أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جاسم الحلوائي - حول طريق التطور -اللارأسمالي-















المزيد.....

حول طريق التطور -اللارأسمالي-


جاسم الحلوائي

الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 17:44
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


حول طريق التطور "اللارأسمالي"
 
لقد تكرر مصطلح التطور "اللارأسمالي" والذي بات يُعرف فيما بعد بالتوجه الاشتراكي في مناقشاتنا السابقة. ومن المفيد إعطاء فكرة عن مفهوم هذا المصطلح لجمهور القراء، وخاصة للمناضلين الشباب منهم.  لقد ظهر هذا المصطلح في عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في الحركة الشيوعية العالمية لتوصيف الطريق الذي يمكن أن تشقه الدول المستقلة، ضعيفة أو متوسط التطور في مستواها الاقتصادي - الاجتماعي وعبر التخطيط المركزي، وتحت راية الاشتراكية وبقيادة "الديمقراطيين الثوريين" من مختلف شرائح البرجوازية الصغيرة، وذلك بمساعدة الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى. وسنتوقف هنا عند التجربة المصرية لعلاقتها الوثيقة بخط آب، الذي سبق وأن كان موضع نقاش قبل أسابيع قليلة في عدد من المواقع الألكترونية.
كانت مصر في مقدمة البلدان العربية التي سارت في طريق ما يعرف بالتطور اللارأسمالي بقيادة جمال عبد الناصر، ولم يجبرها أحد على ذلك. لقد أرادت مصر التغلب على تخلفها بأسرع الطرق، فجربت تشجيع الرأسمال الخاص لتصنيع البلد ولكن هذه التجربة فشلت، لأن الرأسماليين المصريين الكبار رفضوا توظيف رساميلهم وفق الخطة التي رسمتها الدولة، وفضلوا أن يوظفوها في ميادين الربح العاجل، ولم يصغوا إلى مناشادات عبد الناصر، فلجأ هو في عام 1961 إلى انتهاج سياسة اقتصادية جديدة، تمثلت في تأميم الدولة للمؤسسات الاقتصادية الأجنبية في مصر، والمشاريع الكبيرة للرأسمال المصري الخاص، وتبنى التخطيط الاقتصادي ــ الاجتماعي المركزي، على غرار ما كان يجري في الاتحاد السوفييتي. ولجأ النظام المصري إلى الاعتماد على المعونات الاقتصادية من الاتحاد السوفيتي وحليفاته، واتجه إلى توظيف مدخرات الدولة، وعمل على تعميق الإصلاح الزراعي. وبموجب هذه الإجراءات، بات في حيازة الدولة 70% من الإنتاج و50 % من العمالة و90% من جملة الاستثمارات الجديدة في قطاع الصناعة المصرية. وعلى أي حال، فإن الزيادة الحقيقية في دخل الفرد الواحد لم ترتفع في الفترة ما بين 1960 و1965 إلا بمقدار 3,6%. وقد انخفضت هذه النسبة إلى 1% في الفترة ما بين 1966 و1975. [1]
وقد دهش الكتاب والمنظرون في الاتحاد السوفييتي وألمانيا الديمقراطية، كما يشير زكي خيري، لما يجري في مصر. فرأى بعضهم إنه طريق جديد للتطور وإنه يتجنب التطور الرأسمالي فأطلقوا عليه اسم التطور اللارأسمالي. ودار صراع فكري واسع ومتشعب حول الطبقة المؤهلة لقيادة هذا الطريق وصرح زعيم ألمانيا الديمقراطية أولبرخت قائلاً: " إن أناساً مثل جمال عبد الناصر فقط يبنون الاشتراكية في إفريقيا"! وانعقدت ندوة في  برلين عام 1963 حضرها ممثلو الأحزاب الشيوعية في البلاد العربية، ودار نقاش حاد جداً حول مصير الأحزاب الشيوعية في البلدان النامية [2].
وكان من بين ما أفرزته هذه التطورات، هو تعمق الروابط بين القاهرة وموسكو، بما في ذلك الدعم الأيديولوجي لنظام جمال عبد الناصر من المنظرين السوفييت، الذين لم يفتهم الاستناد على بعض النصوص في الماركسية- اللينينية حول إمكانية تجنب الطريق الرأسمالي، معزولة عن ظروفها.
وانعكس تعمق الروابط بين القاهرة وموسكو،إيجاباً على علاقة موسكو ببغداد. ورحب نيكيتا خروشوف بمبادرة بغداد لإيقاف الحرب في كردستان في 10 شباط 1964، واعتبرها خطوة محسوبة "لتعزيز هيبة الجمهورية العراقية في أعين شعوب العالم". واستأنف الاتحاد السوفييتي تزويد العراق بالسلاح، بعد أن توقف ذلك إثر انقلاب شباط 1963. وفي 26 أيار 1964 وقع عارف وناصر اتفاقاً تمهيدياً للوحدة، ما بين مصر والعراق، نص على أن البلدين يدرسان وينفذان الخطوات الضرورية لإقامة وحدة بين البلدين ووضع سياسة مشتركة في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية، وتنسيقها وفقاً للخطة المرسومة، وإنهما يعملان على تحقيق وحدة عقائدية بين شعبي البلدين من خلال منظمات شعبية وعمل شعبي يوّحد هذه المنظمات في المستقبل [3].
كان هناك اتجاهان بين أنصار طريق التطور اللارأسمالي أو التوجه الاشتراكي في الحركة الشيوعية العالمية، الأول: يرى أن اشتراك الشيوعيين في قيادته هو شرط لنجاحه. أما الاتجاه الثاني فيرى بأنه من الممكن أن يقتصر دور الشيوعيين على دعم وتأييد قيادة "الديمقراطيين الثوريين". وكان هذان الاتجاهان المذكوران موجودين في الحزب الشيوعي العراقي أيضاً. الاتجاه الأول مثبت في وثائق المؤتمر الثالث والاتجاه الثاني ضعيف وجد تعبيره في مواقف معينة. على أي حال لم تزك الحياة كلا الاتجاهين.
 
