|
دراسات نقدية حول شعر سيد حيدر الحلي الحسيني
علاء هاشم مناف
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 15:25
المحور:
الادب والفن
الصورة الشعرية في قصيدة السيد حيدر الحلي ( يا أهل فهر)
الصورة الشعرية إن الإتجاهات المتعددة لتأكيد الصورة الشعرية وكشف علاقتها المتميزة بالعمل الابداعي الفني، والعمل الفني لا يقتصر على الشعر إنما المقصود في ذلك حتى قصيدة النثر، كذلك المسرحية، والرواية، والقصة القصيرة، والنثر الفني، وقد تناولها النقد الاوروبي بالتحليل والتقصي وبالتحليل السسيوسيكولوجي، أما في مجال الشعر فقد بلغت إشكالياتها درجة من التعقيد، قد يكون نتيجة لاتخاذالصورة الشعرية منهجاً في إطاره الفني من ناحية المضمون، وكان هذا لابرز مدرستين في الشعر الاوروبي الحديث : منها المدرسة الرمزية symbolism والمدرسة الصورية imagism أوربما قد يكون هناك سبباً آخر في اتخاذ الصورة الشعرية أساساً إبداعياً.() من جهة أخرى فإن علاقة الصورة بالمعنى هو المدخل الرئيسي لفهم مسارات وتصورات النقد العربي لإشكالية الصورة الفنية وأهميتها من الناحية المنطقية و"المعنى"هو مصطلح يدخل في مجالات متعددة الكتابات الابداعية وخاصة الكتابات القديمة حصراً وهذا ما جعله يقع في باب الاصطلاح، وأكثر استخداماً في هذه الكتابات، هي الدلالة التي تقرن ذلك المعنى بالغرض المطلوب، والمعنى اصبح يرادف الفكرة المجردة التي يتقنها المبدع وتشير الدلالة إلى أن هناك ثنائية جدلية بين الألفاظ والمعاني وتلك الثنائية تعمّقت داخل المادة الابداعية، وهذا أدى بدوره إلى الفصل الكامل بين "الشكل والمضمون" وكان للصورة الفنية نصيبها من هذه الصياغةالشكلية، وكان للمجاز الاعتزالي وسيلة من وسائل التعبير وله امثاله في الشعر ، وكان لتجريد المعنى القرآني والابتعاد عن شكله الظاهري، فاصبح المعنى مجرد قائم بذاته، و"الصورة المجازية" هي وجه من أوجه الدلالة.() والصورة الشعرية عند الشاعر حيدر الحلي تنبني على المدلول وهو المعنى القائم على سيكولوجية الكلام القديم والسابق أصلاً في وجوده، أمّا الدلالة، فهي العبارات والالفاظ التي يعبر بها الشاعر، فهي محدثة وعارضة، وهذا ما انتهى إليه الاشاعرة في مشكلة "خلق القرآن" أي ان كلام الله قديم من حيث المعنى لإتصاله بالذات الخالقة، أما من حيث الألفاظ المتصّلة بالبشر، فهو محدث ومخلقوق.() القصيدة يا آل فهرٍ أين ذاك الشبا ليست ضُباك اليوم تلك الضُبا
للضيم أصبحت وشالت ضُحىً نعامةُ العزِّ بذاك الإِبا
فلستِ بعد اليوم في حبوةٍ مثلكِ بالأمس فحليّ الحبُا
فعزمُك أنصبَّ على جمرِه دمُ الطلى منك إلى أن خبا
ما بقيت فيكِ لمُستنهضٍ بقيَّة للسيف تدُمي شبا
ما الذلَّ كلّ الذل يوما سوى طرحكِ أثقال الوغى لُغّبا
لا ينُبت العزَّسوى مربع ليس به ترق الضبا خُلّبا
ولم يطأ عرش العُلا راضيا ذ مَن لم يطأ شوكَ القنا مغضبا
حيَّ على الموت بني غالبٍ ما أبرد الموت بحرّ الضبا
لا قبرّ تبك الخيل من مطلبٍ إن فاتك الثأرُ فلن يُطلبا
قومي فأما أن تجيلي علي أشلاء حرب الشُزَّبا
