أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ديفيد ج. كوج - الحركة السوفسطائية















المزيد.....

الحركة السوفسطائية


ديفيد ج. كوج

الحوار المتمدن-العدد: 4668 - 2014 / 12 / 21 - 12:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من المتعارف عليه في الفلسفة ان سقراط انزل الفلسفة من السماء الي الارض. ولكني اري انه قد تم تجاهل دور السوفسطائيين في تاريخ الفلسفة عن عمد او دون قصد من قبل الاخرين. ان الفلسفة قبل الحركة السوفسطائية كانت تهتم بالمادة فقط اي العناصر الاربعة المكونة للكون وهي (الماء, الهواء, التربة النار). انصار المدرسة الملطية تحدثوا عن هذه العناصر, ابتداءً بطاليس الذي تحدث عن الماء اي ان الماء هو المكون الاساسي للكون, وتبعه في ذلك سلفه انكسماندروس الذي تحدث عن الابايرون, واخيرا انكسيمنس وهو بدوره تحدث عن الهواء.
كما جاء بعدهم هيراقليطس صاحبة فلسفة الصيرورة, وقال انك لا تستطيع ان تنزل الي النهر مرتين لان المياه تغمرك. بمعني ان ليس هنالك شئ ثابت فكل شئ في حالة حركة وانسياب اي في حالة صيرورة دائمة!
الي ان جاء بارمندس وتحدث عن الوحدة بين كل شئ (وحدة الوجود), وقد ذهب الي الالهة التي فضلته علي غيره وكذلك فيثاغورس صاحب النظرية الرياضية في تكون الكون. مرورا بانكساغوراس وانبادوقلس. وتوالي حديث الفلاسفة الاوائل عن العناصر المكونة للكون الي ان انتهي بهم الامر بديموقريطس الذري, لان منهجه كان يتحدث عن الذرة.
بعده اتي السوفسطائيون اخر فلاسفة ما قبل سقراط حسب التقسيم المتعارف عليه في تاريخ الفلسفة, قال بروتاجوراس كبير السوفسطائيين ان "الانسان مقياس الاشياء جميعا ما يوجد منها وما لا يوجد" وبذلك قام بتحويل اهتمام الفلسفة بالطبيعة والكون الي الاهتمام بالانسان!
ذلك ان الانسان حسب رايه ان الانسان هو الذي يحدد وجود الاشياء من عدهما, اي ان الموجود بدون انسان لا يمكن ان يوجد لان الانسان هو مقياس كل شئ. وبذلك يكون قد مهد الطريق الي تأسيس مركزية الانسان كما اثبت ضرورة وجود ذات عافة قبل المعرفة نفسه. وهذا الامر ينجلي اكثر مع رينيه ديكارت في الكوجيتو "i think therefore i am" انا افكر اذن انا موجود! وعند ايمانويل كانط حول ادراك الاشياء كما يبدو لنا وليس كما هي في ذاتها. قد يكون مثل هذا الكلام اسقاط علي ديكارت او كانط ولكن يوجد بينهما رابط بكون الانسان هو الذات العارفة والمدركة والمحددة لكل ما هو موجود, الي ان يتغير الامر بعض الشئ في فلسفة مابعد الحداثة.
جورجياس وهو اشهر السوفسطائيين فقد كانت فلسفته اقرب الي العدمية. حين قال "لا شئ يوجد, وان وجد فلا يمكن معرفته او ادراكه, وان ادرك فلا يمكن نقله للغير" هنا يوضح جورجياس استحالة المعرفة او امكان نقله للغير, فهو بذلك يبدو عدمي في نظرته للاشياء ولكنه ايضا كان خطيبا ماهرا واستاذا للخطابة في اثينا كما هو حال بروتاجوراس الذي جاء الي اثينا ايضا وابهر الجميع بقدرة الفذة علي الخطابة. وبمقابل ذلك اصبح كل واحد منهم يدرس الخطابة وكيفية الدفاع عن النفس في المحاكم لعامة الناس مقابل اجر مادي. الشئ الذي لم يقبله سقراط وكذلك افلاطون فيما بعد الذي ظل يشن الهجوم للسوفسطائيين.
ومن اعمق السوفسطائيين نظرا هو الفيلسوف انطيفون الذي تحدث عن المساواة بين البشر. وعن ذلك يقول " العدالة هي
اعتداءعدم المواطن علي قوانين المدينه التي يعيش فيها، وافضل سبيل يسلكه الفرد موافقاً
للعدالة ان يخضع للقوانين المدنيه امام الناس" وقال ايضا ان "الناس سواسية لا
نفس الهواء الذي نستنشقه.
فرق بين النبلاء والعامة ، وبين الاغريق والبرابرة فانهم يأكلون كما نحن ويستنشقون نفس الهواء معنا".

