أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالص عزمي - المرتكبون















المزيد.....


المرتكبون


خالص عزمي

الحوار المتمدن-العدد: 1311 - 2005 / 9 / 8 - 07:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



تتناول الصحف العراقية في كثير من التفاصيل يوميا تفشي ظاهرة الرشاوى والسرقات ونهب المال العام بوضح النهار حتى ان هيئة النزاهة قد اصابها الاحباط من كثرة ما بين يديها من اضابير جمعت بين دفتيها كّما ضخما من تلك الافعال المشينة التي اصبحت حديث القاصي والداني وموضع سخرية وتندر على اولئك المتنفذين الذين جعلواالسرقة بكل صيغها وانواعها مصدرا ثرا من مصادر الدخل اليومي الميسور الذي لا تستطيع اية جهة ان تتعقبه بحزم وصرامة وتحاسب عليه ؛ وتحيل مرتكبه الى المحاكم لينال العقوبة التي يستحقها مع مصادرة الاموال المنهوبة وايداعها خزينة الدولة طبقا للقانون النافذ حاليا.
واحسب ان هذه الحالة المعيبة التي تسري كالنار في الهشيم هي جزء من ذلك المخطط الخارجي المدروس بعناية لاحداث فوضىعارمة في العراق بدءا من الحصار الاقتصادى والجوي وخطوط المنع (32؛36) مرورا بالاحتلال والقصف الهائل المدمر للانسان والمدنية والطبيعة وتسريح الجيش العراقي واهانة قادته الى تهشيم وسرقة ونهب ممتلكات الدولة ( المتاحف والاثار ؛ المكتبات والمخطوطات ؛ اللوحات الثمينة ؛ وثائق واثاث مؤسسات الدولة ؛ المداهمات والاعتقالات والقتل والدمار والحرق والاغتيالات وسحق مجمل الخدمات والبنية التحتية ...الخ )؛ كل ذلك وغيره كثير تحت مظلة ادارة الاحتلال التي سعت بكل امكانياتها لتمزيق المجتمع الى اشلاء طائفية وعرقية ومذهبية لكي ينتهي الوطن بعدئذ الى اجزاء متناثرة من مجموعات بشرية تعيش في بقع ارضية اشبه بالجزر المتباعدة ؛ واذن فموقع الرشوة من هذا الكم الهائل من الفوضى المنظمة الا الجزء الضئيل مما اعد للعراق من تلك الخطط التي رسمت في غرفة عمليات موصدة الابواب وقبل امد بعيد من تنفيذ عملية الاقتحام والاحتلال الواقعي للارض والمجتمع المدني والدولة ككل . وما االتوجه غير المباشرة الى تعميم الرشوة والسرقة على اكبر عدد من المرتزقة الا لتضيع معالم الجريمة لكي تفوز الشركات الكبرى وحماتها باعظم قدر من النهب والسلب ثم لتضع المرتزقة من المتنفذين المحليين تحت مطرقتها فلا يملكون الا تنفيذ كل اوامرها والا .......!!

