التزاوح بين التنوير والرجعيه

داود خوري

الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 07:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من المعروف لدى الكثير من المفكرين ان المجتمع الانساني بطبيعتة المادية والمثالية (هنا لست في مجال النقاش الفلسفي او الفكري لأولئك ) يتطور الى الامام بوتيرة بطيئة احيانا وبهبات شعبية او ثورات احيانا اخرى, وعندما يحدث هذا او ذاك فالمجتمعات تجني ثمار هذا التطور والتحول, طبعا بتفاوت كمي وكيفي وزمني. وفي كلا الحالتين لم يكن النضال بين القديم والجديد الا ليبرز قوى ثورية, سياسية واو اقتصادية (وليس فقط بالمفهوم الماركسي) تتبنى مفاهيم اساسية تدعو الى قلب النظام القديم وقيمه واستبدالة بنظام جديد وقيم جديدة جذورها في القيم القديمة. اليوم تقوم شريحة او مجموعة او تيار يتسمى بالتنويربدورغطاء فكري في الدفاع عن تيار سياسي واجتماعي وفكري يدعو بطبيعة كينونتة الرجعية, المحافطة على القديم ضد التطورالطبيعي للمجتمع الانساني وضد المفاهيم الفكرية الاساسية للتنوير والحرية والدمقراطية.
يمكن افساد فرد او مجتمع لكن لا يمكن افساد فكرة, فالفكرة ليست ذات شعور او فكر لتتغيير هي بنفسها, كما هو الحال لدى الفرد او المجتمع. وعلية لا يمكن افساد فكرة, لكن يمكن استعمال الفكرة لمحاولة افسادها. بسبب طبيعة صيرورتها وكينونتها فهي باقية رغم محاولات افسادها.
يمكن استعمال اي فكرة لاهداف شخصية او مجتمعية او سياسية عامة بعكس ما تصبو اليها الفكرة او مفكرها, ولكن هذا لا يحول الفكرة بعكس مفهوم كينونتها. بعض المفاهيم والافكار المسيحية تدعو الى السلام والحبة وتأمر بأللا تقتل, والحركة التنويرية في القرن الثمن عشر وعلى رأسها جون لوك وفولتير وروسو بشكل عام تدعو الى الحقوق الطبيعية للانسان بما فيها المساواة والحرية والى نوع ما من المساواة بين الرجل والمرأة والماركسية تدعو الى شيئ من هذا القبيل الى حد ما. (لنبقى هنا لئلا نعوم في متاهات فلسفية لا نهاية لها).
كما لم تنجح محاولة التزاوج بين افكار المسيحية وقتل السكان الاصليين في اميريكا الجنوبية في القرن ال16 – ال18 باعتبارهم حيوانات ولا يعدون من الجنس البشري, ومحاولة التزاوج بين افكار الحركة التنويرية وقمع الايرلنديين والمتاجرة بالانسان واستعباده في اميركا في القرن الثمن عشر والتاسع عشر, ومحاولة التزاوج بين الافكار الماركسية والقمع الستاليني في القرن العشرين, لن تنجح محاولة مجموعة قطرالمثقفة في تزويج الفكر التنويري والرجعية في عالمنا العربي في القرن ال21 ., الذي مقت محاولات هذا التزاوج على مدى عصور.

#داود_خوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات