|
غزة : حرب واحدة ، عائلة واحدة ، 5 أطفال ،4 شهداء
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4684 - 2015 / 1 / 7 - 17:02
المحور:
القضية الفلسطينية
يضع نبيل صيام، البالغ من العمر 34 عاماً، ببطء صور عائلته في منزله في رفح جنوب قطاع غزة، بالقرب من الحدود المصرية، بذراعه المبتورة . وتم تفجير ذراعه الآخر عن طريق قنبلة إسرائيلية خلال الحرب في الصيف. وتظهر في الصور زوجته شيرين، وأطفالهم ( مصطفى، 9 أعوام، غيداء، 8 أعوام و عبد الرحمن ،6 أعوام و بدر الدين ،5 أعوام و دلال، تسعة أشهر. قُتل الجميع ما عدا بدر الدين في الانفجار ذاته). خسر الولد الصغير كليته ويلعب الآن في حضن والده. كما قُتل اثنان من إخوة نبيل، وزوجتاهما وثلاثة من أطفالهم كانوا يعيشون في هذا البيت. يحدّق نبيل وهو مزارع خضروات في الصور بعيون محتقنة بالدم ، ويقول أنه عندما اندلعت الحرب في تموز شعرت بأن الأسرة آمنة هنا. جاء سكان غزة من الحدود الى هذه المنطقة فراراً من القصف. لا يمكن لأحد أن يهرب إلى مصر، التي كانت قد أغلقت معبر رفح ، ومن الواضح أنه لا يمكن الهرب عبر الحدود الإسرائيلية إلى خط النار. وعلى الجانب الآخر كان البحر. "كنا محاصرين ". أصابت صواريخ إسرائيلية يوم 21 تموز المنزل المجاور الساعة السادسة ، أُصيب نبيل وعائلته بالرعب . "ركضنا إلى الشارع، كان الأطفال مع أمهاتهم. وصلنا إلى بعد 10 أمتار عندما سمعت صوت طائرة بدون طيار. سمعت صوت القنبلة - وهو صوت خاص - ونظرت إلى أعلى. لقد شاهدنا الإسرائيليون . يمكن للطائرات بدون طيار رؤية كل شيء. وكان الشيء التالي سحابة من الغبار وتطلعت حولي لأتفقد أطفالي ". تناول نبيل هاتفه وبدأ يحدّق فجأة في مشاهد الذبح . "هذه غيداء"، يقول نبيل، ويُعيد مشاهد الفيديو مراراً. ونحن ننظر من بعيد. أظهر المزيد من الصور، بما في ذلك جميع أفراد الأسرة معاً على الشاطئ. " كنا هنا على شاطئ البحر في رفح قبل أسبوع من الحرب"، قال. بدأ الجميع بالبكاء في الغرفة الآن. قتلت القنبلة، فضلاً عن 12 فرداً من عائلة نبيل، اثنان من أبناء عمومته بما في ذلك محمد البالغ من العمر 15 عاماً ، والذي أُصيب بجراح بالغة أفقدته ساقه وتم نقله الى مستشفى فلسطيني في القدس الشرقية لإجراء عملية جراحية. وللحفاظ على حياته تم نقله مرة أخرى، وهذه المرة إلى تركيا، حتى يمكن إزالة الشظايا من رئته. قال جد محمد ، الذي رافقه إلى تركيا أن محمد قال له :" اذا مت أريد إعادتي إلى الوطن لأدفن مع عائلتي"، .مات محمد ، ليصل العدد الإجمالي للوفيات إلى 13 من أفراد العائلة، رفضت إسرائيل نقل الجثة جواً إلى تل أبيب ، ولذلك أحضره جده عبر جسر اللنبي بواسطة سيارة إسعاف، ثم إلى معبر ايريز عبر الضفة الغربية إلى قطاع غزة وصولاً إلى رفح. وصل الجد وجثة محمد رفح عندما حلّ الظلام ،وعلى الفور تم إضاءة المقبرة بإشعال النار ودُفن محمد بالقرب من أبناء عمومته. لقي 2200 شخصاً حتفهم في حرب غزة التي دامت 51 يوماً، والتي اندلعت في 17 تموز بعد تصاعد العنف على الجانبين. وفقدت اسرائيل 66 جندياً في الصراع نفسه وقتل خمسة مدنيين إسرائيليين، معظمهم من