كنت في الاول متوسط من مدرسة ثانوية كربلاء للبنين حينما سمعت من مدرس اللغة العربية الاستاذ عباس عبد علي وهو يصف فراشا فصل من وظيفته بأنه ( مرتكب )؛ و لم يسعنا نحن الصبية ان نسأل استاذنا الوقور عن معنى تلك الكلمة ؛ وكان من عادتي في كل يوم دراسي ان امر على والدي في دائرته حيث كان يشغل آنذاك وظيفة رئيس تسوية حقوق الاراضي ( وهي محكمة خاصة في فض المنازعات على الاراضي )لاعود معه الى البيت ؛ فوجدتها فرصة سانحة عن معنى تلك الكلمة ؛ وقبل ان يجيبني شعرت منه بشيء من الاستغراب وهو يقول ؛ ومن هو ذلك الاحمق الذي ارتكب مثل هذا الفعل النابي ؟! عندها اخبرته بما قاله استاذنا في المدرسة ؛ فقال اذن الآن اجيبك : ان : المرتكب هو المرتشي ؛ فسألته ومن هو المرتشي ؟ ضحك وقال( وعرف الماء بعد الجهد بالماء) ؛ ان المرتشي هومن يقبل او يستلب مالا عاما او خاصا او يبيح لنفسه الحصول عليه دونما وجه حق ؛ بعد هذا التعريف الموجز ؛ روى لي حكايات عن بعض( المرتكبين) في العصر العثماني منها ان واحدامن سعاة الوالي كان لا يروج لاحد معاملة الا و يقبض ثمن ذلك مسبقا وبعكسه كان يعطلها الى حين ان ينصاع صاحبها للطلب ويؤدي( المقسوم) وكان الوالي يعرف ذلك تماما ويشجع عليه فقد كان يأخذ حصة الاسد مما يتجمع لدى الساعي في نهاية اليوم؛ ومما عرف عنه ايضا انه كان يسأل مراجعه سؤالا واحدا ؛ هل التقيت الساعي؟ فأن اجابه بنعم مولانا قال له اعطني معاملتك ثم ينظر الى الساعي فيهز ذاك رأسه ايجابا ويجمع سبابته الى ابهامه ويحركهما سوية للتدليل على القبض . اما اذا اجاب بكلا يامولانا ؛ قال له على الفور والشرر يتطاير من عينيه ؛ اذن اترك معاملتك هنا واذهب مع الساعي خارج الغرفة ثم عد بعد ذلك ... وقد روى لي حكاية اخرى ملخصها : ان واليا مرتشيا احضر في ديوانه الرسمي خروفا ثم بعث على مجموعة من التجار الكبار فلما حضروا سألهم ما هذا ؛ فأجابوا بصوت واحد انه خروف ؛ فسخر الوالي منهم وقال انه معزة ولهذا فليدفع كل واحدمنكم خمس ليرات جزاءا لجهلكم ؛ فدفعوا وانصرفوا .وفي اليوم الثاني بعث على مجموعة اخرى منهم كانوا قد علموا بالسؤا ل والجواب مسبقا ؛ وطرح عليهم ذات الصيغة فاجابوا انها معزة يامولانا ؛ فسخر منهم وقال انه خروف ؛ عندها دفعوا المطلوب وخرجوا خائبين ؛ فما كان من بقية التجار الا ان تنادوا فيما بينهم واتفقوا على صيغة الجواب ؛ فلما حل موعدهم وصاروا بين يديه ؛ طرح عليهم السؤال التقليدي ( ما هذاالواقف امامكم؟) عندها استأذن كبير التجار من الوالي وراح يجمع المبالغ من زملائه ثم سلمها اليه قائلا: هذا هو ما مطلوب منا ... اما جوابنا : فهو لا خروف ولامعزة انما هو غضب من السماء ونزل علينا .وبعد ان ختم والدي هذه الحكاية قال : في العراق اليوم يكاد هذا الامر يختفي بعد ان شدد القضاء قبضته طبقا لاحكام القانون وراح يتعقب( المرتكبين) الذين لم يبق منهم الا عدد ضئيل جدا ؛ لا خوفا من العقاب الصارم وحسب بل لان هذا العار امتد ليشمل اسرهم واصدقاءهم و عشائرهم ... واظن انه سوف لا يمر وقت قصير الا ويكون( الارتكاب) في طريقه الى الانحسار فلم تعد له سوق رائجة والقانون يلاحق المرتكب صغيرا كان ام كبيرا ؛ فلاحا كان ام ملاّكا ساعيا كان ام وزيرا . واليوم ليس لي تعليق على تلك الحكايات الا ان اردد مع نفسي ( رحمك الله ياوالدي ورحم الله الطيبة وحسن النية والاستقامة)

