|
أبو السَّحِب
عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)
الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 00:01
المحور:
الصناعة والزراعة
أبو السَّحِب بحث علمي عن المحركات، تاريخها وأسس عملها ... ولكي لا يكن البحث مملاً، فقد قمت بسرده وربطه بالواقع بشكل لا يخلُ من آلام ومن متعة، ذكريات مستوحاة من واقع حياتنا. أبو السَّحِبْ
في الستينات من القرن العشرين، كان باص المرسيدس 18 راكباً، هو البديل والوريث لسيارات الفولفو ذات (البدي) الخشبي والسيارات الكبيرة (دك النجف)*التي كانت تجوب الشوارع. وقد نجحَ في نقل ملايين المسافرين بين المدن، وكان بمواصفات خاصة، يحتوي على أربعة صفوف كراسي، كل صف يتألف من أربعة، ويمكن طيّ أحدها ليسمح بالتنقل للأمام والخلف، مع كرسيين في الأمام (بالصدر) فيصبح مجموع الركاب ثمانية عشر.
هذا الباص أصبح سيّد الطريق بين مسقط رأسي بعقوبة وبغداد، نستقله باستمرار ذهاباً وجيئة في ساعة زمن بالنظر لقرب بعقوبة من بغداد (50 كلم) وتبعيتها لها في كل شيء، فحتى لو كنا نرغب أن نأكل (لفّة) همبركر أو نشرب لبن أربيل أو ندخل (دَور) سينما لفلم هندي، يكون الباص بانتظارنا. كان لا يوجد (كراج) نظامي ببعقوبة، وإنما تتجمع الباصات حسب اتجاهاتها، منها ما يذهب للقصبات القريبة ومنها ما يذهب إلى المدن الأبعد. في وسط الشارع الرئيس الذي يمتد من الجسر عند مدخل المدينة حتى الملعب والمخيم الكشفي ومعسكر (سعد)*، تقع محطة القطار وإعدادية البنين ومبنى المحكمة والمحافظة، هناك تتجمع سيارات الأجرة التي تذهب للقرى والأرياف ومنها الباصات الأكبر المتجهة للنواحي الأبعد، ويعتمد الزحام حسب ساعات النهار وأيام الأسبوع والمناسبات الأخرى. أما موقفها ببغداد، فهو ليس ببعيد عن كراج باب المعظم، يقع مقابل مطبعة وزارة التربية بنهاية شارع الملك غازي (الكفاح)، تتوقف الباصات بطابور أيضاً، بينما يجلس سائقيها في مقهى مجاور أسمه مقهى (البغدادي) ليتسامرون ويُدخنون الشيشة على وقع صوت دوران مكائن المطبعة، تكتب بلغة العلم لجيلٍ واعد متلهف للثقافة والمعرفة.
كنتُ أحفظ الطريق بحذافيره، حيث ينطلق الباص خلف كلية الهندسة باتجاه كلية الآداب، فيمر من نفق صغير تحت سكة قطار بغداد كركوك، ثم يمر على معمل القطن الطبي فالجامعة المستنصرية فشارع القناة باتجاه المشتل فمنطقة الشماعية، ثم يترك بغداد. وكنت أصمم أن اجلس خلف جميع الركاب (خانة الشوادي) لأنني وفي الليل، أترقب أنوار بغداد خلف الباص تصغر كلما نبتعد، لتومض أخيراً حتى تختفي، فلم أعُد أرَ سوى هالة من النور تكسر الظلام الدامس، كنت أحسبه نور الله يحفظ عاصمتنا الغالية من كل سوء !
كان الشارع بممر للذهاب ومثله للإياب، يتوقف الباص أحياناً في مدينة صغيرة أسمها (خان بني سعد)، قامت عند أنقاض خان قديم كان قد قام في السابق لخدمة المسافرين وعرباتهم لأجل الراحة أو المبيت. ثم وبعد مسير عشر دقائق، تدخل السيارة في منطقة غابات لأشجار (يوكالبتوس)* فتيّة، وهذه شجرة جلبها الإنكليز للعراق، فانتشرت وتأقلمت وسكنت أرض العراق وتحملتْ قسوة مناخه، لكنها تقاسي اليوم كغيرها من ظلم البشر، فلم يتبقَ من هذه الغابة سوى شجيرات يكافحن من أجل البقاء، لتذكرننا بزمن جميل قد ولّى.