أو ترجعي بالموت محمولة على العوالي أغلباً
ما أنتِ للعلياء أو تقبلي بالقُب تنزو بكِ نزو الدبى(*)() في قصيدة السيد حيدر هناك استفهام تبدأ به الصورة الشعرية في البيت الاول وهو الشعاع الاول في القصيدة، ثم يتبلور المعنى ثم تتجسد صورة الثنائيات في الصورة، أي بين المعاني والالفاظ من دائرة الاشكاليات العقائدية، فالاختيار للألفاظ في انتاج المعاني وهذا الموضوع يلف القصيدة منذ بدايتها أي هناك معنى تعبر عنه الألفاظ ، وتعكس صفات الجودة، والاستفهام باعتباره وجه من أوجه الدلالة لتعبير عن ذلك المعنى. والشاعر استخدم الفاظ القرن الثالث أي عصر الجاحظ الذي استخدم الصياغات الكلامية ببراعة ثم الصياغة والتصوير للحدث، حيث قلّل الشاعر من شأن المعاني، لأن المعاني ملقاة في الطريق، كذلك نسمع ما قاله ابن قتيبة في أقسام الشعر في عيون الاخبار، الذي حسن لفظه ومعناه او حسن لفظه دون معناه، او معناه دون لفظه، وأن الاثنين، الجاحظ وابن قتيبة هما من المعتزلة. لقد كان السيد حيدر يركز على المفردة دون التركيز على المعنى، لأن الشعر في تقديره هو صناعة مثل أيّ صناعة، وهو افتراض كان يدعمه الشعر العربي وواقعه المتركزّ في المنطق الدلالي، لقد كان الشاعر واسع الخيال، وقصيدة يا أهل فهر، ترتكز على الجانب البلاغي من الألفاظ والمعاني، بعد ان وضع لها الشاعر المهاد الفلسفي الواضح منذ الشطر الأول، والمعنى الذي آخذ أشكالاً متعددة تتفاوت قيمتها تبعاً للصياغات الدلالية، حيث اصبح من الوارد ان يبرر ثبات المعنى المتعدد الصياغات ، والشاعر كان ينطلق من مفهوم فلسفي ثم ينتقل إلى المضمون الصوفي الخفي ليعبر عن ثبات الدلالة والمعنى، وفق صورة مادية()تقرر أن " معاني الشعر بمنزلة المادة الموضوعية والشعر فيها كالصورة". النبر الشعري والنبر اللغوي إن النبر الشعري في هذه القصيدة قد يكون متفقاً مع النبر اللغوي وقد يتجاوزه، ولكن النبر اللّغوي في هذه القصيدة كان له الاولوية ومن المفترض أن في هذه القصيدة، حصول نبر شعري، إذا كان موقع النبر الشعري الذي يخالف موقع النبر اللغوي ، في البيت الاول، والبيت الرابع في حين هناك اشكالية، هو إذا كان موقع النبر اللغوي قد يؤدي احياناً إلى انتقال النبر الشعري إلى مقطع غير المقطع الذي ينبغي ان يكون عليه الشعر، وقوع النبر، وهذا ما حصل في البيت السادس من القصيدة، والمحصلة في ذلك نقول، هو أن النبر اللغوي والنبر الشعري، يقعان في"الزمكان نفسه" وفي أغلب الأحيان أن قوانين النبر الشعري التي صيغت على الاساس الايقاعي، ولم تستق وجودها من النبر اللّغوي، عندئذ نقول ان النبر الشعري قد يضيء لنا جوانب عديدة من النبر اللغوي، رغم ان القرآن سبق هذا التحليل في تجسيد الاثنين اي النبر القرآني لا يتحد بالنبر الشعري بشكل إطلاقي، ولكن يبقى عامل واحد في احتماله هو كون نبر القرآن إتحد بالنبر اللغوي أو وصل إلى مقاربته من التطور التحليلي، مثل "الابدال والاغلال والقلب"()، وقد يكون وراء هذه القضايا من التحليل تفاصيل ايقاعية صرفة ترتبط بالنبر واشكالياته اللّغوية.
