|
الاتحاد الأوراسي الاقتصادي
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 4689 - 2015 / 1 / 12 - 00:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بينما كانت الدولة الروسية تستعد للاحتفال بقيام "الاتحاد الأوراسي الاقتصادي" مع عدد من شركائها القدامى في الفضاء السوفييتي "كازخستان وبلاروسيا" في مطلع العام الجديد الذي أصبح نافذًا اعتبارًا من اليوم الأول من العام الجديد ـ ستنضم للاتحاد كل من أرمينيا وقيرغيزيا في الربيع القادم-ـ واجه الاقتصاد الروسي تراجعًا ملموسًا بسبب هبوط أسعار النفط، وتعرضت العملة الروسية إلى انتكاسة، بعد نزيف احتياطي العملات الأجنبية، وهروب الاستثمارات إلى الخارج، وقد شكلت هذه المعطيات حالة إرباك لروسيا، التي صعدت في السنوات الأخيرة وأصبحت تتصدر المشهد العالمي نحو تعددية قطبية. تساؤلات عديدة حول مستقبل الدور الروسي في المرحلة القادمة، إقليميا ودوليا، وما هو حجم الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الدولة، وكيف ستواجه روسيا العقوبات الاقتصادية التي أصبحت فعالة بعد هبوط أسعار النفط بحوالي 50%؟ دخول حرب الأسعار يذكرنا بما شهده العالم عام 85 من هبوط سعر برميل النفط من 35 إلى 10 دولارات، بعد زيادة الإنتاج السعودي وبالتنسيق مع أمريكا أيضا؟ مما دفع الاقتصاد السوفيتي نحو اختلالات خطيرة، عززت اتجاه "الإصلاح" بزعامة ميخائيل غورباتشوف الذي عرف بسياسة "البريسترويكا" (إعادة البناء)، وكان لها أكبر الأثر في انهيار الدولة السوفييتية. هل التاريخ يعيد نفسه؟ واضح أنّ الإدارة الأمريكية تضيق ذرعًا من دور الدولة الروسية في الصراع العالمي، وهي تسعى لخلق مشاكل اقتصادية لروسيا لتقويض الدولة الروسية أو تركيعها، أو إسقاط نظام الحكم كما جرى في أوكرانيا. وهي خيارات أمريكية لا اعتقد أنها قابلة للتحقيق بسبب المتغيرات الدوليّة، وقدرة الدولة الروسيّة على استيعاب الأزمة لكنّها تستطيع خلق صعوبات ومشاكل اقتصادية لروسيا. ومع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات المذكورة أعلاه، هل العلاقات الروسيةـ الإمريكية تتجه نحو التصعيد أم التهدئة؟ وهل ستنجح روسيا باستعادة الدور السوفييتي الذي قاد تحالفًا عالميًا بعد الحرب العالمية الثانية في مواجهة التحالف الإمبريالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، في حين تسعى الإدارة الأمريكية لتفكيك الدولة الاتحادية الروسية. مع ملاحظة أنّ الحرب الباردة التي شهدها العالم كانت بين نظامين اجتماعيين مختلفين، بين الاشتراكية والرأسمالية، بينما روسيا اليوم جزء من العولمة الرأسمالية، وهي تعزز علاقاتها الاقتصادية مع الدول النامية التي أصبحت تشكل اقتصاداتها حوالي 60% من الناتج الإجمالي العالمي. وتراهن القياد الروسية من خلال الاتحاد الأوراسي على إقامة قطب اقتصادي وسوق عالمي كبير فهي تعلن أنّ طجكستان وأوزبكستان مرشحتان لدخول الاتحاد الأوراسي أيضا. وأعلنت الخارجية والروسية، أنّ "الاتفاق الذي تمّ توقيعه في أستانا في التاسع والعشرين من مايو الماضي 2014 والقاضي بتشكيل الاتحاد الأوراسي الاقتصادي. وهي منفتحة على انضمام دول أخرى إليها. علما أن هناك حوالي أربعين دولة واتحادا لها مصلحة في إبرام اتفاقيات تجارة حرة مع الاتحاد الأوراسي الاقتصادي"، وفقا لما جاء في بيان الخارجية الروسية، وبذلك يتشكل تكتل اقتصادي جديد في العالم تتمتع روسيا به بحضور مميز، إلى جانب دورها البارز في التكتل الاقتصادي "بركس" مما يؤمن للدولة الروسية إمكانية استعادة قدرتها الاقتصادية وتخطي أزمتها الآنية. ومع كل الصعوبات التي تواجه روسيا، والتي تعرقل جزءا هاما من الأهداف المعلنة، إلا أن روسيا