غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 13:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كـــلـــنـــا شـــــارلــي...
فــرنــســا كلها صرخت البارحة واليوم :
Nous sommes tous des « Charlie »
كلنا شــارلي هيبدو.. صحيفة Charlie Hebdo المشهورة بانتقاداتها المصورة الكاريكاتورية عالميا... والتي أغتال في مبناها البارحة الإرهاب الإسلامي 14 روحا بريئة, بينهما شرطيان.. وجرحوا خمسة أبرياء عــزل آخرين... تحت صراخات "الله أكبر"... "نعدمكم انتقاما للرسوم ضد نبينا محمد!!!..."
فثار أحرار العالم كله... صــارخــيــن : كلنا شــارلي!!!...
صرخة ضد الإرهاب... صرخة ضد الإرهاب الإسلامي الراديكالي.. نفس الإرهاب الذي قتل وما زال يقتل في العراق وسوريا آلاف البشر الأبرياء... وما زالوا يفجرون ويقتلون ويصرخون "الله أكبر", كلما فصلوا رأسا عن جسد جندي سوري أسير وحشيتهم... إنهم قتلة إله عجيب غريب عن كل الأديان.. وعن كل الأعراف الإنسانية...
*********
بعد أن ملأت صفحتي الفيسبوكية, وفجرت مشاعري بعديد من التعليقات باللغة الفرنسية, مشاركا بــآلام الشعب الفرنسي الذي أواني و احضنني وعلمني وفتح لي جميع أبواب الثقافات والحريات والعمل, وأعطى لأولادي جميع الفرص بالدراسات والعمل.. وفتح لي قلبه وفكره.. وأنا بدوري فتحت له قلبي وفكري.. وخاصة مشاركتي... وبعد لوحات Je suis Charlie... أرسلت لي إحدى حفيداتي على صفحتي لوحة صنعتها "Je suis SYRIEN أنا ســــوري". لأنها تعرف من أحاديثي معها أن بلد مولد جدها ســوريا, يعاني من أربعة سنوات ألف مرة نفس المجازر الوحشية.. من نفس الجماعات الإرهابية التي اقتحمت جريدة Charlie Hebdo والتي قتلت 12 إنسانا بريئا وجرحت خمسة آخرين وقتلت شرطيين أيضا... شعرت حفيدتي بألمي لما يحدث في باريس.. مثلما كنت أتألم للأبرياء الذين يقتلون بدمشق أو حلب أو الرقة أو إدلب أو دير الزور أو اللاذقية. أقسم لكم أن حزني وتمزق أحشائي ومشاعري واحد. نفس الغضب.. نفس الألم.. نفس الثورة.. ونفس الصراخ.. ونفس اختناق الدموع.
ألمي لشارلي هيبدو ومن غدروا بكل العاملين فيها.. هم نفس القتلة الذين يغتالون قرب قلعة حلب أو في معلولا... واللوحتان المنشورتان على صفحتي أنا شــارلــي وأنا ســوري واحدة... ولا تفرقهما شعرة أو فاصلة بسيطة واحدة... لأن ألمي واحد للأبرياء في ســوريـا وفي فرنسا... دون أن ننسى أن حكومات هولاند, كما حكومات سـاركوزي, تبعوا ــ بغباء واستزلام ــ السياسة الأمريكية التي دعمت القتلة ضد الأبرياء بهذا المشرق الجريح المنكوب... وكلنا نعرف أن أمريكا هي أول خالق لهذا البعبع الإرهابي الإسلامي... وكان من عشرات السنين رأس حربتها الخفية لتفجير خريطة المشرق وتغييرها.....
يوم الأحد القادم, بعد غد بتاريخ 11 كانون الثاني, ستقوم مظاهرات شاملة بكل المدن الفرنسية تشترك فيها كل النقابات والأحزاب والجمعيات والمؤسسات الفرنسية.. دفاعا واعتراضا على ما جرى من وحشية لا إنسانية بمبنى جريدة Charlie Hebdo وسأكون بأول صفوفها مع زوجتي وأولادي وأحفادي.. لأننا كلنا Charlie ومما لا شـك بـه, سوف تعبر بقلبي وخاطري وجراحي وألمي أسماء وأسماء ممن قتلهم نفس الإرهاب هناك ببلد مولدي.. أسماء لا أعرفها.. ولكنهم يحملون اسم عائلتي هناك.. أسماء فتيات وشباب.. كان يمكن أن ألتقي بهم لو زرت يوما بلدي... سأسير بقافلة تظاهرات شــارلي.. بكل عواطفي وإمكانياتي وصوتي وحضوري.. وأنا آمل أن هذه الآلاف الــحــرة.. قد تصرخ ضد الإرهاب في بلد مولدي.. كما أصرخ معهم اليوم...