فينومينولوجيا الصوت في قصيدة السيد حيدر الحلي ( عثر الدهر)
بقلم الدكتور علاء هاشم مناف 2013م ـ 1434 هـ
فينومينولوجيا الصوت إن إدراك الاصوات والتعرف على النمط التفكيري هي اطروحة تدعو إلى البحث عن المكون الموسيقي في إطار المفهوم اللغوي. عملية التفكير بالصوت إن الكون مليءٌ بالاصوات، وقد اهتمت بهذا الموضوع اللغات العالية، حيث احتلت المفردات الدالة على تلك الاصوات وعلى مصدرها ونوعية خصائصها وعلى تقديرات الالوان التي ميزت هذه الاصوات، وعلى مكانتها الهامة،وهذا الموضوع قد شغل فقهاء اللغة والمعجميين، واللسانيين كذلك اهتمت به العلوم الصرفة مثل الفيزياء والطب والسيكولوجيا، وعلم الاصوات في اللغة والشعرية حصراً. إن اسنادالمنطق التعبيري لكل من الطبائع التي يهمنا تسجيلها،هو ان هناك "تصويراً موسيقياً" لحالات وعواطف، واهواء ، واحداث ووقائع، وقد انتقل هذاالتراث الموسيقي إلى الفلاسفة المسلمين وموسيقييهم وبعض بلاغييهم، وقد طوره البعض ونمّاه وأورثه إلى غيره منهم: ⦁-;- الكندي. ⦁-;- الفارابي. ⦁-;- اخوان الصفاء. ⦁-;- حازم القرطاجني. ⦁-;- ابن الخطيب. وهكذا تم ربط الموسيقى بالطبائع، وبقيت الموسيقى حريصة على ان تحاكي وتصور وتعبر كما هو الحال في السمفونيات.() الأصوات في القصيدة عثر الدهر ويرجو أن يُقالا تَربت كفُّك من راجٍ محالا
موسيقى ذات صوت واحد أيّ عذر لك في عاصفةٍ نسفت من لك قد كانو الجيالا
علامة لغوية فتراجع وتنصل ندماً أو تخادع واطلب المكر احتيالا
التعادلية في الاستقامة أنزدعا بعد ما جئت بها تنزع الأكباد بالوجد اشتعالا
التأسيس على التضاد قتلت عُذرك إذ انزلتها بالذرى من هاشم تدعو نزالا()
التوافقية في الاصوات فرغ الكفَّ فلا أدري لمِن في جفير الغدر تستبقي النبالا
توافقية الصوت المتأني نلت ما نلت فدع كل الورى عنك أو فأذهب بمن شئت اغتيالا
صوت الصوت الاول إنما أطلقتَ غرباً من ردى فيه ألحقت بيُمناك الشمالا
التصاعد في الحدث الموسيقي قد تراجعت وعندي شَرَعُ شيماً تلبسها حالا فحالا
بلوغ الرسالة الموسيقية لا أقالتني امقاديرُ إذا ذذ كنتُ فمن لك يا دهر أقالا()
بقاع الزمنية المجهضة أزلال العفوِ تبغي وعلى أهل حوضي الله حرّمت الزلالا
ارتفاعل الصوت الا للمطاعين إذاشَّبت وغىَ والمطاعيمُ إذا هَّبت شمالا
تصاعد الارتفاع للصوت الاول وققوا والموت في قارعةٍ لوبها أُرسي ثهلانُ لمالا
هبوط الصوت الاول فأبوا إلا اتصالاً بالضبا وَعن الضيم من الروح انفصالا
خاتمة الصوت الاول نسيت أبناءُ فهرِ وترها أم على ماذا احالته اتكالا()
نهاية الفصل الموسيقي يتحدث الشاعر في هذه الابيات عن نبرات عديدة منها نبرات الحكمة، ونغمات تعكس تفاصيل الصوت الواحد في الخطاب الشعر والموسيقى الشعرية، في عدم قبول منطق الخضوع لقوة الاشياء المتعلقة بقوة الانسان وجبروته أي عدم الاستسلام للقدر، من خلال أصوات المقاومة والدعوة إلى الحياة القادمة والامل المعقود في استنهاض الحياة من كبوتها، أما المحصلة في هذه المناقشة للشعر فيكون كما يلي: الاصوات في الشعر نبرات الوهم وتصديقه نبرات الغضب نبرات الحكمة نبرات الحد نبرات المزاج موسيقى ذات صوت واحد A علامة لغوية B A التعادلية اللغوية التعادلية الاستقامة A فا صول لا س بمول صو نبرة الحياة التأسيسي على التضاد نبرة المقاومة التوافقية في الاصوات نبرة الكارثة نبرة الجهل