لقد تبنى الحزب الشيوعي العراقي طريق التطور "اللارأسمالي" في عام 1964 وتخلى عنه بعد بضعة أشهر، كما مر بنا. وعاد وتبنى ذلك في عام 1975 وتخلى الواقع عنه، هذه المرة، وفشلت تجربة تجنب طريق التطور الرأسمالي عالمياً.
تشير تجربتنا في العراق والتجربة العالمية، لحد الآن، إلى عدم وجود طريق للنمو والتطور أمام البلدان الضعيفة، أو متوسطة التطور، في مستواها الاقتصادي - الاجتماعي، ما دام النظام الرأسمالي قائماً عالمياً، سوى طريق التطور الرأسمالي، ولكن من الممكن تقليص مصائبه وويلاته، وما يضمن ذلك هو النظام الديمقراطي المؤسساتي، بما يعنيه من إقامة مجتمع مدني ومجلس نواب ودستور دائم والفصل بين السلطات، وإقرار حق تقرير المصير للقوميات، وفصل الدين عن الدولة، وضمان حقوق الإنسان، ومساواة المرأة بالرجل بالحقوق والواجبات ... وإن الكفاح من أجل المزيد والمزيد من العدالة الاجتماعية يمر عبر تحقيق وترسيخ النظام الديمقراطي ومن ثم تطوير الديمقراطية في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
 
وإن الوصول إلى الاشتراكية يمكن أن يتحقق بطرق مختلفة، حسب خصائص كل بلد، و أن طريق بلادنا الخاص إلى الاشتراكية سيكون، كما جاء ذلك في برنامج الحزب الشيوعي العراقي، "محصلة عمل فكري وسياسي تراكمي ومتدرج، وأيضاً محصلة نضال قوى سياسية متعددة وتحالفات واسعة، وسيتم الوصول إليها عبر عدد من المراحل الانتقالية التي يمكن أن تستمر طويلاً".
ومن غير الممكن الحديث، منذ الآن، عن سمات تلك المراحل، وتحدياتها ومتطلباتها، وظروفها الإقليمية والدولية.
 
أوائل كانون الثاني 2015
 
 


[1] ـ راجع عزيز سباهي "عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" الجزء الثالث، ص 27. راجع كذلك زكي خيري، "صدى السنين في ذاكرة شيوعي مخضرم"،       ص 256.
 
[2] ـ راجع زكي خيري، مصدر سابق،  ص257.
 
[3] ـ راجع عزيز سباهي، مصدر سابق، ص 33. راجع كذلك بطاطو، مصدر سابق،   ص 350 والهامش رقم 34.



#جاسم_الحلوائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول تخلي الحزب الشيوعي عن خط آب 1964 وذيوله
- تعليق على مقال كاتب لم يسمح بالتعليق
- قراءة نقدية في كتاب -الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر ( 19 ...
- قراءة نقدية في كتاب -الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر ( 19 ...
- قراءة نقدية في كتاب -الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر ( 19 ...
- قراءة نقدية في كتاب -الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر ( 19 ...
- قراءة في كتاب -الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر ( 1968- 19 ...
- تغيير وليس إسقاط
- العراق لم يمت لكي ينبعث من جديد
- المشروعية التاريخية لثورة 14 تموز الخالدة
- رد على مقال الدكتور عبد الحسين شعبان -ضوء على رسالة جاسم الح ...
- رسالة مفتوحة إلى الدكتور عبد الحسين شعبان
- الجبهة الوطنية والقومية التقدمية - تجربة الحزب الشيوعي العرا ...
- جبهة وطنية للانتخابات البرلمانية في عام 1954 - تجربة الحزب ا ...
- تجربة الحزب الشيوعي العراقي في مجال التحالفات السياسية ودروس ...
- رد على الأستاذ جاسم الزيرجاوي
- الديمقراطية ودكتاتورية البروليتارية
- المعارضة الإيجابية للسلطة الحالية، خيار صحيح للحزب
- لمناسبة مرور عشرين عاماً على انعقاد المؤتمر الوطني الخامس لل ...
- أثورة كانت أم انقلاب عسكري؟


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - جاسم الحلوائي - حول طريق التطور -اللارأسمالي-