|
العرب المسيحيون الأرثوذكس في الأردن وفلسطين ...ثورة متجددة
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 5 - 20:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يعاني أخوتنا العرب المسيحيون الأرثوذكس في فلسطين من إحتلالين ، الأول عام وهو الإحتلال الإسرائيلي ، ويشاركهم فيه إخوتهم من العرب المسلمين والعرب اليهود المقيمين في نابلس وجماعة "ناطوري كارتا " حراس المدينة ،الذين يعترضون على إنشاء الكيان الصهيوني ، وقدمت هذه الجماعة عام 1948 طلبات للأمم المتحدة لمنحهم جوازات سفر خاصة وإعتبارهم لاجئين ، لكن الأمم المتحدة لم ترد عليهم حتى يومنا هذا ، وهم يؤمنون أن الصهيونية سرقت اليهود من الرب، كما ورد على لسان حاخامهم الراحل موشيه هيرش. أما الإحتلال الثاني فهو خاص لكنه مؤلم ، ومنبع ألمه أنه أسس للإحتلال الثاني وشكل له دعامة قوية وسندا كبيرا ، وهو الإحتلال اليوناني الروحي لأم الكنائس وفرض الهيمنة عليها منذ أكثر من 500 عاما وبالتحديد منذ تمكن الفهلوي اليوناني الراهب جرمانوس من التسلل إلى الكنيسة وإستغلال معرفته للغة العربية وقيامه بخديعة الناس آنذاك ، ووصوله إلى سدة البطريركية وإغلاقها في وجه الرهبان العرب . بدليل أن أحدا من الرهبان العرب لم يتم إنتخابه بطريركا للكنيسة ، لأن الرهبان اليونان الذين أصبحوا فيما بعد مواطنين أردنيين ويحملون الجنسية الأردنية ، باتوا هم سادة الموقف ، وحملوا مفاتيح الكنيسة ومفاتيح الخزنة وملفات الطابو الخاصة بالأوقاف الكنسية التي تبرع بها العرب المسيحيون الأرثوذكس لرفعة شأن كنيستهم ودلالة على محبتهم لها وتفانيهم من أجلها. حاول الأجداد تعديل المسار وإنقاذ عروبة كنيستهم لكن التحالفات السياسية آنذاك وقفت حجر عثرة أمامهم وأعاقت تحركهم لأن العثمانيين آنذاك لم يريدوا تعكير صفو علاقاتهم مع اليونان ، مع أنه لادخل للسياسة في هذا الأمر إحتكاما للمنطق ،لكن الأمور سارت كذلك ، ووجد الرهبان اليونان سندا لهم ، أما العرب المسيحيون الأرثوذكس فقد ضاعت جهودهم هباء منثورا . وعندما غربت شمس الإمبراطورية العثمانية ،ظن العرب الأرثوذكس أن الفرج قادم لا محالة ، دون أن يعرفوا أن القدر قد خبأ لهم أكبر مصيبة تمثلت في الإنتداب البريطاني على فلسطين، تمهيدا لتسليمها للصهاينة وتثبيت أقدامهم فيها وسيطرتهم على الكنيسة المقدسية ، قبل أن يهيمنوا على المسجد الإبراهيمي في الخليل ومن بعده المسجد الأقصى المبارك في القدس كما هو حاصل هذه الأيام. بعد طرد الصاينة للقوات البريطانية التي مهدت الطريق سياسيا وعسكريا لإقامة الكيان الصهيوني ، وجرى توجيه تهمة لها بأنها قوات محتلة ،وتعرضت لعمليات إجرام صهيونية تمثلت بقتل الجنود البريطانيين وتعليقهم على الأشجار في قارعة الطريق ، وتعليقهم أيضا على أعمدة النور وحرق معسكراتهم بعد نهبها ، إستقرت الأ مور للعصابات الصهيونية التي عمقت تحالفها مع الرهبان اليونا في الكنيسة المقدسية ، إنتقاما من العهدة العمرية التي وقعها الخليفة المسلم العادل عمر بن الخطاب والبطريارك العربي الدمشقي صفرونيوس الذي إشترط فيها "ألا يساكننا فيها يهودي ". ما حصل هو أن طيبة المسلمين وتسامحهم سمحت ليهود بالعودة إلى القدس وها هم بتحالفهم مع الرهبان اليونان يسيطرون على المدينة المقدسة و يهيمنون على كل شيء فيها ،ولا ننسى حجم الأراضي والعقارات والممتلكات العربية الأرثوذكسية التي قام الرهبان اليونان بتسريبها بيعا بثمن بخس ، وتأجيرا لمدد طويلة وبأجرة رمزية للوكالة اليهودية، كي تقيم عليها المستعمرات ، وتبني عليها المؤسسات الرسمية مثل الكنيست على سبيل المثال ،وآخر عملية إعادة تاجير تمت مؤخرا لتسع وتسعين سنة ، علما أن العقد الأول ينتهي بعد أربعين عاما ، وقيمة التاجير 20 مليون دولار فقط وهو مبلغ رمزي ، وستنتهي المدة الجديدة عام 2150، ولعل