أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد الجاف - هل للاكراد حق الانفصال عن العراق؟













المزيد.....

هل للاكراد حق الانفصال عن العراق؟


خالد الجاف

الحوار المتمدن-العدد: 1311 - 2005 / 9 / 8 - 07:32
المحور: القضية الكردية
    


تتسارع الاحداث في شمال العراق المنطقة الكردية من تصاعد الاخطار المصيرية الانفصالية والتمهيد لها تدريجيا بسبب السياسات الانتهازية الخاطئة لقادة الاكراد، الذين ضلوا طريقهم في الوهم والخيال اسمه (الفيدرالية والاستقلال). لقد سقط القناع اخيرا عن تلك الوجوه المتسترة بالفدرالية، وظهر بوادر حق تقرير المصير لاكراد العراق بالانفصال عن الوطن الام، وقد اطلق مسعود البرزاني في خطابه العلني في جلسة البرلمان العراقي قنبلة الانفصال مستقبلا، وذكر ان الظروف الحالية التي يمر بها العراق هي (الفرصة التاريخية) التي يجب ان لاتفلت من بين يديه، لتحقيق شروطهم في الدستور علي حق تقرير المصير للشعب الكردي. وقد وضع خطوطا حمراء ممنوع تجاوزها اعتقادا منه ان شروطه الملونة هذه ستساعد علي انضاج الظروف الموضوعية لتحقيق الاستقلال الكردي الكامل، واعلان انفصالهم عن العراق.
سبق وان قلنا ان اهداف هذه القيادة الكردية الانتهازية المصلحية لاتخدم مصالح شعبنا الكردي في الظروف الراهنة التي يمر بها الشعب العراقي كله، ولا في المستقبل القريب او البعيد لظروف استراتيجية بحتة تحيط بكردستان العراق، الا انه مع الاسف هذه القيادة قد صممت بعناد شديد، وركبت برأسها وهم الاستقلال الناجز والتام مستقبلا، وهي مازالت تراهن علي الحصان الخاسر (اسرائيل وامريكا) وفقدت بذلك محيطها العربي. وخطاب البرزاني كشف لنا المخطط الذي رسموه في اوكارهم شمال العراق، قبل اعلان الحرب علي العراق وسقوط بغداد، كانت هناك مؤامرة تحاك وتنفذ بين الساقطين من المعارضين الخونة العملاء وقادة الاكراد وكلهم كانوا ومازالوا يتلقون الاوامر من الادارة الامريكية. وفي هذا المؤتمر الذي عقد في مصيف صلاح الدين تقرر فيه كيفية توزيع الادوار علي الوكلاء والعملاء، والاتفاق علي مايسمي بالفدرالية الكردية، وبعد ان تنجح المؤامرة تتبعها فدرالية للجنوب، كما يطالب عبد العزيز الحكيم الان رغم رفض اكثر الشيعة العرب في الجنوب وخاصة جماعة الصدر والقوي الوطنية المخلصة لوحدة الوطن، واكثر الاحزاب الرافضة للاحتلال الامريكي، ثم صدر البيان الختامي لذلك المؤتمر التآمري علي وحدة العراق وتقسيمه. وماورد فيه من مساس فاضح بسيادة واستقلال العراق، وتفكيكه وتقسيمه، والغاء هويته العربية التاريخية والحضارية، والثقافية، والقضاء علي تراثه القومي والعروبي، ودوره الفعال في محيطه العربي. وذلك حقدا من انفسهم علي كل ماهو عربي قومي ثوري. ان التحريض والتهريج علي استغلال الفرصة التاريخية الثمينة قبل ان تضيع من ايديهم كما قال البرزاني هي منتهي الوقاحة والانتهازية السياسية، وهي اول خطاب ودعوة علنية تصدر منه، وبان للعيان حقيقة ماكانوا يخفونه في انفسهم ويخططون له، بعد ان درسوا افكار ومخططات هرتزل الصهيوني، وطالبوا بتثبيت شرط احتفاظهم بحق تقرير المصير في الدستور العراقي. وما تؤكده ايضا تصريحات البرزاني الاخيرة بحضور زلماي زادة السفير الامريكي في العراق، حيث قال (للاكراد الحق في المطالبة بالاستقلال عن العراق ولكن يجب ان يحدث ذلك في الوقت المناسب) انه يتسارع مع عدوه اللدود الطالباني باطلاق التصريحات الواحدة تلو الاخري. وشعبنا الكردي لاينسي الحرب الاهلية التي اندلعت بين