أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابح لونيسي - نقاش حول مسألة إعادة ترتيب سور القرآن الكريم















المزيد.....

نقاش حول مسألة إعادة ترتيب سور القرآن الكريم


رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)


الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 12:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




أن ماطرحه بوكروح أو غيره من أفكار حول إعادة ترتيب سور القرآن الكريم لايجب أن تكون محل سجالات أيديولوجية بل يجب أن تخضع للعلمية والأكاديمية، كما علينا أن نكون أكثر براغماتية حسب الفلسفة الأمريكية، فننظرإلى كل فكرة بمنظار مدى فعاليتها وفائدتها على مجتمعاتنا، وسأنطلق من هذا المبدأ لمناقشة طرح بوكروح حول إعادة ترتيب القرآن الكريم حسب ما أنزل على سيدنا محمد )ص( في سلسلة مقالاته الستة التي نشرها في يومية لوسوار دالجيري، ويقول فيها من أعطى الحق لسيدنا عثمان أن يغير الترتيب، ويرى بأنه قد أضر كثيرا بفهمنا للقرآن الكريم، وبأن هذا الترتيب هو الذي جعل المسلمون يركزون أكثر على مسائل دون أخرى.
فنحن لا نناقش بوكروح في هذه المسألة وفي إجتهاده الذي لا ينقص من إسلامه، ولانشك في صدقه ورغبته الملحة في إخراج المسلمين من التخلف والوضع المزري الذي هم فيه مثله في ذلك مثل الكثير من المثقفين التنويريين، ونشير إلى أن بوكروح قد سبقه إلى هذا الطرح محمد عابد الجابري الذي وضع سلسلة مقالات في يومية الإتحاد الإماراتية أين ناقش مسألة جمع القرآن، وذهب أبعد عندما قال بأن هناك آيات وسور قد محيت، ويستند على بعض العلماء القدماء في ذلك، ومنهم القرطبي، ثم أعاد الجابري نشر مقالاته فيما بعد في كتاب وأعطاها روحا أكاديمية أكبر عنوانه "مدخل إلى القرآن الكريم" ثم تبعه بأجزاء "في فهم القرآن" مرتبا تفسيره حسب ترتيب النزول، وقد وجهت له عدة إنتقادات، ومنها على يد محمد عمارة، وأتهم آنذاك بأنه يدخل في إطار مخطط أمريكي لصنع قرآن آخر، خاصة بعد ما روج المحافظون الجدد فكرة أن بعض الآيات القرآنية هي وراء بعض الممارسات الإرهابية.
نحن لا نناقش مسائل جمع القرآن، ونفضل تركها للمختصين في العلوم القرآنية والدينية، لكن نريد طرح سؤال هام جدا، وهو ماذا سيتغير في حالة أخذنا بطرح بوكروح؟، فبهذا الترتيب تصبح أول كلمة وآية في القرآن الكريم هي "إقرأ بإسم ربك"، ومعناه سيصبح لهذه الآية ثقل كبير في ذهن المسلم، وسينتبه أن أول أمر قرآني تنزل عليه قبل الصلاة والصوم والزكاة وغيرها هو التعلم والقراءة بمفهومها العميق أي القراءة العميقة في الكتاب والكون والإنسان والمجتمعات، ويبدو أنه شرط أساسي لصناعة الحضارة ولبناء مجتمع مسلم حقيقي، ونتساءل هل من المعقول أن تنزل آية بهذا الشكل والعالم الإسلامي-خاصة العربي منه- يضم اليوم أكبر نسبة من الأميين في العالم، وأقل نسبة للمقروئية وأكثر الشعوب تخلفا وأقل بحثا في المظاهر الكونية والإنسانية؟.