في ذلك مفتاح الألغاز الكامنة وراء هذا التسريب الناجم عن التحالف الإستراتيجي بين الغرباء اليونان والصهاينة ، وصدق المثل القائل :الغريب للغريب نسيب. الأغرب من ذلك أن ريع وأثمان كل هذا التسريب لا يدخل الخزينة الكنسية بل يذهب فسادا للبنوك الغربية وفي اليونان وقبرص بأسماء الرهبان اليونان ، بينما الرعية العربية الأرثوذكسية محرومة من الخدمة التي تليق بهم ، ومع ذلك فإنهم يرفضون تسريب أوقاف كنيستهم للعدو الصهيوني مهما بلغت الأرقام فلكيا لأنهم عرب أقحاح ولا يزاود على عروبتهم وإنتمائهم أحد. خمسماية عام ويزيد أرهقت إخوتنا العرب الأرثوذكس في فلسطين والأردن على حد سواء ، وقد فشلت كل جهود الأجدادا والاباء لتحرير كنيستهم من الإحتلال اليوناني على الأقل ،بسبب خذلان الجميع لهم ، فلا الحكومة الأردنية وقفت معهم ولا حتى السلطة الفسلسطينية لاحقا دعمتهم، وأدى ذلك إلى هجران الكثير منهم للكنسية ولجوئه لكنيسة أخرى بحثا عن الكرامة المهدورة أولا وعن كنيسة تقدم لهم الرعاية الكنسية اللازمة . بعد أن رفع الآباء الراية البيضاء مكرهين ، بسبب الخذلان المتعمد لهم ، ونجاح الرهبان في لعبة فرق تسد ، ونسجهم علاقات مشبوهة مع بعض المتنفذينمن العرب المسيحيين الأرثوذكس الذين آثروا حماية مصالحم وتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب إخوتهم من الرعية ،تسلم الدفة شباب أحسبهم يمثلون النبض العروبي الصادق الطاهر ، وقادوا السفينة في وجه التيار ، الأمر الذي أدخل الرعب في قلوب الرهبان اليونان ومن تحالف معهم من الرعية ، ولكن الغريق لا يخاف من البلل ، إذ توسعت دائرة الثورة العربية المسيحية الأرثوذكسية في الأردن وفلسطين لتشمل شبابا مخلصا من الرهبان العرب المخلصين لعروبتهم وكنيستهم المحرومين من خدمتها ، وشكلوا جبهة باتت تقراع الرهبان اليونان وحلفاءهم ، وتقرع الأجراس عالية قرب آذان الجميع ، وتشعل الشمعات وقادة قرب أعين الجميع عل وعسى أن يصحو الضمير ولو قليلا لإعادة الحقوق المنهوبة إلى أصحابها ، وقد تعدت الأمور حدود المنطق بدعوة البعض المحسوبين على الرهبان اليونان الشباب العربي المسيحي الأرثوذكسي في فلسطين المحتلة للإنضمام للجيش الصهيوني كي يقتلوا إخوتهم من العرب المسلمين والمسيحيين على حد سواء. الشباب العربي المسيحي الأرثوذكسي لن يكل أو يمل ، فهو لا يعرف التحالفات المشبوهة ، ولم يتربى على الغدر والخيانة ، فهناك حبل سري يربطه مع كنسيته ولن ينقطع بإذن الله،وإن الغد يحمل معه مفاجآت بالتأكيد لن تسر أعداء القضية العربية المسيحية الأرثوذكسية.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منتدى عمان يوصي بإعادة النظر بقانون منع الإتجار بالبشر وتشدي
...
-
إنعقاد المؤتمر الوطني الأردني الأول لإنقاذ الأقصى
-
أردني يقاضي حكومته على خلفية صفقة الغاز مع إسرائيل
-
مناقشة ساخنة لتجربة الإسلاميين في الأردن
-
الأحزاب التونسية والمغربية ... الأكثر تحضرا وإنفتاحا
-
في كلمته أمام بيت المقدس بعنوان -عروبة الكنيسة الأرثوذكسية .
...
-
وقع الرئيس
-
100 خبير عربي وكوري جنوبي يناقشون العلاقات العربية - الكورية
-
ليست أمتي
-
نجمة السّلام للعام 2014 للأديبة الدكتورة سناء الشعلان
-
العدوان على غزة شكل لحظة فارقة في تاريخ الحروب العربية -الإس
...
-
حزب الحياة يجمع كافة الأطراف السياسية الأردنية
-
م.رزان زعيتر ..إمرأة بأمة مجاهدة
-
الأردن ..مصر ..المغرب ..... جيوش للإيجار
-
العرب ، مسلمون ومسيحيون ..ضلوا الطريق
-
حذاء السفير
-
ذات الأسيجة
-
مناشدة من أجل الاصلاح في بطريركية الروم الارثوذكس في القدس
-
العربية لحماية الطبيعة تحتفل بإنجازاتها وتطلق حملة لزراعة مل
...
-
الجمعية البرلمانية الأسيوية تدين انتهاكات إسرائيل في المسجد
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|