A A توافقية الصوت المتأتي B موت الصوت الاول B س بمول ضو ري مي بمول الموسيقى التصاعد في الحدث الموسيقي الزمن الحلولي بلوغ الرسالة الموسيقية الطوفان اللاهوتي تجاوز الواقعة ارتفاع الصوت الاول B B A ايقاع الزمنية المجهضة B مي بمول فا صول لا بمول الفعل اللاهوتي تصاعد ارتفاع الصوت الاول فعل التحول هبوط الصوت الاول الفعل الانفعالي خاتمة الصوت الاول الفعل الموسيقي نهاية الفعل الموسيقي A A A B لا بمول فا ضو ري بمول إذاً: ⦁-;- موسيقى ذات الصوت الواحد = A . ⦁-;- العلامة اللغوية = B . ⦁-;- التعادلية في الاستقامة = A. ⦁-;- التأسيس على التضاد = A. ⦁-;- التوافقية في الاصوات = A. ⦁-;- توافقية الصوت الاول = B. ⦁-;- موت الصوت الاول = A. ⦁-;- التصاعد في الحدث الموسيقي=B. ⦁-;- بلوغ الرسالة الموسيقية =B. ⦁-;- ايقاع الزمنية المجهضة = A. ⦁-;- ارتفاع الصوت الاول = B. ⦁-;- تصاعد الارتفاع للصوت الاول =B. ⦁-;- هبوط الصوت الاول =A. ⦁-;- خاتمة الصوت الاول= B. ⦁-;- نهاية الفصل الموسيقي =B. اذا: B+B+A+B= A+A+A+A هي المحصلة لعل اصدق حالة من التدليل المنطقي على فرضية القدرة الايقاعية وفرضيتها الموسيقية، والقدرة على تفسير الظواهر الخاصة لنظم موسيقية معينة في إطار الشعرية بغية الانطلاق، والتنبيه إلى جميع الظواهر والبحث الجاد والانطلاق من الفرضيات الجادة وامتحانها وتطويرها على الأسس الايقاعية والموسيقية السليمة وتطوير تلك الاتجاهات والكشف عنها، ذلك بمقارنة تلك الفرضية المعنية بالنظرية العروضية والموسيقية.() إن ديالكطيقا الايقاع الحسي من حيث أن يكون هذا الوعي إطاراً حسياً، فأنه بلغ تلك الافكار بعد أن جمع بينها في المنطق الكلّي اللامشروط، وهذا اللامشروط عينه إذا ما أخذ على أنه ماهية بسيطة وساكنة، فهو لن يكون سوى الحرف الذي كون الكون ذاته.() وقد وضع ذاته "لاماهويا" وما كان الوعي ليخرج من هذا الوهم الذي هو في الدرك الحسي" غير ان هذا الوعي يحكي عن نفسه سيكولوجياً من مثل هذا السر الكوني لذاته المشروطة. إن هذا الوعي الكوني الكليُّ اللامشروط الذي كوّن ذلك الموضوع الحق للوعي، هو مازال موضوعياً لعين ذلك الوعي والوعي مازال لم يحصّل مفهومه من جهة ذلك المفهوم الحسي الايقاعي الموسيقي. وهنا ينبغي للمباينة، والمطارحة ما بين أمرين: ⦁-;- المباينة الجوهرية في العروض الشعري والايقاع والموسيقي ويأتي الموضوع بالنسبة إلى الوعي إنما أب إلى نفسه من تلك العلاقة الجوهرية بغيرة" أي علاقة الشعر بالايقاع والموسيقى". فصار عندئذٍ في حقيقة الذات مفهوماً، ولكن ليس الوعي يعد لذات المفهوم الثابت، وعليه فإن لهذه العلّة لا يعترف لنفسه (Etkenntsich) بذلك الموضوع المنعكس ذاتياً. ⦁-;- أما بالنبسبة إلى الذات ، فقد صار ذلك الموضوع وعبر تلك الحركة الواعية، على ان ذلك الوعي عينه مشمول بالصيرورة التي هي ذاتها تقع في عين الموضوع المراد تفكيكه من الناحية الشعرية، وهكذا بما أن الوعي الايقاعي والموسيقي في هذه الحركة التطورية لم يكن لها مضمون سوى الماهية الموضوعية تلك قبل الخوض في حاصل النسبة والتناسب على مستوى مقابل الايقاع الموسيقي. فالحاصل بالنسبة إلى الدارس إنما ينبغي أن يوضّح في دلالة موضوعية متبصّرة وعين المتبصّر تكون من جهة الموضوع بالنسبة إلى الماهية الموضوعية وبالنسبة إلى هذا الوعي الذاتي الذي استفاد من حقيقة الموضوع ومن نظام الاصوات الذي اصبح مفهوماً موسيقياً يرتفع بارتفاع الاصوات في هذا الكون.()
