|
المنهج الصحيح في الرد على كل ما هو قبيح
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4691 - 2015 / 1 / 14 - 02:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
البارحة تناقشت مع احد الملتحين حول أحداث شارلي ايبدو ، وهو يعتبر من الملتزمين دينيا حسب فهمه للدين وللالتزام ، وأبديت رأيي في قضية نشر رسوم ما يعتقد -بعض مسلمينا أنار الله بصيرتهم- أنها مسيئة لأشرف المرسلين . وواجهته بنفس القناعة التي انتقدت فيها أحد أكبر مشايخ الصحافة العربية السيد عبد الباري عطوان الذي يقول في أحد مقالاته بالحرف : "نشرت رسوما اخرى اكثر اساءة واستفزازا من بينها واحدة تصور الرسول الكريم عاريا" . انه قمة السذاجة .....وممن ؟؟ من صحفي له باع طويل في الصحافة ، لكن ما أسميه بالوعي التفكيري منعدم لديه .....كيف ذلك ؟، حتى وان ادعت الجريدة أنها تنشر صورا عارية لما تظنه وتتوهمه رسولنا ، فنحن نسألها من أين أخذت صورة النبي الكريم كي تصنع منها كاريكاتورا ساخرا ؟ ، فمعلوم أن الكاريكاتور فن "وهو صورة تبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص ومميزات شخص أو جسم ما، بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي والسياسي " لكائن معلوم ، والقصد منه احداث المفارقة في صورته المحرفة ؛ وهو ما يفضي الى تلك الممعادلة الساخرة ، وهذه المعادلة الساخرة لا تأتي الا من صورة مجسدة ذهنيا أو واقعيا وقد وقع فيها تحريف أو تشويه ما ، وهذا ما ينتفي في موضوع الرسول الكريم ، فهو يبقى صورة مجردة غير معلومة وغير مجسدة . وبالتالي فان أي تحريف صوري مرسوم هو مجرد نتاج ذهنية مرضية ، دافعها الوحيد والأوحد اثارة النفوس المريضة مثلها ، وتختار الوقت المناسب و الظروف العامة المناسبة لنشر غسيلها القذر ؟ والسؤال هل هناك من يعرف شخصية الرسول الكريم ، كي تصوره عاريا أو كاسيا ؟ان تشبيه أي شيئ لابد له من الصورة المشبه بها ، ووجه الشبه ، وما أسميه باقتضاء التشبيه . وفي غياب هذه الشروط والدعائم تنتفي أي مزاعم رسم نبي الرحمة ، أو تشويه صورته في رسومات لا يتسلى بها الا ذوو النفوس المريضة والمنحطة .والأدهى من هذا أننا بانتفاضتنا الحماسية ، وحميتنا الجاهلية نقر الرسامين على أن الصورة المعنية هي فعلا لنبي الهداية محمد (ص) . لأن ردود فعلنا هي انعكاس للهجوم الذي نتوهم أننا نتعرض له ، لتنشب حروب وترتكب جرائم ضخمة على هامش انشغالاتنا ومهامنا الانسانية . يوظفها الغرب توظيفا يخدم استرتيجيته ومصالحه بالدرجة الأولى ، فنقدم له هدية تلو الهدية ، الأولى بواسطة أغبياء يرتكبون جرائم باسمنا وباسم ديننا الحنيف ، والثانية من قبل الأغلبية الساحقة من سذاجنا متعلمين وغير متعلمين . فهل يختلف في هذا الأمر الأستاذ عبد الباري عطوان عن ذلك الشخص العادي الملتزم شكليا بالدين الاسلامي ؟ طبعا لا يختلفان من حيث الذهنية ، وان كان هناك اختلاف كبير بينهما من حيث اكتساب العلم والمعرفة .