الطرفين وهروب البرزاني من مدينة اربيل التي سقطت بيد قوات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، حيث قال الطالباني موجها كلامه لخصمه الهارب بالحرف الواحد (لن يحلم برؤية اربيل مرة ثانية حتي ولو بالمنظار). ولكن الرجل مالبث ان عاد وبسرعة بقوة الجيش العراقي وجنوده، الذين بعثهم الرئيس صدام حسين استجابة لطلب الاسترحام الذي اعلنه البرزاني عبر رسالة منه الي صدام، فدخل الجش العراقي الي اربيل في 6 اغسطس عام 1996، واعاد البرزاني (ناكر الجميل) الي عاصمته اربيل. والان بعد ان سقط العراق صريع الاحتلال الامريكي الغاشم، وشاء القدر ان يصبح البرزاني رئيسا لاقليم كردستان والطالباني رئيسا للعراق كان من المفروض وعلي الاقل ان لايقف هذا القائد الانتهازي بجانب القوات الامريكية، ولكن صدق المثل القائل (اتقي شر من احسنت اليه) واصبح هذا القائد يطالب بمزيد من الخطوط الحمر التي باتت وكأنها هوايته المفضلة وهو مفرط بثقته بنفسه، فراح يرسم مزيدا من الخطوط الحمر، فالبيشمركة خط احمر، كركوك خط احمر، نفط كركو خط احمر، حدود كردستان التاريخية خط احمر، فهذه الهواية قد تعلمها من اصدقائه واصدقاء ابيه القدامي اسرائيل، فاصبح يطلق عليه في العراق صاحب الخطوط الحمر، وفي الحقيقة فهو لا يرسم خطوطا في الهواء كما يظن البعض، بل حدودا علي ارض الواقع تمهد عاجلا ام اجلا الي انفصال كردستان، انه يتصرف علي انه الاقوي بعد ان اصبح عراق ضعيف عراق احسن ، هذه المقولة التي كان يرددها دوما والده. فهو يدرك مدي هشاشته وهشاشة الحكومة العراقية المعينة، التي ترتجف خوفا وهلعا من قوة المقاومة العراقية وانتشارها، ولذلك فهو يلعب في الوقت الحاضر بأوراقه كاملة علي الطاولة، وهو يعلم ان امريكا قادرة ان تعبث بالخطوط الحمر اذا ارادت، لانه بيدها الحل والربط حاليا، وما عليه الا الاستجابة والطاعة والتنفيذ. ولكن نود ان نطرح عليه هذا السؤال، الي اين سيذهب اذا انقلبت المعادلة وانتصرت المقاومة العراقية، وانسحبت امريكا من العراق؟ فأنه في هذه الحالة سوف لن يحلم ان يري حقا والي الابد مدينة اربيل ولو حتي بمنظار. هذا السؤال هو المحير بالنسبة للاكراد ويشغل بال العقلاء والمعتدلين من شعبنا الكردي المسكين لا المتعصبين الشوفينيين القوميين المتطرفين. ونعود الي ذكر رئيس الجمهورية فقد قال الطالباني (ان مشروع اقامة دولة كردية مستقلة لم يمت بعد) وسبق وان اعلن ان تشكيل دولة كردية مستقلة عن طريق اراء استفتاء عام واجب تاريخي فكل هذه المطاليب التي يعلنها قادة الاكراد الانفصاليين بكل صفاقة وعنجهية وبين كل فترة وحين، مستندة علي التقارير السرية التي وصلتهم من واشنطن، والتي تذكر ان اعضاء في الكونغرس الامريكي يتداولون خطة امريكية مستقبلية لاقامة دولة كردية في شمال العراق مستقلة تمهيدا لقيام كردستان الكبري. ونظرا للتعاطف الكبير من قبل الشعب الكردي وقيادته لاسرائيل والولايات المتحدة، فأن اسرائيل تحبذ وجود دولة صديقة وحليفة لها في المنطقة، ويجب تطوير واستثمار هذا التعاطف الكردي لدولة اسرائيل، لان الولايات المتحدة الامريكية تواجه خزينا من الكراهية والعداء عند الشعوب العربية. فهذه التقارير السرية تفتح الباب واسعا امام اكثر من علامة استفهام عن الدور الامريكي الخبيث في رسم ملامح شرق اوسطي جديد، ابتداء بتقسيم العراق طائفيا ثم البدء بمشروع استقلال الكرد في العراق، وذلك لايجاد حليف استراتيجي لدولة اسرائيل يمكن ان يشكل لها عمقا سياسيا وعسكريا واقتصاديا وسوقا رائجة لبضائعها.