أتذكر حين كنا في الابتدائية، نذهب بسفرة مدرسية خلال الدوام لنقوم بتنظيف السواقي ونمارس فعاليات الدفاع المدني ضد الحريق، وكنا نلهو ونتخفّى بين صفوف الأشجار المتوازية وفي السواقي العميقة التي تتسع لكامل أجسامنا الغضّة، وحين نقفز كانت معلماتنا ينهينَ البنات اليافعات من القفز خوفاً على عذريتهنّ من كبوةُ ما ! وكنا نكسر سكينة المكان ونقضُّ مضجع العشاق في خلواتهم هناك، ونحيل الهدف من عناء مشوارهم ... لسراب ! وأتذكر كيف كان نور الشمس يرسم على قمم أغصانها النامية البنفسجية اللون، لوحات فنية جميلة وبريئة، وحين يهب النسيم، كنا نستمع لحفيف أوراقها يعزف ألحاناً للحياة وللأمل. يتراءى في المساءات الصافية، بعد عبور هذه الغابة، أضوية مآذن لأربعة جوامع هي كل ما موجود بالمدينة، فنقترب ويزداد إشعاع الأنوار لأحسُ بالأمان بنهاية رحلة غالباً ما تبدأ في الصباح وتنتهي في المساء.
كان راكب الباص حين يصل مبتغاه، ينادي على السائق ... ( نازل بلـّة نازل)، وهو أمر يبدأ يتكرر حين ندخل بعقوبة الجديدة، وهي المنطقة التي بُنيت حديثاً، وما أن تَعبر السيارة جسر على نهر ديالى، حتى ندخل المدينة القديمة لتلف شوارعها حيث تتوقف عربات (الرّبل) التي تقدم خدماتها داخل المدينة الصغيرة بدل سيارات الأجرة. × × ×
من هو (أبو السَّحِب) ؟
من المعروف باللهجة العراقية، أن نقول للكسول ... أبو الشطارة، ولمن يسهو أبو النباهة، ولمن يخاف أبو الشجاعة وللضعيف أبو القوة ... وهكذا، وهي تأتي بسياق الكلام حين نقصد العكس، أي أنه لا زيد شاطر ولا عَمر نبه أو شجاع أو قوي ! وهذا الأمر هو ما كنتُ مع أخي (صلاح) أتحاور به، فلما يرسب بامتحانٍ ما، أقول له أبو النجاح، وحين أخفق بتهديف الكرة، يقول لي أبو الأهداف ...
من ميزات باص مرسيدس 18 راكباً، أن محركه صغير بحجم محرك سيارة صالون، لكنه ديزل وليس بنزين، وهو الأمر الذي يُعطيه قدرة أكبر، مع تسارع أي (تعجيل ـ أكسيلريشن) أقل. ونجح المصمم الألماني لهذا الباص الذي بإمكانه نقل عشرون راكباً أي حوالي طنين من الركاب وأمتعتهم، بتسييره بمحرك صغير نسبياً، فقد وضع بذكاء صندوق التروس (الكير) بنمر صغيرة، مضحياً بالسرعة من أجل العزم، وهما أمران متعاكسان في المبدأ الفيزيائي.
من هنا جاءت تسميتنا لهذا الباص المدهش ... (أبو السَّحِب). لما كنا صغاراً، كنت أصمم على شراء ألعابنا بشكل باص، وكم تمتعنا بتحريكه على السجادة، مُقلدين كل حركة كان السائق يقوم بها لتغيير نمر السرع وبدقة وكما هو الحال في الواقع، حيث أن النمرة الأولى لا يمكنها سوى تحريكه قليلاً (ينهض)، ثم يجب مباشرة التغيير للنمر الأخرى بتسارعه البطيء رغم صيحات محركه. × × ×
قبل سنين أوصينا أحد الأصدقاء وهو (فيتر) أن يصنّع لأولادنا الصغار قمرة سيارة من السكراب فيها ستيرن وعمود كير، فأهديناها لهم وعلمناهم كيف يمكن أن يقودوا سيارة حسب الأصول، أصول سياقة ... (أبو السَّحِب).
