أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سعده - بائعة الذرة، والبيتزا














المزيد.....

بائعة الذرة، والبيتزا


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4680 - 2015 / 1 / 2 - 13:54
المحور: حقوق الانسان
    


رحت لمول إسمه "العابد" على أول طريق بنها القاهرة، وركنت جوة جنب عربية دودج، ونزلت أشتري حاجات علشان أعمل بيتزا في بلدنا.. المول كويس والعمال غالبيتهم من مدينة بنها وقرى فقيرة مجاورة. مضطرين يحلقوا دقنهم كويس ويرسموا إبتسامة مطلوبة، علشان ميعكروش مزاج أصحاب العربيات الدودج.


خرجت من المول بعد ما اشتريت اللي أنا عايزه، واشتريت ميه معدنية، لأني بعاني من مية الشرب لما بسافر بلدنا، تقريبا مخلوطة بمية المجاري..


في الطريق للبيت لمحت سيدة على جانب الطريق تبيع ذرة مشوي، وتخفي وجهها بنقاب أسود، ربما تظن أنه الزي الشرعي، وربما خجلا من وقوفها في الشارع.. في الغالب زوجها متوفي أو بيستعيد شبابه مع فتاة من عمر بناته.. وربما يجلس على الرصيف المقابل يبيع مناديل..


الطريق توقف فجأة وتم إغلاقه, استعدادا لمرور موكب شخصية مهمة.. سيارات جيب سوداء ومرسيدس وموتوسيكلات.. على ما يبدو أنه محافظ القليوبية.. نظرة واحدة من شباك سيارته قد تجعله يأمر بترخيص كشك لبائعة الذرة.. لكن كالعادة، لا أحد يرى..


قد لا تدري بائعة الذرة أن "داروين" تبنى نظرية الانتخاب الطبيعي الحيوانية ومضمونها البقاء للأكثر قدرة على التكيف، وطالب بانتقالها من الحيوان للإنسان. ورسخ مع رجال الكنيسة لإباحة استعمار الشعوب الأخرى التي لا تستطيع استغلال مواردها. ليبدأ عصر الاستعمار تحت رايات مسيحية رأسمالية.. وبقانون الغابة: أن تأكل قبل أن تؤكل في الحال..


و"آدم سميث" مؤسس الرأسمالية تبنى شعار "دعه يعمل، دعه يمر". فهو يرى أنه ينبغي أن نترك البشر يقيمون أسواقهم وتجارتهم ويتبادلونها بدون حواجز أو رقابة.. وكل لنفسه وليأخذ الشيطان الأخير. ومن هنا فلا مكان لبائعة الذرة في هذه الغابة.. وفي كتابة "ثروة الأمم" تحدث عن اليد الخفية، فيد الله ستتدخل في لحظة ما لضبط السوق. غير أن يد الله قد غابت طويلا يا عم آدم!! وتحولت قوانين السوق والرأسمالية لصراع وحشي لا يعرف رحمة أو شفقة على بائعة الذرة..
عندمت إنفجرت ثورة أكتوبر 1917 في روسيا الزراعية والمتخلفة صناعيا آنذاك، كان عملا لم يتوقعه أحد حتى الألماني "ماركس" نفسه خابت توقعاته عندما تنبأ أن الثورة ستندلع في بلد صناعي كبير حينما يصل التناقض بين الأغنياء والفقراء أقصى حدته... العمال والفلاحين والمهمشين كانوا وقود ثورة روسيا، وهؤلاء وعدهم "لينين" أن تكون لهم السيادة.. وما أن استقر الأمر بين يديه، إنقلب عليهم ومارس الاستبداد من خلال الحزب الشيوعي الذي أسسه وترك للعمال والفلاحين والفقراء اجترار الشعارات، وتبنى سياسة القمع والمناورة والهيمنة على كل الأقاليم تحت اسم الاتحاد السوفييتي.

البشر نادرا ما يفون بوعودهم.!!


الرئيس السيسي دائما يتحدث عن الفقراء والشباب، لكني لا أرى سوى وجوها كالحة في كل المناصب القيادية.. وجوها تفتقد الحلم والخيال والإبداع والجرأة، لا أرى سوى قيادات أشبه بالموظفين الحكوميين.. وأنا أكره جدا النمطيين الذين لا يفكرون خارج الصندوق..
السياسة الحقيقية هي التي تفتح آفاقا للشباب وطموحاتهم وأحلامهم.. التي توفر الشرف والحرية والكرامة لجميع المواطنين بمن فيهم بائعة الذرة.. هي دي السياسة النزيهة اللي محدش بيتكلم عنها من الأحزاب أو قيادات الدولة المشغولين بالتحالفات والصراعات والمعارك الوهمية..

السيسي كان رجلا "منقذا" حقا، لكنه ليس رجلا عبقريا...


ربما أمتلك رفاهية شراء مية معدنية، وخامات عمل البيتزا.. لكني أرى بعيني ناس كتير جدا أقصى رفاهيتهم هي الوصول لكولدير مياه لتعبئة زجاجة بلاستيك قديمة..


في طريق العودة, فكرت كتير في أحوال مواطنين وشباب أقصى أحلامهم يعيشوا شبه البني آدمين.. وحسيت بالخجل وبنقص في رجولتي.. لسنا رجالا طالما فيه ناس عايشة بالطريقة دي.!


رجعت البيت، ودخلت المطبخ وعملت البيتزا أنا وأختي أميرة، مبسوط إنها بدأت تتعلم حاجات كتير.. المطبخ بيدي ثقة في النفس، وإنك تقدر تعمل حاجة كويسة لك ولغيرك، وبيعلمك المشاركة والكرم والعطاء..
أبويا مبيحبش البيتزا، وبيشتكي من معاشه وبيقوللي هم ليه مطبقوش الحد الأدنى للمعاشات اللي وعدونا به؟!

قلتله: البشر يا بابا، نادرا ما يفون بوعودهم..



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضن ووداع 2
- إقفل تليفونك
- بائعة الجبنة
- صديقي الشرقي والجنس
- رسالة حنين
- إزدواجية الأخلاق
- الليلة الأخيرة
- كلام أطفال عن أمريكا
- كنتاكي
- ساعة في مستشفى حكومي
- كابوس الموت
- رجُل الرصيف
- رمسيس ونفرتاري
- صلح الحديبية
- أم شيماء
- إمرأة واحدة تكفي
- انتحار زينب مهدي
- حضن ووداع
- عايدة
- قصة -محمود ومريم-


المزيد.....




- إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد ...
- مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
- مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك ...
- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سعده - بائعة الذرة، والبيتزا