وقادة الاكراد الذين فرحوا كثيرا بسقوط النظام السابق عن طريق الخليفة العادل (بوش) الذي لايهمه في هذا العالم سوي انصاف الشعوب المظلومة، ومعاقبة الحكام المجرمين الدكتاتوريين، وخلق نظام ديمقراطي في البلدان المحررة، وقد استبشر قادة الاكراد الكرام بهذه الديمقراطية الامريكية العادلة، والتي ليس من مبادئها تقسيم ابناء ومواطني امريكا حسب طوائفهم او قومياتهم او حسب عروقهم العنصرية، الا في مفهوم قادة الاكراد العكسي للديمقراطية في العراق. فالدستور الامريكي نفسه يرفض تصنيف مواطنيهم حسب انتماءاتهم العرقية، الا ان قادة الطائفية في العراق يتمسكون بهذا الطرح الديمقراطي الاعرج حسب مقياسهم المريض في المحاصصة الطائفية، واستحقاقات الديمقراطية التي بشرهم بها بوش المخلص الامين.
رئيس الجمهورية الكردي المؤقت المحشور في (المنطقة الخضراء) المحمية بجنود الاحتلال، الذي لايستطيع الخروج لشم الهواء العليل في شارع ابو نواس (كورنيش بغداد) فهو يرفض ـ بالاشتراك مع زميله البرزاني ـ بأن يكون العراق عربيا وجزءا لايتجزأ من الامة العربية، بينما يؤمن بدولة كردستان الكبري التي تضم اكراد العراق وتركيا وايران وسورية.
وهو يدرك بأن العراق كان وسيبقي عربيا رغم انوفهم وانوف اسيادهم ومراجعهم، فالطرف الكردي يعلم انه مؤقت في السلطة الهشة، وايامهم معدودة في العراق رغم انف الجميع، ولايقدرون علي العيش والاقامة والاستمرار في عراق المستقبل، ولهذا فهم يتسارعون في الاستحواذ علي المكاسب والامتيازات، ويحاولون جهد الامكان ان يبتزوا مزيدا من النفوذ والاموال والصفقات السياسية، لذلك نري ان الطالباني مع صديقه بالروح البرزاني يمدان ايديهم خارج مناطقهما، ويطالبان باراضي عربية اصيلة، وحتي تركمانية او مسيحية ويزيدية لم تكن تابعة لهم في يوم من الايام ، ويطرحان خارطة جغرافية كبري تشمل ثلث مساحة العراق علي شكل نصف هلال، واكثر من ذلك فهم يطالبون بأعتماد اللغتين العربية والكردية رسميا في مسودة الدستور الدائم، ويمنعون استخدام اللغة العربية في المنطقة الكردية.
ومن المهازل المضحكة الاخري التي تحدث في العراق المحرر (حسب ادعائهم) فرئيس الجمهورية يصرح ويطالب بالحاق كركوك بالمنطقة الكردية، وليس هناك سياسي عراقي من المشاركين في طبخة الحكومة المعينة حكومة الجعفري ان يكون مستعدا ان يقف بوجهه، ويقول له انك تمثل العراق كله حسب منصبك الحالي وليس اقليم كردستان، وليس من حقك ان تعلن مثل هذه التصريحات وتطالب بضم كركوك الي اقليمك الكردي، وتنحاز الي حزبك ومنطقتك وكرديتك.