لكن الكتابة الحقة هي ، قدرات ذهنية وتفكيرية وتصورية ، وليست فقط رسما بالحروف . وأنا أناقش الملتحي ، لاحظت تراجعه ، واقراره بتهافته ، فاعترف أنه غير مؤهل للنقاش في مثل هذه الأمور وأنه لا يمتلك شيئا لا من النصوص القرآنية ولا من الأحاديث . لكنه كان مصرا على أن أي اساءة للرسول ولله توجب القتل والعقاب الشديد . وهنا نصل الى مسألة الشتم ، كالكتابة المسيئة للمقدسات ، أو الكلام النابي تجاهها ، فلكل مقام مقال كما يقال . وهنا لابد من الرد بقوة على الاساءة الى الرسول والى الدين ، فالآية الكريمة تقول : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ( 126 ) واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ( 127 ) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ( 128 ) ) . فهذه الآية وحدها كافية لتفقيهنا في تعاليم وآداب العقاب ، فالله يأمر المؤمنين أن يكون العقاب من جنس موجبه ، " بمثل " ولا يتعداه ، لكن الصابرين لهم فضل الخير ، وهذا أجزى وأسمى . كما ان ورود عبارة " ولاتك في ضيق "واقترانها ب"يمكرون " فيه حمة تعبيرية عظيمة ، فالمسلم الحق هو من يشرح صدره لكل الحروب التي تخاض ضده ، فهو بذلك يستطيع امتصاصها ، خاصة اذا علم أنها مجرد مكر من دهات أوتو من الدهء والمكر ما لم يتسن للآخرين أن يمتلكوه . فالرسوم لاتعنينا لأنها أمر باطل ، ولا تدل على الرسول الكريم ، أما الكلام والكتابة المغرضة ، فلزم الرد عليهما بجنسهما ، أي بكلام أكثر حكمة وعقلانية ، لأن الحكيم دائما أعلى ، واللئيم وان علا فانه علو الخسف والدونية . قد يبدو للضغفاء قوة وعلياء ، لكنه بالنسبة للأقوياء خسة ودناءة . فنحن نستطيع أن نرد على المسيئين لمقدساتنا بلسان قومهم ، كرئيس الوزراء الفرنسي السابق دوفيليبان ، او عالم الاجتماع ادغار موران ، أو مجموعة من عقلاء العصر الغربيين ، كما لا تعوزنا مراجع غربية قديمة ، نيتشه ، كارل ماركس ، فولتير ، برنارد شو .....وغيرهم كثير . ان المعركة أكبر من الصور والرسوم والكتابات والكلام . انها معركة عقول وذهنيات ، وكلما ارتقت عقولنا ، كلما كان ردنا أقوى وأعنف . وفي النهاية أسوق حدثا عن الرسول الكريم نفسه . فقد روي عنه أن قريش كانوا ينادونه حين يمر أمامهم "يا مذمم " فأجاب يوما قومه " ألا تعجبون لما يصرف الله عني من قريش يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد"!!!!!!!!
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعادلة الانسانية الغائبة
-
حكام يحتقرون شعبهم علنا
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -11-
-
عودة الأنظمة القديمة
-
النفاق السياسي بالمغرب
-
تقبلي كوردة عطري
-
استسلام عاشق
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -10-
-
من صدام الحضارات الى صراع الحارات
-
الفيضانات تجرف مصداقية مسؤولي الدولة المغربية
-
زينب الغزاوي ،أو كم هي الحقيقة قوية ؟؟؟
-
الانقطاع الزمني ووأد السلالة الفكرية المغربية
-
استعدوا أيها العرب ، عودة الديكتاتورية بكل عنفوانها
-
وزير الداخلية المغربي يحن الى زمن ادريس البصري
-
الفرق بين دولة السياسة ودولة القبيلة
-
أصلنا صفر
-
هل تتخلى قطر عن قوتها الاعلامية الجبارة ؟
-
مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية -9-
-
نصوص تقابلية
-
هل يستطيع أوباما توريط ايران ؟
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|