|
عواصفٌ وأعاصير
جواد كاظم غلوم
الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 17:02
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
عواصف وأعاصير
يبدو اننا وقعنا في ضلالات لاحصر لها حتى تأتينا عاصفة ثلجية اسموها "هدى " في المملكة الاردنية وستعلمنا درسا قاسيا وتجمدنا اكثر اذ لاتكفي اعصابنا الباردة وهواننا ولامبالاتنا لتزيدنا بلاهة وخوفا ورعبا من مقبل لايرحم لست مقتنعا بان تسميتها بالهدى جاءت تيمّنا مع حلول المولد النبوي الشريف ولكن البؤس الذي يعوم بيننا وبرودة الاعصاب التي نعيشها وفقدان الحميّة والشجاعة والامتهان في الكرامة والخذلان بحيث أتحنا لبرابرة داعش ومن لفّ لفّها ان تعيث بنا فسادا وخرابا لايطاق مثلما يلعب بنا سياسيو الغفلة الذين يتحكمون بأقدارنا ويسرقون اموالنا ويضعفون اوطاننا ويمزقون نسيجنا البشري قد تتذكرون الهجوم الكاسح الذي أوقعه إعصار" ساندي " مكتسحا السواحل الشرقية للولايات المتحدة قبل بضعة اعوام وقتها اتصلت بأحد اصدقائي الاعزاء المقيمين في نيوجرسي التي تأثرت كثيرا به بحيث أغرق البلاد والعباد بالماء وهدم سقوف البيوت على ساكنيها وقطع الكهرباء وخرب شبكات الصرف الصحي حتى وصل الامر ان اكتسحت اسماك القرش شوارع المدينة الفائضة بالماء وعبثت الحيوانات البحرية ودخلت البيوت من اوسع ابوابها تماما مثلما حدّثني صديقي الذي طار سقفه في الاعالي وبات هو واسرته في العراء مدة من الزمن شأنه شأن مجاوريه ساكني الأحياء العربية هناك والتي تضررت كثيرا بفعل الإعصار الى ان تمّ اصلاح بيته وبيوت بقية الساكنين بجهود حثيثة وبشقّ الانفس ساندي هذا الاسم الجميل الذي سمّي به الاعصار ويالها من تسمية ظالمة لاتتناسب بين رقّة المرأة وشراسة الاعاصير والحق اني غالبا ماكنت اتساءل ؛ لماذا يقترن الاعصار المدمّر والعاصف بالنسوة الجميلات ؟ هل ان المرأة يصعب التنبؤ بعنفها وتمتلك امزجة متقلبة وتبطش حينما تغضب وتظهر عنفها ولا تستطيع كظمه مثلما الأعاصير ، ربما يكون هذا التبرير صحيحا مقنعا الى حدّ ما لدى البعض لكنني أرجّح ان هدف التسمية والغاية منه هو للتخفيف من اهواله على سبيل التفاؤل عسى ان يكون رحيما ناعما رقيقا كالنساء اللائي يتمتعن بطبع جميل حتى وان غضبن وثارت ثائرتهن بعد الحرب العالمية الثانية طوّرت القوات الاميركية المسلحة تسمية الاعاصير ورصدها وقد قامت ادارة الطقس الفيدرالية بوضع جداول لأسماء الحروف الابجدية النسائية وكان الهدف من هذا الاجراء منع التضارب الحاصل في وسائل الاعلام ومنع تعدد الاسماء والاختلاف حولها ؛ لكن هذا الامر اثار حفيظة المجتمع النسوي الاميركي فأخذت حركات تحرير المرأة تطالب ادارة الطقس بإعادة صياغة أسمائها من جديد وقد رفضت تلك الحركات إلصاق الاسماء الانثوية بالأعاصير المدمرة والعنيفة وطالبت الادارة المذكورة بحشر اسماء ذكورية في ثنايا قوائمها ، وعلى اثر هذا الضغط تقرر طرح قوائم جديدة كل ست سنوات تتضمن اسماء ذكورية وأنثوية تتوالى سنة بعد اخرى وما ان وضعت اسماء الذكور على الاعاصير (وليتهم لم يفعلوا) حتى حلّ الدمار الشامل والتخريب الهائل كما حصل للإعصار /اندرو الذي ضرب جنوب الولايات المتحدة في آب/1992 وخلّف قتلى كثيرين وخسائر ماديّة تربو على 21 مليار دولار وكذلك اعصار / ميتش الذي اهلك الحرث والنسل وإعصار تشارلي