الصياغات البنائية في قصيدة السيد حيدر الحلي (الله يا حامي الشريعة)
بقلم الدكتور علاء هاشم مناف 2013م ـ 1434 هـ
الصياغات البنائية في قصيدة السيد حيدر الحلي "الله يا احامي الشريعة" الصياغات البنائية إن الصياغات البنائية هي محصلة في أدراك البنية المنسجمة في أدراك تقصي إلى بناء تلك الدعامات النسقية التي تسعى بدورها إلى تطبيق المنطق العقلاني على المستويين الظاهر والباطن. وفكرة البنية تسمح بذلك التوحيد المتعدد الظواهر في هذه الدراسة البنائية نهدف إلى تحقيق اغراض عديدة ولكن حصراً هو اكتناه البناء الدلالي لهذا الشاعر وجذريته الشعرية، من حيث خلق الرؤيا الذاتية المتأصلة في الموضوع الانساني إضافة إلى اكتناه اللحظة المتوترة بين الذات والموضوع، والذي يتعلّق بهاجس النزوع في تحديد عدة متطلبات أساسية لصياغة النظرية البنائية في إطار المضمون الشعري وهذا التأمل النقدي البنائي يقود إلى تحقيق المنطق الآلي بتحقيق غرض جزئي يتحقق في مصب القصيدة بعد الاكتمال من الناحية البنائية، ومن الناحية العملية يكون هذا التأصيل مشروط باكتناه الشروط البنائية وتحقيق منعطف البنية العميقة للقصيدة المراد تحليلها وفق منطق نسقي يميز هذا الربط وفق مخطط موضوعي عام يحدد تلك العلاقة في عناصر المشابهة والتجاور والتضاد إضافة إلى عملية التفاعل التي تؤكد منحى وجود هذه الانساق الشعرية. والشاعرسيد حيدر الحلي في قصيدته "الله يا حامي الشريعة" مبنية على لحظة توتر وهاجس للنزوع المطلق في زمكانين أي اللحظة الثنائية العمودية والافقية وهي أساس الاحساس بالوعي الآني المفترض والقلق والذي يفتقر إلى مكونات الوعي المطلق الذي لايتحقق بدون وعي الانساق العمودية والافقية كذلك الاحساس بتلك المكونات التي تكمن في الزمكانين وهاجس هذا النزوع يتجسد بهذا التوتر الشعري القلق بين قطبين القطب العمودي والقطب الافقي. إضافة إلى اكتناه هذه العلاقة بين موقف الفعل الذاتي وعلاقته بالوعي الموضوعي، ونزوع الذات الشعرية في استحضار الآتي من الحدث ونفي الوضع الاتي نفياً مطلقاً وبالتالي حنين الذات الشعرية إلى اشكالية للكينونة باطر جديدة. القصيدة الله يا حامي الشريعة أتقّر وهي كذا مَروعه
بك تستغيثُ وقلبها لك عن جوى يشكو صدوعه
تدعو وجود الخيل مصغية لدعوتها سميعة
وتكاد ألسنة السيوف تجيبُ دعوتها سريعة
فصدورها ضاقت بسّر الموت فأذن أن تذيعه
ضرباً رداءُ الحرب يبدو منه محمُّر الوشيعة
لا تشتقى أو تنزعنَّ غروبها من كل شيعة()
إن المنهج الفلسفي الشعري للسيد حيدر الحلي هو توظف للفينومينولوجيا بايقاعها الهرمينوطيقي، ومازال شعر السيد حيدر الحلي يوضع في انطولوجيا الفينومينولوجيا الشاملة، حيث الانطلاقة من هرمينوطيقا الدازاين ويعد هذا المفهوم تحليلاً للوجود وتحديداً لنهاية الخيط الفلسفي الموجه حيث انبجاس المعنى من الناحية الهرمينوطيقية.() في قصيدة حيدر الحلي هناك التعدد في ظواهره وهي الأداة الموضوعية المثلى لتلك المفاهيم، والبنية في هذه القصيدة هي أداة اجرائية لا يمكن غض النظر عن اتجاهاتها الفلسفية وسياقاتها اللاهوتية التي يختفي وراءها القناع الذي يحمله الشاعر الذي يعود بنا إلى بناء العملية السيميولوجية وجدلية المعلوم والمجهول وهو المحور الاساسي لجدلية البنية الافتراضية في الشعر. الفينومينولوجيا الشعرية الله يا حامي الشريعة A أتقّر وهي كذا مَروعه B بك تستغيثُ وقلبها B لك عن جوى يشكو صدوعه B تدعو وجود الخيل مصغية A لدعوتها سميعة B وتكاد ألسنة السيوف A تجيبُ دعوتها سريعة B فصدورها ضاقت بسّر A الموت فأذن أن تذيعه A ضرباً رداءُ الحرب يبدو A منه محمُّر الوشيعة B لا تشتقي أو تنزعنَّ B غروبها من كل شيعة A
