أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شمخي جبر - ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز















المزيد.....

ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1308 - 2005 / 9 / 5 - 09:07
المحور: حقوق الانسان
    


(الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية ) الكواكبي
قد يتساءل الكثيرون عن أسباب هذا الرفض المتنامي للحوار وتقبل الآخر ؛ لطيف واسع من أبناء مجتمعنا وعدم تقبله الأخر المختلف ؛ واستقصاءه ورفضه بكل الطرق وقد تتفاقم الحالة لتصل الى مستوى ممارسة العنف لتصفيتة ؛ تمارس هذه الآلية من قبل الكثيرين حتى أولئك الذين ينشدون الديمقراطية ويبشرون بها ؛ عاملين على ان تكون ديموقراطية لهم وحدهم ؛في الوقت الذي يمارسون فيه القمع والاستبداد ضد معارضيهم ؛ أن وضع كهذا هو احد مخرجات ثقافة العنف والإرهاب والاستبداد والواحدية في الفكر ؛التي عمرت في بلادنا أكثر من( 35 ) عام0
ومن هنا نقول إننا بحاجه إلى إعادة تأهيل لعقولنا وطريقة تفكيرنا لأننا في ظل النظام الشمولي تعرضنا للكثير من دورات غسل الدماغ ؛ ثقافة عبادة الفرد وصناعة الرمز ؛ القائد الضرورة ؛القائد الملهم ؛وما يتبع أو يرتبط بهذه المفاهيم على وفق آلية مكونه من حملات إعلاميه تمثلت بالمهرجانات الشعرية والغنائية ؛ وحتى المناسبات الدينية لم تسلم من هذا الاستغلال ؛ في ظل القائد المؤمن قائد الحملة الإيمانية ؛ كل هذا وغيرة من الامتدادات التاريخية لجذور الاستبداد وعلاماتها الفارقة في الثقافة العربية الإسلامية ( من اشتدت وطئته وجبت طاعته) حتى قال ثمامة بن أشرس احد كبار المعتزلة للمأمون 0( ماالعامه ؟ ولله لو وجهت إليهم انسانا على عاتقه سواد ومعه عصا لساق إليك عشرة آلاف منها ؛ وقد سواها الله بالأنعام بل هم أضل سبيلا ؛ 0( محمد جواد رضا 0 أزمات الحقيقة والحرية ص46) هكذا كان مستوى النظرة إلى ما يسمى( العامة) يعني الشعب باعتبارهم أنعام لا تحتاج إلا إلى راعي يرعاها فسميت ( رعيه) وهنا نرى كيف تنظر (النخب) إلى الأمة؛ حيث دفعهم عدم الثقة بها الى حجب المعرفة عنها سواء كانت شرعيه ام فلسفيه وقد ألف الغزالي كتابا سماه 0(إلجام العوام عن علم الكلام ) قرر فيه ان العامة يجب ان لا يعرفوا من امور دينهم سوى الطاعة ؛إنهم يجب أن يتلقوا الحقيقة من مصادرها ويصدقوا بها من غير جدل وبذلك تصلح امور دينهم ودنياهم ) فعملوا على تسطيح وعي الأمة أو تغييبه فدجنة على الخضوع والاستتباع وموالاة المستبدين من الحكام ؛ حتى تحول الرمز ؛المستبد الى ( مودة ) فحيثما تبدلت( المودة) ظهرت الحاجة إلى غيرها ؛ وكلما تهاوى رمز من الرموز ظهرت الحاجة الى رمز جديد وبهذا نكون قد دخلنا حلقه مفرغه لانهاية لها من الاستبداد ؛ لأننا مهووسين بإنتاج الأسطورة او الرمز ؛فنخلقها لنختفي خلفها ؛نخلقها لمواجهة ومعالجة ضعفنا الداخلي ؛لأنها تمثل البديل القوي لجانب الضعف والوهن في تجاربنا النفسية مما ترك لدينا تقبلا للاستبداد ؛بل قد يصل الحال بنا في بعض الأحيان إلى الإحساس بالحاجة إليه 0الحاجة الى (الكاريزما )التي هي عند ماكس فيبر قوة او طاقة تتحقق في الإنسان فوق الطبيعي supernatural ) () ذالك الكائن العبقري الأخلاق الذي يتعدى حدود الكينونة الإنسانية ومن ثمة فهو كائن فوق إنساني (superhuman ) والقائد الكاريزمي (charismatic leader ) هو مبعوث العناية الإلهية ومحقق الخيرات لشعبة وأتباعه وحسب ماكس فيبر ان اردة العالم وروح التاريخ وحركة المطلق إنما تكمن جميعها في روح البطل وإرادته وحركته حيث يحقق الأبطال إرادة