لقد تذكرت تلك اللمحة من الماضي ا وانا اقوم بجولة ذهنية مقززة في قلاع الرشوة والنهب ؛ فماذا رأيت ؟!... تلالا من الذهب ؛ واقبية من الاثار والمخطوطات والكتب واللوحات النادرة ؛ واكداسا من الدولارات التي لها بداية وليس لها نهاية؛ وقطارا من صهاريج النفط المسروق والمهرب و المسرب الى الذئاب( التي تنهش بمال العراقيين وتشرب من زيتهم وتنام على قوتهم ؛ ثم تقطع اوصالهم وتدك بيوتهم ؛ وتسبي عوائلهم) وآلاف العقود المصطنعة او الوهمية او المضخمة التي تفوح من عفنها نتانة تواقيع اولئك( المرتكبين) الأ فاقين . ان( ارتكاب) الافراد يتضاءل تماما امام ما تسرقه الشركات الكبرى من اموال الدولة بشتى الطرق ؛ ومنها النفطية( بفروعها العديدة )؛ ومشاريع الا عمارالوهمية اوالمبالغ في ارقامها ؛ ومايستلب من الاموال العامة لتغطية نفقات هائلة من الرواتب المنظورة وغير المنظورة ( لحماة امن تلك الشركات ورؤسائها الفرعيين و مستخدميها الاجانب والمحليين) اضافة الى دفع الرشاو ى من عقود تضاعف مبالغها الحقيقية لمرات ومرات لغرض تغطية ما يسمى بالعرف التجاري السائد ب( نسب تسهيل اقرار العقودالموقعة نهائيا ) اي بمعنى آخر ( الكوميشنات المدفوعة خارجا )
؛... اما التغطية الساذجة على كل هذا فتتم بدفع البسطاء من الموظفين او المستخدمين لاخذ بعض المبالغ التافهة او الهدايا الرمزية لكي يختلط الحابل بالنابل ؛ كما تختلط سرقة البترول علنا ؛ مع تفجير الآبارو الانابيب ا واشعال الحرائق المتعمدة فيها ؛.... وهكذا تدور الدوامة على نفسها.. اي منها واليها ؛ اما الوطن الذي عاشوا على ارضه وتنعموا بخيراته وتعلموا في صفوف معارفه ؛ وغرفوا من منابع عطائه وشلالات اغداقه وروافد كرمه ومنته ؛ فهو تلك المسكينة الحلوب التي جف ضرعها وهي تصب في افواه ( ا لمرتكبين ) النهمين آخر قطرة من حليب سخائها .. لقد ادرك ( المرتكبون ) المترهلون بأن لاشيء اهم اليوم من اسراع الخطى نحو نهب ما تقع عليه ايديهم باقرب الفرص ؛ واقصر الطرق ؛ واكبر الكميات... ان عدم الثقة بالنفس يؤدي دائما الى الارباك والتخبط وعدم التركيز والتسرع في التصرفات حيث ينتهي بصاحبه الى ما يشبه كرة الثلج التي كلما تضخمت كان سقوطها من القمة سريعا حيث لاتفيد معه حماية الافراد ولا المليشاة ولاحتى القطب العالمي ..
ورحم الله شاعرنا العظيم الجواهري الذي قال : والمجد ان يحميك مجدك وحده في الناس... لا شرط ولا انصار
.ورحم الله فناننا العبقري عزيزعلي فقد قال في احدى حكمه الملحنة المغناة المذاعة و هويتحدث عن البستان كرمز ( للوطن) :

هذي والله بستان× ما ملكها انسان
وحنا ياوسفةاهلها× تاركيها من زمان
دشر كلمن جا دخلها × صايرة ( خان جغان)
بابها مفلش مهدم× والحرامية تحوف
وطوفها معرعر مثلم × واكعيلك بيه حوف
والنواطير النشامى× ذوله حلوين الجهامه
صلوات على النبي
نايمين شلون نومه× مستريحه بمذهبي

المعاني
دشر : مفتوحة لكل من هب ودب
خان جغان : هو خان كبير وقديم مشرع الابواب خاص بصاغة الذهب
مفلش : مهدم
تحوف: تطوف للسرقة
معرعر: متشقق
واكعيلك : متكالبون
حوف : سرقة
الجهامة: السمة



#خالص_عزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- والنجم
- يحكى أن
- العراق والامة العربية تطبيق ومقارنة ونماذج
- اعدام المكتبة الوطنية
- اذا كان لابد من الفيدرالية
- الخلاف حتى على القسم
- اللغة العربية والكورد ــ تعقيب واجابة
- اللغة العربية والكورد
- دعاة المنابر والتطلع الى سلطة الحكم
- صدى السنين : رابطة المناضل الجريح
- حقوق المرأة ما بين السؤال والجواب
- الدستور والاستفتاء
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ الخاتمة
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد( 5 ) اهمية قانون ا ...
- حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعداللحد 3 ـ العيب ـ
- حقوق المرأة من قبل المهد ال ما بعد اللحد 4 ـ لقطات مكبرة ـ
- الدستور وقانون الاحوال الشخصية وحقوق المرأة
- حق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ـ 2ـ
- حق المرأة في المساواة من قبل المهد والى ما بعد اللحد
- تحالفات قوى وتيارات اليسار والديمقراطية في العراق في المرحلة ...


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالص عزمي - المرتكبون