الصواريخ التي أطلقتها حماس. رصدت منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية 97 عائلة من بين القتلى الفلسطينيين فقدت هذه الأسر ما بين سبعة و 24 شخصاً من أفرادها. وحددت جماعات حقوق الإنسان هذه الأسر بأنها مُحيت أو مُحيت جزئياً. اجتمع ممثلون من أكثر من 200 دولة في 17 كانون أول ، الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين المحاصرين في الحرب، في جنيف لمناقشة سياسات إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس الشرقية التي ضمتها اسرائيل. أثارت اسرائيل الجدل، بأنها لا تحتل الأراضي بشكل غير قانوني ولا تشملها الاتفاقية. سجن عملاق التقيت نبيل صيام خلال قيامي بجولة في قطاع غزة الذي يمتد على مساحة 369 كيلو متر مربع بطول 40 كيلومتراً وعرض 13 كيلو متر ، لمدة أسبوع . لم أزر غزة منذ عام 1994، عندما كانت آمال السلام العادل على قيد الحياة، تغذيها اتفاقات اوسلو التي تنص على قيام دولة فلسطينية. يسمي الناس غزة في الوقت الحاضر السجن العملاق ، وكما رأيت يُحيط به الجدار الجديد، الذي بُني منذ كنت في الماضي هنا، نظرت في الأفق من خلال الأمطار الغزيرة، ورأيت لماذا لا يمكن لسكان غزة ارتكاب أي جريمة. الغالبية العظمى هم أحفاد الفلسطينيين الذين لجأوا إلى غزة منذ 66 عاماً. قبل قيام الحرب العربية - الإسرائيلية عام 1948، والتي أسفرت عن قيام دولة إسرائيل ، عاش كثير من الغزيين على طول الساحل في مدن مثل عسقلان، التي تُسمى الآن اشكلون . هرب السكان أثناء القتال 1948 إلى غزة كلاجئين وأصبحت البلدات التي كانوا يعيشون بها مرة واحدة جزءاً من إسرائيل. بدأت غزة في أيامها الأولى أشبه بمخيم منها إلى السجن فقد عاش اللاجئون في خيام، قدمتها الأونروا التي أُنشئت لرعايتهم حتى تم العثور على حل دائم لنزوحهم. يتذكر الفلسطينيون أحداث عام 1948 ، النكبة - الكارثة - لأنهم فقدوا منازلهم. يبلغ عدد اللاجئين في غزة الآن 1.2 مليون من 1.8 مليون من "السجناء". عاشت البقية في غزة لأجيال . سجن أم لا ، غزة اليوم بالتأكيد محاصرة . الجدران، في جميع أنحاء قطاع في الشمال والشرق والجنوب (مع البحر في الغرب) بنيت الجدران لمنع الانتحاريين الفلسطينيين من الخروج من غزة، بعد سلسلة من التفجيرات في البلدات والمدن الإسرائيلية، بدأت في منتصف التسعينيات. هناك ست نقاط للعبور إلى قطاع غزة، ولكن اثنين منها فقط مفتوحة ، أغلقت مصر معبر رفح مرة أخرى، خوفاً من الروابط الخاصة بين الإخوان المسلمون وحماس. والدخول عبر معبر إيرز الإسرائيلي الرئيسي ليس سهلاً ، لأسباب ليس أقلها البوابات الضيقة ولكن أيضاً لأنه يجب الحصول على إذن للدخول من إسرائيل. في اليوم ذهبت فيه، - مرّ فلسطيني واحد يحمل أكياساً بلاستيكية - من خلال البوابات معي، وقال إنه تلقى إذناً استثنائياً لزيارة أحد أقاربه في المستشفى في القدس. كانت غزة دائماً تحت حصار من نوع ما منذ عام 1948. وجاءت أفضل فرصة للحرية بتوقيع اتفاقات أوسلو. كنت في غزة عندما ابتهج أهل غزة عند سماع الأخبار مصافحة اسحق رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، بحضور بيل