في داخل بغداد، عمل هذا الباص في نقل الركاب بين باب المعظم وأحياء بغداد الشاسعة، من بينها مدينة المشتل، فيمر عبر شارع فلسطين، ولم تكن المرآة الجانبية الكبيرة الموضوعة على أبوابه مألوفة بعد، ففي مرّة، ضرب سائق بمرآته أحد المارّة وأسقطته أرضاً، لم يكترث السائق بفعلته وولى هارباً بركابه وكأن شيئاً لم يكن. كان ضحيته طالب إعدادية أسمه (سامي حنا)، فقدَ على إثرها الذاكرة لفترة، ولما ألتقيته بجامعة البصرة وتعرفتُ عليه، كان قد تعافى لكنه بقي يخشى بغير إرادته الاقتراب من (أبو السَّحِب) ويتجنب العبور ... أمامه ! ببداية التسعينات، استغاثت موديلات هذا الباص القديمة تسأل أصحابها الرحمة والتقاعد بعد ثلاثون سنة خدمة، فقد نخر الصدأ أبدانها المعدنية وأحدث فيها فجوات تسمح بسقوط قنينة غاز أو حتى أجساد أطفال، وهو الأمر المأساوي الذي حدث لأحد الأقرباء الطيبين حين سقطت أمام عينه أبنته الصغيرة في داخل فجوة خلف السائق للأرض، لتلـِفّها العجلات الخلفية بلمح البصر وتحيل جسدها الناعم الرقيق ... أشلاء ممزقة ! × × ×
ـ لماذا يتسارع (أبو السَّحِب) بشكل بطيء ؟؟
بقيتْ تساؤلاتي حول سبب أن (أبو السَّحِب) بطيء الحركة، ولِمَ جميع السيارات الأخرى تسبقه على الطريق، ولم أجد إجابة وافية إلا حين كبرت ودخلت الجامعة، فصادف أن أدرس مع أحد أبناء عمي الذي يدرس بقسم الميكانيك بالجامعة التكنولوجية، حينها وجدتُ أجوبةً وافية ...
علاقة الإنسان بالمحركات تعود لمائتي عام خلتْ، ففي مستهل القرن التاسع عشر، بدأت محاولات الاستفادة من الحرارة المنبعثة عن اشتعال الفحم الحجري، فلو سُلـّـطتْ على مرجل ماء لحصلنا على طاقة بخار، فقامت محاولات حثيثة للسيطرة عليه وذلك ببناء آلة تَنتج منه شغل. فكانت (محركات الاحتراق الخارجي) (External combustion engine)
أولى تطبيقاتها على أرض الواقع هو تدوير مكائن النسيج وتحريك المكابس الضخمة الثابتة، ثم جاء الاختراع الأهم ... القاطرات البخارية التي يمكنها التجول بعجلات معدنية. الفكرة هنا ببساطة هي في الحصول من طاقة البخار المنبعث من المراجل التي يُسخنها الفحم الحجري على حركة فيما لو وجّهناها عبر صمامات لدفع ذراع (بستن) لأسطوانة. غزتْ وجالتْ القاطرات أرض المعمورة، ونجحت بنقل ملايين الأشخاص وعشرات آلاف أطنان الأمتعة والسلع عبر الجبال والوديان والسهول، تملأ السماء ضجيجاً وأدخنة، منزلقة بنعومة فوق قضبان تساعدها على الانسياب لكنها تُحيد من تجوالها.
وهنا كانت أولى المحاولات لبناء مركبة تسير على الأرض تستطيع الحركة بمرونة داخل المدن وبين البيوت بدل عربات الخيول، لكن هذه المحركات الثقيلة وقابلية السيطرة عليها وقيادتها لم يكن بالأمر الهيّن، فلم تتوسع التجربة، لكن العين ظلت تترقب ما سيخترعه جيل قادم من المهندسون، كي يتم إستبدال الحصان ... بآلة.
