|
لماذا نطالب بالصلح قبل الاصلاح؟؟
أحمد عبد الرازق أبو العلا
الحوار المتمدن-العدد: 1309 - 2005 / 9 / 6 - 11:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يستطيع رب الأسرة أن يقوم بإصلاح شئون بيته ، بينما يحمل في قلبه عداء وكراهية لأهل بيته؟! سؤال منطقي - بالطبع - فلابد أن يكون : علي وئام معهم ، حتى يستطيع أن يُصلح شئونهم ، ويكونوا علي قناعة بأن التعاون معه ، أمر واجب وضروري ، فأنت لن تستطيع - بأي حال من الأحوال - أن تُصلح من شأن ولدك ، معتمدا علي إيمانك - فقط- بأنك مسئول عنه ، وهو يراك تلعن اليوم الذي جاء فيه ، وتلعن أمه التي ولدته ، وتلعن الظروف التي جعلته ابنك!! أتستطيع أن تُصلح من شأنه وأنت علي هذه الحالة من الغضب والكراهية والعداء !!؟ بالطبع لن تستطيع أن تفعل شيئا ، إلا إذا بادرت إلي الصلح مع أهل بيتك ، وولدك ، في هذه اللحظة ، تستطيع أن تمارس مهامك في الإصلاح بشكل طبيعي ، وتلقائي ، وبتعاون أكيد وحقيقي منهم .. وفي أمور السياسة الأمر لا يختلف كثيرا ، عن المثل الذي ضربته . القائمون علي شؤون بلادنا ، يكرهون الشعب ، ويمارسون كل ألوان القمع والقهر والتسلط ، ظنا منهم أن تلك الوسائل هي الأفضل في التعامل ، وينسون أن وسائلهم غير الإنسانية ، وغير المقبولة ، هي أقرب الطرق لتحقيق الكراهية ، المُعلنة أحيانا ، والمستترة غالبا ! تلك الكراهية تضع الجماهير ، في موقف لا تستطيع معه الحصول علي أدني درجات التعاون في الإصلاح ، لو أنك أردت مساعدتهم علي تحقيقه ، بل يخلق حالة من اللامبالاة ، وااللانسانية ، واللاهتمام ، بما يتساوي - تماما - مع سلبية النظام ، وعدم اهتمامه بشؤونهم ، وعندما تواجه السلطة الغاشمة مأزقا يحتاج إلي مساندة الجماهير لها ، تجد ها تنفض عنها ، وتنفُض يديها من كل شيء ، وكأن الأمر لا يعنيها ، فالكراهية تولد كراهية ، والمثل الشعبي يقول( عليا وعلي أعدائي) .. الصلح مع الشعب ضروري قبل الإصلاح .. أنظر حولك لتري بعض مظاهر الكراهية التي يمارسها المسئولون ، وتمارسها السلطة الحاكمة ، ظنا منهم ومنها أن العناية الآلهية قد أعطتهم وأعطتها حق معاملة الرعية ، بوصفهم أنعاما عليهم الطاعة العمياء ، وتنفيذ كل الأوامر دون أن تملك حق المواجهة ، وحق الاعتراض ، وحق الرفض .. الحزب الوطني يُعطي لنفسه الحق - وحده - في إدارة شئون البلاد ، غير معترف بأن هناك أحزابا أخري وحركات وطنية اختارتها الجماهير ، ومن حقهم جميعا التعبير عن هموم الجماهير ، والدفع بأحلامها نحو التحقق ولكن من الكريه أن لجنة واحدة في الحزب ، هي لجنة السياسات ، تري أنها- وحدها - هي الجهة المنوط بها دفع القيادات إلي المواقع المتقدمة في مؤسساتنا ، بصرف النظر عن مؤهلات الاختيار ، وبصرف النظر عن مدي قدرة هؤلاء الذين يتم اختيارهم ، علي إدارة شؤون المؤسسات ، المهم هو الولاء ، ويغور الصالح العام ، ويروح في ستين داهية !! في نفس الوقت يتم استبعاد قيادات أخري ،لا لشيء إلا لأنها لاتنتمي إلي الزمرة التي تملك اتخاذ القرار!! والعدالة الغائبة أصبحت مظهرا آخر ُيولد الكراهية - أنظر إلي ما يحدث لبعض القضاة الذين يُمارس عليهم ، نفس مايُمارس علي الأفراد العاديين ، مع أن القضاة يملكون حصانه ، تقوي مواقفهم ، فما بالك بالذين لا يملكون أي حصانة ، من أمثالنا ؟! وتصريح رئيس الوزراء - منذ فترة - بأن الشعب المصري لا يملك الوعي السياسي الذي يساعده علي تقبل التغيير الدستوري بشكل ايجابي ، يكشف مدي استهانته بالشعب ، ويكشف حجم الكراهية الكامنة في قلبه، وكأنه يريد أن يقول : إن الشعب ليس من حقه أن يختار حكامه، وعلينا أن نحكمه غصبا عنه ، وبغير إرادته ، لأنه مازال طفلا رعديدا ، يضع البزازة في فمه ، ولم يُفطم بعد !! ورئيس الدولة دائما ما يتحدث عن أسباب المشكلات العويصة التي تواجه بلادنا ، ولا نستطيع أن نجد لها حلا ، يختزلها في سبب واحد يُرجعه إلي الزيادة السكانية ، وعلي الشعب طالما لا يستجيب لطلب الحكومة