أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عطا درغام - مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3















المزيد.....

مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3


عطا درغام

الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 17:12
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أما علاقات الأرمن بالعناصر المختلفة الموجودة في المجتمع المصري ، فقد اختلفت من عنصر إلي آخر حسب سياسة الدولة إزاء هذه العناصر ووضعية الأرمن في مصر ناهيك عن مصالحهم الذاتية.
بالنسبة لعلاقة الأرمن بالأتراك العثمانيين في مصر ، فقد ارتبطت بوضعية الأرمن في الدولة العثمانية وقيامهم بدور مؤثر في حكومة الأستانة مما دعا كلوت بك إلي وصفه قائلا:".. والباحث في احوال بلاد الدولة العلية يخيل له أن السلطة العثمانية أصبحت بين الأتراك والأرمن ملكا مشاعا يستقل هؤلاء بالنصف من خيراتها". وتجدر الإشارة إلي أن الأرمن قد اعتادو ملازمة الأتراك في انتقالهم من مكان إلي آخر. وبذا جاء كثير منهم إلي مصر. ولذا ، كان كبار الأرمن الذين هاجروا إلي مصر من الدولة العثمانية يعدون أنفسهم من الطبقة الحاكمة مما جعلهم يحتلون وضعا فريدا بين الأقليات غير الإسلامية.ورغم أن البعض قد وصف علاقة الأرمن بالأتراك بانها كانت علي وفاق تام.إلا أن البعض الآخر قد ذهب إلي أن الأتراك كانوا ينظرون إلي الأرمن بعين العجرفة والصلف والكبرياء والسمو.
ويذهب كرومر إلي أن الأرمني كان لا يستطيع في وجود باشا تركي أن ينس انه رعية مسيحية وأن التركي هو حاكمه المستبد حتي عندما تأزمت العلاقات الأرمنية العثمانية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. ويؤكد كرومر ما ذهب إليه بملاحظة أرمني من الطبقة الوسطي يدخل حجرة باشا تركي . فعندما يصل الأرمني إلي باب الحجرة يكثر من تقديم انحناءات الاحترام بكل خشوع. ثم يشير إليه الباشا باحتقار ليجلس دون أن ينهض من مقعده، بيد أن الأرمني لا يفعل هذا في الحال ، بل يضع يديه متشابكتين أمام جسده، ويرمي ببصره إلي الأرض ، ويمشي بجوار الحائط خجلا أو يحاول ان يتقدم تدريجيا دون أن يرفع قدميه عن الأرض، ويجلس ببطء شديد علي حافة الكرسي أو الكنبة، ويضم ركبتيه أمامه ، ويضع يديه متشابكتين علي صدره، ويظل في هذا الوضع الذليل حتي يوافق الباشا المتغطرس علي ان يوجه إليه كلمات قلائل . ويشير كرومر إلي أن الأرمني المتعلم أو ذي المكانة العالية لا يؤدي كل هذه الحركات التي تشبه البانتوميم. كما يشير كرومر إلي أن الأجيال الجديدة من الأرمن كانت أقل خضوعا للاتراك من آبائهم وأجدادهم.
بيد أن علاقات الأرمن بالأتراك العثمانيين في مصر قد اتخذت طابعا عدائيا صارخا خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر علي أثر اندلاع الثورة الأرمنية وإقامة المذابح. وباستثناء شريحة من الموظفين التي آثرت دوام علاقات حسنة مع الحكومة المصرية والأتراك حفاظا علي وظائفها وأوضاعها. طفقت شرائح الأرمن الأخري تناصب الأتراك عداء وصل بهم إلي حد قتلهم. فمثلا ، قتل أرمني جاويشا تركيا جهة الموسكي في أبريل 1895 فحكم عليه بالإعدام. ورغم التماس نحو ألف مسيحي إلي الحكومة المصرية بالعفو عنه إلا ان الخديو عباس رفض التماسهم ونفذ الإعدام في 28 أبريل 1895 . وفي 3 مايو 1895 احتفل الأرمن بإقامة صلاة علي روح الجاني الأرمني، ثم توجههوا بعد الصلاة إلي مدفنه ووضعوا عليه أكاليل الزهور وخطبوا بالأرمنية والفرنسية بما يعني أنهم لا يعدونه آثما بل شهيدا في المسألة الأرمنية.
كما قتل أرمنيان جنديا تركيا بالقاهرة في سبتمبر 1895 ، وقد وكل وجهاء الأرمن المحامي المشهور آنئذ يوسف أفندي آصاف أمام المحاكم الأهلية للدفاع عنه.
