أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ارنست وليم شاكر - عندما أخطأ البابا.. وأصابت امرأة !!














المزيد.....

عندما أخطأ البابا.. وأصابت امرأة !!


ارنست وليم شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 4673 - 2014 / 12 / 26 - 02:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما أخطأ البابا .. وأصابت امرأة

في عام 1948 م وقفت راهبة في الثلاثينيات من العمر ، أمام باب الدير حيث تقيم .. وهو المدرسة أيضا التي تُعلم فيها في "جلجوتا" ، واحدة من المقاطعات الفقيرة في الهند ... تُعلم فيها البنات من الطبقة البرجوازية .. هذه الطبقة المترفعة عن العوام .. الحسنة الهندام .. على النمط الإنجليزي المثلج في الهند الواقعة جغرافيا على ضفاف جهنم الغربية .. عاشت هذه الطبقة في انعزال خوفا من أن تتأذى برائحة الفقراء .. فتفسد عليها الأجواء، هم لا يسيرون على الأرض إلا قليلا .. خوفا على قمصانهم البيضاء من التراب .. وإن ساروا فهم يسيرون على الأرض في خيلاء، ساخطين على الطرقات التي تحمل قاذورات أسمها فقراء ...الفقراء مصدر كل بلاء ، وسبب انتشار الأمراض .. وأس القبح .. فوجودهم خطأ واجب التصحيح وإلا تقيأت الأرض في وجه الجميع ......

كان على الراهبة أن تختار ... أما العودة للدير .. في رهبنتها حسب قواعد اللعبة المرسومة ، والمراسيم المسنونة .. وأما الهجر .. والنوم خارج الدير .. فالدير لا يأوي ولا يطعم إلا أبناء الطاعة ... وقد حُذرت أكثر من مره أما الأتباع أو الترك بغير معروف ... فرئيسة الدير ، مدعومة برأي أسقف الدائرة .. بعد بحث قضية هذه الراهبة المعاندة، التي بلغت في تجاوزها حد الصلف لأنها ... أولا : أخلت بمبدأ الطاعة العمياء هي أول قوانين الرهبنة .. ومن خالف هذه القاعدة صار أسوء ممن ترك الإيمان برمته .. ثانيا : صورة الكنيسة والدير ... مهددة بهذا الراهبة التي تريد الخروج من الدير لا لتبضع وشراء كل ما تجود به الهند من كل ما لذ وطاب .. بل تريد مساعدة الفقراء !! .. ومعالجة الضعفاء !!.. وتطبيب أصحاب العاهات !!... ومسك يد محتضرا أوشك على الموت في أخر لحظات له في هذه الحياة !! ....

بقيت هذه الراهبة .. بين ناريين ... نار النذور ، والعهد المقطوع بالطاعة العمياء .. ووعدها لأبيها قبل الرحيل إلى عالم الغير-عائدين ، بأن تهجر الحياة وتستريح في حضن المسيح ... ولكنها تتذكر أبيها الذي أوصاها قبل أن يموت: كوني ما تشائين ولكن كوني في خدمة الآخرين .. كوني بسمة على وجوه المحزونين .. كوني يد ممدودة لتمسح دموع المستضعفين ....

هي في حضن المسيح؟! نعم !!... ولكن مَن يعزي قلوب هذا الجمع الغفير من بشر ، صار لونهم لون التراب .. طعامهم من قاذورات ما يلقيه الأغنياء بعد تعفنه ... والمرضى بالجذام والمنبوذين أصحاب الأمراض المعدية والمحتضرين .. وهل من الإيمان ومن الحب ومن العدل أن يموت البشر في الطرقات ... ينفقون كما تنفق الكلاب ...

