أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حامد حمودي عباس - تمرد يتعدى الخطوط الحمر














المزيد.....


تمرد يتعدى الخطوط الحمر


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 4676 - 2014 / 12 / 29 - 20:59
المحور: حقوق الانسان
    


حينما يصيب الجفاف وديان العقل وشعابه ، وتشل حركة التفكير عند نقاط الاحساس بالأشياء فيه ، وحينما تبدو الحياة عند أدنى مستويات علاقتها بالجمال .. تتوقف حركة كل شيء مفيد ، ويبقى جميع ما ينشط به ذلك العقل الناشف ، هو مجرد محاولات للبقاء ضمن دائرة الفعل ، مهما كان نوعه ، ليقال عنه بانه عقل حي .. هكذا هو حال الجزء الفاعل من جسدي ، أنا على الاقل ، إذ لا يترك لي محيطي القريب والبعيد ، مجالاً أن امتد بحواسي خارج اقفال عصية الفتح ، وضعها لي وطني ومجتمعي ، وسنتها من حولي قوانين هي اقرب الى كونها أعراف جامدة المعاني ، توقفت عند امتلاك مهمة القتل والتعزير واخذ الدية .
ماذا يبقى للمرء من تفسير يجسد كينونته باعتباره أثمن ما في الوجود ، وباعتراف كافة سنن الارض وما تنزل من السماوات ، لو ضاعت منه حقوق المواطنة .. ماذا يبقى منه لو شعر بدونيته بفعل نواميس ليس فيها من حق ولا منطق ؟؟ .. ماذا يبقى له من معنى لو اصبح عاجز تماماً عن الاستجابة لأبسط عواطفه الجسدية والفكرية حتى الدنيا منها ، ولو فاق الحيوان عليه بالتعبير عن تلك العواطف ، وعلى سجية اضحت أمنية لا يطالها هو ، ولا افراد اسرته ، وبشكل يدعو الى الاشمئزاز والقرف ؟ ..
لقد أوحى الله الى جميع انبيائه ورسله ، بأن للحياة وجوه يشع منها الجمال ، بل كان وعلى طول الخط ، يفخر بكونه جميل ، وهو بالتالي صاحب شأن بخلق كل ما هو حسن في الطبيعة من حولنا دون استثناء .. فبأي وجه حق اذن ، أمنع وغيري ، من ارتشاف رحيق ما يبدو لي حق من حقوقي كفلته لي سنة خلق الكون ، والتي لم تتوقف عند حدود القبح في أي من مواضعه ، ودعت للتمتع ، وبحرية ، بحقوق التصرف بمناهل الجمال ، زهرة كانت ، أو سمكة تسبح في بركة صغيرة من الماء ، أو من خلال التطلع الى وجه امرأة يوحي بملامح العشق التي ورثها الانسان منذ بدء الخليقة ؟ .
العالقون في وحل الحرمان ، وبكل اصنافه ، وأنا منهم ، لا يستطيعون على ما يبدو ، مقارعة هذا الطغيان السافر من الممنوعات ، والملصقة محاذيره عند كل باب وكل ناصية ، حتى بدا الاقدام على أي فعل بشري مهما كان نظيفاً من بواعث الشر ، متوقف على قبول الذوق العام من عدمه ، الذوق الذي لم يستشر أحد بوضع تفاصيله .
في حال كهذا .. ومن خلال محاولة تمرد يتعدى الخطوط الحمر ، أجدني احياناً ممتلك لنفسي بعيداً عن طغيان الممنوع والحرام ، انه مجرد تمرد يلفه الصمت ، وتحكمه نواميس الخوف من العواقب ، فيأتي على شكل يشبه وخز بالونة افسد محيطها الداخلي هواء مضت على وجوده آلاف السنين ، لتنطلق منها زفرات ساخنة تخفف عنها الآلام السرمدية ولو الى حين ..
