|
مآساة الطب في العراق
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 23:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان الطب في العراق أفضل حالا من كل دول المنطقة ، وكان الاطباء العراقيون يحترمون مهنة الطب ، وجميعهم كفاءات لاتختلف عن الاطباء في أوربا ، وقسم كبير من الاطباء المحترمين أصحاب الكفاءات والخبرات لازالوا في العراق ، ولايشملهم هذا الحديث وهذا العنوان ، نحن نتحدث عن الحالات السلبية التي اساءت للطب والاطباء الشرفاء في العراق . عندما ترتخي قبضة الدولة ، ويغيب القانون ويحكم البلد ساسة فاسدون وحرامية ، تظهر العصابات لتعيث فسادا ، ومن أمن العقاب اساء الادب . الطبيب بالفطرة لايكذب ، لانه يعالج المريض نفسيا قبل أن يصف له الدواء ، يعالجه أولا بالكلمة الطيبة ، وكثير من الامراض يتغلب عليها المريض بسبب المعاملة الحسنة من الطبيب ، وكذلك اللباس الابيض الذي يمييز الطبيب عن غيره له الدور الفعال في شفاء المريض . للاسف تصلنا أخبار وشهادات من عراقيين ( اصدقاء واقارب وغيرهم ) غير سارة ، تتحدث فساد كبير في المؤوسسة الصحية في العراق ، ترتقي الى جرائم بحق الانسانية ، وتدخل في خانة مشروع الابادة الجماعية سواء كانت عن قصد أم لا . القضاء فاسد والساسة فاسدون ، والتعليم إنتهى والقيم والاخلاق انتهت في العراق ، ووصل الفساد الى مؤوسسة الصحة ، حيث يتعلق الامر بحياة ناس ابرياء يظنون أن الطبيب المعالج يحترم مهنته ، ولايلجأ الى بيع ضميره وذمته ، ويضع المال أولا ، وبالاتفاق والتآمر مع شركاءه اصحاب الصيدليات . كل هذا البلاء سببه الحصار الذي نخر المنظومة الاخلاقية ، والنظام السابق ، واكمله رجال الدين والاحزاب الفاسدة ، لم يبق من العراق غير الاسم والوهمي ، كل شيء انتهى ودخله الفساد . الطبيب في كل دول العالم يخضع لمراقبة شديدة من قبل مؤوسسات الدولة الرقابية ، وكل ستة اشهر يتم تأهيل الاطباء حتى تواكب خبراتهم التطور العلمي ، ودخل الطبيب من مهنته الشريفة هو أول دخل في الدول ، فلا حاجة له الى أن يلجأ الى الفساد والنصب والاحتيال ، الا أنه قد إنحرف . ماتفعله عصابات الاطباء في العراق خطير جدا ، لايقل فتكا بأرواح العراقيين عن باقي أدوات ومشاريع الابادة الجماعية ، وهذه العصابات سمت أنفسها أطباء وصيادلة ، مجاميع من القتلة ، ينفذون الجرائم بهدوء ، بواسطة عمليات جراحية ، سواء يحتاجها المريض ام لا ، وراح ضحيتها ابرياء من نساء وأطفال وشيوخ وشباب ، وعندما يكون هناك ضغط عليهم من أهالي الضحايا ، يتباكون ، ويصورون أنفسهم ضحايا ( الفصل العشائري ) حتى يتعاطف معهم الاخرون ، ويضج الجميع ويلوم العشائر ، وأن مهنة الطب والاطباء ( المظلومون ) مهددة ، والحقيقة أنهم جزارون لايرحمون أحدا ، نعم هناك من وقع عليه الظلم من قبل عائلة وعشيرة المريض لكنها قليلة ، وتغلبت عليها حالات التعمد . كم من الاطباء والصيادلة باعوا ضمائرهم ، ووضعوا ذلك العنوان المزيف ( الطبيب المعالج والصيدلية الفلانية ) وكم من هو محترف مهنته وكم من هو دخيل عليها ( دمج ) ؟. عصابات الاطباء قتلت الاف العراقيين بطرق واسلحة متعددة ، منها إعطاء الدواء الفاسد والمنتهية صلاحيته ، كما يفعل بائعو الادوية في الشوارع ، ومنها حالات يتعمدها الطبيب بالاتفاق مع صيدلية ما ، حيث يعطيه ادوية لا علاقة لها بحالته الصحية ، والغرض هو أن يتردد على عيادة الطبيب ويحلبه ، والادوية الكيمياوية التي يجبره على تناولها تقتله في نهاية المطاف او تسبب له الامراض الخطيرة ومنها السرطان . قد إشترك مع الطبيب صاحب صيدلية بدون ضمير ، ولايخاف