العالم وا وينفذوا حكم التاريخ ويبعثوا ويفسروا حركة المطلق وعند فبيير تتحقق قوى الكاريزما في هؤلاء القادة وهذه القوى الكاريزمية هي قوى غير طبيعية او عادية (extraordinary powers ) 0 وحسب هيجل فان ( الأبطال هم الأدوات التي تحقق إرادة العالم وهم الآلات في يد المطلق ؛ وحين تحقق هذه الوسائل المشخصة مطالب المطلق ومنطق التاريخ يتساقط هؤلاء الأبطال ويتهافتون كما تتساقط أوراق الخريف ) ( علم الاجتماع الألماني ؛ د؛ قباري محمد إسماعيل ص397 ) 0فغيابه( القائد) يعني تلفتنا ؛ بحثنا عن شيء مفقود في حياتنا لابد من وجوده حتى تستمر هذه الحياة وحتى نشعر بالاستقرار والاطمئنان 0
فبقت عقولنا مشدودة نحو الفرد الدكتاتور المستبد لأننا نعتبره المنقذ 0
حتى ان الأنظمة الاستبدادية التفتت الى هذا الاستعداد لدى ألشخصيه العراقية ؛فلم تذهب مقولات ؛(القائد الضر وره) في بناء الإنسان أدراج الرياح ؛بل تركت أثارها حيث استطاع ان يبني ذلك الإنسان الذي يستسلم له ويؤيد قراراته بسهوله وينقاد له بيسر هاتفا له بالتأييد صباح مساء مهما كانت قسوة هذه القرارات ؛وكم تجمهر الناس رجال ونساء وأطفال وهم يصفقون لأجهزته الأمنية وجلاوزته او أفراد حزبه وهم يعدمون الناس ؛والناس تصفق ؛وكم زغردت النسوة لمنظر كهذا ؛ وكما يقول ألكواكبي فقد تحول المجتمع الى( قوة المستبد وقوته بهم عليهم يصول ويطول ؛ يأسرهم فيتهللون لشوكته فيغصب أموالهم فيحمدونه على ابقائه حياتهم ويهينهم فيثنون على رفعته ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون بسياسته واذا اسرف في أموالهم يقولون كريم وإذا قتل منهم ولم يمثل فيعتبرونه رحيما ؛ ويسوقهم الى خطر الموت فيطيعونه حذر التوبيخ وان يقم عليه منهم بعض الأباة قاتلهم كأنهم 0000000 بغاة فيذبحون أنفسهم بأيديهم بسبب الخوف الناشيء عن الجهل ) طبائع الاستبداد ص 45) انها ثقافة ا لخضوع التي تربى عليها الناس وزرعت في عقولهم وقلوبهم 0وثقافة العنف (؛ثقافة البرنو) التي كان يلوح بها( القائد) ويرقص طربا ويطلق الرصاص والناس يصفقون بهستريا حادة من التأييد ؛مما خلق ثقافة تمجد العنف والموت بدلا من تمجيد الحياة والبناء ؛فكان كل التمجيد لأدواتها ؛وهذا ما سترافقنا أثاره لفترة طويلة 0وهكذا كان شعراء وكتاب ثقافة العنف يمجدون أعمال العنف والإرهاب والاستبداد ؛يزدهون بأثواب الانتصارات المزيفة والموهومة التي كان يحققها القائد في حروبه فكانت أدوات القتل تحظى بالحب والغزل أكثر مما تحظى به النساء او الوطن ؛وكم اجبرنا ونحن على مقاعد الدراسة على كتابة نصوص انشائيه في موضوع اللغة العربية في تمجيد القائد وحروبه وتقتيله للأبرياء عوضا ان نكتب عن الأم او الوطن او السلام او الاخوه والتسامح 0
وكان الشعراء يغازلون القائد بدلا من ان يغازلو حبيباتهم او وطنهم ؛حتى رفع شعار 0( اذا قال صدام قال العراق) حيث تحول الولاء من ولاء للوطن الى ولاء( للقائد الملهم) فاختلت القيم الوطنية عند الكثيرين حتى اقترن اسم الوطن بالسجن والاستبداد والدكتاتورية ؛وكادت تصبح كلمة الوطن كريهة عند الكثيرين او هي أصبحت كذالك ربما عند البعض وكانت تحضر في الأذهان المقولة المشهور ه (اذا تعرضت الدولة للخطر سمت نفسها وطنا ) نعم كان مقياس الوطنية الولاء للقائد ؛وليس المقياس حب الوطن والانتماء إليه والدفاع عنه ؛بل الانتماء للقائد الرمز وحبه والدفاع عنه ؛بحيث أصبحت لاتشفع للفرد في الكثير من الأحيان حتى الانتماء الى حزب السلطة ؛حيث( أكل القائد) اقرب المقربين إليه من البعثيين لأنه كان يشك في ولائهم للقائد الرمز .