في منتصف القرن التاسع عشر، أكتشف البترول وصارت محاولات متسارعة لفصل مشتقاته، لأجل الإضاءة والتزييت والحصول على حرارة للتدفئة وغيرها. لكن ما لفت النظر حين كانوا يوقدون النفط، أن الغازات المنبعثة من عملية احتراقه أكبر حجماً من خليطه بالهواء قبل الاشتعال. إذاً لو تمت السيطرة في (غرف محكمة الغلق) على عملية الاحتراق، لحصلنا من تمدد حجمه على شغُل ... وهو المطلوب. من هنا جاءت فكرة تصميم محركات الاحتراق الداخلي ... (Internal combustion engine) والطاقة التي سنحصل عليها من احتراق أي نوع من الوقود، هي طاقة كامنة فيه منذ ملايين السنين، كانت النباتات قد اكتسبتها من الشمس منذ زمنٍ سحيق. × × × من بين الرحلات في باصنا العزيز (أبو السَّحِب) لبغداد، الذهاب لمدينة الألعاب في شارع القناة، وكنا نعاني من أن السفرة يجب أن تنتهي في المساء الباكر، ذلك لأن علينا أن نعود بسيارة أجرة الى (مقهى البغدادي) ومنها نستقل باصات بعقوبة. فكـّرّ أحد أصحاب (أبو السَّحِب) بعقله وكسَرَ الروتين، حين وقف بباب مدينة الألعاب ونادى (بعقوبة ... بعقوبة) كون مدينة الألعاب تقع بشارع القناة على طريق العودة لبعقوبة، وكم وددتُ أن أتشكر منه، وتمنيت التوفيق له، لأنه وفـّـرَ علينا العناء ومددَ وقت لهْوَنا. في إحدى الليالي كان ينادي (بعقوبة ... بعقوبة) ولكن ليس من روّاد، فقرر أن ينطلق بمن كان معه، وكنت وأخي (صلاح) أحد ركابه الذين وجدناها فرصة بأن نجلس لوحدنا بالخلف، كلٌ بجانب شباك. قبل انطلاقه، أشّرَا رجل وأبنته له فتوقف وصعدا، كانت البنت بعمرنا، عمر المتوسطة. جلس الرجل بجانب أخي بينما جلست الفتاة بجانبي، وانطلقنا بطريق العودة. لم تمر سوى دقائق حتى وضع الأب رأسه على كتف أبنته وغاص في نوم عميق. كان وكلما تتحرك السيارة ذات اليمين، يضغط على البنت فتضغط هي عليّ نتيجة دفع أبيها بوزنه على جذعها الرقيق، وأستمر الحال حتى دخلت السيارة بظلام دامس حين اختفت أنوار بغداد من وراءنا ...
لأول مرة بحياتي، أجدها فرصة أن أطبق المقولة التي كثر ما سمعتها ... (فاز باللذات مَن كانَ جسورا) فقرّبتُ قدمي من قدمها ليلمسا بعضهما البعض، ومع حركة السيارة واهتزازها احتككنا ببعض، فتمنيتُ أن تزداد انعطافات الطريق و(طساته) ليكون التلامس أكثر فأحسستُ بدفء ونعومة سيقانها وكان يسعدني أنها كانت غير ممتنعة ... الأمر الذي زادني جرأة بما أنا فاعل. كنت أستمع لأنفاسها وأشم عطرها أشعر بنشوى عارمة وأهيم في بحرٍ من البهجة والفرح، وأتمتع بالظلمة التي تلفني والتي لم تُتِح لي أن أرى وجهها، لكنني تخيلتها ... جميلة فاتنة. أعانتني أضوية السيارات التي تجتاز (أبو السَّحِب) بين الفينةِ والأخرى، أن اُسطر حروف أسمي بسبابتي على ظهر الكرسي الذي أمامها ... (ع م ا د). فأخرجَت قلم من حقيبتها ثم بدت أنها تبحث عن ورقة، فمددتُ لها راحة يدي لأجدها تحفر وبسرعة البرق أسمها ... (تغريد).