الله ، وهمهم جمع المال ، كما تفعل عصابات بيع الاعضاء البشرية ، يجبرون المساكين على التردد على عياداتهم وصيدلياتهم ، حتى يفرغ ما عنده من أموال ، ويلفظ أنفاسه الاخيرة ، وهكذا يستمر مسلسل القتل . عصابات شكلت لقتل العراقيين ، بدون أخلاق ولاضمير ، وعندما تظهر فضيحة في عيادة ما أو مستشفى في مدينة ما ، يلجأون الى التظاهر ، حتى يتعاطف معهم الناس ، ويغطون على أفعالهم الاجرامية ، الصراخ الذي يظهرهم قد تعرضوا للظلم من المجتمع . عندما يأتيهم المرضى الى المستشفى العام ، يحتقرونهم ، ويدفعونهم الى الذهاب الى عياداتهم ، وهناك يحتضونهم ، وتبدأ عمليات النصب والاحتيال ، وسيء الحظ من يذكر أمام الطبيب أنه قد زار طبيبا اخر غيره ، يتعصب ويبدأ بالصراخ ويهين المريض على ( جريمته ) وهي مراجعة غيره ، حتى تتردى حالة المريض ، وكما اسلفنا أن المعاملة الحسنة من قبل الطبيب للمريض هي نصف العلاج . يبدأ المسلسل بإعطاء المريض أدوية بعيدة عن العلاج الذي يحتاجه إما عن طريق التعمد او الغباء ، لان من يسلك طريق الانحراف يفقد حتى الخبرة التي ملكها ، حتى يصل الى حالة عدم التمييز بين الامراض وهو في عجلة من امره يتسابق مع الزمن ليدخل عليه اكبر عدد من المرضى في اليوم الواحد ، و لايهمه سوى المال ، كيف يحصل عليه بالاشتراك مع الصيدلية التي يتفق معها في غياب الرقابة . الادوية تفتك بالناس ، وهذه جرائم متعمدة ، ويتم الاتفاق مع صيدلية ، حتى تكون الكتابة في وصفة العلاج على شكل رموز لايفهمها غير صاحب الصيدلية التي تم التعاقد معها ، ولايستطيع اصحاب الصيدليات الاخرى قراءتها ، وفك الرموز والشفرة التي اتفق عليها الطبيب المعالج والصيدلية ، وهذه جريمة متعمدة ، لا بل يجبر المريض على أن يعود اليه بعد شراء الدواء حتى يتأكد أنه فعلا إشتراه من نفس الصيدلية التي تعاقد معها . هذا غير العمليات الجراحية التي هي بدون تشخيص حقيقي أو بتعمد ، والمريض لايحتاجها ، فيموت المريض في المستشفى أو يصاب بأمراض اخرى ، مثل السرطان ، وكثير من الناس فقدوا بصرهم بسبب عمليات هم لايحتاجونها ، أو بسبب جهل الطبيب . والمصيبة الاكبر أن اصحاب الصيدليات والاطباء الذين شاركوهم ، يتعمدون بيع المرضى ادوية منتهية الصلاحية وفاسدة ، ويدفع الابرياء حياتهم جراء هكذا ممارسات . لاتوجد اليوم في العراق قوانين رقابة تضبط عمل الاطباء والصيدليات ، والامور سائبة ، وقادة البلد لايعرفون غير تقسام الغنائم . المال أفسد كل شيء في العراق ولم تسلم اي مؤوسسة من مؤوسسات الدولة العراقية منه . هذا المقال جاء بعد التحري الدقيق لما يجري في المؤوسسة الصحية وقد إستند على شهادات اطباء شرفاء ضاعوا بين أخرين فاسدين ، وشهادات لعراقيين فقدوا ذوويهم في المستشفيات بسبب عمليات جراحية لايحتاجونها ، ومنهم من فقد بصره ، وقد تابعنا هذه الحالة لاكثر من عقد من الزمن ، ولذا نطالب بتغير الحال في المؤوسسة الصحية الحساسة التي تتصل بحياة الناس .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
-
لاجهاد تحت راية ضلال
-
الاسلام في خدمة الشيطان
-
( الولاية الثالثة ) للمختار
-
ثورات النعال في العراق
-
الجلاد المقدس
-
ايها الوحش ايها الاستعمار
-
المواطن ( ينتصر )
-
أنعاك يا ابن العم : خالد جامل الكرعاوي
-
السعودية وايران والحضن الامريكي
-
القدر مكان
-
المالكي خيار السيستاني
-
رسالة من الوطن : إلغاء السفر
-
حسن العلوي ( المثقف ) صانع الديكاتور
-
( معركة الحشفة المقطوعة )
-
إستهداف الجواهري
-
ظاهرة التزوير في العراق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|