تعتبر دولة عظمى تتمتع بموارد ضخمة، يشكل النفط والغاز الطبيعي والمعادن أهم صادراتها، ومصدرا رئيسياً للعملة الصعبة، والاقتصاد الروسي اقتصاد مختلط تحتفظ الدولة بملكية القطاعات الاستراتيجية، وساهم قطاع النفط والغاز بنسبة 16% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من 70% من إجمالي الصادرات لعام 2012، وقد ازداد اعتماد الخزينة على عائدات النفط والغاز التي تقدر بحوالي 50% من إجمالي النفقات العامة، وتحتل روسيا المركز الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية في إنتاج الطاقة الكهربائية، والخامس عالمياً في إنتاج الذهب والفضة والألماس، وتملك روسيا صناعة عسكرية متطورة، وصلت القيمة الإجمالية لصادرات السلاح الروسي 15.7 مليار دولار في عام 2013. دخلت روسيا حالة الركود الاقتصادي، وتواجه الحكومة الاتحادية عجزًا كبيرًا في موازنتها، فمن غير المتوقع أن ترتفع أسعار المشتقات النفطية قبل تراجع السعودية عن موقفها السياسي، وتخفيض الإنتاج، لكن إجراءات البنك المركزي والحكومة الروسية أسهمت بدعم العملة الروسية، برفع سعر الفائدة إلى 17% سنويا مما قلص الطلب على الدولار لدى المواطن الروسي، للاستفادة من ارتفاع سعر فائدة العملة المحلية، وأوقف حالة التدهور لسعر صرف الروبل، لكن هذا الإجراء أدى إلى رفع أسعار الفائدة المدينة أمام المستثمرين والمقترضين إلى 20 %. مما يعرض الاستثمار في روسيا لمخاطر كبيرة، ويسهم بتراجع النمو الاقتصادي. وسجل التضخم في روسيا مستويات مرتفعة وصلت نسبته حوالي 11,4% في نهاية العام الماضي، وازداد العبء على الطبقة العاملة والفئات الشعبية، ويظهر ذلك جليا من خلال توزيع مكاسب الثروة بشكل غير عادل، فقد بلغت حصة 110 من الأغنياء حوالي 35٪-;- من الأصول المالية التي تملكها العائلات الروسية، منذ عام 2008 وسميت موسكو "بعاصمة مليونيرات العالم" حسب مجلة فوربس.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتجاجات عمالية على سياسات الاتحاد الأوروبي
-
المشهد الاقتصادي 2014
-
الأثر السياسي والاجتماعي لهبوط أسعار النفط
-
اتفاقية الغاز مع -العدو-.. غير مبررة اقتصاديا ومرفوضة سياسيا
-
كيف نعالج مشكلة الفقر؟
-
نحو نظام عالمي جديد
-
ازمة الرأسمالية العالمية
-
الصديق الوفي المناضل سمير حداد
-
رؤية اقتصادية اجتماعية
-
هل يمكن بناء رأسمالية -أخلاقية- بالعالم العربي؟
-
ازمات في الثورات ...؟
-
فشل سياسات التقشف في معالجة الأزمات
-
تحية لصمود غزة وسلامات للرفيق غازي الصوراني
-
من المسؤول عن تفاقم الأزمة…؟
-
خيارار الشعب المصري نحو المستقبل
-
البرامج الاقتصادية لمرشحي الرئاسة
-
نحو سياسة اقتصادية وطنية تخرج البلاد من أزماتها
-
ابرز التحديات التي تواجه البلاد
-
الاول من ايار عيد العمال العالمي
-
هبة نيسان ... وواقع الاقتصاد الاردني
المزيد.....
-
غفلة إسرائيلية عن التمديد لنائب محافظ البنك المركزي
-
مزارعو غزة يتحدون دمار الحرب لإحياء سلة غذاء فلسطين
-
جوزيف عون: الإصلاحات الاقتصادية أساس بناء الدولة.. وحماية ال
...
-
مصر تسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الصناعات الغذائية خلال 2024
...
-
تقرير: انخفاض أسعار السلع في مدينة حلب السورية بعد انتهاء -س
...
-
-وول ستريت جورنال-: رسوم ترامب الجمركية أغبى حرب تجارية في ا
...
-
خبراء اقتصاد عن رسوم ترامب الجمركية: خرج المارد من القمقم
-
ترامب يؤكد تعليق فرض الرسوم الجمركية على المكسيك لشهر
-
“حكومة الجزائر” تصدر بيان هام لكل من يملك البطاقة الذهبية
-
-أوبك+- تبقي على سياسة الإنتاج دون تغيير رغم دعوات ترامب
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|