إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1307 - 2005 / 9 / 4 - 11:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
عشقت منذ الصغر التمرد على الخطوط الحمراء غير المفهومة و غير الواضحة و التي تقام بمزاج البعض... كما كرهتُ الانقياد للمسلمات دون قناعة راسخة...يُمحقني الروتين و البيروقراطية المستسلمة لما هو موجود دون الاطلاع لما يجب أن يكون.
إن هذا التصرف و هذا المنحى أساسه السعي دائما للارتباط بقاع المجتمع، هذا القاع الذي لم يحصد من الانتظار منذ 1956 إلا الاحباط تلو الاحباط، و المزيد من اللهت وراء لقمة عيش مرة و تزداد وثيرة هذا اللهث سنة بعد سنة إلى أن أضحى الشباب – رجال الغد - يصلون إلى 30 سنة من العمر و يتجاوزونه دون أن يتمكنوا من ايجاد مكان تحت شمس وطنهم. فهناك الكثير من مواليد فجر سبعينات القرن الماضي عاطلون و معطلون رغم حصولهم على الشهادة، و لم تعد تخل عائلة مغربية على امتداد تراب المملكة من عاطل أو معطل.
لهذا لايسعني إلا أن أكون متمردا على الوضع لأنني كلما دققت النظر في مئات بل آلاف الوجوه في الزحام لا أستشف إلا اليأس و الاحباط و القلق الشديد عن الغد...
إن شوارع مدينتي و أرصفتها أضحت تحمل صمت غريب ، صمت الحياة رغم الضجيج و الزحام و كثرة البشر المحبطين... صمت الحياة...صمت عن توفير الحد الأدنى للحياة الكريمة لكثرة كثيرة تزداد كثرة مع مرور الأيام و الشهور و الأعوام...صمت عن عدم الاحترام الفعلي للصفة الانسانية و الكرامة الانسانية على أرض الواقع المعيش... صمت عن كدا و كدا... لكن الصمت الكبير، يظل ذلك الصمت الممنهج عن الهوة الشاسعة بين الجزيرة الصغيرة، المتناهية الصغر التي لاتكاد تبين من حيت حجمها و عدد أفرادها، لكمشة تتحكم في الثروات الوطنية و ينابيعها ، المستحودون على أكثر 80 في المائة الثروات و الدخل القومي و عالم ، بل كون الفقراء اللاهثين وراء متطلبات الحياة على امتداد حياتهم طالت أم قصرت لأنهم يشكلون الأغلبية الساحقة و الكثرة الكثيرة الذين لا يتوفرون على أي ضمانة تذكر للاطمئنان عن الغد القريب، و لا موقع مضمون و دائم و مستدام تحت شمس الوطن، و لا ملكية و لا مسكن و لا تغطية صحية و لا تغطية اجتماعية و لا فرصة التوصل بتقاعد يمكنهم من انتظار الموت في مأمن من الجوع و الحرمان...
لذلك يسود الصمت، صمت الحياة، رغم الزحام و الضجيج الظاهر عندنا... إن صمت الحياة عندنا لازال رهيبا منذ أكثر من 40 سنة خلت...
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