بنية القصيدة ارتكزت بنية القصيدة على ثلاث أعمدة وكما يلي: الدلالات التي تولدت عبر هذه العلامات وتفاعلاتها وانساقها المتكررة والمتشابهة منها والمتضادة والتي تكونت ضمن كل حركة: ضمن النسق الكلي النابع من تفاعل تلك الحركات وعلى مستويات متعددة. الدلالة التركيبية + الايقاعية + الصوتية + تقفوية العلامات الثلاث: اللاهوت جسد القصيدة الأنا المتوترة اضافة إلى المنطق اللاهوتي اشكالية المعنىالسيميولوجي . وكينونة الزمان والانتقال الوجود والانبجاس الارتداد والانعكاس.() تأتي جملة الله يا حامي الشريعة ، وهي جملة مقتصرة وهي شديدة التركيز ، ولها البساطة في الصياغات التركيبية ، حيث تخفي وراءها إشكالية دلالية عميقة تنبع من غموض للعلامات، فالمعنى يتكرر من الاكتناه والتحديد في ماهية الله الذي يؤدي الدور الدلالي على مستوى اشكاليتين مختلفتين المستوى العمودي في اللاهوت العمودي وهو مطلق يعكس صورة ذهنية مطلقة وتقع في الانسجام الموضوعي. وهي جملة قد تكون غامضة بعض الاحيان فالله كلمة تعكس الضوء في عالم العتمة أما على المستوى الحرفي، فتتعدد دلالتها. إن حركة التعبير في هذا النسيج الثنائي الذي يقع بين الله والشريعة ، فهي ثنائية ضدية "أتقّر وهي كذا مروعة" فكلمة الله مذكر والشريعة مؤنث والحيزّ الزمكاني الضدي الذي يشغلانه هو حيّز تقابلي يجسد فعل المصالحة الزمكانية بين العمود المطلق والجسم الفعلي الذي تمثله الشريعة، فهي ثنائية ضدية على المستوى الدلالي، أو من خلال فعل المصالحة بين الله والشريعة والاستغاثة عن ذلك الجوى الذي يشكو صدوعه، وهو التوسط بين وُجود الخيل وهي دون علامة، من جهة أخرى هناك تطابق بين الخيل والسنة السيوف وكل منهما معرّف بإداة التعريف تلك. وكان لهذا الدور هو الاستجابة للدعوة "سريعة" فالله المطلق في هذه القضية ودور الخيل والسيوف، أي هناك ارتباط ومصالحة بين الثلاثة والله ليس متوحد الهوية وحده بل انزله الشاعر منزلة الاشياء الاخرى أي أصبح محوراً ثالثاً في هذه الاشكالية أي اصبح الله متوحد داخل هذه الاشكالية الثنائية الضدية أي اصبح الوجود الموضوعي هو المحور الثالث الذي وقع بين الخيل والسنة السيوف. والاستعارة هنا، هي ادعاء معنى الاسم للشيءأي لا تقل الاسم عن الشيء.() ويأتي تجاور الفعل الاشكالي في "فصدورها ضاقت بسر الموت فأذن أن تذيعه" وهو محتوى هذه الفاعلية ، ثم يأتي الحيزالمكاني في "ضرباً رداء الحرب يبدو منه محمَّرالوشيعة وهوالحيز المكاني للعلامة، والبنية اللغوية والايقاعية ثم القضية للقصيدة، ينعكس هذا الاشكال في استمرار العبارة المركبة للبيت الاول على مستوى الايقاع والقافية باعتبار ان التركيب الدلالي لعبارة "الله يا حامي الشريعة أي ان الحركة تكمن بين المنطق اللاهوتي وحركة جسد القصيدة ومفرداتها المادية الاخرى، مثل الخيل والسيوف عبر هذا الحيز المكاني.