كلينتون في حديقة البيت الابيض عام 1993. "اختفى نشطاء حماس على الفور، وحل محلهم حمائم السلام . وكانت أمنية سكان غزة العظيمة "القدرة على السفر -" للتنفس "". سينتهي الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، منذ الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، سيكون لسكان غزة ميناء ومطار، يربطهم مع بقية العالم، وممرات آمنة إلى الضفة الغربية ، وجوازات سفر للجميع. تم بناء هذا الحاجز في إيريز في ذلك الوقت باعتباره الحدود الدولية لكنه يمكن أن يكون دائماً ويؤدي غرضاً مزدوجاً. عندما انسحبت اسرائيل من قطاع غزة ، عام 2005 وتركت مستوطناتها هناك، وأعادت قسرياً السيطرة على الحدود، أعادت الإغلاق على سكان غزة . تعود شدة الحصار الحالي إلى عام 2006، عندما استولت حماس، التي يدعو ميثاقها لتدمير اسرائيل ، على السلطة داخل غزة، وانفصلت عن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي محاولة لسحق حماس، فرضت إسرائيل حصاراً أكثر إحكاماً من أي وقت مضى. ورفضت الولايات المتحدة ومعظم دول العالم إجراء اتصالات مع حماس وأصبح قطاع غزة منبوذاً - "كياناً إرهابياً" .توافق القادة الفلسطينيون (حماس والضفة الغربية)، في نيسان الماضي بقيادة الرئيس محمود عباس . ومع ذلك، اندلع صراع على السلطة للتو قبل الحرب التي لا تزال مستمرة. تواجه غزة اليوم أكبر أزمة منذ النكبة عام 1948، لا يوجد في القطاع قيادة سياسية ولا يزال القطاع محاصراً. غزة تحت الماء خرجت من الكثير من البوابات لمواجهة الرياح ،وتساقط الأمطار الغزيرة على ممر لا نهاية له - ، يمتد عبر أراض خالية. كان المسافر الوحيد الآخر يقاتل الأكياس البيضاء التي يحملها وتتأرجح بعنف،. الناشئة على الجانب الآخر، بدأت غزة في البداية مألوفة . وفجأة تحوّلت إلى برك وسيول وغرقت سيارتنا - المرسيدس – التي تسير على الشارع في الماء . لم تكن العاصفة سبباً في الفيضانات الاستثنائية بل قصف اسرائيل لعدة خزانات غزة ومحطة ضخ للمجاري بالقرب من الشاطئ. مررنا قرب الانقاض. ويبدو أن الهدف كان مركزاً للشرطة، تم تدميره أيضاً. تدفقت مياه المجاري من محطة الضخ المحطمة، إلى البحر على طريق طويل. وقال مهندس لي أنه يتم إرسال المياه لاختبارات دورية ، وسط مخاوف من الكوليرا والأمراض الأخرى. تعرض للقصف أيضاً بالقرب من الشاطئ مستودعات الصيادين. يمكن للقوارب الصيد ثلاثة أميال فقط خوفاً من خطر إطلاق النار عليهم من قبل دوريات إسرائيلية في ظل الحصار ، ولكن لا أحد يذهب للصيد في هذه البحار العاصفة. جاءت أخبار عن إخلاءات في الشمال حيث كانت الفيضانات الأسوأ. توجهنا إلى بيت حانون، وهي بلدة قُصفت بشدة، في الطرف الشمالي الشرقي من قطاع غزة، مررنا بالشوارع حيث تم تسوية متجر، ومصنع، ومجموعة من الشقق بالأرض. وبجوار مسجد مدمر نُصبت خيمة حيث صلى المصلون. وصلنا بيت حانون، تمتد أكوام هائلة من الركام، كل مكان، كانت تغرق في الظلام. لم يكن هناك أضواء حيث قُصفت محطة الطاقة ويتم تقنين الكهرباء. تخفق خيمة بيضاء خلال الظلام .