ميثم مرتضى الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 4683 - 2015 / 1 / 6 - 14:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثر الحديث عن تحليل المشهد العربي او الشرق اوسطي في مرحلة ما بعد ما اسماه الاعلام الغربي مجازا بالربيع العربي ..حيث اطيح بالنظم السياسية في اكثر من بلد عربي او تمت المحاولة ولم تفلح ..مشهد شابه عنف كثير واقصاء وسلوكيات ثائرية بل ونبش في خصومات طائفية جعلت الكثيرين يترحمون على العهد الاستبدادي المنقلب ضده..وتزعم المشهد الاسلاميون الاخوانيون والسلفيون المتعطشون للسلطة والتنكيل بالاخر ..وتبخرت احلام الجماهير المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية في القاهرة وطرابلس وصنعاء ودمشق ..الا ان الامر كان مختلفا في عاصمة وحيدة شذت عن الاجماع ..انها تونس ..مهد التغيير والثورة ..وحار الكثيرون وحرنا معهم في تفسير الظاهرة التونسية ..فالجيش لم ينقلب على العملية الديمقراطية بل ظل محافظا على مواقعه ملازما لدوره في حفظ السلم الاهلي تاركا للمواطن التونسي ان يختار وان يستبعد بالصندوق ولا شئ سوى الصندوق , تفسيري المتواضع لهذه الظاهرة يكمن في سياسة بناء الانسان وتدعيم الثقافة الذي مارسته الدولة الوطنية التونسية متمثلة بالرئيس بو رقيبة والذي ورث من الحقبة الاستعمارية بلدا متخلفا في وضع عربي غاية في التعقيد في ظل الصراع العربي الاسرائيلي والدعاية الناصرية التي كانت تصنف العرب الى صنفين تقدمي ورجعي عروبي ومتخاذل امين على او خائن للقضية ..في هذا الجو المكهرب والملبد استطاع بورقيبة ان يوجه كل جهوده لتحديث تونس بعيدا عن الصخب متحاشيا الافتراس من قبل احد المعسكرات المتصادمة والذي كانت تتزعم احدها مصر فيما تتزعم السعودية المعسكر الاخر , في وسطية لاتخلو من تعريض ال(تقدميين بها ) سار بورقيبة نحو بناء المؤسسات وتحرير المراة وتحديث المجتمع الى الحد الذي وازى مافعله اتاتورك في تركيا ورضا بهلوي في ايران ..وحينها وحينها فقط ..استطاع بورقيبة ان يخرج من المشهد السياسي مطمئنا الى تركته التي لن تكون لقمة سائغة بيد المستبدين من الحكام او المتلاعبين بخيوط الدين واحابيل المتاجرين به ..نعم لقد اقصي بورقيبة من السلطة اثرانقلاب وزير الداخلية زين العابدين بن علي لكن رحلة بن علي في تاسيس عصر السلطة الغاشمة لم تكن مزروعة بالورود فلقد كانت تنغصها موجات الوعي الشعبي والنخبوي الرافضة لتسلطه حتى كانت الثورة فكان بن علي وزمرته اول المغادرين , بل لو شئنا التوسع بالمقارنات فان من حسنات عهد بورقيبة انه ارسى السلمية والتحضر حتى في عمليات الانقلاب على السلطة والتغيير بشكل لاتراق به دماء ...الامر الذي نادرا مانراه في دول عربية اخرى ,قد اكون مصيبا او مخطئا ولكني ارى ان بناء الانسان ..هو اكبر ضمانة للوطن ..ومازالت الاحزاب الدينية الانتهازية والتي تستغل الدين لاغراضها اعد ماتكون عن هذا الهدف.
#ميثم_مرتضى_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