|
سورية قبضة من النور
حسن العاصي
باحث وكاتب
(Hassan Assi)
الحوار المتمدن-العدد: 4687 - 2015 / 1 / 10 - 20:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أن يموت عدد من اللاجئين السوريين بسبب البرد والصقيع ونقص مواد التدفئة في مخيمات اللجوء داخل الدول العربية التي يوجد مخيمات للاجئين فوق أراضيها ، ونحن نعيش في الألفية الثالثة ، لهو عار كبير على الأمتين العربية والإسلامية أولاً ، وعلى المجتمع الدولي المنافق ثانياً، وعار على الإنسانية جمعاء . أن يموت أحد داخل سورية من المحاصرين في بعض أماكن إقامتهم جوعاً ، والطعام على مسافة أمتار ، هذا انهيار وانحطاط لكافة القيم والمُثل الإنسانية ، فما جدوى أية قيمة أخلاقية مادام جوهر الحياة نفسه أصبح مهدداَ بالفناء . أن يموت آلاف السوريين ومثلهم من الفلسطينيين السوريين غرقاً في أعماق البحار ويتحولون طعاماً للأسماك وهم يحاولون النجاة بأرواحهم وأرواح أطفالهم هرباً من جحيم الحرب ،ثم يقعون فرائس بين أيدي المهربين وتجار البشر قبل أن يتلاشون هم وأحلامهم في حياة كريمة بعرض المحيطات ، لهو فضيحة الفضائح لهذا العالم المجنون المنافق الذي يتشدق بمعزوفة حقوق الإنسان ، لكنه نسي أن يخبرنا ان ما يعنيه هو الإنسان الغربي ولم يكن يقصد بطبيعة الحال السوري او العربي . أن يكون الشغل الشاغل للعديد من وزارات الداخلية العرب هو إصدار حزمة قوانين تليها حزمة أخرى خاصة بالسوريين ، تفرض عليهم الحصول على تأشيرات مسبقة لدخول هذه الدول ،وتقوم بالتضييق عليهم في الدول التي يقيم ملايين من اللاجئين السوريين على أراضيها ،بحجة المحافظة على البنى التحتية لهذه الدول وعدم استهلاكها ، او بحجة عدم منافسة العمال المحليين ، على اعتبار أن اللاجئ السوري العامل أكثر مهارة منهم ، واقل أجراً وتطلباً ، أو بذرائع تتعلق بالأمن العام والسلامة لتلك الدول وتصوير اللاجئ السوري كمصدر خطر محتمل ، فهذا والله لمنكر عظيم . أن يتم الإعتداء على اللاجئين السوريين نهاراً جهاراً في عدد من هذه الدول العربية من قبل بعض المواطنين ، أو من قبل بعض رجال الأمن ،والتشفِّي منهم لأسباب مرتبطة بالتاريخ أو الجغرافيا ،فهذا عيب كبير ونقيصة بحق السوريين . ان تتم سرقة بعض المواد الإغاثية والمساعدات العينية التي تقدمها بعض الدول إلى اللاجئين السوريين ، رغم أنها قليلة وقليلة جدا ، ولا تفي اللاجئ الحد الأدنى من متطلباته الإنسانية ، أن يجري سرقة هذه المواد من قبل بعض القائمين عليها من موظفي تلك الدول التي يقيم اللاجئين على أراضيها ، أو من قبل بعض موظفي المنظمات الإغاثية وإعادة بيع هذه المساعدات مرة أخرى إلى اللاجئين ، لعمري إنها من أمهات الكبائر . سورية كانت الدولة العربية الوحيدة التي فتحت مطاراتها ومراكز حدودها البرية والبحرية أمام العرب جميعاً بكافة جنسياتهم دون استثناء دون أية تأشيرات من أي نوع كان ،فالعربي كان يدخلها ويعامل معاملة السوري دون أي تمييز ،وكان يحق له التملك وإقامة شتى أنواع المشاريع التجارية . سورية كانت الدولة الوحيدة التي لم تقم خياماً للاجئين على مر التاريخ ، لأن العربي فيها كان دوماً أخاَ عزيزاَ وصاحب بيت ،لم يكن يرضى السوريين أن يشعر العربي بأي مهانة وهو بينهم ، فهكذا تعاملوا مع الفلسطينيين ومن بعدهم اللبنانيين والعراقيين واليمنيين والجزائريين وغيرهم من العرب الذين تدفقوا على سورية بمئات الآلاف في فترات زمنية متعاقبة ومختلفة على أثر أحداث دامية شهدتها بعض الدول العربية . عرب عاشوا في سورية سنوات قليلة او لعشرات السنين بكل احترام ومحبة دون أي تتم الإساءة لهم