ويعيش شابان ومعزتين فيها . "لقد كان لدينا مزرعتين هنا والعديد من الماعز لكنهم قًتلوا جميعاً في القصف لذلك علينا أن نحتفظ بالمعزتين "، قال محمد المصري. " قُتل 15 شخص من عائلتنا "، ويقول شقيقه مشيراً عبر الأنقاض: "كان بيتنا من خمسة طوابق عالية. الآن ننام أحياناً مع الماعز ". وسرعان ما أصبح واضحاً لماذا قُتل الكثير من المدنيين في حرب الصيف. مثل أسرة نبيل في غرب رفح، لا يمكن أن يفلت هؤلاء الناس القريبون من الحدود . أعطت إسرائيل تحذيرات في بعض الحالات ، من خلال منشورات أُسقطت من طائرة أو على الراديو. لكن عائلات كثيرة لم تجد مكاناً تذهب إليه. اتهمت اسرائيل حماس باستخدام الأطفال "دروعاً بشرية" ، خلال الحرب ولكن كان سكان غزة كلهم درعاً بشرياً. غزة مزدحمة بالمدنيين و لم يكن هناك مكان في هذه الأرض للذهاب إليه ،أينما أطلقت حماس صواريخها وردت اسرائيل - لا ملاذات آمنة - "، كان المدنيون في عين العاصفة"، قال راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان. وأضاف :حتى إذا كان أحد أفراد الأسرة من حماس واستهدفته اسرائيل بعناية ، فالبيت الذي يعيش فيه يسكنه ما لا يقل عن ثلاث عائلات وتدمير المبنى المقصود يُسفر عن مقتل العشرات من الآخرين أيضاً. عين العاصفة لجأ سكان غزة من بيت حانون إلى مدرسة تابعة للأونروا فقط ليتعرضوا للقصف مرة أخرى - قتل 20 شخصاً في هذه المدرسة. ادعت إسرائيل أن حماس أطلقت صواريخ من المدارس ولكن الأونروا في غزة حققت في الادعاءات ولم تجد أي دليل على ذلك. "الأمر مستحيل "، يقول مسؤولون في الأونروا، كانت المدارس معبأة بالعائلات . كان هناك 500000 مدنياً يحتمون في مدارسنا ولا توجد غرفة فارغة واحدة يمكن أن توضع فيها قاذفات الصواريخ – الجميع سيعرف بذلك . تم العثور في مدرسة واحدة على كمية من البنادق، ولكن كان هذا الدليل الوحيد على أن حماس تستخدم المدارس لعملياتها. التقيت في أحد مستشفيات غزة وقت لاحق فتاة صغيرة أظهرت لي ساقها المكسورة ، أُصيبت عندما أًسقطت قنبلة على ملعب مدرستها. جميع الضحايا المشوهون هنا أيضاً؛ الأطفال والكبار الذين بُترت أطرافهم، وبعض الذين فقدوا العيون، وكثيرون شوهوا بشدة من جراء الشظايا. تعودت عيناي على الظلام في غزة، ورأيت جبالاً من الركام في كل مكان ، ثم مساحة فارغة، ثم شارع أكواخ مؤقتة ترتبط معا بالحديد المموج. أحد هذه الأكواخ له مسار ملحوظ معلّم بالإطارات القديمة ويؤدي إلى فجوة في جدار القماش المشمع. وداخله حفنة من جذوع الأشجار على أرضية رملية رطبة ، وفوق كانون النار تُعلق ملابس الأطفال حتى تجف ولكن المطر كان ينهمر على الملابس من ثقوب في السقف. يعيش في الداخل أعضاء آخرين من عائلة المصري، أحمد، بيسان وأطفالهما الأربعة. جاء والدا أحمد إلى غزة كلاجئين في العام 1948. وعانى أجداده من المعيشة الشتوية في الخيام، ومن الثلوج، المتوقعة أيضاً هذا العام. انتقلت العائلة من مخيمات اللاجئين منذ فترة طويلة مثل أكثر من نصف اللاجئين في غزة، وجدت عملاً وبنت بيتاً. الآن هُدم المنزل. عاش المصري وعائلته في مدرسة الأونروا القريبة مباشرة بعد حرب الصيف، جنباً إلى جنب مع الآلاف من المشردين ولكنها كانت باردة ورطبة حتى انه