعن الامر بعمق اكثر ،إن جزور أبسط مشاكلنا تكمن في منهج تفكيرنا.
أقتبس مما قاله الراحل إبراهيم الفقي : " المفكر هو صانع الأفكار و الأفكار تسبب التفكير و التفكير يسبب التركيز و التركيز يسبب الأحاسيس و الأحاسيس تسبب السلوك و السلوك يسبب النتائج و النتائج تحدد واقع حياتك فلو أردت فعلا أن تحدث تغييرا في حياتك غير إدراك المفكر".

وبالطبع صاحب كل رأي ينسجه من خيوطه الفكريه الخاصه ومن تجربته وإهتماماته ، ولكن وجهة نظري في رسالة المقال تحمل جزءاً من الحقيقه كما أظن.

والرساله هي للخروج من إزدواجية التغيير-الثبات لبلوغ وضع أفضل يجب علينا إتخاذ موقف فردي بشجاعه ليبدأ التغيير لوضع مختلف يحتمل علي الأقل أن يكون أفضل ، أظن أن التغيير نناشده كلنا وتبقي أن نتخذ مواقفا فرديه ، لا يجب إنتظار تغيير جماعي ، هذا علي الأرجح لن يحدث ، يجب إتخاذ موقف فردي ضد تيار التنميط.
لن يحدث هذا سوي بتحرير العقول وتحرير الفكر وهنا تظهر عقبه جديده حيث أن التحرر الفكري يهدد و يجابه السلطات القائمه ، أن قائم في عالم اليوم ولكن إذا حدث تغيير وتبدل من يضمن لي قيامي في الغد الجديد المختلف ؟ هنا يظهر المعدن الحقيقي لهذه السلطات ، تهدد سلطتها في سبيل الأصلاح والمصلحة العامة أم تفضل الركود والإبقاء علي المشاكل لحساب سلطتها بحجة أن فكرنا كامل وصحيح لا يحتاج لتغيير او إصلاح وتعود الإزدواجيه للظهور مرة أخري.

سيظل المختلفون الذين نجحوا في تغيير أنفسهم أو حتي حصلوا عليه بطفره تلقائيه يعانوا ليس من الضغط الاجتماعي فقط ، بل من إزدواجية لعن النمط السائد وفي نفس الوقت نبذ التغيير مبدئياً فعلا لا قولا ، قوم طبلنا لهم لم يرقصوا نحنا لم يبكوا. إذا ظل الحال كما هو عليه ، أظن أن الأمناء حينها لم يستفيدوا مع معاناتهم سوي الحق في لعن الظلام.



#مجدي_عياد_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقاعات الصابون
- القبض علي الموضوعية - الجزء الثاني -العلم تحت المجهر
- أصلبوا داعش
- القبض على الموضوعية
- الدراسه العملية والدراسه النظرية


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجدي عياد فرج - فصام (تغير - ثبات)