كانت الدقائق تمر جميلة، وكنتُ أعيش بالفعل لحظات ممتعة بمستهل أيام شقاوتي وبداية سن مراهقتي، حيث التغيرات الفسيولوجية تجعل قلبي يخفق، ويداي ترتعش ... ساعة زمان عشتها مثلتْ أجمل شعور لا يمكن أن يصفه إلا الشاعر وأنا لست بشاعراً، أو القاص وأنا لم أكن يوماً ... قاصاً، لكنها أحلى مشاعر دارت بأيام مراهقتي تلك. صاح أحد الركاب (نازل)، فأيقظنا نحن الاثنين من حلم جميل، الأمَر الذي أيقظ والدها ليعود فضاء بيننا من جديد، ومع أننا كنا لا نزال قريبين من بعضنا، لكن هذا الفضاء كان بالنسبة لي كالهوّة التي تتسع الكون !
جهّزا نفسيهما للنزول، فقد دخلنا المدينة وداهمت أنوار الشوارع ظلمة المكان، فبدا لي الضياء موحشاً فلعنته، متمنياً عودة العُتمة تُغلفنا من جديد ... كانت دقائق وصولنا هي الأخيرة قبل أن أودعها، دون نظرة ولا ابتسامة، ولا همسِ أو كلام، فقد نزلنا أنا وأخي بنفس مكان ما نزلا، دون أن نلتفت لبعض كي لا يُلاحظنا أحداً، لذا فلم أحفظ منها سوى شعراً أسود مُجعد، وشريط أحمر ! لم أفرّط بإحساسي في تلك الليلة ولم أقصّه لأخي، فقد فضّلتُ أن أكبته في داخلي وأن يصاحبني للسرير، وما أن أغلقتُ عيناي ووضعتُ راحتي على صدري، حتى وجدتُ نفسي معها من جديد، وصرتُ أشعر بأننا نطيرُ لوحدنا، وشعرت باهتزاز (أبو السَّحِب) فزادني إحساساً بنعومة (تغريد) ودفأها ... في اليوم التالي، كان طريق مدرستي نفس طريق متوسطة البنات، وكنتُ على يقين بأن (تغريد) هي أحد البنات اللائي سألتقيهُنّ، انتظرتُ أن أرى شريطاً أحمراً، فربما ستلبسه لتُشير إليّ بنفسها، لكنني اكتشفت بأن مزيد من الأشرطةً الحُمر تتزين بها البنات. كان عليّ التحرك للوصول إليها، فأسمها لا يزال محفوراً في راحة يدي، لكن كيف لي أن أفصح باسمها لأحد، فربما تكون أختاً لصديق أو قريبةً لزميل !
كثيرات هنّ بنفس طولها يمررن أمامي، وكثيرات السمراوات بنفس شعرها المجعد الأسود الجميل، أياً أنتِ من بينهنّ، مَن تكوني أيها الطيف الذي مر عليّ بالأمس ؟
لم أجد جواباً لسؤالي، فقد تبخّر الحلمُ الجميل، وضاعت معه أمنيات لقياها، لكن تركتْ تلك الليلة انطباعاً فيّ لا زلتُ أعيشه حتى اليوم، بأن يلفت نظري الشعر الأسود المجعّد حين تتربع عليه أشرطةً حمراء، وأنتظر علني أراها يوماً ! ليتها ذاك اليوم يعود لدقيقة واحدة، لكنت قد أعطيتها رقم موبايلي وإيميلي وفيس بوكي، ولكنا تبادلنا مسجات ومس كولات وحتى ... الأدريسات. عماد حياوي المبارك
ما هي دورات الاحتراق الداخلي (البنزين أو الديزل) ؟
دورة محركات البنزين (كارنوت سايكل) : محركات تدور نتيجة زيادة حجم خليط الوقود والهواء عند اشتعاله بفعل شرارة. السير (كارنوت 1796 ـ 1832) وهو مهندساً في الجيش الفرنسي، كرّس جهوده في البحوث العلمية للظواهر الحرارية، لذا يعتبر مؤسس علم الديناميكا الحرارية (الثرمو داينمك) وهو من وضع أسس عمل محركات البنزين. يتم الحصول على الشغل من خلال تضاعف حجم العادم مقارنة بحجم الوقود قبل اشتعاله، في داخل حجرة مغلقة (أسطوانة) فيتحول ذلك الفرق لشغل بأن يدفع ذراع مكبس، فتقوم الأسطوانة أولاً عبر صمامات تتحرك بالتزامن بشفط الخليط نتيجة تخلخل الضغط، فتُغلق المنافذ ويُكبس الخليط ثم يُفجّر بفعل شرارة صادرة من شمعة احتراق، فتندفع المكابس بقوة منتجة حركة مستقيمة تتحول إلى دائرية. محركات الطائرات النفاثة هي نموذج لمحرك بنزين، فالعادم الناتج من احتراق خليط الهواء بالبنزين في غرفة مغلقة يقوم المحرك بنفثه للوراء بشدة من خلال (ريشات) المحرك ليحدث فعل، فتندفع الطائرة للأمام كردة فعل.
