أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم














المزيد.....

الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4689 - 2015 / 1 / 12 - 12:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثمة مشروع إسلامي قائم على فكر مجرد مثالي وتطبيقات بدائية قديمة مبعثر عبر التراث الفكري والفقهي الإسلامي، ظل لمئات السنين يحظى بشغف وأماني أغلبية المسلمين ويراودهم في منامهم ويقظتهم، ورغم ذلك لم ينل حتى الآن فرصته للتطبيق. هذا المشروع يستند إلى فلسفة تجريدية، تلك التي يتم تشييدها بالأساس من نظريات في الخيال دون تطبيقات ملموسة وناجحة على أرض الواقع وتتجاهل إلى حد كبير المعطيات الحياتية الحسية وتتعالى عليها، تشكلت بدورها من تصورات ونظريات عن وجود علاقة مباشرة (عبر الوحي) وغير مباشرة (عبر النقل عن الكتب والشخصيات المقدسة) بين الإنسان وخالقه، وأن الخالق (في حكم اليقين) أدرى وأعلم بخلقه وما ينفعهم وما يضرهم. على هذا الأساس، كان، ولا يزال، هذا المشروع الإسلامي مشروعاً فوقياً، جاء بتنزيل من فوق (السماء) لكي يتم تطبيقه (تحت) على أهل الأرض في هذه الحياة الدنيا. هذا يعني أيضاً أن هؤلاء الذين يحيون (تحت) على الأرض مجبرون على طاعة ما يتنزل عليهم من (أعلى) في السماء، لأن هؤلاء الأولين وجدواً أساساً لأجل هذه الغاية: ("وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، أو يطيعون الأوامر الإلهية العليا، هكذا يخاطب الخالق خلقه). لكن، من جهة أخرى، ماذا، وهنا الإشكالية، إذا رفض هذا المخلوق طاعة الخالق؟

عندما يحدث ذلك، ينهار المشروع الإسلامي، أو أي مشروع ديني آخر، من أساسه، لأن كل المشاريع الدينية مبنية على هذا الأساس بالتحديد- الطاعة. هذه الطاعة يبررها العلم الأعلى، حيث الصانع أعلم بصناعته بالضرورة. عندما يرفض المخلوق الطاعة والعبودية للخالق، تنقطع صلة العلاقة الرأسية، الفوق-تحتية، بين الإله والإنسان ولا تبقى سوى علاقة أفقية بين الإنسان وبني جنسه الإنس الآخرين وباقي الكون والحياة من حوله؛ فإذا غاب الطرف الأعلى، ستزول معه كل مشتقاته التراثية ويصبح المشروع الإسلامي تاريخاً، مجرد مرحلة كانت لها ظروفها وانتهت أو صفحة وطويت في كتاب التاريخ الحافل. تلك كانت، ولا تزال، هي دائماً إشكالية أصحاب المشروع الإسلامي: ماذا ستكون الخطوة التالية إذا لم يجد مشروعهم الفوقي، المنزل جاهزاً من السماء، الطاعة المطلوبة من المخاطبين (المأمورين) به على الأرض، حتى يتسنى لدعاته تطبيق فرائضه في هؤلاء المخلوقين، المأمورين، الجهلاء بمصالحهم؟! عند هذه النقطة تحديداً، يجد الإسلاميون أنفسهم محشورين بين الطرفين العلوي والسفلي؛ وهم لن يكونوا أبداً مثل هؤلاء (الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة)، أو الذين يضحون بمبادئهم ومثلهم العليا لنيل مكاسب أو الإفلات من شرور عابرة. هذه الحشرة هي ما أسميها هنا "إشكالية الصراع"، وأظنها تؤدي دائماً، وحتماً، إلى طريق مسدود.

في مصر، بعد ثورة مدنية سلمية في 25 يناير 2011، كان المجتمع المدني مستبشراً بتحول الإسلاميين- ولو ظاهرياً فقط- من العنف إلى العمل السياسي السلمي، وشجعهم على ذلك، على أمل أن يقود انخراطهم وسط شركائهم في الوطن إلى تشذيب وتهذيب مشاريعهم الإسلامية التجريدية الجامحة تمهيداً لذوبانها وتكاملها في مشروع وطني عام، يشارك في صنعه الجميع. لكن ذلك الأمل يجب أن لا ينسينا طبيعة المشروع الإسلامي، والتي ظلت على حالتها تلك التجريدية المثالية الحالمة، والعنيفة كلما لاقت إحباطاً، منذ الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان، أي بعد أعوام قليلة من تأسيس الدين الإسلامي ذاته. ماذا إذا لم يجد الإسلاميون المسالمون الآن الطاعة المطلوبة من أجل تطبيق مشروعهم الفوقي، الإلهي المنزل من السماء كما يزعمون تمييزاً له وسمواً به على المشاريع الوضعية- المستنبتة من طين الأرض- الأدنى مرتبة، التي هي من وضع الناس أنفسهم؟ هل سيقبلون المساومة والتسوية والحل الوسط في (حقوق الله)؟

