|
عاشت فرسنا
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4690 - 2015 / 1 / 13 - 23:40
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
أقدم التعزية الخالصة لشعب فرنسا وهي تجتاز هذه المحنة التي تعرضت لها ، جراء فعل إجرامي مع سبق الإصرار والترصد ، وعلينا نحن دعاة الحرية الوقوف جميعاً معها صفاً واحداً معبرين عن عمق العلاقة ، ومؤكدين على مواصلة العمل حتى يتحرر الإنسان من أوهام القبيلة وأوهام الدين ، وفي ذلك يجب علينا الوقوف دائماً ضد الإرهاب وضد التطرف والغلو الذي يمزق القيم الحضارية والمدنية التي دعت إليها فرنسا الثورة وفرنسا الشعب . إن الجريمة البشعة التي أرتكبتها عصابات إسلامية تعيدنا إلى الوراء وتذكرنا بالحقب السوداء من الجهل والتخلف وشحة المعلومة وإنقطاع الصلة بالحرية التي تميزت بها عصور المسلمين في التاريخ ، ولهذا سوف أكون صريحاً معكم حين أعلن : على أن الإرهاب الإسلامي ليس حالة جديدة أو طارئة بل هو التعبير الدقيق عن ذلك التراث السيء المليء بالعدوان على الآخر وبالظلم ، إن الإرهاب الإسلامي هو الصورة القبيحة التي تحتكر الإسلام فيها ومن خلالها ، ومن المؤسف حين نصدع بهذا الكلام يتصدى لنا جهلة وأنصاف متعلمين وهذا ديدن الإرهاب وفعله ، نعم حين تعرضت فرنسا للإعتداء إنما تعرضت الحرية للقهر والعدالة للإغتيال ، لكن هذه الجريمة على بشاعتها لم تثن عزيمة شعب فرنسا وكل الأحرار من مواصلة درب الحرية والمدنية وبناء ثقافة جديدة تليق بالإنسان الجديد ، ونحن هنا لا نفترض شيئاً في هذا المجال ففرنسا هي رائدة الحريات والحقوق في العالم ، ولأنها كذلك فهي تحتضن أصناف من البشر عديدة على أختلاف ألوانهم وألسنتهم وأديانهم ولم تضق بهم ذرعا ، بل إنها تتبنى قضاياهم وتقف معهم وتكون في الغالب نصيرة لهم ، وكان لها قدم سبق في تطوير وتحرير العقل المشرقي من الخرافة والدجل والجهل ، وهي اليوم تتقدم دول العالم الحر تشاركه في حربه على الإرهاب الذي يضرب بلاد المسلمين في العراق وسوريا ومصر والبلاد الأفريقية ، فرنسا تتحرك في ذلك وفقاً لقناعاتها وإيمانها بوجوب سيادة الأمن والأستقرار في البلاد المشرقية ، ولابد لنا أن نشكرها شعوباً وأفراد على مساهمتها تلك لأنها تفتح الأبواب أمام شعوبنا لكي تُعبر عما تريد بحرية ومن دون قهر أو خوف أو سلب إرادة أو دكتاتورية . في المحنة التي تعرضت لها فرنسا ، نعرف جيداً ونتأكد إن ثمن الحرية غالي بل أغلى من كل غال ، ونعرف كذلك إن التكفيرين الإسلاميين لا يتقبلون معنى ومفهوم الحرية بل لا يطيقون أشراطها ، لأنهم لا يتقبلون مفهوم ومعنى الرأي والرأي الأخر ، لأنهم في ثقافتهم تعودوا على معنى السمع والطاعة للأمير وإن كان باغياً ، وعامة المسلمين حين يتكلمون عن الحرية يتكلمون عنها بما تدر عليهم من أرباح ومزايا ، ولو تتبعنا حركة الحرية في بلاد المسلمين نجدها معدومة ومقطوعة الرأس واليدين واللسان ، ومن يدعي إن لدى المسلمين حرية فعليه البينة والبرهان ، إذ إني أجد إن عامة المسلمين واقعين في الواهم والخداع في الكثير من القضايا والمعاني والمفاهيم ، والمعلوم بالدليل إن عامة المسلمين واقعين أو أسرى - كل شيء ممنوع وكل شيء محرم - ، بل وكل شيء عندهم تختزله قصص الماضي من البطولات المزعومة من حكايا الغزوات والفتوح - ظاهرة الأعتداء على الشعوب بأسم الدين - ذلك الشيء الذي أسس لمفهوم جهاد الطلب ( قتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) ، وفي ذلك يقع كل الناس بل كل البشر كفار يجب قتلهم