سبحان الله، فهذه القيادة المستقوية بقوات الاحتلال والطالباني رئيسها الحالي، ومليشياته البشمركة التي سرقت اسلحة الجيش العراقي، وترفض تسليمها للحكومة العراقية الحالية، لتأسيس جيش جديد للعراق بينما يجعل الملازم الاول المتقاعد بابكر زيباري رئيسا لاركان الجيش العراقي الجديد وشاويس مفتشا عاما لوزارة الدفاع.
ان الخطاب الكردي اخذ في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق الحديث انعطافة حادة نحو التصعيد والتأزم، واغتنم فرصة كتابة الدستور في لهجة حادة ولغة مفتوحة وذلك لابتزاز وتعجيز الطرف الاخر، ولتمزيق وشحن الاجواء المشحونة اصلا منذ سقوط بغداد تحت الاحتلال المغولي الجديد بمساعدة احفاد ابن العلقمي الجدد. فأن لهجة قادة الاكراد رفعت من درجة التشكيك عند جميع العراقيين، وطرح علامات استفهام من كل السياسيين العراقيين الوطنين والقوميين والاسلاميين الشرفاء حول النوايا والاهداف التي ينطوي عليها هذا الخطاب الكردي المتشدد في عدم تفويت (الفرصة التاريخية) في رفع الظلم والغبن. وعن ما اعلن طرحه بالفدرالية وموافقة الطرف الشيعي الاخر علي هذا الطلب في اطار وحدة العراق، وقف بعض رجال السياسة من العراقيين، وحتي من بعض الوطنيين الاكراد انفسهم بتأجيل البحث في موضوع الفيدرالية الي المرحلة التي تعقب انتهاء الاحتلال بكل اشكاله وهزيمة مشروعه السياسي والعسكري، الا ان المقاومة العراقية والوطنيين الغيورين علي العراق يرفضون التأجيل او البحث بهذا الموضوع الخطر، فلا يوجد حل وسط الا بالرجوع الي (الحكم الذاتي) الذي كانوا يتمتعون به في عهد الحكم السابق مع توسيعه واعطاء الاكراد بعض الحقوق المتنازع عليها، اما تقرير المصير اي الانفصال بالعربي الفصيح المبطن، وتقسيم العراق فهو مرفوض رفضا باتا من قبل الشعب العراقي، وهو خط احمر لايمكن تجاوزه من قبل عصابات البيشمركة وقادتهم.
الا ان شروط الاكراد لم تستجب لهذا الحل العقلاني، بل راحت شروطهم تتعالي علي غير انقطاع مع الاصرار علي الاحتفاظ بالبيشمركة كجيش خاص لاقليمهم الشمالي، مع الاصرار علي حدود موسعة لهذا الاقليم الخيالي والي رفض رفع العلم العراقي في ربوعه، والشعب العراقي يعلم ان كل هذه المطاليب تمت علي قاعدة استقواء بالاحتلال، وانتهت كل هذه الشروط علي حجة ان الاكراد قادرون علي ان يعلنوا استقلالهم الا انهم يتخلون عن هذا الهدف في الوقت الحاضر، مع البقاء في عراق فدرالي، كأنه هدية منهم للعراق الموحد، بينما قادة الاكراد اكدوا علي ان يكون عراق موحد مقابل ثمن باهض، وهو ان يتخلي العراق عن هويته العربية فهم لايقبلون ان تكون هويته عربية اسلامية، ولا هم جزء من الامة العربية. ان هذه اللهجة ماهي الا عبارة عن ابتزاز مكشوف لفرض شروط ومطاليب تجعل من كردستان (دولة ضمن دولة) فأين اذن ذلك الشعار (عراق موحد...عراق افضل)؟ الذي يتشدق به بعض العناصر السياسية الانتهازية في المرحلة الراهنة كذبا وبهتانا.. فهذه المطالب التعجيزية ترمي الي خلق الارضية والذرائع للانفصال والانسلاخ في نهاية المطاف عن العراق. كل هذه الاحلام الكردية لم تكن قادرة ان تطرحها قيادة الاكراد علي بساط البحث في النظام السابق لحزب البعث، لان الشروط الموضوعية غير مستوفية في تلك المرحلة.