ثمة وجه لامرأة طلت شفاهها بشهد رضاب لا يدعو الناظر الى تقبل الاستسلام ، وقد تكون عابرة ، غير أنني ، وبحيطة الظبية من اقتراب الذئب ، أقترف الفاحشة ، فاقبل تلك الشفاه ولو عن بعد .. اجول في رحابها بخواطري المعتلة ، فتشعر روحي بالراحة .. خيال يأخذني الى مقهى قديم في احدى المدن التركية العابقة بروائح التاريخ القديم ، وطاولة قد اتفنن في كيفية اكسائها بنبيذ مختلف الوانه ، احرص على ان يكون من بقايا قرون وليست سنين ، ازيح بواسطته هموم عمر باكمله .. وحدة لذيذة تمكنني ان اجتر افكاري بانسيابية لم يتعود عليها ابناء الشرق ، اتنفس بعمق ، امضغ طعامي كما اشاء ، ومن اي نوع اشاء .. وقد افعلها فيكون طعامي خالياً من شرط الذبح الحلال وعلى سبيل التجربة لا غير .
هذا بابانويل يعترض طريقي في شارع لم اعرف هويته ، وفي أي بلاد يكون ، يمازحني ، يدعوني الى عرض ما لدي من أمنيات بحلول العام الجديد .. اتجهم .. ابتسم ، ثم تهطل الدموع غزيرة من عيوني فيبكي بابانويل معي .. يأخذني الى زاوية ليست بعيدة .. يتطلع الي متوسلاً أن انطق امامه بما اتمناه ، فهذا ما تتطلبه مناسك ولادة سنة جديدة في كل انحاء العالم ..
همست في أذنه وبحذر ..
ما اتمناه .. هو الحرية .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة من بقايا الذاكرة ..
- غزة .. والانتصارات الكاذبة .
- القضاء السوداني ، وشبهات إقامة الحد .
- من وهج البحث عن الراحة
- الثقافة النخبوية ، وحقوق المرأة .
- ويبقى النفط العربي .. هو المصير
- أفواه ... ودخان
- النهاية المحزنة اقتربت .. فهل ثمة من يسمع ؟؟
- رائحة القبور ..
- الهجرة المعاكسة للفلاحين .. هي الحل .
- اليابان .. وآمال شاكر الناصري
- مرة أخرى .. من أجل يسار موحد .
- حصار الثقافة .
- منظمات المجتمع المدني في العراق .. والدائرة المغلقه
- الأستاذ برهان غليون .. انه النبأ اليقين
- حقوق المرأة في اقليم كرستان .. الى أين ؟
- الحرب الطائفية في سورية .. وكذبة الأمة الواحدة
- حقيقة التدخل الدولي في سورية ( مداخلة مع الاستاذ سلامة كيلة ...
- فراشاتي الثلاثه
- هجرة الارياف الى المدن ، واحدة من الاسباب المهمة لظاهرة البط ...


المزيد.....




- عاجل | أسوشيتد برس: منظمة عالمية سحبت تقريرا يحذر من المجاعة ...
- وزيرالخارجية اليمني:ندعو الأمم المتحدة وكل المنظمات لتجريم م ...
- قطف مطار صنعاء استخفاف إسرائيلي بالأمم المتحدة
- الاحتلال يُمعن في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بزيادة وتيرة تدم ...
- مراسل RT: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة والمنسق المقيم توا ...
- في جريمة هي الأكبر ضد الصحفيين في قطاع غزة خلال حرب الإبادة ...
- من لبنان وتركيا والأردن.. ضوابط لعودة اللاجئين السوريين إلى ...
- اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا
- اعتقال -سفاح صيدنايا- في طرطوس وحراك دبلوماسي سوري مع دول ال ...
- منظمة حقوقية: أكثر من 10 آلاف مهاجر لقوا حتفهم بالبحر العام ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حامد حمودي عباس - تمرد يتعدى الخطوط الحمر