وايفان اللذان ضربا فلوريدا وكوبا عام /2004 مما أرغم المسؤولين في دوائر الارصاد إبعاد ايّ اسم ذكوري على ايّ اعصار مقبل مادام تأثيره وضرره ونتائجه بهذه الخطورة والفداحة في الخسائر البشرية والمادية ولجأوا الى انتقاء اسماء نسائية ناعمة الجرس تطلّعاً الى التخفيف من هول الفواجع التي تسببها الاعاصير المقبلة ربما كان اللبنانيون والسوريون الان على حقّ حينما سمّوا العاصفة المقبلة قريبا باسم " زينة " لترطيب النفوس وتهدئة النفوس عسى ان ترأف ببلاد الشام واهلها المبتلين بالحرب القائمة منذ اكثر من اربع سنوات والطريف في الامر ان اعصار " كاترينا " الذي دمّر "نيو اورليانز" والمناطق المجاورة قبل سنوات في الولايات المتحدة الاميركية قد سُمِّي باسم سيدة جميلة كانت اول من اكتشفت وجوده وهو يقترب من السواحل الاميركية كونها موظفة تعمل في مركز بحوث الارصاد الجوية مما حدا بالمسؤولين ذوي الاختصاص ابعاد اية تسمية ذكورية والتعويل على اسماء النساء فقط تفاؤلا بالجنس الناعم الذي يعتقد القسم الكثير منهم ان هذه الاسماء الجميلة مجلبة للحظّ والسعد ومخففةً الى حدّ كبير من آثار الاعاصير وأهوالها اذ يلعب العامل النفسي دورا لايستهان به في التقليل من وطأة الدمار والخراب ، وهذا ماحصل ايضا حينما اقترب اعصار/ ريتا بعد كاترينا ، وكان اعصار / ريتا وديعاً وغير مؤثر بالقياس الى الاعاصير المهولة الخطيرة التي سميت بأسماء الرجال يخيّل اليّ ان أهل الشام الكرام قد احسنوا صنعا لمّا اختاروا اسم " زينة " لصديقتهم العاصفة المرتقبة وهم بذلك يتطلعون ان تزورهم كضيفة خفيفة الظل ، هادئة العبء لانها تدرك عظم مايعانونه من ويلات ودماء وتهجير ونزوح طال الغالبية منهم ولم يعد يحتملوا اكثر حقا كانت وجهة نظرهم مصيبة فاليد الحانقة للمرأة قد تخدش بأظفارها ولكنها لاتبطش مهما غضبت وثارت ثائرتها فهي كالنسائم العليلة تمرّ عليك وتشرح صدرك لكن يد الرجل الغاضب قد تمتدّ اليك ساخطة غاضبة موجعة مثل رياح صرصر عاتية وطوفان هادر كالأعاصير الاميركية الصنع اتمنى ان يمرّ " الهدى " عاجلا خفيف الوطأة على مخيمات النازحين خصوصا وتحلو" زينة " كما حلا اسمها على اهلنا المتعبين من الدمار والحروب العائشين في الملاجئ والخيام والأمل الكبير في ان تبرد فوهات البنادق والمدافع من سعيرها فذلك هو اليوم العظيم الذي طال انتظاره طويلا لان حمامة السلام سترفرف على رأسه
جواد غلوم [email protected]
#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وثنية المال في النظام الكولونيالي
-
إعمار الأرض أم تخريبُها ؟؟
-
التسفير القسري للعراقيين والتهجير من أرض الأجداد
-
طوافٌ حول تضاريس الشعر
-
حواضر العراق وضياع التراث المكانيّ
-
ماذا تبقّى من عراقة الموصل ؟
-
لماذا لاتكون داعش صناعة اميركية ؟؟
-
وللديمقراطيةِ حميرها
-
هل من إعادة فحصٍ للربيع العربيّ ؟!
-
انقلاب الصورة
-
نهبُ وتخريب التراث الموصليّ
-
ضياعُ ذاكرة المكان
-
نعم انتخبوا السيد الرئيس المُقْعَد
-
انقذوا مسرح الرشيد ، نقولها للمرّة الألف
-
المعوّقون في أرض السّواد
-
هل أوقفَ الربيعُ العربيّ زحفَه
-
حاشيةٌ ومستشارون
-
نوّاب البرلمان العراقيّ أمسِ واليوم
-
ممنوعٌ الدخول
-
قصةٌ قصيرة بعنوان (سيرةٌ لمحزون يُدعى جبر )
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|