في وقف الخلفة ، أن يتحمل نتيجة أفعاله ، والأرقام تقول إن ملايين الأسر لا يتعدي عدد أفرادها - الآن - أكثر من ثلاثة أفراد ، أو أربعة أفراد - علي أكثر تقدير - والتعامل مع الشرطة ، في أقسام البوليس ، أو أي مكان آخر يوجد فيه رجل البوليس ، أصبح من الأمور المكروهة لدي معظم الناس ، نتيجة للتجاوزات التي نقرأ عنها، ونراها بأنفسنا ليلا ونهارا ، أذكر أنني وكنت عائدا من سفر مع أفراد أسرتي بعد منتصف الليل ، وأثناء ركوبي مع آخرين باصا مليئا بالأطفال والنساء ، فجأة رأينا رجلا ، أمر السائق بالوقوف ، وأعلن عن هويته ، مُفصحا أنه مباحث ، وكان معه رجال آخرين ، وطلب من الركاب إخلاء العربة لأنهم يحتاجونها في القسم ، ربما لنقل مساجين ، وربما لنقل عفش مأمور القسم .. الله اعلم ، يحدث هذا في الوقت الذي ينبغي فيه أن تكون الشرطة في خدمة الشعب ، بينما الذي يحدث الآن يقول : إن الشعب في خدمة الشرطة!! هل هذا التصرف لايخلق أعداء جددا للنظام ؟!! الدولة أطلقت أصحاب المدارس الخاصة ، ليصفوا حسابهم مع أولياء الأمور ، وأعطت الصلاحيات كاملة لمديري المدارس الحكومية ، لممارسة قمع وازلال أولياء الأمور، والتحكم في مصير أبنائهم ، والموظفون في المصالح الحكومية ، يعبرون عن كراهيتهم للنظام ، من خلال تعاملهم - غير الإنساني- مع الجماهير ، إنهم - في واقع الأمر - يفشون غلهم ، وينفسون عن غضبهم ، نتيجة ما يواجهونه من تعنت ، وظلم ، فإذا أعطتهم الدولة منحة بسيطة لاتكفي لشراء كيلو لحم ، قامت بإذلالهم عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، مما يعطي الفرصة للتجار والبائعين ، علي ممارسة هواية رفع الأسعار ، بدون رقابة ، وبدون ضابط ، فالكل يمارس الكراهية علي الكل ، والكل ينفث عن غضبه ، طالما أن قانون الطوارئ يمنعه من حق الإضراب ، ومن حق التظاهر ، ومن حق الاعتصام ، أنظر إلي قاعات المحاكم في مصر ، لتري أن الشعب المصري ، أصبح كله داخل المحاكم ، يقاضي بعضه البعض و يُصفي حساباته مع نفسه ، وأتساءل : كم قضية تم رفعها علي النظام ، الذي فعل كل هذا؟؟ وهل الحكومة التي تعرف أن موادا متسرطنة تتسرب إلي غذائنا ، وأصابت أكثر من نصف الشعب المصري بالمرض ، تكون هذه الحكومة محبة لشعبها، إن الحكومة غير القادرة علي حماية شعبها ، لاتستحق إلا الرفض ، والكراهية .. الإصلاح ليس مجرد كلمة نرددها ، بينما الواقع يُفصح عن حالة عداء مستحكم بين الدولة والشعب ، كيف يطلب النظام الآن من الشعب الوقوف إلي جواره ، من اجل المستقبل !! بينما النظام مازال يعيش مناخ الكراهية ، التي يدعمها بمزيد من الفساد ، ومزيد من عدم الاهتمام ، ومزيد من القمع !؟
#أحمد_عبد_الرازق_أبو_العلا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقل الغائب في قضية اتحاد كتاب مصر
-
مسرحية جوركي الحضيض
-
الحضيض والغوص في أعماق المجتمع الروسي قبل الثورة
-
ثقافة العنف والإرهاب الديني والسياسي في مسرحية - السحرة
-
الأيدي الخفية في مهرجان المسرح التغريبي
-
حفل موسيقي ياباني مصري قليل من الفن .. كثير من الضجر
-
الواقع ومتغيراته
-
مسرحيات ( محمد كمال محمد ) المشاعر الإنسانية : بين الحضور و
...
-
مقدمة في القصة القصيرة
-
ندرة الكاتب المسرحي: الصحفيون والمسرح .. و يا قلبي لا تحزن!!
-
من المحروسة 61 إلى المحروسة 2015 والتعبير عن هموم الوطن
-
بين النهر والجبل .. رواية تتحدث عن النوبة القديمة
-
عن تحديات العولمة .. والرغبة الآثمة في قمع الشعوب
-
المهمشون يدفعون الثمن في مجموعة ( عبق الشوارع) .. للكاتب - أ
...
-
ازمة النوايا الطيبة في قصص قصيرة من السعودية
-
عن رشاد أبو شاو وروايته - البكاء علي صدر الحبيب
-
هل تأثرت الثقافة في مصر عقب أحداث 11 سبتمبر 2001؟؟
-
استجابتنا للشعر من أين تبدأ؟؟
-
إسرائيل والتطبيع وعلي سالم - حول كتاب رحلة إلى إسرائيل
-
القمع في الخطاب الروائي العربي
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|