|
داعش و الوجه الآخر للإسلام
ياسين خضراوي
كاتب وخبير لغوي تونسي
الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 22:15
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لسائل أن يسأل : من أين و كيف أتت الدولة الإسلامية في العراق و الشام أو ما يعرف اختصارا ب "داعش" ؟؟؟ يرى عامة المسلمون أن "داعش" لا تمت بصلة للإسلام و لا تعكس الصورة النمطية له ، لكننا نعلم أنّهم جميعا و في قرارة انفسهم يعلمون علم اليقين أن هذه الحركة ماهي إلا مثيلة لغيرها من الحركات الإسلامية ونذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر :الوهابية، السلفية ، السلفية الجهادية، الخوارج, المعتزلة إلخ ... كل الفرق و الحركات تمثل الإسلام بالضرورة لكن كلّ على طريقته الخاصة .
داخل العالم الإسلامي ، هنالك ظاهرة غير ملحوظة بدأت تتكون شيئا فشيئا لتأخذ شكل العقدة أو المتلازمة ، هذه الظاهرة تتمثل في أن نسبة ساحقة تريد أن تصبح هي الموكلة و المتحدثة باسم الإسلا . قديما كان الصحابة أمراء للمسلمين و موكلين على أمورهم و بعدهم جاء الخلفاء "الراشدون" ليكملوا ما بدأه أسلافهم ؛ أي أن المسلمين في تلك الفترة كانوا قد بدأوا يتعودون على وجود امير لهم و شخص تتمثل فيه كل الصفات البشرية ليكون هو المتحدث باسم الإسلام. بعد ذلك ، تحطمت آمال المسلمين و تهشمت مع سقوط آخر خلافة عثمانية و انقسام الدولة الإسلامية لدويلات لكل منها حاكمها ، قوانينها و نواميسها الخاصة. فبقي المسلمون بحاجة ماسة دائما لوجود "بطل" يحميهم و يتولى أمرهم و يقتدون به . حقيقة، كثيرون هم من حاولوا أن يتولوا هذا المنصب "الشاق" ؛ "محمد ابن عبد الوهاب" (1703-1792) ، مؤسس الفكر الوهابي ، حاول بدوره أن يتقمص هذا الدور باعلانه الحرب ضد "الصوفيين" بتعلة أنهم لا يمثلون الإسلام و أنهم خطر عليه و يجب التخلص منهم . و بمعية آل سعود ، أسس "محمد ابن عبد الوهاب" حركة دينية - سياسية قوية ، و بفضل هذه الحركة الإيديولوجية ، تأسست المملكة العربية السعودية في 1744. إن أكثر من تأثروا بالزحف و الفكر الوهابي هم : "حسن البنا" مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين في مصر ، "محمد عمر"(الملاّ) زعيم حركة طالبان في أفغانستان ، و "أسامة بن لادن" الزعيم الروحي لحركة القاعدة الجهادية , و باسم الجهاد بدأوا يغيرون النظام "الإجتماعي - السياسي" في العالم الإسلام و يلبسونه رداء السلفية . أحيانا تأخذ هذه المحاولة منحى آخر لتتجه صوب النفير العام و العنف الممنهج من إعتداءات و تفجيرات منظمة بحكمة ، بالنسبة لهم ، العنف هو الطريقة الوحيدة لبسط و فرض الآراء و هو بالتالي أنجح وسيلة للتقدم و الإستمرار . بعد وفاة "أسامة بن لادن" ، بات جليا أن تنظيم القاعدة أصبح في حالة موت سريري ، كيف لا و قد فارقهم الرجل الذي لطالما كان رمز وحدتهم و العقل المدبر الأول . على جميع الأصعدة بدأ التنظيم في الإنهيار .حتى مع محاولات التدارك بتولي "أيمن الظواهري" زمام الأمور ، بات التنظيم في عداد الأموات. و بذلك ، استغل "أبو بكر عمر البغدادي" هذه الفرصة ليتزعم تنظيم القاعدة في العراق ، كفرع موال للتنظيم تحت اسم "الدولة الإسلامية في العراق و الشام أو ما يعرف اختصارا ب (داعش)"
في النهاية ، و كما هو معلوم أن داخل كل إنسان "مؤمن" أو "ملحد" يقبع إرهابي صغير ؛ هو فقط بحاجة إلى إيديولوجية فاشية تغذيه كي يخرج و يرى النور. بالنسبة للعالم الإسلامي ، يجب على هذا الخطاب الذي لا ينتج إلا الهلوسة أن يتغير و يُجتٓ-;-ث من جذوره ... لقد فاتت صلاحية هذا الفكر و خرج عن الزمن .
لقد قيل أن "حلم طفل عادي بقوة و سلطة ضخمة ، هو أن يصبح بطلا يوما ما"، لكن تخيلوا معي أطفالا يريدون أن يصبحوا خلفاء و أمراء و يتولوا أمر المسلمين و يتخذوا من "البغدادي" و أمثاله مثالا يقتدى به طبقا لنصوص مرّ عليها الزمن و اندثر. و كما كتب"سيد قطب" المنظّر لجماعة الإخوان المسلمين قائلا أن " الإسلام يقدم حلولا لكافة المشاكل الإجتماعية ، السياسية، الإقتصادية، و في المقابل ، التأثيرات الغربية لن تأتي إلا بما هو ضار و خطر على بقاء الأمة و استمراريتها. يعني أنهم يراهنون على الجيل القادم بالدّين لا بالعلم ، ليس بغريب عن التاريخ الإسلامي فكل شيء محفوظ و من يقلّب في طياته سيجد العجب العجاب . من هذا المنطلق ، يجد الإنسان نفسه ملزوما باستعمال القوّة لتنفيذ الأوامر المقدسة و لا يهم إن قص الرقاب و جزها ، لا يهم إن قطع الأيادي و جلد ، لا يهم إن رجم حتى الموت و ضرب بالسوط طالما أن ذلك مسموح به و موجود في نصوصه المقدسة ... و كما قال "والتر لاكور" "الإرهاب هو دعاية مع التطبيق" ....
#ياسين_خضراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب و النفاق : مقاربة سوسيولوجية
-
داعشيات
-
سطور في المحظور
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
-
قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح
...
-
الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا
...
-
إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة -خيال-
-
كلمة الرئيس الايراني بزشكيان امام سفراء الدول الاسلامية في ط
...
-
الاحتلال يحتجز مركبة ويستولي على كاميرات مراقبة في جنين وسلف
...
-
اللواء سلامي يشدد على قوة إيران الإسلامية في مواجهة الضغوط
-
اللواء سلامي: هذه الانجازات هي للرد على اي تهديد ضد ايران وا
...
-
بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|