والان يعد ان تم احتلال العراق (واصبح افضل وهو ضعيف) كشفت الذئاب عن انيابها وراحت تعوي بكل جرأة في فرض شروطهم لتحقيق افضل المكاسب الطموحية المتجددة في ظل احتلال هو نفسه يبحث عن مخارج لورطته المتفاقمة في العراق المحتل.
انهم يعلمون علم اليقين ان العراق حاضره وماضيه ومستقبله جزء من ارض العرب عبر التاريخ، بينما شمال العراق الذي يطلق عليه الان كردستان العراق لم يكن في يوم من الايام لا في الماضي ولا في الحاضر جزءا من كردستان الاكراد الكبري عبر التاريخ. بينما العراق عربي اسلامي كانت تسكنه القبائل والعشائر العربية ولها ثقافتها العربية ولغتها الموحدة وعاداتها العربية الصميمة وتقاليدها العشائرية، مع العلم ان 80 بالمئة من سكان العراق هم من العرب، و95 بالمئة من سكانه مسلمون، وعليه فأن العراق جزء لايتجزأ من محيطه العربي الاسلامي، اما ماورد في مسودة دستورهم الخائب الذي تم صياغته عن طريق فريدمان وفرض علي بعض القادة السياسيين المرتبطين بمشروع الاحتلال الصهيوني الامريكي، نقول لهم ان الشعب العراقي بكل اطيافه سيرفض هذا الدستور، وسيتم اسقاطه بعد نجاح المقاومة العراقية المجاهدة البطلة، وستموت وتمحي من الذاكرة تلك المطاليب التي قدمها قادة الاكراد لان الشعب العربي جزء من الامة العربية، وان الاكراد في العراق جزء من الامة الكردية ولان هذه مطاليب قدمها الاكراد بالنيابة عن امريكا وحليفتها اسرائيل لتقسيم العراق.
من يدرس تاريخ وجغرافية العراق سيجد انه مرتبط في وحدة جغرافية واحدة لاتنفصم، وكيان واحد متميز منذ فجر التاريخ اسمه (مابين النهرين) حيث يشكلان نمطا واحدا من الناحية السياسية والاجتماعية والثقافية تمثل حاليا في (البصرة - بغداد - الموصل). فالعراق الحالي يمثل هذا الكيان التاريخي، وهو يس مصطنعا كما يشير بعض عملاء قوات الاحتلال، الذين يريدون اعادة تقسيمه ضمن اتحاد فدرالي. فالنظام الفدرالي يقوم اصلا علي توحيد كيانات مستقلة في دولة واحدة، ويكون من حق اي طرف الانفصال متي شاء، وهذا ما لاينطبق علي الوضع العراقي، الا ان قادة الاكراد يريدون دويلات قزمية داخل ارض العراق ما بين النهرين جاهزة للاستقلال عند الطلب، بحجة حق تقرير المصير المنشود، لنصبح بالتالي مثل امارات الاقزام الخليجية، انما هي في الواقع تستجيب لابتزاز القوة والترغيب المتجسد بضعف السلطة المركزية في بغداد، مع وجود قوات الاحتلال. وهذه حالة مؤقتة لاتدوم طويلا مع العلم ان المقاومة لهم بالمرصاد لمشاريعهم واحلامهم الخائبة.