ومن حقنا أن نسأل لماذا لايولي الكثير ممايسمى بعلمائنا الدينيين هذا الأمر القرآني أهمية كبرى، كما يولونها لمسائل أخرى كالمرأة مثلا والتبرج وغيرها من الأمور الغير جوهرية، أليس هناك رغبة من الكثير منهم أن يعيش المسلم في الجهل؟، أليس هي رغبة منهم للإبقاء على سلطة دينية على المجتمع يستفيدون منها؟ أليس تلقي المسلم تعليما عميقا، وحرصه على القراْءة العميقة كما أمره الله سبحانه وتعالى، معناه لن يحتاج للكثير من هؤلاء العلماء للإفتاء له في كل صغيرة وكبيرة؟ أليس تعلمه العميق يجعله قادرا على الإفتاء لنفسه؟، ألم يقم بعضهم تحالفا مع الإستبداد الذي يفضل التجهيل الذي يساعده على الإبقاء على إستبداده كما يقول الكواكبي في "طبائع الإستبداد"؟ ألم يحرم بعض العلماء الإتيان بالمطبعة لمدة قرون بعد ما أخترعها الألماني غوتنبرغ في 1450؟ ألم يكن ذلك الموقف كي لا تطبع الكتب بسرعة وبكثرة ثم توزع مما ينور الناس وتتفتح عقولهم، فتثور ضد الإستبداد المتحالف مع البعض من علماء الدين في كل العصور؟ ألم تتكرر عندنا اليوم نفس ما وقع في أوروبا عندما بقي تفسير وقراءة الكتاب المقدس في يد البابا ورجال الدين دون عامة الشعب؟ فهل كانت ستتحرر أوروبا من ذلك، وتقود نهضتها لولا ظهور الإصلاح الديني عل يد مارتن لوثر وآخرين، وأسسوا للبروتستانتيةالتي حررت الإنسان المسيحي من سيطرة البابا والكرادلة في إحتكارهم لقراءة وتفسير الكتاب المقدس؟، ألم يذهب هؤلاء البروتستانت إلى كتابته باللغات التي كانت يقال عنها عامية، والتي كانت محرمة وتحتقر، والتي أصبحت اليوم لغات عالمية كالفرنسية والأنجليزية والألمانية والإيطالية وغيرها، والتي كانت كلها عاميات اللغة اللاتينية القديمة والدينية؟، فلماذا أعطيت القداسة للاتينية بالرغم من أن الأنجيل نزل على سيدنا عيسى عليه السلام باللغة الآرامية، وليس اللاتينية التي لم تكن إلا لغة روما الإستعمارية المستعبدة للشعوب؟، ألا يلاحظ أننا نحتاج إلى إصلاح ديني عميق وضرورة العودة لمواصلة مسيرة محمد عبده والأفغاني وآخرين بعد ماتراجعت جهودهم الإصلاحية بعد عودة المتطرفين بقوة على يد الأيديولوجية الوهابية؟، ألا نلاحظ أنه كلما ساد التزمت الديني والإنغلاق أزداد التخلف، وكلما ساد التفتح والتسامح الديني ساد التقدم، ألا نلاحظ أن المسيحيين الأشد تخلفا هم الأرثوذكس في أوروبا الأكثر تشددا، أما الأكثر تقدما هم البروتستانت الأكثر تفتحا على العالم؟، ألا نحتاج اليوم نحن المسلمون إلى "بروتستانتية إسلامية"؟.
لكن ليس ماطرحناه معناه نتفق مع بوكروح، ولو أننا لانشك في صدقه ورغبته في تقدم المسلمين، لكن نعتقد أنه قد غاب عنه أن المسلمون اليوم في أوج خلافاتهم، ولوأخذنا بطرحه سيزيدون إنقساما أكبر، وسندخل في صراع آخر نحن في غنى عنه بين المصحف بترتيبه الأول ومصحف عثمان، وإذا قمنا بذلك معناه سنضرب الشيء الوحيد الذي اجمع عليه المسلمون 100%، وهو النص القرآني رغم كل إختلافاتهم وصراعاتهم، ويقول بإيجاد هيئة علمية مستنيرة أي ليس من هؤلاء العلماء