دورة محركات الديزل (أوتو سايكل): (Diesel Process) يتم الحصول في هذا المحرك على شغل من خلال ضغط خليط الوقود الذي يتم تسخينه مسبقاً، فينفجر نتيجة كبسه بشدة دون الحاجة لشرارة، فتُحوّل هذه المحركات الطاقة الكيميائية الكامنة في (زيت الغازـ الديزل) إلى طاقة حركية. أخترعه الألماني (رودولف ديزل) في العام 1892 بعد محركات البنزين بفترة، والهدف من وراء هذا الاختراع هو الحصول على محرك ذو قدرة أكبر من محرك البنزين، لتحريك السفن والحفارات والآلات الضخمة. للعلم فأن الضغط داخل محركات الديزل يبلغ ضعفه في محركات البنزين (الديزل 1: 14 إلى25:1 جو) بينما (البنزين 8:1 إلى 12:1جو)، هذه الزيادة في الضغط هي التي تعطي كفاءة أكبر. عمل صندوق التروس http://www.youtube.com/watch?v=KOJG5hnSnWQ عمل محرك السيارة http://www.youtube.com/watch?v=xFJd-YV9Ub0 مقارنة بين محركي الديزل والبنزين: محرك الديزل: نحصل فيه على الانفجار بضغط خليط الوقود بالهواء بشدة بعد تسخينه، ويعتبر أقوى عزماً من البنزين، وبالتالي لا يحتاج لدوران كبير مما يُطيل ذلك بعمره ويقلل استهلاكه للوقود، لكن العادم ملوثاً للبيئة أكثر، ووزن المحرك أثقل بسبب إحكام صنعه ليتحمل ضغط يبلغ ضعف ما يتحمله محرك البنزين، وبالتالي يكون أكثر ثمناً، وغير عملي للمركبات الخفيفة التي ليست بحاجة لقوة دفع كبيرة.
محركات البنزين: في هذه المحركات، يكون الضغط أقل (نصف ضغط الديزل) ولا يحدث الانفجار إلا بوجود شرارة، وهي محركات أكثر استهلاكاً للوقود، لكنها أقل كلفة وأخف وزناً وأقل تلويثاً للبيئة واقل ضجيجاً، ولذا فهي عملية أكثر في السيارات الصغيرة وفي الطائرات.