اذا اردنا دراسة موازين القوي داخل المجتمع العراقي، وخاصة في منطقة كردستان العراق علي اعتبار ان عدد الاكراد 4 ملايين مواطن كردي، سنجد ان هذه الفرية غير صحيحة، ولايمكن تناسي بقية الطوائف والاقوام الاخري في المناطق الكردية، بينما الاكراد هم اقلية حتي ضمن حدود الدولة التي يطالبون بتأسيسها مستقبلا. فالكرد تقريبا مليون وسبعمئة الف نسمة علي اكثر تقدير في الوقت الحاضر، ضمن المنطقة الكردية التي يسكنون فيها، بينما هناك حوالي مليون عربي وستمئة الف تركماني ومثلهم من الارمن والكلدان والاشوريين والشيك واليزيديين، وغيرهم من الاقوام الاخري الصغيرة، مما يشكل ما مجموعه 4 ملايين نسمة غير كردية. فكل التقارير والاحصائيات الوطنية في شمال العراق تثبت ان سكان مدينة السليمانية مثلا لايزيد عن 450 الف نسمة، واربيل نفسها لاتزيد علي سكان مدينة السليمانية، اما دهوك فلا يرتفع عدد سكانها في كل الاحوال عن 100 الف نسمة. ومدينتا اربيل ودهوك يشكل فيها التركمان والاشوريون والاقليات الاخري رقما كبيرا بالنسبة الي الاكراد. ويمكن الرجوع الي الاحصائيات في تعداد نفوس الاكراد لعام (1924 - 1925 - 1934 - 1957 - 1958) وهي محفوظة في الدوائر الرسمية العراقية، ويمكن لكل مختص بالشأن العراقي الرجوع والاطلاع عليها. وكذلك يمكن الرجوع الي موسعة الدكتور الفلسطيني حنا بطاطا للتأكد في عدد الاكراد في العراق. ان الاكراد مثلهم كمثل دولة الكويت التي تسرق وتتمدد وتتوسع في الاراضي العراقية تدريجيا. واذا رجعنا لدراسة التاريخ فأننا لا نجد هناك دولة كردية يحكمها الاكراد مطلقا، واول حكم محلي كان علي يد الوالي السلجوقي لؤلؤ، وشمل قضائين حول مدينة باها فقط عام 1250 ميلادية، وحيث لم يبرر التاريخ قيام هكذا دولة، فكيف يريدون الان تحقيق دولة لهم الان.
عندما قام الاكراد بأعلان جمهورية مهاباد الكردية في ايران، فأنها لم تدم طويلا، فقد هرب مصطفي البرزاني وزير دفاعها الي مدينة باكو مع جماعته، وهناك اصبح جنرالا في الجيش الاحمر الشيوعي، وبعد نجاح ثورة 14 تموز عام 1958 رجع البرزاني الكبير الي العراق، بعد ان استقدمه الزعيم عبد الكريم قاسم. وفي ظل الزعيم قاسم تقرر منح الحقوق القومية للشعب الكردي واثباتهم دستوريا من انهم القومية الثانية في العراق، وان العراق شراكة بين العرب والاكراد. وهذا القرار نال من القوميات الاخري غبنا كبيرا، وجرح شعور مواطنيها وخاصة التركمان والاشوريين والاقليات الاخري التي تعيش في شمال العراق جنبا الي جنب مع الاكراد. وعلي الرغم من كل المكاسب الوطنية والقومية التي حققها الاكراد في العراق، انتفض البرزاني الكبير (الاب الروحي) علي الدولة العراقية، وتآمر مع البهلويين في ايران واسرائيل في سبيل تدمير العراق، ليس لمصلحة الشعب الكردي المسلم المظلوم علي يد هذه الطغمة العشائرية المستبدة الغاشمة التي تمارس بشع الدكتاتوريات بحقهم، بقدر ماهو مصلحة البرزانيين وتاريخهم الخياني العشائري في العراق.