أظن أن الإسلاميين، أصحاب المشروع الإسلامي الجاهز منذ مئات السنين، لم يكونوا ليقبلوا بالتحول عن العنف إلا بعدما قُطع عليهم هذا الطريق بالفعل وهزموا فيه شر هزيمة، كما حدث، كمثال واحد متطرف، مع تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. الإسلاميون لم يتحولوا من العنف إلى السلم طواعية بمحض إرادتهم. هم، مدفوعين بمشروعهم الجامح، مارسوا العنف بالفعل على أمل تطبيق نفس هذا المشروع، لكنهم أخفقوا في تحقيق تقدم يذكر في هذا الاتجاه، قياساً بمجموعات إسلامية أخرى اختارت الوسائل السلمية، بخلاف الأثمان الباهظة من الأرواح والأموال والملاحقات القضائية التي تكبدوها. هكذا، يجب التنبيه إلى أن الدعة والمسالمة التي قد يبديها الإسلاميون في وقت من الأوقات ليست طبع أصيل فيهم أنفسهم أو في فكرهم ومشروعهم السياسي. لكن هذا التحول جهة المهادنة والسلم هو نتيجة لعدم قدرتهم على تحقيق تقدم ملموس باتجاه تطبيق مشروعهم الإسلامي عبر استخدام الوسائل العنيفة. في قول آخر، الوسائل فقط قد تتغير عبر الزمان والمكان، لكن المشروع والغاية الإسلامية العليا تبقى كما هي دون أي تغيير- من الأزل إلى الأبد.

المشكلة ليست في الوسائل بقدر ما هي في المشروع. كل ما يفعله الإسلاميون اليوم هو تعديل وتحسين في الوسائل، دون أن يصيب الفكرة ذاتها مراجعة أو تحديث يذكر، دون أي نوع من النقد الذاتي لنظرياتهم ومعتقداتهم أنفسهم أو للتراث الذي ينهلون منه بشراهة وتصديق سطحي وساذج. فطالما لم يبدي الإسلاميون توبة صادقة وإقراراً بالذنب عن ماضيهم العنيف ودماء الأبرياء المدنيين التي سفكت بغير ذنب، هذا معناه أنهم فقط في استراحة مقاتل لالتقاط الأنفاس وسيعاودون الكرة مجدداً كلما سنحت لهم الظروف. في حكم المؤكد، هذه الكرة العنيفة الجديدة سوف تندلع مع كل إخفاق أو خيبة أمل جديدة لهم في التمكن من تطبيق مشروعهم الإسلامي كما يتصورونه.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض العصبجية العربية
- وهل فعلاً ثورة 23 يوليو أقامت عدالة اجتماعية؟
- اللادولاتيون العرب
- ماذا يريد الفلسطينيون؟
- علوم الإنسان والأديان
- تبضيع الأنثى
- لعبة الثعبان والفأر
- سويسرا الشرق؟!
- جمهورية كردستان الديمقراطية
- آفاق الديمقراطية في البيئة الصراعية العربية
- العلمانية في الإسلام
- هل صليت على النبي اليوم؟
- المرأة والأقليات العربية بين التحرير والتمكين
- ديمقراطية التوحيد الإسلامية
- جدلية الوحي والتاريخ (10)
- جدلية الوحي والتاريخ (9)
- جدلية الوحي والتاريخ (8)
- جدلية الوحي والتاريخ (7)
- جدلية الوحي والتاريخ (6)
- جدلية الوحي والتاريخ (5)


المزيد.....




- التردد الأحدث.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات وعربس ...
- تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
- نفيسة خويص مرابطة مقدسية يلاحقها الإبعاد عن المسجد الأقصى
- وادي الجوز.. حي تحيط به المعالم التاريخية والدينية بالقدس
- أجدد أغاني البيبي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي عبر أقمار النا ...
- رفض اسلامي وتنديد أممي وانتقاد أميركي لاقتحام الأقصى
- الخارجية الفرنسية تدين تصريحات بن غفير واستفزازته بشأن المسج ...
- فرح طفلك NOW.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على نايل سات ...
- زعيما المعارضة الإسرائيلية وحزب -شاس- يتحدون ضد بن غفير ويسع ...
- بوريل يدين اقتحام بن غفير المسجد الأقصى ويدعو للحفاظ على وضع ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الإسلام الأزلي وإشكالية الصراع المحتوم