تفاصيل الأشواط الأربعة : تسمى دورة المكبس باسم (دورة كارنوت للبنزين، وأوتو للديزل) تتم هذه الدورة في أربعة أشواط للمكبس (سحب - ضغط – اشتعال - عادم) يدور خلالها العمود الرئيس (الكرنك شفت) لفة واحدة، والعمود المرفقى (الكام شفت) لفتين ... الشوط الأول، شوط السحب أو الشفط: وفيه يتحرك المكبس من ألنقطه الميتة العليا إلى السفلى محدثا خلخله في ضغط الهواء داخل غرفة الاسطوانة فيصبح الضغط أقل من الضغط الجوى ليتمكن خليط الهواء والوقود من الدخول إلى غرفة الاسطوانة. الشوط الثاني، شوط الضغط أو الكبس: وفيه يتحرك المكبس من النقطة الميتة السفلى إلى العليا ضاغطا أمامه الشحنة المكونة من خليط الهواء والوقود. الشوط الثالث، شوط الاشتعال: قبل نهاية شوط الضغط بقليل، تنبعث شرارة من شمعة الاشتعال لتفجر الشحنة المضغوطة، فتعمل على دفع سطح المكبس إلى أسفل. الشوط الرابع، شوط العادم: وفيه يتحرك المكبس للأعلى دافعاً أمامه بقايا احتراق الوقود إلى الخارج ... وهكذا. × معسكر سعد: يقع عند مدخل مدينة بعقوبة الشرقي، سُمي بسعد لأنه ثكنة الفرقة السادسة، قوات (سعد بن أبي وقاص). × الشغل الذي نحصل عليه من فرق الحجم، هو الذي يدفع الرصاصة في سبطانة المسدس والقنبلة في المدفع، فعملية انفجار الحشوة (العجينة) وتغير حجمها أضعاف بلمح البصر ينتج بهذه الحالة عن فعل البارود وليس الوقود. × سيارات (دك النجف) هي (شواصي) مستوردة تُبنى عليها سابقاً بمدينة النجف أجسام (بديات) معدنية بأشكال وألوان عديدة. × شجرة اليوكالبتوس: شجرة دائمة الخضرة، وارفة الظلال، ذات مظهراً غاباتياً، تمتاز برائحة فواحة منعشة تصدر من أوراقها، تتدلى منها زهور بيضاء جميلة كالعناقيد بموسم الربيع. موطنها الأصلي استراليا، ويوجد منها 700 صنف وقد استطاع الإنسان نشر 50 نوعاً منها خارج موطنها، بينما يأبى 650 نوع العيش خارجها. هذه الشجرة تنمو بسرعة قياسية وتمتد جذورها بالأرض، وتعتبر أكبر شجرة (مُزهرة) على الأرض، ويمكنها (شفط) المياه الآسنة والتغذي عليها، لذا ففوائدها للمدينة مضاعفة في تنقية الهواء وفي قابليتها بإطلاق الأوكسجين ونشر الظل والتخلص من المياه الراكدة أيضاً. يُصنع من مادة اليوكالبتوس زيت يشبه زيت الكافور ذي رائحة عطرية يمكننا استنشاقه بمجرد فرك الأوراق. وهو من أنواع الزيوت النفاثة (الطيارة) وفوائده الطبية جمّة، ويمكن اعتبارها ثروة في العراق لو يُحسن الأستفادة منها. هذا ما للشجرة، أما ما عليها فهي تُتهم بأن لجذورها القوية، القابلية على تخريب إمدادات المياه والمجاري والكيبلات الأرضية، وهي منافسة عنيدة للأشجار الفتيّة بتسيّدها الأرض من تحتها.
× التقيتُ قبل فترة بصديق حدثني عن (أبو السَّحِب) وذكر لي ان مرآته قد صدمته برأسه وأسقطته أرضاً، وأن إصابته كانت خفيفة وجُل الضرر بملابسه، وقد هرع السائق ليعتذر منه وينتقد باصه (اللئيم) مؤكداً بأن عيباً أقترفه (الألمان) بموضع المرآة، حيث أن ارتفاعها أقل من مترين أي بمستوى رأس الإنسان ! وأقترح صاحبي تأنيث الكلمة بدلاً من تذكيرها، كون الكلمة تتحدث عن (حافلة) صغيرة، وعليه فالأفضل أن نُسمي المساهمة (اُم السَّحِب).
#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)
Emad_Hayawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بانكوبان
-
خرابة بارتي
-
رون وآسو ... والآخرين
-
أسماء في الممنوع
-
دوامة عمرها مائة عام
-
انقلابات لا تنتهِ
-
منازلة أم المعارك
-
هيتشكوك
-
المعادلة المعجزة
-
حيتان
-
آباء وأمهات
-
مجرد كلام يستودَي
-
هذا أنا ... عماد
-
نوم ... شياطين
-
يوم أكتشفتُ أني ... غير مؤمن !
-
العتب على ... السمع
-
ورقة التوت
-
الآنسة ... بابيت
-
عملية اغتيال ... بدالة
-
مستقيمات
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
/ صديق عبد الهادي
-
الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي.
/ فخرالدين القاسمي
-
التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل
...
/ فخرالدين القاسمي
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق
/ منتصر الحسناوي
-
حتمية التصنيع في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
/ عبدالله بنسعد
-
تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا
...
/ احمد موكرياني
المزيد.....
|