عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 01:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنها معاناة لا تنتهي، هجرة الآلاف من أبناء الريف إلى المدن طلباً للرزق والعيش الكريم بأدنى حدوده والتخلص من جَـور الاقطاعيين المتسلطين على رقاب الفلاحين حينذاك. إبتدأت أكبر موجات النزوح إبّان العهد الملكي من لواء (محافظة) العمارة وتحديداً من منطقة (الدبَـيسـات) ذات البيوت المبنية من قصب البردي والواقعة على أطراف المدينة وإتجهت صوب بغـداد وأقامت لها مسـاكناً من الطين في أطراف العاصمة - منطقة (العاصمة والميزرة)، ثمّ إنتقلت إلى مدينة الثورة ألتي بناها المرحوم الزعيم عـبد الكريم قاسم. وحدثَت الموجة الثانية الكبرى بعد إنتفاضة عام 1991، لكنها تختلف عن سابقتها بكونها شملت جميع المُدن العراقية من جانب، ومن جانب آخر إنّ النازحين في المرة الأولى هُم مجرّد فلاحين أجراء، بينما في المرة الثانية يمتلكون الأراضي الزراعية، لكنهم هجروها بسبب إهمال الدولة لهم وعدم مساعدتهم للنهوض بزراعتهم، إضافةً إلى ملاحقات السلطة لهم والخوف من حملات الاعتقالات من قِبَل نظام البعث الدموي إبّان فترة الانتفاضة.
لقد أثــرت موجات النزوح الريفي نحو المدن سلباً على الوجه المديني الثقافي المتحضر لكافة المدن العراقية، فلم تتطور وتنهل مما موجود من إكتناز فكري وثقافي للمدينة، إذ ألقـت بتخلفها وعاداتها على حضارة المدينة، وأقامت لها مساكن عشوائية في أطراف كل مدينة، والباعث الرئيس لتواجدها في المدن هو البحث عن العمل وتأمين لقمة العيش.
إنّ إنتـشار العشوائـيات في عموم العراق يمثل ظاهرة مرضية يجب معالجتها، ويتطلب ذلك العلاج الخطوات التالية:
1 – عدم توزيع أراضي سكنية لأصحاب العشوائيات وإجبارهم على العودة إلى قراهم، ويصاحب هكذا إجراء خلق فرص العمل لهم في مناطقهم في قطاعات الزراعة والخدمات ومشاريع التصنيع الزراعي.
2 – تطبيق سياسة صارمة لتحديد النسل من خلال تشريع قانون حول ذلك، لكون العوائل الريفية تتسم بالانجاب العالي بسبب إنخفاض الوعي لديها ( وهذا ليس ذنبها، بَلْ ذنب الحكومات المتعاقبة ألتي أهملت الاهتمام بالجانب المعرفي لدى سكان الريف/، وهذه المسألة تزيد المشكلة تعقيداً بحيث أصبح العراق من البلدان ألتي تعاني من الانفجار السكاني الذي أدى إلى تزايد نسبة البطالة بوتائر عالية.
3 – التوقف عن تجريف الأراضي الزراعية لتحويلها إلى عرصات سكنية. فإنْ إستمرَّ الحال هكذا، سوف لن تبقى أرض زراعية وسنضطر للزحف على الصحراء لغرض إستغلالها زراعياً!!... وهنا تكمن المفارقة إذ أنّ دول الخليج حولت الصحراء إلى بساط أخضر والحكومة العراقية تقضي على الأراضي الزراعية لتحويلها إلى مجمعات سكنية... إنها جريمة بيئية تُرتَكب بحق السهل الرسوبي وأرض السواد من قِبَل المهيمنين على السلطة بانتخابات صوَرية مزوّرة إرضاءً لسكان العشوائيات الذين يمثلون الرصيد الجماهيري لقوى الاسلام السياسي عند حلول المواسم الانتخابية.
إنّ الوزارات المعنية بالقضاء على ظاهرة ترييف المدن والقضاء على العشوائيات هي – التخطيط، الزراعة، العمل، الصناعة، التربية، البيئة. لذا يجب أخذ موضوع ترييف المدن وتخليصها من التجمعات العشوائية على محمل الجد.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