ورفم هذا ، فقد أصدرت محكمة مصر الابتدائية الأهلية حكمها بالإعدام شنقا علي هذين الأرمنيين القاتلين. وعبثا ، استأنف المتهمان هذا الحكم.
وإضافة إلي حوادث القتل، شرع كثير من الأرمن في التنديد بالأتراك عن طريق الأدب والفن. فمثلا ، قدمت جمعية من شباب الأرمن في الإسكندرية رواية يدور موضوعها حول هجوم أفراد حزب الطاشناق علي البنك العثماني بالأستانة في عام 1896 . بيد ان الحكومة المصرية قد منعتهم خوفا علي علاقتها بالسلطان.
أما العلاقات بين الأرمن واليونانيين ، فقد كانت سيئة جدا بسبب النزاع التقليدي بين كنيستيهما الوطنيتين المتشددتين ناهيك عن منافستهما اقتصاديا . وتجدر الإشارة إلي نشوب العديد من المشكلات والمنازعات بين الأرمن واليونانيين في مصر وجميع أنحاء الدولة العثمانية حول المسائل الدينية. من ذلك نزاعهما ، علي سبيل المثال ، حول ترميم كنيسة القيامة في القدس سنة 1252 ه( 1835). ونظرا لكثرة هذه المنازعات وتنوع أسبابهما فما برحت الحكومة العثمانية تصدر أوامرها".. بمنع التداخل الواقع من بطاركة وأساقفة الروم والكاثوليك والأرمن ضد كنائس بعضهم وردع من يعتنق من أفراد تلك الطوائف مذهبا آخر وتبديل هيئة البطاركة والأساقفة إلي مثل ما حصل في دار السعادة وعدم امتياز بعضهم علي بعض".
هذا ، ولم تقتصر هذه المنازعات حول المسائل الدينية فحسب ، بل امتدت أيضا إلي المسائل الشخصية. فقد نشب النزاع بين الخواجة يغيازار الأرمني – كبير صيارفة الخزينة- وأحد كبار التجار اليونانيين حول الزواج من فتاة نصرانية، ثم تصاعد نزاعهما إلي محمد علي الذي أمر بترك الحرية للفتاة كي تختار الشخص الذي تريده. وكذا ن أصيب الثري عبدالله آيفاز الأرمني الكاثوليكي بمرض عقلي مما دعا أسرته إلي توكيل مسيو عبده ديمتري الثري اليوناني لمباشرة ثروته. بيد أن هذا قد أثار الأرمن الذين ناشدوا الحكومة المصرية بتشكيل مجلس من الأرمن أو المسلمين لمباشرة الثروة بدلا من عبده ديمتري اليوناني ، لأنه ليس من جنسهم ولا علي ملتهم وسوف يسبب توكيله استعار نيران البغضاء والعداوة في قلوب الأرمن.
أما علاقات الأرمن باليهود ، فقد اتسمت بالمنافسة الاقتصادية حينما سيطر الصيارفة الأرمن نسبيا علي النشاط المصرفي الحكومي وغيره خلال النصف الاول من القرن التاسع عشر. ونشط اليهود نسبيا خلال النصف الثاني باحتكارهم الصيرفة والبنوك وصناعة الأقمشة وغير ذلك.وكذا ن قلق الأرمن خاصة من بداية حكم سعيد(1854-1863) من تدفق العناصر الأوربية التي كانت تهدف إلي الكسب السريع بأي ثمن ناهيك أن الاوربيين كانوا مصدر تهديد للأرمن لما يتسمون به من همة ونشاط وكفاءة.هذا ، وقد كان الأرمن يدركون أن كل زيادة في نفوذ هذه العناصر تعني إضعاف شأنهم.
وقد اتسمت العلاقات بين الأرمن والأقباط بالود إلي حد كبير ، لان الأخيرين قد وقعوا نظريا في دائرة اختصاص البطريرك الأرمني وفقا لنظام الملل العثماني القائل بوقوع المؤمنين بطبيعة واحدة للسيد المسيح عليه السلام تحت رئاسة البطريرك الأرمني.ولما كان مطران الأرمن في مصر مسئولا بشكل ما عن تعيين وانتخاب بعض قساوسة الكنيسة القبطية ورهبانها، فضلا عن البت في بعض مشكلاتها. فقد أصدر كتخدا باشا أمرا إلي القمص روفائيل رئيس دير أبشواي بمديرية الفيوم وبني سويف في 28 ذي الحجة 1268 ه(1852) للاستعانة بمطران الأرمن في انتخاب بطريرك للأقباط. وكذا ، أمر بإرسال عبد الملك الهوري رئيس دير السيدة بالمخزن إلي مطران الأرمن لاجل انتخاب بطريرك للأقباط.