خطاطة رقم (1) توضح بنية الاشكال الشعري إن حركة جسد القصيدة يشكل بجسور بنائية متكاملة تقع بين ثنائية ضدية في عبور الجسور التي تستغيث باللاهوت لحماية الشريعة اللاهوتية لغلقها ذلك العالم اللاهوتي بعد الانتقال إلى العالم المادي عبر الشريعة +الخيل + السيوف. إذاً: الله = D+C+B+A اي ان المنطق العمودي في A = المنطق الافقي في D+C+B إذاً العمود A = الافق B = C = D مات التبصّر بانتظا رك أيها المحيي الشريعة؟
فانهض فما ابقى التحمّلُ غير أحشاء جزوعه
كم ذا القعود ودينكم هُدمت قواعده الرفيعه
تنعى الفروعُ أصوله وأصولهُ تنعى فروعه
أترى تجيء فجيعة بأمضىَّ من تلك الفجيعه
يا غيرة الله اهتفي بحمية الدين المنيعه
مضرَّجُ بالسيف آثر عزَّه وابي خضوعه
فقضى كما اشتهت الحمّية تشكر الهيجا ضيعه
فلتغد اخبية الخدور تطيح أعمدُها الرفيعه
ولتبد حاسرة عن الو جه الشريفة كالوضيعة
واهاً عرانين العُلى عادت أُنفكم جديعه
إن جسد القصيدة هو ليس بالفاعلية للإنجاز الكلي وخلق انطلاقة نهائية لفاعلية التأسيس الكلية، انها تأسيس وهجس وانطلاقة نهائية فجسد القصيدة يفتح النهائية ويصل ويبدأ الانطلاقة لرفض القديم بنهائية متقدمة، وحيث الاستضاءة بالتراث الشعري، أن ايقاع الجسد هو ايقاع القصيدة وهو التجسيد للثنائية الضدية الذات الموضوع العام الابداعي والموروث داخل بنية إيقاعية تتشكل على مستوى القيمة التراثية والرؤية القيمة للوجود، وجسد القصيدة الذي يتجه إلى تفاصيله بعد أن يؤسس ايقاعه الفردي، والخليل بن احمد ناقش الوزن الشعري في إطار المتحرك والساكن أولاً ثم المركبات الصوتية دون الاشارة إلى العملية المزدوجة الصوتية والتي حددها اليونان بالمقطع القصير والمقطع الطويل.() إن حركة الجسد في هذه القصيدة من الناحية التركيبية بنائياً مقفلة باتجاه الموضوع الشائك، ولكن بالمقابل أنها تفتح عالماً تعبر إليه في إطار الدائرة التامة، فالقصيدة تتحدث عن عالمين متضادين عالم الشريعة والمحيي للشريعة وعلاقة الشريعة بحركة القصيدة وجسدها الآني الذي يتسّرب إلى المنطق الموضوعي ومحوره الله والذي مثله مقتل الحسين بن علي دفاعاً عن الشريعة، فالقصيدة لا تتسرب إلى حركة الموضوع أي هناك تضاد بين اللغة والموضوع لانها النهاية في حركة النزوع والتجاور والتجاوز في القصيدة، ولذلك تكتسب هذه الحتمية مركزية، حيث تبدو هذه المركزية في منطق الخاصية اللغوية وايقاعها، ويظهر لنا الجسد هو ليس بفاعلية ذلك الانجاز الكلي و النهائي، بل أن جسد القصيدة ما هو إلاّ تأسيس وانطلاق نحو آفاق الموضوع المراد تحديده، وجسد القصيدة في هذا الموضوع هو الذي فتح الموضوع وفتح الطريق وبدأ الحرق الفعلي المطلق لأنه رفض الواقع المر الواقع الاستسلامي وهو الواقع القديم الذي تجاوزه الزمن. فالمعاني (مطروحة في الطريق) كما قال الجاحظ ولكن (الشأن في ذلك في إقامة الوزن