صوت داخل قلب الأم تريزا صرخ ... وكأنها تعيد اكتشاف معنى المسيح .. عندما يكون حياة وحب وعطاء ... المؤسسة تخطئ ولو كان عددها فوق المليار على الأرض ... البابا يخطئ ولو كان معصوما بقرار من مجمع مقدس .. وعصمته صارت قانون إيمان ... الكنيسة تحولت لبنايات من حجر .. وكان عليها أن تكون سحابة من القلوب الرحيمة ... العالم كله يمكن أن يفقد صوابه في اليوم الذي فيه رجل واحد يموت على قارعة الطريق بلا لمسة صدق إنساني تسبق خروج أخر نفس من صدره الممزق .. الدنيا جحيم، كلها نار أكلة ، مادام هناك طفل لا يجد صدر امرأة حانية ....

وكان قرار الأم تريزا ترك الدير .. والالتزام بالرسالة .. هجر القوانين والسير وفق صوت القلب النابض الذي أدرك معنى المسيح ، المعنى الذي هجرته الكنيسة/الدولة/المؤسسة ....

بلا دعم ولا عون ولا موضع لرأس .. خرجت لم تعرف أين ستنام ليلها .. كل ما عرفته أن هناك شيخ يلفظ أخر أنفاسه تحت أنقاض من قاذورات والمارة يمرون ولا أحد يسمع حشرجات صوته الأخيرة .. فقد أعتاد الناس الموت على الطرقات ...
لتكن هذه هي رسالة المسيح .. لن يطيل وجودها بجانبه دقيقة من عمره .. ولكن يكفيها أن الشيخ في أخر لحظة .. شعر أن الإنسان لم ينقرض بعد من الأرض .. ويكفيها أنها أغمضت عين شيخ قرر أن يموت فلا يرى وحشية البشر بعد .. فقد شبع المسكين من فجرهم ....

مرت الأيام بالأم تريزة .. تارة يجيء دعم من بعض من رقت قلوبهم لحالها وحال من ترعاهم .. وكثيرا ما ينقطع الدعم ، لأن كثيرين انضموا لصوت الكنيسة .. هذه امرأة مجنونه .. الشيء الوحيد الذي لم ينقطع هو شعورها بأن هذا هو الطريق .... وبقيت حتى الموت مصباح ينير هذا الطريق .. رغم دعوة المندوبين البابويين للكف عن هذه السفاهة .. والعودة للرشد .. وطاعة المرشدين الروحيين .. وصوت الكنيسة النافذ .. فلا تجيب بغير : لو كان الأمر بيدي لأطعت ؟؟؟
في "جلجوتا" حولت جزء من معبد مهجور ل" كالي " إلهة الموت والدمار في الديانة الهندوسية إلى منزل لرعاية المصابين بأمراض غير قابلة للشفاء ليموتوا بكرامة . وتوالت بعد ذلك المنشئات التي شيدتها بدموع العطف .. فأقامت " القلب النقي " دار للمحتضرين أيضا وليس لهم أهل يرعاهم .. و "مدينة السلام" لإيواء المنبوذين المصابين بأمراض معدية .. ثم أول مأوى للأيتام في يشيد في هذه المدينة .... وأمتد نشاطها حتى شمل كل الهند وأستمر وبلغ بلدان أخرى ..
وجاء المحتاجين من كل حدب وصوب يتباركون بحضورها النقي يتلمسون طرف ثوبها المقدس ، وجاء أصحاب القلوب الرحيمة يعطفون على أصحاب المقهورين في الأرض عند قدميها .. ووقفت هي في عقد الإيمان الطاهر العامل بالمحبة .. عالية الهامة تصل إلى السماء ..

ولينظر العالم كله كيف أن البابا أخطأ وأصابت المرأة
.



#ارنست_وليم_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يذوب الورق في الماء، ويحترق بالنار ؟!!
- بالضحكة أنتصر المصري على القهر ، وبالنكتة سيهزم الحنبلي
- في فقه -اللوع-
- وسطية الأزهر ، نكته مصريه !!
- دواعش، -بذيل قصير-
- الهرطوقي الشهيد،


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ارنست وليم شاكر - عندما أخطأ البابا.. وأصابت امرأة !!