وكان مطران الأرمن يتدخل كثيرا لحل مشكلات الطائفة القبطية خاصة فيما يتعلق بطريقة تنصيب بطاركتهم. فمثلا ، ثار الأساقفة بمصر في عام 1269 ه (1853) بسبب انتخاب بطريركهم علي غير القواعد المتبعة في ملتهم مما دعا الحكومة إلي مطالبة مطران الأرمن بالتدخل لحل هذه المشكلة. وأيضا ، كان مطران الارمن يتدخل لحل بعض المشكلات الخاصة بالأقباط من ذلك علي سبيل المثال ان شنودة القبطي قد استولي علي قطعة أرض بالإسكندرية من أملاك عارف بك مدير الشرقية وباعها بادعاء انها من أوقاف كنيسة الأقباط مما ترتب عليه نشوب أزمة بني عارف بك وشنودة القبطي. ثم أحيلت هذه القضية إلي مطران الأرمن للتحقيق فيها وإجراء اللازم وتبليغ الحكومة ما ستسفر عنه التحقيقات.
وجدير بالذكرأن بعض الأقباط قد تركوا كنيستهم ودخلوا في اختصاص كنيسة الأرمن. وربما ، يرجع هذا إلي رغبتهم في الاستفادة من المزايا الاقتصادية التي يتمتع بها الأرمن وكنيستهم في مصر. فمثلا ، تقدم إلي المجلس الملي الأرمني القبطيان جرجس عبد الملك ومارجوس بن ملك وأسرتيهما من الإسكندرية بطلب الدخول في اختصاص كنيسة الأرمن والتحول إلي الهوية الأرمنية. وقد وافق المجلس علي طلبهما شريطة أن يظلوا شرفاء.بيد أن بعض الأقباط قد استغلوا عملية التحول من كنيستهم إلي الكنيسة الأرمنية للاستفادة المادية. فقد احتال رجل قبطي من جهات الصعيد علي مطرانية الأرمن الأرثوذكس بقصد أن ينال عشرة جنيهات. ولكن بطريقة غير خارجة عن حد شرف النفس.فأقبل علي المطرانية يحمل خطابا فيه:" بما أنني أحب من صميم الفؤاد أن أترك الديانة القبطية وأتشرف بالدخول في الديانة الأرمنية فأرجو تفهيم ولدي عما يجب علي إجراؤه لتشريفي بإتمام مقصدي وعلي سبيل الهدية برسم فقراء الملة الأرمنية قد أرسلت مع ولدي المذكور "100" أردب قمح و"15" أردب عدس وخمسة قناطير مسلي فألتمس قبولها علي حقارتها. وثقوا بأنني في كل سنة أرسل برسم فقرائكم هدية مثل هذه لأني قطعت هذه الهدايا عن بطركخانة الأقباط وقررت جعلها برسم بطركخانتكم من الآن فصاعدا" وبعد أن قرأ رئيس المطرانية هذا الخطاب أخذه العجب من إرسال هذه الهدية دون معرفة سابقة بهذا القبطي. وقد طلب القبطي منه عشرة جنيهات ليدفع منها عوائد الدخولية وبعض مصروفات ووعده بإعادتها إليه فور وصول نقود له من والده. غير ان رئيس المطرانية قد لاحظ أن في الأمر ضميرا مستترا وأبي أن يسلمه المبلغ المذكور. فخرج القبطي المحتال صفر اليدين.



#عطا_درغام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-2
- مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-1
- الأيتام الأرمن في مصر (1923-1927)
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -7
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -6
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -5
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -4
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -3
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -2
- الأرمن اللاجئون إلي مصر 1896-1906 -1
- النظم الإدارية للأرمن الكاثوليك والبروتستانت في مصر
- أمور الزواج والطلاق عند طائفة الأرمن الأرثوذكس في مصر
- الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس في مصر
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-3
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-2
- الوضع القانوني للأرمن في مصر-1
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-2
- المهن والوظائف التي اشتغل بها الأرمن في مصر-1
- النشاط التجاري للأرمن في مصر
- النشاط الحرفي للأرمن في مصر-2


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - عطا درغام - مجتمع الأرمن في مصرفي القرن التاسع عشر-3