حاول العودة إلى منزله بدلاً من ذلك ،الآن ولم يُسمح له بذلك. تقول بيسان، زوجته، انها حامل "شهرين" ، وتمرض من البرد . وقالت أنها قلقة إزاء ابنها عبد الرحمن، البالغ من العمر 13 عاماً، كان "طالباً ممتازاً " ،لكن الآن لا يمكنه الدراسة. أعطتهم حماس أو الجماعات التطوعية كل ما حولهم من معونات مؤقتة "كرتون" ، - صناديق معيشة بلاستيكية صغيرة -. تتكدس أيضاً أكياس الرمل. بدأ الغزو البري الإسرائيلي، وذلك بهدف إيجاد واغلاق "أنفاق الإرهاب" في هذه المنطقة الحدودية، وقد تم تحذير أشرف المصري بالمغادرة. وعندما عاد إلى منزله لم يجد أي أثر له. " استولى عليه الجيش الاسرائيلي خلال الغزو وفجرّه قبل مغادرته." يقول أشرف : فقدت عائلتي أوراق منزلنا في أراضي عام 1948 التي نحتفظ بها منذ فترة طويلة ، ولكن كان لديه دليل على منزله في غزة - "إنه يظهر بوضوح على جوجل الأرض". وجدت المزيد من الأنقاض في جميع أنحاء قطاع غزة – بدت المناطق مثل مدينة " ديرسدن" Dresdens، أو لندن خلال الغارات. قُصفت المستشفيات ، والمدارس، والمطار المدمر، على الرغم من أن هذا الأخير تعرض للقصف في الحرب السابقة بين اسرائيل وغزة. تم تسوية المصانع بالأرض بما في ذلك أيضاً مصنع البسكويت الشهير "العودة "، ويعمل فيه 400 عامل. يعيش الآلاف من سكان غزة في حالة دمار. الحياة في الكرتون لا يحتاج سكوت أندرسون، نائب مدير المنظمة في مقر الأونروا في غزة ، إلى Google Earth لفهم حجم الكارثة: الأرقام تتحدث عن نفسها على طاولته ،. كشفت أحدث احصاء وقوع أضرار كبيرة في 4294 من المنازل في غزة ولم تعد صالحة للسكن. وإصابة 5911 بأضرار ولكنها لا تزال صالحة للسكن وتدمير 7058 تدميراً تاماً. ولذلك فإن ما مجموعه 11352 من المنازل مدمرة بشكل تام او جزئي وبالنظر إلى أن معظم الأسر الفلسطينية عددها لا يقل عن ستة، فهذا يعني أن ما يقرب من 68162 من سكان غزة بلا مأوى الآن بسبب الحرب. ولا يزال 23000 نسمة ممن لا مأوى لهم يعيشون في مدارس وكالة الغوث، بعد أربعة أشهر من انتهاء الحرب. والبقية تعيش في خيام و"كرتون" مثل تلك التي في بيت حانون، أو في المباني الخطرة، وترفض الرحيل عنها. التحديات واضحة أمام مفيد حسينة أيضاً. حسينة واحد من التكنوقراط الفلسطينيين الذين تطوعوا للمساعدة في تشغيل غزة بعد المصالحة ، مهندس بناء، قال انه يتمنى لو أنه لم يقبل وظيفة وزير الأشغال العامة والإسكان. ويقول تحتاج غزة 8000 طن من الاسمنت يومياً ، بمعدل 400 شاحنة يومياً. ولكن تحتاج غزة أولاً إلى جيش من الشاحنات والحفارات لإزالة 2.5 مليون طن من الأنقاض. كانت هناك لحظة وجيزة بعد حرب الصيف عندما بدأت جهود مكثفة، أعلن القادة الأوروبيون والأمريكيون أن غزة لا يمكن أن تبقى في الوضع الراهن: يجب أن ينتهي الحصار ، وأن تخرج من الرعب ويحل السلام. تعهدت الجهات المانحة الدولية في مؤتمر عقد في القاهرة بدفع أكثر من 5.4 مليار دولار للمساعدة في إعادة بناء غزة، ولكن لم يتم دفع أي شيء من المال تقريباً ، والوعود بخطط جديدة للسلام الدائم، في طي النسيان. وبدلاً من ذلك تم وضع "آلية" جديدة ، للتفاوض بشأنها بين الأمم