احمد العطار
الحوار المتمدن-العدد: 1311 - 2005 / 9 / 8 - 07:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ـ قال أثيري و هو يحاورني: لما هو في حديثنا عن الديمقراطية واستشكالاتها و عن الحداثة و تحويراتها الغربية و
قولبتها في قالب العروبية/ العربية.خيل الي أن حديثك عنها كان موسوما بنظرة
تشاؤمية.
وعبوس وجهك وأنت تتكلملم تمنعنى أن استشعرفيك ذلك.فما بعد ذا ك خلي العزيز؟
ـ قلت لآثيري مجيبا : صدقة أي والله,وماجانبت الصواب قط في استشعارك فيّ ذلك.
فهلا أصغت بسمعك الي و أرد فته بعقلك و طرحت جانبا عواطفك و مجمل حسك.اني في
حديثي عن الديمقراطية العربية كواجهة و مدخل للحداثةالسياسية.و بالتالي لمشروع الحداثة
العربي ككل.استشعرت بغصة في حلقي لاتفتر و عبوسا في قسمات وجهي لا تزول ملامحه
ولا أخيفك يا صاحبي أن ذلك كان ترجمة لما كان يجول في ذهني و تعبيرا ملامحيا عليه.
و استشرافا قاتما للحاضر و للغد في ضوء الواقع المعاش و المعطى الراهن.فانك ان جلت
يا صاحبي ببصرك و بصيرتك لما خلصت الا لطرح تشاؤمي يلوح في الأفق و يبدد سحاب
التفاؤل ان هو وجد.
ـ قاطعني صفي قائلا : يبدو لي أن فلسفة" شوبنهاور" قد ترسبت فيك و توغلت.وان لبوسك لجلباب الشوبنهاوية لم
يبلي رغم مضي الأيام و لم يستحل هو الى أسمال .
قلت لصفي مجيبا : لا ولله.ما أنا بقائل مثلما قال الحلاج."ما في الجبة الا الله". فأقول":ما في الجبة الا شوبنهاور"_
. فواقع الحال غير خفي هو ولا مستعصي على الفهم و التفهم و بنضرة واحدة قد تتراءى لك
الغيوم السوداء التي تملأ الافق و تخومه .فانضر معي احدثك بالتاريخ و الواقع وما هناك اكثر
من التاريخ والواقع حجة. لا يستطيع احد والكلام الدي اسوقة لك يا صاحبي لمحمد سبيلا حفاضا
على صدق القول و امانة المرجع ان ينكر ان مفاهيم متعددة : "كحقوق الانسان اصبحت موضة
سياسية مثلما كانت الاشتراكية موضة سياسية في فترة من الفترات و مثلما كانت الديموقراطية
موضة...الخ" و ان هذه الموضات السياسية تلتحف طابعا اسطوريا مثاليا يجعلها نظريا محط
تبجيل و انبهار لا محط تحليل و تشريح عقليين . وعملياو تطبيقيا ضربا من المحال و ان شئت
الدقة قلت وهما و سرابا . فانظر الى الغرب و العرب معا يتمشدقون بالديموقراطية و امها
الحداثة و رديفتها العلمانية و جوهرها الحرية .فاصبحت هذه المفاهيم النظرية الفلسفية قطعة علك
يلوكها القاصى و الداني و مثاليات و طوباويات تثير العشق و الوله تشكل طرا لوحة افلاطونية
لهذا العالم و مجرد كلام في الهواء .فشتان يا خلي العزيز بين الاحلام و الواقع و بين النظر و
العمل و بين السياسة و الاخلاق.فالبون جلي و كلامي هذا ليس لغوا و بلبال بل هو........!
ـ قاطعني صفي قائلا: يجلو لي انك اغرقت في التجريد واكثرت من التمديد فهلا اوضحت بيت القصيد من كلامك الذي
يبدو ان العالم يمشي بسوء نية.
ـ قلت لصاحبي رادا : كان من الضرورة في هكذا قول أن يحمل الأمرعلى هذا المنوال,فما أمسكنا نحن العرب وغيرنا
عن تفصيل القول في النظري و أمسك, و ما استقام لنا حديث الى بمقدمات طللية و اغراق في
التجريد.بيد اني يا صديقي العزيز لن أكثر من الكلام العجيب و سأدخل معك في القول المفيد.جادا
و صادقا باتا و قاطعا. قال مفكرونا و منظرونا في مفاهيم-الديمقراطية و الحرية و الحداثة و المشروع
المجتمعي-الخ- ما لم يقله مالك في الخمر. و تغنت الركبان عندنا و تشدقت ردحامن الزمن لم ينقطع الى
الأن...دع عنك يا هذاالظن بأني انقص من شأن مفكرينا أو ابخسهم قدرهم أو اني اتابع تسقط عثراتهم
فالأمر أكثر من ذلك. الأمر ما هكذا كان عندي ومراد قولي أن هذه المفاهيم محط توظيف سياسي
و قولبة ايديولوجية و غطاء سلطوي و شعارات تسخر لخدمة المصالح و ستار حديدي يتدثر به
الحاكمون.
