أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامي فريدي - القناعة صدأ النفوس!..














المزيد.....

القناعة صدأ النفوس!..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 4674 - 2014 / 12 / 27 - 16:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



(عمانوئيل 5)
"اذا وجدت يومك مثل أمسك، فاعلم ان ثمة خلل في حياتك!".

يعتقد البعض أن التربية/ الثقافة الأميركية تشجع التمرد وتحث على التفكير المختلف. وهذا غير صحيح واقعيا. فالولايات المتحدة تتفوق على كل دول العالم في أعداد وانواع السجون والبوليس والجيش. وهو ما ينطبق على التفاصيل المملة لقوانين عقوباتها وما تمنحه من صلاحيات مفرطة لرجل البوليس.
السبب هو بكل بساطة، هو قناعة المشرع الأميركي أن السجن أفضل مدرسة تربوية للانسان. وأنه بدلا من تعليم الأطفال مبادئ التربية والأخلاق والعلوم في بيئة العائلة والمدرسة، فالأفضل دفعه للسجن تحت أي ذريعة – سكر / عنف- مثلا، وهناك يبدأ في تعلم حدود الطاعة والرضوخ.
الثقافة الأميركية، التي هي اليوم ثقافة عالمية، يتباهى ويتسابق كثيرون فيها – في الشرق والغرب- لا تختلف في أصولها وأغراضها عن الثقافة الشرقية البالية – كنا نعتبرها بالية ومتخلفة حتى ما قبل الربع الأخير من القرن العشرين!-. ذلك ببساطة لأنها ثقافة توراتية محافظة (!!)، لكنها مثل النباتات الصناعية البلاستيكية، تفتقد الجذور الاجتماعية والهواء والضوء الطبيعيين. هذا الطبيعي المفتقد يجري تعويضه بالسجن. هناك تموت كلّ الأسئلة وينتحر المنطق ويغيب الحق والقانون، لتتلألأ رغبة الشرطي وسطوته.
المجتمع الأميركي ليس له أب. الأب الذي يربّي ويؤدب ويوجه. السجن – هو البديل- الذي يربي ويؤدب ويوجه. وأفضل التربية ما يكون بالعصا. والعصا ممنوعة التداول في القوانين الغربية المدنية. ولكنها في السجون تستغل غياب القانون أو جهل الشرطي أو العسكري المريض نفسيا أو عقليا، كما يحدث في جرائم القتل الجماعية في الجيش الأميركي غالبا. فالتربية الأميركية (العلمانية) تقوم على أمثال سليمان التوراتية [لا تمتنع عن تأديب الولد، إن عاقبته بالعصا لا يموت. اضربه بالعصا، فتنقذ نفسه من الهاوية/ 23: 13، 14]، كما تقوم سياستها الخارجية على سفر يشوع بن نون.
في المجتمع الشرقي العريق الذي اجتاز مراحل قاسية من المعاناة والحروب والحاجة للاستقرار، انتهى إلى دروس تربوية واخلاقية حول قيم العائلة والأبوّة والبنوة ومركزية الأب في العائلة والثقافة الاجتماعية المنظمة للمجتمع. الأساس في تقاليد التربية الشرقية هي الطاعة والقناعة. [الطاعة ضد الفوضى، والقناعة ضد الطمع والعنف].
الثقافة الغربية/ الأميركية التي تستقي جذورها من التوراة، ليست ضد الطاعة والقناعة [حكمة الشرق القديم] ولكنها ضدّ السلطة المركزية للأب في الشرق [Patriarchism]، وضد الهوية الشرقية للحضارة[Orientalism]. لذلك عمدت الحداثة الغربية والغزو الثقافي الأميركي لتدمير البنى الاجتماعية الهيكلية لمجتمعات الشرق، وإعادة بنائها وفق طراز غربي مصطنع، يحتفظ بمرجعية الغرب المركزية للحضارة والثقافة والسيادة والمستقبل.
لذلك لم ينته الاحتلال الغربي وبرامج الحداثة إلى تطوير الحياة في الشرق ورفع مستويات الرؤية والتفكير والتقدم، وانما نجحت بامتياز في تدمير الانسان الفرد وانجاز الخراب الاجتماعي وتشويه المرتكزات الهيكلية للعائلة والجماعة والمجتمع [وصولا لمفهوم الشعب والأمة والهوية الوطنية].
وتوجد في القليل وثيقتان كاملتان جاهزتان في الأرشيف العالمي للدراسة والتحليل والمناقشة، أولهما: موقف مجلس الأمن الدولي من العراق – دولة وشعبا- في الفترة [1990- 2003م]، والثانية: السياسة الأميركية الرسمية وغير الرسمية وممارساتها في عراق الاحتلال للفترة [2003- 2013م]. وتعتبر هاتان الوثيقتان من أفضل التجارب والبرامج النموذجية الناجحة في التاريخ البشري [التدمير وإعادة الهيكلة الاصطناعية]. ولا يعني هذا انعدام مثيلاتها، ولكنها ليست بنفس الدقة والوضوح. فثمة تجارب مبطنة وطويلة للسياسة الأميركية في مصر ، تايلند، المانيا الغربية ، ولكن ليس بالوضوح والنجاح والسهولة.
هذا القطع السياسي [الدولة، الاحتلال الغربي] شكّل نوعا من الهروب من الراهن، أو قفزة في المستقبل.
فالفرد الذي كانت له اهلية عقلية واجتماعية لتقرير مساره الشخصي، المنفرد أو الجماعي ضمن التيار السائد، يعاني الان من تدمير البيئة الاجتماعية والحاضنة الثقافية، وبالتالي.. تعوزه الأهلية الفكرية، والامكانات الاجتماعية والمدنية اللازمة في البلاد، وربما في المنطقة والعالم، الخاضعة جميعا لنفس المشروع والرؤية – الأميركية- منذ انفرادها بقياد العالم.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فردوس أم جحيم..
- الغاية المستحيلة..
- رياضيات هندسية Geometric Mathamatic
- الانسان كائن إشكالي!..
- عزت مات عزيزا..
- سايكلوجيا الحرف (25)
- سايكلوجيا الحرف (24)
- ساسكولوجيا الحرف (23)
- ساسكولوجيا الحرف (22)
- ساسكولوجيا الحرف (21)
- ساسكولوجيا الحرف- 20
- سايكولوجيا الحرف- 19
- [حماس.. داعش.. حزب الله]
- كِتَابُ الْمَاءِ - رِسَالَةٌ إلَى بَيْتِ نَهْرَيْنَ-
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (52)
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (51)
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (50)
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (49)
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (48)
- بَيْتُ نَهْرَيْنَ (47)


المزيد.....




- أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق- ...
- لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا ...
- ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب ...
- شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
- لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم ...
- السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما ...
- الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي ...
- ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
- لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامي فريدي - القناعة صدأ النفوس!..