المتحدة وإسرائيل والقادة الفلسطينيين في الضفة الغربية. "آلية" من المفترض أن تسمح لدخول المواد إلى غزة لإعادة البناء، ولكن المعظم يقولون إنها عززت الحصار ببساطة بطرق جديدة. يقول سكان غزة، إسرائيل، لا تُريد إعادة بناء غزة – لأن ذلك يعني إعادة بناء حماس. يأتي الاسمنت، اللازم بشدة لإعادة الإعمار، من إسرائيل ولكن قد يذهب لبناء أنفاق حماس الجديدة، في حين أن المواد الأخرى من شأنها أن تساعد حماس في إعادة بناء بنيتها التحتية. ولمنع حماس من الاستفادة من إعادة الإعمار، وُضعت آلية للتحكم في كيفية تدفق المال والمواد. ومن بين مطالب إسرائيل وضع كاميرات في مستودعات الاسمنت وتزويدها بالقياسات والمواقع الدقيقة لكل مبنى جديد، قبل إدخال أي مواد إلى قطاع غزة. انتشرت شائعات أن هذه الآلية سوف تستخدمها اسرائيل في جمع المعلومات لتعزيز الاستخبارات الخاصة بها ، لتحديد أهدافاً بشكل أفضل قبل الحرب القادمة. "آلية شريرة" وعدت الأمم المتحدة الآن أن المعلومات المكتسبة عن إعادة البناء لن تقع في أيدي إسرائيل ولكن لا أحد يصدق ذلك. عبرت الحدود إلى غزة بحلول الأسبوع الماضي - بعد أربعة أشهر من نهاية الحرب – شاحنتين من الأسمنت. قال وزير الأشغال "أنه يجب دخول 400 شاحنة من الاسمنت كل يوم، لإعادة البناء في خمس سنوات قادمة " ."الآن تقوم الأمم المتحدة بتنفيذ الحصار". يقول سامي عبد الشافي، وهو اقتصادي في غزة ، "هذه مهزلة". يجد الجميع في غزة أنفسهم يدورون في شوكات متعددة مما يسمونه "آلية التهديد". يجد عمال المساعدات الدولية، التي تسعى إلى تحسين حياة سكان غزة الممزقة "، تحركاتهم الخاصة أكثر تقييداً وتعثرت خططهم لإعادة الإعمار. " هذه الآلية تخنقنا للغاية"، يقول أحد كبار قادة العمل على تنسيق المعونة. "نحن جميعاً معلقون بكلمات الرائد Elrom"، يقول آخر، Elrom، المرأة الإسرائيلية التي تطبق الآلية على نقطة تفتيش إيريز. وتقول أن هذه الآلية هي أفضل طريقة للتعامل مع "كيان إرهابي" – لم تكن هذه المرأة مثل معظم الإسرائيليين الآخرين أبداً داخل غزة نفسها. ولديها الآن قوة أكبر من جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة، وبالتأكيد أكبر من توني بلير، مبعوث السلام في الشرق الأوسط للمجموعة الرباعية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأمم المتحدة وروسيا) الذي لم يأتي إلى غزة لرؤية الأضرار، لأسباب أمنية. قال وزير فلسطيني "انه لا يوجد لديه شيء". وعلاوة على ذلك، فقد ذبلت الأفكار الكبرى حول السلام مرة واحدة من قبل الدولة إلى "آلية سيئة". " يجب أن يمرّ كل شيء من خلال النافذة الإسرائيلية. إنها "كافكا "،يقول راجي الصوراني، الناشط في مجال حقوق الإنسان. "انها Stasi "، كما يقول أفيشاي مرغليت، أستاذ فخري للفلسفة في الجامعة العبرية. "انها كل شيء عن السيطرة". حتى الآن لا يوجد دليل على أن هذا الحصار الأخير يُضعف حماس. هذه ال"آلية" بالتأكيد لم تسحق موسى محمد أبو مرزوق، من كبار قادة حماس الذين التقيت بهم في غزة. يجلس في مبنى المكاتب من عشر طوابق، ظهره لنافذة كبيرة، وواحد من الشخصيات السياسية القليلة في