كان مبدأ الاكراد منذ زمن عبد الكريم قاسم قائما علي مقولة (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان) وتقدم هذا الشعار بفضل احتلال العراق ووجود خونة الشعب العراقي من الطائفيين اصحاب المظلومية الكاذبة الي مبدأ (الديمقراطية للعراق وحق تقرير المصير لكردستان) وسيرتفع سقف هذا المبدأ في نهاية المطاف الي (نترك الديمقراطية للعراق والاستقلال لكردستان) وبعد سقوط حكم الزعيم الاوحد عبد الكريم قاسم ومجيء حزب البعث للسلطة تم الاتفاق عام 1970 علي اعطاء الاكراد حكما ذاتيا موسعا ومتطورا في اطار عراق موحد، الا ان قادة الاكراد يعتبرون ان الحكومة البعثية لم تقرر شيئا واقعيا وحقيقيا للاكراد، بل بالعكس هو مجرد لعبة استراتيجية بعثية الغرض منها وقف الدعم الصهيوني الايراني الي الاكراد وتمردهم، مع العلم ان حكم البعث وافق علي خارطة للاقليم الكردي المرسومة وفق اتفاق الحكم الذاتي مع استثناء منطقة كركوك، وهو الاتفاق الذي يضمن للاكراد حقوقا قومية وثقافية وحكما ذاتيا متطورا ولكن ليس في اطار فدرالي موسع قد يدفع مستقبلا نحو الانقسام والتقسيم اللاحق كما يحدث الان، والذي يعتبر ضربا من ضروب الانتحار نظرا لتعاكسه مع وجهات نظر الدول المجاورة بصيغته المطروحة من قبل بعض الاطراف الكردية. وعلي هذا فأن المطلب الواقعي للحركة الكردية يفترض ان يقع تحت عنوان (تطوير الحكم الذاتي) مع تطوير البرلمان الكردي في اربيل علي ان يأخذ بالحسبان حقوق جميع القوميات في المنطقة الشمالية. فالبرلمان الكردي ذاته بحاجة الي تطعيم بنظام المحاصصة مثلما فعلوا بالعراق وشعبه، فعليهم الان بتقاسم المواقع القيادية من الاعلي الي الادني بالنسبة للاقليات القومية الواقعة في نطق خارطة 1970 وتحديدا بشأن حقوق التركمان والكلدان والاشوريين وباقي الاقليات الاخري بشكل عام، بحيث تنتفي سطوة الطائفية والمذهبية، ولاتقف حجر عثرة بحقوق هذه القوميات في شمال العراق. ان اكثر السياسيين العراقيين الوطنيين يعترفون انه لم يدعم موقف الاكراد في العراق غير حزب البعث، كونه منح حقوقا للاكراد لم يحلموا فيها في دول الجوار. الا ان قادة الاكراد يبررون هذا الموقف قائلين، ان البعث وحكومة البكر وصدام لم تمنح حقوقا للاكراد كمبدأ وطني او تقرير شرعي دستوري، الابسبب ان العراق وشعبه كانا دائما محل تآمر دول الجوار واسرائيل خاصة، وبدعم من القوي الامبريالية في العالم. ويدعون ايضا ان الحكومة البعثية لم تقرر شيئا واقعيا وحقيقيا للاكراد، بل بالعكس هو مجرد لعبة استراتيجية بعثية الغرض منها وقف الدعم الصهيوني الايراني الي الاكراد وقيادتهم المتمردة، مع العلم ان الاكراد كانوا ومازلوا يطالبون بأرض الجزيرة شمال العراق، وهي ارض عراقية لا يملك الاكراد فيها غير منطقة الجبال المحاذية الي ايران وتركيا وبعضا من السلسلة الجبلية المطلة علي العراق. والسليمانية نفسها لم تكن مدينة كردية ابدا، وسأوضح هذا في الحلقة المقبلة من حديثنا هذا. فحسب المصادر الدولية والتأريخية والعراقية بما فيها الكردية حقيقة وجود الاكراد ونزوحهم الي شمال العراق من جبال ايران. انهم يكذبون بهذا الادعاء، فالحقيقة والتاريخ ان النظام السابق لم يكن ابدا يريد المتاجرة بأفكاره ومبادئه عندما منح الاكراد الحكم الذاتي، فهذه نقطة جديرة بأن تضاف لصالح حزب البعث. وليس لصالح الحركة القومية الكردية في العراق بقدر ماجلبت المآسي اليه وللشعب العراقي عامة.