كل هذا و الشعب في دار غفلون اما ممغنط هو-أو مجنون-أو حالم و- مفتون-.و يكفيني دليل على الاستثمار
الدولي لهذه المقولات و توظيفها القطري و أخدها صبغة التمويه و التدجيل دون ريب أو شك.ما تفعله
أمريكا سيدة العالم و ربانه بهذه المقولات التي تدعي انتاجها و تبنيها.و توظيفها بالشكل الذي تريده
كما هو الحال في العراق و الشرق الأوسط و العالم العربي و باقي الأقطار الأخرى- ممرغة هي هذه القيم
السامية في وحل الصراعات السياسية مسخرة اياها ضد مدلولها ووظيفتها الأصلية خدمة لمصالحها
وبلوغ لمرامها.راكبة عليها و ممولة لها لغاية وحيدة في نفس يعقوب و هي السيطرة على العالم
و استنفاد ثرواته.تستخدمها-كما يقول سبيلا" ذريعة للتدخل ولاكتساب حق التدخل في بعض الدول
المتمردة لترويضها و تركيعها.انها بالتأكيد سلاح ايديولوجي و سياسي نافد لغرض الهيمنة و اقرارحق
التدخل".و لربما هذا و غيره هو الذي خول البنيوية بعد انحسار مد الوجودية اطلاق صرخات موت
الانسان و نهاية الانسان و بروز النزعة اللانسانية النظرية.و سيادة اللاوعي واللاعقل.كمحدد لمصير
الوجود.ان التوظيف المزدوج يا صديقي و المتناقض لهذه المقولات و الحقوق يجعلها تارة قطعة نرد
اساسية في استراتيجيات المصالح. و هي تارة اخرى مقولات اخلاقية خلاصية و طهرية موجهة لانقاد
العالم و لاظفاء طابع رحيم على أنياب السياسةو تغليف مخالب ذئابها بجدائل من الحرير المزركش
- وفق هذا التوصيف لمحمد سبيلا-
ـ قال خليصي و هو يماشيني:
يبدو لي مما ذكرت توا وأجزلت القول فيه أنه يملك وجها من الصواب و أن وجهه هذا
تعلوه غمامة من الحقيقة.فقد تحصل لك من صال و جال بحثا بين دفتي الكتب أو مطالعا
قارئا لطبيعة الواقع.ما قد سبق و طرحت بل زدت و أفضت.و لكن هذا تشخيص ووصف
فهل تملك يا هذا طرحا تطبيقيا و خروجا عمليا من هذا المأزق أو مقاربة فكرية و نظرية
كانت أو اجرائية لتجاوز استغمائية المفاهيم و حربائية المقولات و توسيمها لا بالنظر
المحض و فقط و انما بالفعل.!
ـ قلت لخليصي :
لا أدعي لنفسي يا هذا تعديم و اجابة للمأزق.وفتح باب من أبواب الحل فاني أرى انه ماترك
جيل الرواد للجيل الذي يليه قول يستفرد به في النظر و ان ما هو متروك لا يخرج عن اسم
المحاولة.أوادلاء بدلو ليس الا ان البدء في رأيي بادء بدء هو بطرح الاستشكال بشكل أكثر
تداولية بين الحاكم و المحكوم. و بين السلطة و الشعب و بين الغالب و المغلوب.المتقدم
و المتأخر في منابر للرأي و للرأي الآخر,على أساس الاحترام و الاخاء, و على ضوء الشروع
في التطبيق و الاجراء, و اني سأختصر عليك الأمر و اختزله في ما يخصنا نحن معشر العرب
و هو التالي:
ان قراءة المفاهيم النظرية وفق تاريخ التجارب الكونية.و الدخول مباشرة في تقديم مشروع
مجتمعي و بلورته في اطار افقه القطري و العالمي وفق شروطه الذاتية و الموضوعية
و سبر غوره و تفكيك خصوصياته.واجتراح مكنوناته.و عقلنة مشروطياته و بناء اقنومه
و امكانياته .بشكل أكثر اشتراكا.غير مملى هو من فوق-السلطة-و غير مستبد به هو التحت-الشعب-
بتعاون افقي و عمودي يناقش فيه -المشروع-بشكل ينحو الى الاجراء و يمتح من النظرية و العلم
جذوره و لعينه الذي ل ينضب هو هذا في رأيي.السبيل الوحيد و الخلاص الاوحد. حتى لا أبدو
في كلامي مرة اخرى شوبناوريا.و أظهر لك بابتسامة تعود حتما لبرنارشو يا خلي العزيز
ضحك صديقي و قهقه و قصدنا المقهى نحتسي فنجان القهوة , و دار
في خلدي أن أكتب ما دار في الحوار و ذاك ما كان.................!!!
#احمد_العطار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