غزة أو القدس، الذين ما زالوا يُعلنون أن لديهم أفكاراً للسلام، وتحدث عن "أجندة حديثة" لحماس. تحدث مرزوق عن دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، قائلاً أن الطابع القديم لحماس ، الذي دعا إلى تدمير إسرائيل، "وثيقة تاريخية" الآن. أما في الشوارع، يتذبذب التأييد لحماس بين بعض الذين لم يحققوا أي مكاسب بعد عدة سنوات من حكم حماس. رأيت عدداً أقل بكثير من الملصقات "للشهداء" – القتلى من المسلحين - ملصقة على الجدران عما كان عليه في الماضي. ولكن عندما سألت عما اذا كانت صواريخ حماس قد أحدثت الانتقام الرهيب، وبالتالي معاناة سكان غزة نفى جميعهم ذلك. وقالوا انهم فخورون بالمقاومة. "لدينا الحق في المقاومة" قال الكثيرون. لا يعرف سكان غزة العاديون سوى القليل عن الآلية الجديدة، وعن كمية الاسمنت التي يُمكن أن تُعيد نبيل صيام وزوجته وأطفالهم إلى منزل . قال لي نبيل إنه يود محاولة الحصول على ذراع اصطناعية حتى يتمكن من بدء العمل مرة أخرى. ابتسم محمد التلبانى، صاحب مصنع البسكويت المقصوف ، وقال لي إنه يخطط بالفعل في تشغيل المصنع مرة أخرى. "تم تدمير 80٪-;- منه أنا لن أبدأ من الصفر ". يقول سامي عبد الشافي :" نحن لسنا بحاجة إلى إعادة البناء نحن بحاجة للسلام. نحن لسنا متسولون. نحن شعب متحضر. نحن لا نريد المساعدات الخيرية. نحن لسنا بحاجة الى 5 مليار. مليار واحد كفاية ". غادرت مساءاً ، مررت مرة أخرى ببيت حانون. يحفر ثلاثة من الشباب في الظلام. رأيتهم عن قرب يلتقطون الصخور ويحملوها على ظهر عربة يجرها حمار. كانوا ينظفون بستان أسرتهم من الأنقاض ،أراني الشباب مكاناً زرعوا فيه أشجار كلمنتينا جديدة. وأنا أنضغط مرة أخرى للخروج من البوابات في معبر إيريز، أدركت لماذا لم يعد هناك حاجة لملصقات الشهداء على الجدران في غزة. جعل أحدث عقاب جماعي لحق ب 1.8 مليون من سكان غزة الشهداء من جميع العائلات. مترجم Sarah Helm
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليس في بلاد عجائب فيتو مجلس الأمن
-
بالنسبة للفلسطينيين :الأمم المتحدة عديمة الفائدة
-
العائلة التي تملك المناطق الحرة وتدعم الاستيطان في الضفة الغ
...
-
تقرير التعذيب الأمريكي :(نعوم تشومسكي وديك - الجانب المظلم-
...
-
آخر يوم في الخليل
-
نهاية مميتة لديبلوماسية اوسلو .ماذا بعد؟
-
هذا ليس اعترافاً !!
-
صناعة الأسلحة الإسرائيلية تقبض ثمن الحرب على غزة
-
غزة: منازل مدّمرة وحياة مدّمرة
-
طائر العنقاء الفلسطيني
-
في القدس - يُريدون معبداً دموياً-
-
معركة القدس
-
الفلسطينيون في القدس (بلا جنسية)
-
جريمة القتل في كفر كنا (الخمر والدم والجازولين)
-
تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم
...
-
تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم
...
-
تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم
...
-
تقرير منظمة العفو الدولية (AMNESTY) اسرائيل تقصف المنازل الم
...
-
الامبريالية تقصف العراق من 100 عام
-
السلام الإسرائيلي (تطهير عرقي بكل معنى الكلمة)
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|