لأن خطر الإرهاب الذي تفجر البارحة في فرنسا.. وتنبأت بـه أمام العديد من أصدقائي المسؤولين الحزبيين هنا, من اليمين, من الوسط, ومن اليسار... منذ حوالي أكثر من أربعين سنة... ولم يفهموا.. ولم يقنعوا.. أما اليوم يشعرون كلهم بهذا الخطر الداهم الذي يهدد أمن حياتهم.. لا بد أن ينظروا إلى قراراتهم وكتاباتهم وصداقاتهم.. ولمن فتحوا ــ خطأ ــ أبوابهم ونوافذهم... هذا الإرهاب الإسلامي المفتعل يشحذ سكاكينه.. لاغتيالهم... قد يفهمون أخيرا.. أو قد لا يفهمون أن مصيبتنا وأخطارنا واحدة...
*************
على الهامش :
غــبــاء فيسبوكي عادي
علق فيسبوكي دمشقي بتوقيع سوريانا (يا للغرابة) على صفحة إحدى صديقاتي متعجبا, لماذا يثور العالم كله ويضج على اغتيال صحفيي Charlie Hebdo ولم ينبث أحد ببنت شفة في أوروبا لدى اغتيال محاربين إسلاميين لعشرات من العاملات والعاملين بوسائل الإعلام السورية. علما أنني شخصيا كتبت عدة مقالات بهذا الخصوص آنذاك بالعربية والفرنسية. كما أن رابطة مراسلين بلا حدود Reporters sans Frontières الفرنسية أبدت العديد من الاحتجاجات آنذاك ضد القتلة الإرهابيين.
وهذا كان جوابي له البارحة مساء.. أعيد نشره آملا أن يتمكن هو ومن يؤازره قراءة "الحوار المتمدن" بدمشق وبقية المدن السورية التي أدعو لخلاصها من كل النكبات.
" يا سيد ســوريــانــا
رسالة من قبيح كاذب (هذا ما نعت به كل الذين كتبوا عن اعتداء واغتيال Charlie Hebdo)
إلى السيد الصادق المهذب سوريانا
قبل كل شيء أدعوك لمراجعة الخمسمئة مقال التي كتبتها خلال سنتين أو أكثر عن سوريا ومآسيها بموقع الحوار المتمدن المحجوب ــ غباء ــ عندكم أوبمواقع إعلامية أخرى.. مقالات أدافع بها عن سوريا وشعبها وسلطتها وجنودها. بالرغم من أنني لا أحمل أي ذكرى طيبة لا من سلطاتها المختلفة ولا حتى من أهلي وعشيرتي خلال التسعة وعشرين سنة التي عشتها بمختلف مدنها. وخاصة على تلة قريبة من دمشق آنذاك.
كلماتك يا سيد ســـوريـانـا (اسم مستعار).. أرجوك أن ترددها أمام مرأتك وأنت تحلق ذقنك.. وتذكر أن من تنعيهم بدمشق. عشت هنا نعيهم. وإن كنت لا تقرأ سوى جريدة البعث. بالطبع لن تعرف ما كنت أكتب عنهم بالفرنسية.. واليوم إذ أكتب عن قتلى Charlie Hebdoأرجوك أن تتحلى ببعض التحفظ والاتزان. لأن نفس القتلة الذين يعيثون إجراما عندنا, هم نفسهم قتلة من ذكرتهم من الشهداء السوريين الذين لا أنساهم.
تــعــال بهدوء وخشوع. لنوحد آلامنا بوجه هذا الإرهاب الإسلامي العالمي.. بهذا قد ننقذ بعض الضحايا عندكم وعندنا.. بدلا من التشفي والشتائم..."
وهذا الكلام سمعته أيضا لما تحركت البارحة ببعض الأحياء الزنانيرية التي تسكنها جاليات (عربية) مختلفة.. وكنت أسمع بعض التعابير من بعض الشباب الذين يراقبون مداخل الأحياء والمباني.. واستطعت تبادل بعض الجمل القصيرة معهم.. بلغة عربية ـ فرنسية محلية مكسرة Argot. لم ألاحظ ــ مع مزيد أسفي بعض التراجع والاهتمام بحادثة الاغتيال... ولم يتغير أي شيء من نشاطهم التراقبي العادي... ولا يجب أن يغيب عن خاطرنا أنه من هذه الأحياء المهملة بالسنين الأخيرة من السلطات الفرنسية المختلفة يمينا أو يسارا... أن مئات من الجهاديين الإسلاميين كانوا ينطلقون شهريا إلى سوريا والعراق... والآن عودة البعض منهم سوف تسبب مزيدا من القلق والأخطار... ومشكلة المشاكل.. والتي كنت دوما ألفت نظر أصدقائي المحليين إليها.. والتي كانوا يتهمونني دوما بشتى النعوت التي تملأ صفحات الطب النفسي وأكثر...كلما رددتها لهم. وكان جوابهم الببغائي دوما أن الجمهورية والديمقراطية تستطيعان هضم وصهر كل هذه الجماعات المختلفة الأصول والديانات والعادات والثقافات... واليوم يعتذرون ويندمون... ولكنني لا أشمت بهم.. بل أواسيهم بصدق... لأن كل ما يصيبهم يصيبني ويؤلمني.
بـــانـــتـــظـــار تجليات كل هذه الأحداث.......
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأطيب تحية صادقة عاطرة مهذبة.
غـسـان صــابــور ــــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