إن التثقيف الطويل والزخ الإعلامي المتكرر من خلال ثقافة مرجعيتها العنف والخوف والقتل لم يسلم منها حتى الأطفال الذين حرموا من رسم البيوت الجميلة التي يحلمون بها حيث اجبروا على رسم الدبابات وهي تدوس جثث الموتى ؛ وبدلا أن تكون لعبهم إن توفرت هذه اللعب لعب تنمي فيهم روح الالفه والجمال والحب كانت هذه اللعب على شكل بنادق ودبابات أو مسدسات وبدلا ان ينشدوا للوطن والحقول الجميلة والمتنزهات التي حرموا منها كانو ينشدون ل(بابا صدام )الذي حرمهم من آبائهم الذين ماتوا في جبهات القتال او اعدموا او غيبوا في السجون السرية او دفنوا في المقابر الجماعية او شردوا خارج الوطن فملئت بهم المنافي 0
ان ثقافة العنف والاستبداد وقعنا تحت تأثيرها شئنا ام أبينا فأثرت في سلوكنا من حيث نعلم او لا نعلم وشكلت ترسيمة أذهاننا وطريقة تفكيرنا ؛ فأصبحنا في الكثير من مواقفنا لا نحترم الاخر ؛ فنعتقد جازمين ان رأينا فقط هو الصحيح ولاحق للآخر في إبداء رأيه ؛ مما يشكل خطرا كبيرا على حياتنا بأكملها والسياسية منها بوجه خاص (لان الإنسان الذي يعتقد انه يمتلك الحقيقة المطلقة هو إنسان شديد الخطر لأنه يرفض الحوار مع الآخرين ولايا خذ بعين الاعتبار حقائقهم وعقائدهم وبالتالي حرياتهم على ضوء الشك بحقيقته هو ) 0وهكذا نحرم الآخر حتى من إبداء رأيه ؛ وكأن آراءنا التي نقولها عصا نلوح بها لإخافة الآخرين وارهابهم ؛ (فيصبح العنف هو لغة التخاطب الاخيره الممكنة مع الواقع ومع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وحين تترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمته ؛والعنف هو الو سيله الأكثر شيوعا لتجنب العدوانية التي تدين ألذات الفاشلة من خلال توجيه هذه العدوانية الى الخارج بشكل مستمر ؛ او دوري وكلما تجاوزت الاحتمال الشخصي ( مصطفى حجازي ؛ التخلف الاجتماعي ص 173)
فاذا كنا نريد أن نتأ طر بالإطار الديموقراطي فلابد ان يكون محتوى هذا الإطار يتلاءم معه ؛ولكن المفارقة أن الإطار ديموقراطي ومحتوى الإطار استبدادي ويطالب بعنف بديمومة الاستبداد وإيجاد التبريرات النظرية لوجوده واستمراره وهذا القول ليس تجنيا على احد بل هو واقع حال للمرجعية النظرية لبعض الحركات السياسية فهناك عداء سافر للديموقراطية من قبل هذه الحركات وهذا يظهر من خلال ممارستها للكثير من آليات التضليل والديماغوجيه ومحاولة استغفال الجمهور او تسطيح وعيه والعمل على تغييب دور الحركات السياسية الأخرى والتي يرى فيها المجتمع إنها معبره عن أماله وأهدافه وهذه الحركات والأحزاب التي لا تقف موقفا واضحا اتجاه العمل الديموقراطي لا ترى الأخر المختلف ولا تسمعه ولا تريد له وجودا لان وجوده يعني إفلاسها لهشاشة مواقفها السياسية وعدم وضوح برنامجها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ان كان لها برنامج فترفض التعددية وان لم تعلن هذا ؛ لأنها تجلس على جبل من ثلج ما يلبث ان يذوب مع أول سطوع لشمس الديموقراطية 0



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عثرات الحكومة من يقيلها ؟
- واقعة جسر الأئمة
- المواطنة وتجاذبات المكونات الفئوية و تأثيرها على كتابة الدست ...
- من ينام على سرير بروكست (قراءة في مرجعية العنف في العراق
- الحراك السياسي في العراق حضور القبيلة والطائفة _غياب المواطن ...
- أزمة المواطنة والهويات الفرعية
- الميت يمسك بتلابيب الحي ثنائيات الفكرالواقع؛الماضي الحاضر
- في ظل سيطرت القبلية والطائفية؛ ومواطنة ومجتمع مدني مغيبين من ...


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - شمخي جبر - ثقافة الاستبداد وصناعة الرمز