وقتالهم !!! ، ومن يدع أو يفترض حُسن النية في قبول الآخر واهم ومخدوع بشعارات التضليل التي يمارسها حشد من فئة أنصاف الرجال من أهل الدين ، ولن أبُيح سراً إذا ما قلت بأن الثقافة والفكر الإسلامي السائد لا يقبل الأخر ، ومن يدع خلاف ذلك فهو منتحل صفة أو لا يعرف الفكر الإسلامي من الداخل ، وتجربة العقود الماضية أهدت لنا جميعاً تلك المعلومة ورسختها في الأذهان ، كما إن تجربة داعش في العراق وسوريا تحكي من غير لبس عن هذا الذي نقوله ، تجربتهم هذه تذكرني بفتوحات الحجاج وخيول المعتصم وغزوات الأندلس ، وتذكرني بموقف المؤوسسات الدينية من المعتزلة ومن الشيعة وتذكرني بالحروب المفتوحة على النصارى واليهود والتي يتغنى بها إعلام المسلمين كل يوم . إن جريمة قتل الكتاب والصحفيين والفنانيين في باريس ذكرتني بمحنة الحلاج ومحنة الصوفية ، وذكرتني بتجبر صلاح الدين وفعلاته الشنيعة بحق الدروز والعلوية ، المسلمون يعيدون إنتاج تجاربهم في قتل المخالفين وأهل الرأي تلك التجارب التي مرت بها أوربا في محاكم التفتيش حين ساد الدين سياسةً ، ولهذا أنشئ الخليفة المسلم دواوين الزندقة لأهل الرأي والفكر ، وهذا الشيء ليس إختصاصا لفئة أو لطائفة بعينها بل هي ممارسة وهواية عامة عاشها الفكر الإسلامي بكل شقوقه ، ولا يجوز المناورة في هذا المجال فالتجربة خير برهان . وفرنسا الثائرة قبل عقود هي نفسها فرنسا المتظاهرة والمعتصمة في يوم الأحد الماضي ، هي نفسها التي بنت القواعد والقوانين للحريات والحقوق ، وهي التي أسست هيكل الدولة الجديدة على أساس الحرية والعدالة والمساوات ، وهذا الذي لا يقبله الإرهابي والتكفيري والجهادي ، نعم إن الفكر المتطرف في الإسلام هو السائد اليوم في لإعلام وهو المتحكم في المنابر والساحات ، ولكي يعلن المسلم البراءة من هذا الفكر عليه تشجيع قيم الحرية وثقافتها والإيمان بذلك ، ونفي الفكرة عن حاكمية الدين واسلمة المجتمع ، وعلى العالم العمل بجد من أجل إقتلاع جذور الإرهاب ومايؤدي إليه ومنع المروجين للفكر المتطرف من الترويج له ، إن الأهمية تتزايد من أجل وضع قوانين جديدة في هذا المجال لنشر قيم الحرية والعدالة والسلام والتخفيف من فوضى التدين المزيف ومن يمتطيه ، وفي هذه المناسبة نعلن تضامننا العلني والمسؤول مع شعب وحكومة فرنسا ، ونردد مع الرئيس الأمريكي عاشت فرنسا
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة في يوم الجيش العراقي
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين .المقالة الثانية : العقيدة ا
...
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين ... المقالة الثانية
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين
-
عام الأمل .... عام الرجاء
-
تهنئة للرئيس التونسي المنتخب السيد الباجي قائد السبسي
-
تكفير داعش
-
الأزهر وإشكالية التكفير
-
الدكتور العبادي والتحديات
-
الإسلام المتخلف
-
عقلانية الرئيس فؤاد معصوم
-
الحسين ثائراً
-
العلاقات العراقية السعودية
-
ستبدأ الحرب على داعش
-
تحرير المعنى
-
مؤتمر باريس
-
عن الغيير والديمقراطية
-
العيد في زمن الفتنة
-
الخلافة الإسلامية
-
على مشارف رمضان
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
-
برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
-
إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات
...
-
المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان
...
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|