الموجودين الآن للقيام بمهمة العودة إلى الترتيب الأول، لكن خفي عن بوكروح بانه من الصعب اليوم إيجاد قيادة أو هيئة عليها الإجماع، كما كان آنذاك حول سيدنا عثمان، كما كان المسلمون آنذاك قليلون عكس اليوم، ولو فتحتا هذا النقاش اليوم لوقع زلزال إجتماعي عنيف، ويمكن أن يذهب بالعالم الإسلامي كله في مهب الريح، فلو قمنا بمايدعو إليه لقامت حروب مدمرة، خاصة في وقت عادت فيه إلى الواجهة النقاشات الدينية العقيمة المفتتة للمسلمين.
فالأفضل لبوكروح وأمثاله من المثقفين المستنيرين سواء كانوا دينيين أو غير ذلك، والذي همهم تقدم مجتمعاتنا أن يعملوا من أجل تجديد الخطاب الديني برمته وتحطيم الذهنية والفكر المتجمد والمنغلق ومواصلة الإصلاحات الدينية التي بدأها عبده والأفغاني وغيرهم، والقيام بتنقية الخطاب الديني من كل هذا الركام الذي ألصق به منذ وقوع الحضارة الإسلامية في الإنحطاط، ويضعها أركون فيما ألصق بالإسلام بعد القرون الذهبية الأربعة الأولى، والتي يسميها بن نبي ب"الأفكار القاتلة"، أو كما يقول الإيراني هورش بتحرير عقل المسلم من سيطرة مايسميهم ب"الصراطيين" عليه منذ القرن 12م، والذين عطلوا حركية الإسلام، وطبعا ستكون حربا فكرية حادة بينهم وبين الذين يعرقلون التطور بإسم الدين أوغيره.
كما يمكن العمل على نشر فكرة كبيرة أوردها بيان أول نوفمبر، والتي حلت مشكلة الأصالة والمعاصرة،أفلم تطرح الثورة الجزائرية مذهبا دينيا جديدا عندما تقول أرضيتها التأسيسية النوفمبرية ب"ضمن إطار المباديء الإسلامية"، أليس معناه هو الإلتزام بأركان الإسلام والعيش في إطار مبادئه الكبرى دون الخوض في التفاصيل التي نبذها القرآن الكريم عندما تحدث عن بقرة بني إسرائيل الذين دخلوا في تفاصيل طبيعة البقرة، كما نبحث نحن اليوم في تفاصيل كل ممارسة دينية، وطرح مسألة الحلال والحرام في كل قضية، ألا يمكن للمسلمين اليوم تبنى هذا الطرح النوفمبري المتفتح والأكثر تحررا، والذي ماهو إلا تكرار دون وعي للمذهب الظاهري لأبن حزم الذي يرى كل شيء حلال ما لم يورد فيه نص صريح في القرآن الكريم.



#رابح_لونيسي (هاشتاغ)       Rabah_Lounici#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل مواجهة عالمية لبوادر تكرار الظاهرة الإستعمارية
- علاقة نشر -التوهمات العرقية- بمخطط تفجير الدول المغاربية
- التمهيد الأيديولوجي للقبول بالسيطرة الداعشية على أوطاننا
- التفكك في العالم العربي: هل هي إستراتيجية إسرائيلية أم نتاج ...
- من أجل إجتثاث الإرهاب والقلاقل الأمنية في الفضاء المغاربي
- أسس جديدة لدولة ديمقراطية وإجتماعية-من أجل نظام سياسي بديل-
- حل نهائي لمشكلة العلاقة بين الحداثة والإسلام في مباديء الثور ...
- محمد عابد الجابري وتنظيره اللاشعوري للقومية المغاربية
- ردا على طروحات عثمان سعدي-من أجل نقاش علمي وهاديء حول المسأل ...


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رابح لونيسي - نقاش حول مسألة إعادة ترتيب سور القرآن الكريم