لينا سعيد موللا
الحوار المتمدن-العدد: 4686 - 2015 / 1 / 9 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هارب من ذاته
في حوار مع أحد رجالات النظام، توقف فجأة عن دعمه معنوياً، و قرر الهروب خارجاً بغية التحرر من عقدة الخوف قال :
- لقد اتضح لي أنه كلما تعاملنا بقسوة مع الآخرين، ازداد رعبنا في أن يبادلونا الوحشية ذاتها التي تنم عن بشاعتنا .
لقد أقدمنا بالنتيجة على إكراه الآخرين على الاقدام على ما نكرهه بانفسنا .
ما كان يحصل أنه كلما ازداد الشعب يأساً وإحباطاً، كلما ازدداد النظام عنفاً، كنا مرعوبين من وحشيتنا، فالارهاب في داخلنا صار مروعاً لنا بالدرجة الأولى، أنا لم أستطع المتابعة بعد أن تحولت إلى مريض نفسي، وقررت الهرب .
هرب محدثي من الدائرة الشريرة، ليستطيع تفكيك الخوف الوهمي من الآخر باعتباره وحشاً بقدر ما كان هو عليه .
وتابع ..
لقد استغل قادة النظام هذا الخوف منذ اللحظة الأولى التي روعوا فيها السوريين، ووضعوهم أمام خيار واحد، إن لم يفعلوا فإن الآخر على وشك أن يفعل ..
إضربوا بكل قوتكم وإلا تحولتم إلى ضحاياهم .
سألته بعد كل هذا الترويع، هل اعتقدتم بأنكم ستحصلون على دولة ؟
- الدولة تحتاج إلى تاريخ مشترك .. لم يكن لدينا هذا التاريخ، كنا مجموعة من العشائر المنسية المهملة والمهمشة، منشغلىن بالرضوخ إلى شيوخنا وإقطاعيينا، لكي ننعم بدولة نحن نحتاج إلى ماض متخيل لم ننجح في صنعه، نحتاج إلى أسطورة ما غير موجودة، نحن لم نشكل يوماً شعباً ولا أمة .
عندما قبض على أستاذ مدرسة تحول للقتال في صفوف داعش سئل :
- لماذا أصبحت داعشياً ؟
أجاب : - بشار الأسد صنع مني داعشياً .
وبالمقابل حول الأسد عشيرته إلى وحوش غير آدمية نتيجة الرعب الذي أصابها . من أن ينالهم ما تسببوا به للآخرين .
سألته :
- فيما لو رحل بشار الأسد .. هل سيبقى هذا الرعب موجوداً ؟
- ما فعلناه مشين ... وغياب الأسد سيحررنا من عقدة الخوف، سيجعلنا نلتفت إلى خصومنا لنقول، لقد فعلنا كل هذا خوفاً على أنفسنا، وأنتم اليوم تبحثون عن انتقام، وقد تنجحون، لكن الانتقام لن يحل مشكلة، فإذا رغبنا في أن يعيش أطفالنا بأمان فعلينا أن نتحاور، اليوم ذهب الطاغية وكلنا كنا ضحايا .
في لحظة ما ستتوقف الحرب، وسيجد الجميع أنهم ملزمون بالحوار والعيش سوية، كما حصل في رواندا وكمبوديا وجنوب إفريقيا، لكن لصناعة مناخ للتعايش لا بد من صناعة ازدهار اقتصادي، ينسي المتأذين مرارة الحرب وما حل بهم، وتجعلهم ينظرون إلى المستقبل بكثير من الأمل، وبدون هذه الطفرة، فإن الناس ستبقى تلوك مرارات الماضي بعد أن أدمنت طعم الوجع .
قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية
#لينا_سعيد_موللا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