ولا بأية طريقة ،معزَّزين مكرمين ، كل السوريين دون استثناء فتحوا صدورهم وقلوبهم قبل بيوتهم للعرب الذي هربوا من بلدانهم بسبب الحروب أو لأسباب أخرى ، وعاملوهم كأنهم أحد أفراد الأسرة دون مبالغة . دمشق كانت عاصمة الأمويين ،وأصبحت رمز لكرامة العرب وكبريائهم وعزتهم ، وأهل سورية هم الأكثر اعتزازاً بعروبتهم ، ومن أكثر الشعوب العربية شهامة ومروءة وكرم وحُسن ضيافة،وكذلك فأن السوريين شعب لايرضى أبداً أن يكون عالة أو عبءً على أحد ،فهم شعب متعلم مثقف ،نشيط ويحب العمل ، وهو شعب مبدع في الصناعة والتجارة ، شعب ودود عالي الهمة . إن شعب بهذه الخصال والصفات لايستحق أبداً أن يُهان أو يتعرض للإذلال من أية جهة كانت . نشعر بالحزن الشديد وبالخزي والعجز حين ننظر ونتابع مأساة سورية ومعاناة السوريين في الداخل والخارج ، فهولاء الكرام أصبحوا يعانونون من شظف العيش ، بل من المجاعة ، وتهددهم الأمراض التي صارت تفتك بهم ،ناهيك عن حرمان جيل كامل من مقاعد الدراسة ، وضياع جيل آخر ، . هؤلاء السوريين فقدوا منازلهم وأراضيهم الزراعية ، ووظائفهم ومنشآتهم ،ومدارسهم ،والكثير منهم فقد جزء من افراد عائلته قتلاً أو خطفاً أو غرقاً. هؤلاء السوريين اللاجئين يعيشون الآن دون وطن في خيم لاتقيهم حر الصيف ولا صقيع الشتاء ، دون أبسط مقومات الحياة الكريمة ،دون معالجة ودون أدوية ، دون طعام كاف ، دون وسائل تدفئة ،دون أمل في مستقبل قادم . على شعوب الدول التي يقيم اللاجئين السوريين فيها أن يستفيدوا من وجود آلاف الحرفيين المهرة والصناعيين والأطباء والمهندسين وعشرات آلاف الفنيين غيرهم ، وأن يتعلموا من السوريين المهارة في الصناعة لأن السوريين أمهر العرب في الصناعات المختلفة ، من صناعة الأغذية والحلويات الشامية الشهيرة ، إلى صناعة القطن والجلود والملابس وغيرها العديد من الصناعات . فالسوريين اصحاب همة ونشاط ، واينما يتواجدون يبنون ويؤسسون لصناعة أو لتجارة . لاتهدروا هذه الكفاءات التي امتلأت بهم شوارع العواصم الأوروبية ، فالذي يتجول الآن في المدن الألمانية والسويدية على وجه التحديد يلحظ انتشار واسع لمحلات تجارية ومنشآت أصحابها من اللاجئين السوريين الذين تمكنوا من النجاة والوصول . سوف يأتي يوم يعود فيه السوريين إلى بلادهم كي يبنوها من جديد ،ولن ينسوا أية إساءة تعرضوا لها ، وكذلك لن ينسوا الأيادي البيضاء التي امتدت نحوهم بالحب والمساعدة أيها العرب ..إن لسورية وللشعب السوري ديناً كبيراً في أعناقكم جميعاً دون استثناء ،وهذا هو الوقت المناسب لتسديد دينكم أيها العرب .. افتحوا للسوريين صدوركم قبل بيوتكم ، وقوموا باحتضانهم أينما تواجدوا سورية ياشال روحي صبراً على البلوى سورية إني أحبك يا حضن أمي لاتحزني سورية أرض الخيرياحورية البلاد سورية سامحينا ياقبضة من النور سورية فضيحتنا وعارنا جميعاً .. وشاهد على تخاذلنا وعجزنا
#حسن_العاصي (هاشتاغ)
Hassan_Assi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطر الأهداب
-
فاكهة الماء
-
أوراق الشفاه
-
أطياف تراوغ الظمأ
-
حضن أمي
-
النصوص القديمة
-
عقد من تعب
-
فراشات البحر
-
قبائل النار
-
تأملات في الإستبداد الأمريكي
-
سباق مصالح على مستقبل المنطقة
-
في سياق التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية
-
الرئيس الفلسطيني يقع في فخ -الشاباك-
-
بعد مخاض غزة العسير ... سلطة رام الله تلد مسخاً
-
شيخُ قبيلتي
-
حتى لا تتبدد دماء الشهداء
-
العدوان الصهيوني على غزة
-
حضرة الرئيس
-
مناديل الحوريات
-
بخار الّليل
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|