وتخيّر اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء) (فإنما الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير)(). فالقصيدة جمعت بين الصوت والتركيب والدلالة والتداولية المتعاضدة فيما بين هذه المعطيات، لأن القصيدة اخبارية تخبر عن حماية الشريعة وهي غاية لغوية من لغة الاتصال كما هو معروف في علم الاتصال. الغاية من تفاصيل اللّغة هو الاتصال مع النفس ومع الغير، إضافة إلى هذا فإن البلاغ يحتوي على المستويات المتعددة والتي انبثعت من النواة وفي معانٍ أساسية وغير أساسية حسب الاعراف اللّغوية والطبيعة الموضوعية لنوع الخطاب. البنية التركيبية تتحدد البنية التركيبية في: التفاعل الفعل المكملات للبنية المعنوية، وتعني: العامل العمل الهدف البنية الموضوعية،وتعني : الموضوعية التفصيل البنية البؤرية، وتعني: البؤرة التعليق البنية التقابلية، وتعني: "البؤرة والإطار".() قضية الاخبار الاخبار يأخذ شكله التصاعدي إلى ذروة الحدث: مات التبصّر بانتظا رك أيها المحيي الشريعة؟
وغالباً ما تكون في نهاية النص، وتتضمن مؤشرات "لغوية ودلالية" مثل: كم ذا القعود ودينكم هُدمت قواعده الرفيعه
ومثل الضرورات البشرية : فانهض فما ابقى التحمّلُ غير أحشاء جزوعه
اضافة إلى المنبهات الكونية: فقضى كما اشتهت الحمّية تشكر الهيجا صنيعه()
من هنا نقول، أن الذات الظاهرة في القصيدة هي منزاحة عن مركزها، بمعنى ان تشكلها في بنية غير ذات مركز لأن الذات البشرية هي ليست مركز التاريخ.()
بقلم الدكتور علاء هاشم مناف 2013م ـ 1434 هـ
#علاء_هاشم_مناف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إشكالية البنية في قصة يوسف
-
جينيالوجيا البنية التركيبية للتوراة دراسة تحليلية
-
كتاب فلسفة الإعلام والاتصال
-
عزازيل وفكرة التأمل الثنائي في تشظي الدال
-
التعددية في عولمة السوق الرأسمالية
-
المكون الحركي لجسد القصيدة
-
العشوائية الإيقاعية والتدوير في القصيدة الحديثة
-
الثنائية الشعرية في قصيدتي العشاء الأخير ليوسف الخال وأمل دن
...
-
المكان... من التناهي إلى الصمت..دراسة نقدية في قصائد الحديقة
...
-
حفريات الأنساق الأبستمولوجية في شعر أبي الطيب المتنبي
-
فائض المضاربة والاستثمار أنتج تراجعاً في أسعار النفط
-
نمط الإنتاج الرأسمالية بين التراكم الدائم وتوزيع الدخل
-
الرأسمالية العالمية تجاوز الأزمة ...أم المواجهة مع الشعوب ال
...
-
آلية الاعتماد المتبادل للرأسمال الاقتصادي
-
فينومينولوجيا الوعي النقدي للأدب
-
خفايا المكمن الثنائي الهرمينوطيقي للفينومينولوجيا
-
الأدلة الإستقرائية في إثبات المنطق العقلي للكون
-
الاستقراء الاحتمالي
-
الحلم والتصور المتناهي للثقافة والمثقف والسلطة (اشكالية المك
...
-
الدلالي للمعنى الحداثي -Paradigme-
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|