والان في العراق هناك دولتان دولة شرقية وعاصمتها السليمانية تابعة للطالباني، والدولة الغربية وعاصمتها اربيل، وهي تابعة للبرزاني، وهم منقسمون اثنيا ولغويا وطبقيا. لو استقل الاكراد بدولة فستكون في محيط معاد كليا من قبل دول الجوار، ومحصورة في حدودها الضيقة، فاذا هجمت جيوش ايران وتركيا لتحارب هذه الدولة الصغيرة فأنها تباد بأيام قليلة جدا، ولن تنفعها اسرائيل ولا امريكا، وقوات الاحتلال لن تجرؤ علي مساعدتها وهي متورطة في المستنقع العراقي المظلم. وثم حتي لو فرضت الدول المحيطة بالدولة الكردية الحصار الاقتصادي، واغلاق كل المنافذ الحدودية لتموت جوعا. فالاستقلال وحتي الفيدرالية الحالية ستعني ابادة لهم. وقد صرح مؤخرا البروفيسور الكردي كمال مجيد في كلمته التي القاها في مؤتمر بيروت تحت عنوان مستقبل العراق، التي عقدت في شهر تموز من العام الحالي، واعلن مانصه (حتي لو منحتم اي شيء للقيادة الكردية فلن تقبل وستطالب بالمزيد، بل هي لاتمتلك قرارها، وقرارها بيد امريكا واسرائيل تسيرانها حسبما تشاء. لذا لاتتعبوا انفسكم، اذا قالت امريكا لهؤلاء ارفضوا الحكم الذاتي او ارفضوا الاستقلال سيرفضون مباشرة. هؤلاء لاعلاقة لهم بمصلحة الكرد او العرب، او اي جزء من اجزاء الشعب العراقي، هؤلاء عملاء مأجورون وحسب). واخيرا، نقول لهذه العصابات الانفصالية ان الشعب العراقي بعربه واكراده وتركمانه الشرفاء لن يغفر للحاقدين المفسدين المتأمرين الذين قاتلوا الي جانب الغزاة، الذين حفروا جرحا عميقا بين الشعب العربي والكردي، فلا تحتفلوا بنشوة النصر والتحرير والاستقلال القادم، انه حلم سراب لايتحقق. ان من يريد رسم مستقبل العراق وتحديد رؤية ما يريد العراقيون جميعا بعد التحرير، هم فقط اولئك الذين يحملون سلاح المقاومة، ويقدمون الشهداء علي مذبح التحرير قربانا لتربة العراق المقدسة في الميدان، هؤلاء حصرا وتحديدا من يحق لهم التحدث بأسم الشعب العراقي بكل اطيافه، ونوع الحكم الذي يبغونه، وهو العراق الواحد الموحد القوي. انهم يسطرون الان بدمائهم الزكية مصير ومستقبل وطن وشعب وامة لاجيال لاحقة، وعلي الاكراد الشرفاء أحفاد صلاح الدين الايوبي المشاركة الفعلية بالمقاومة العراقية واعلان جهادهم الاسلامي ضد عملاء الامريكان في شمال وطننا الحبيب، والقضاء علي القيادة العشائرية التي تريد توريط شعبنا الكردي في حلم لايمكن ان يتحقق (حلم الاستقلال) لكي نتجنب لعنة التاريخ علينا (نحن الاكراد خاصة) علي الاقل.

ہ كاتب كردي من العراق






#خالد_الجاف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اللاجئون السودانيون.. مأساة لم ينهها عبور الحدود واللجوء
- الأمم المتحدة تحذر: شبح المجاعة يهدد 40 مليون شخصًا في غرب أ ...
- تظاهرات في تل أبيب مطالبة بصفقة للإفراج عن الأسرى
- الشروق داخل معسكرات النازحين فى السودان.. حكايات الفرار من ا ...
- استشهد زوجتي وإصابتي أفقدتني عيني
- مصدر فلسطيني: عودة النازحين قضية رئيسية في المفاوضات وتوجد ع ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى
- مندوب فلسطين بالجامعة العربية يدعو لتفعيل الفصل السابع من مي ...
- عبد الرحمن: استقبال عناصر النظام البائد وتسوية أوضاعهم ممن ل ...
- دعوات إسرائيلية لمظاهرات تطالب بصفقة تعيد الأسرى


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد الجاف - هل للاكراد حق الانفصال عن العراق؟