معني كلمة السوفسطائي:
ان لفظة السوفسطائي اقرب مايكون الي مانعنيه اليوم ب( الاستاذ ) فقد كان السوفسطائي رجلا يكسب
عيشه بتعليم الشباب بعض الاشياء التي كان يظن انها قد تنفعهم في حياتهم العملية.
كما انهم اطلقوا علي انفسهم هذا الاسم اي السوفسطائي sophist وهي مشتقة من
كلمة Sophos التي تعني الحكمة أو المهارة اي ان السوفسطائي بكل بساطة هو ذلك الشخص الماهر واحاذق في فن من الفنون.
وكذلك تعني السوفسطائي المعلم او الحكيم كما اوردنا سابقاً فالسوفسطائيون
يعدون انفسهم معلمون وان ارتبط هذه الكلمة (Sophos) ايضا بالحكماء السبعة الا
انها كانت تعنيهم ايضا . وقد اعتبر السوفسطائية ثمرة الحياة الديمقوقراطية في اثينا.
كما اتسموا بتجوالهم الكثيرة في المدن اليونانية وتميزوا
بالذكاء والمعرفة الواسعة وكذلك الخبرة. فالسوفسطائي ايضا كان يعد خبيرا بشئون
الحياة وزد علي ذلك ان السوفسطائي هو معلم النحو والبلاغة والسياسة
النحو والبلاغة.
ولكن لافلاطون رأي مغاير عن هذا كما ورد في محاورة السوفسطائي الاتي: "ويمكن ان يقال ان السوفسطائي تدل علي الصائد والتاجر والبائع والصانع
والمجادل وكذلك معالج".ولكن يظهر من خلال هذه الكلمات كلها ان افلاطون ادخل عليها بعض
التعديلات والاضافات ايضا.
كمعني للسفسطة او سوفسطائية.
مثل البائع والصائد والتاجر ومايرمي اليه معروف من خلال تحديده لهذه الكلمات. وهذا المفهوم -اي المفهوم الخاطئ للسفسطة- انتشر كثيرا فاضحي معني السوفسطائي او السفسطة يعني الكلام الغير مفيد والسوفسطائي الشخص الذي يتحدث دون ان يحدث فائدة للغير!

اسباب الهجوم علي السوفسطائيين:
لم يسلم هذه الجماعة من سقراط وتلميذه من النقد اللاذع والتشويه لهم ولمذهبهم
ايضا. اذا وضعنا في الاعتبار ان الجيل الثاني للسوفسطائية هم الذين احطوا بهذا
المذهب لذا يمكن ان يعتبر نقد ارسطوطاليس مناسب بعض الشئ مع انه مبالغ فيه.
ويظهر ذلك في محاورة السوفسطائي علي لسان افلاطون اعتباره للسوفسطائي
فنان انه يبتدع فنا أو يكتب وكذلك الصائد. اما صيد الاحياء وغير الحس ويقول ان
صيد الاحياء انواع منها صيد الاسماك والحيوانات وذلك بضروب نصب الشباك
والفخاخ والصنانير . ويفهم من هذا ان السوفسطائي والصائد هناك علاقة بينهم كما
يعتقد افلاطون وهي ان الصائد يرتاد الارض والبحر واما السوفسطائي فيختلف الي
انهار الثروة ومراعي الاغنياء من الشباب ليقتنص اموالهم فالسوفسطائي اذن في
راى افلاطون هو الذي يقتنص الناس من ذوى الحسب والمال لكي يأخذ منهم اجره
مقابل تعليمهم. واما اعتبار السوفسطائي تاجرا من قبل افلاطون هو ان بضاعته هو
الجدل والكلام وياخذ مقابل ذلك ايضا اجراً.
ومما لاشك فيه ان كثيرين من السوفسطائيين عنوا بالفلسفة عناية لاغبار عليها وان
كان من بينهم بعض كانوا يخدمون اهوائهم الشخصية وهم غالبا الجيل الثاني.
الا ان افلاطون كرس جهده لتشويه سمعتهم قدر ما استطاع والافتراء عليهم بالكذب.
فمثلا في محاورة ( يوتيديموس) يهزل افلاطون بالسوفسطائيين كما يلي حول
الحوال الدائر بين ديونيسيوس و يوتيديموس وارادا ان يربكا رجلا وهو كليسيبوس
ويبدا الحوار هكذا:
- انك تقول ان لديك كلباً؟
- فاجاب كليبسوس: نعم وهو كلب فظيع.
- ولكن جراء؟
- نعم والجراء شديدة الشبه به.
- نعم فليس الشك في ان رايته يلتقي مع ام الجراء.
- اليست الكلب كلبك؟
- نعم ولاشك في ذلك.
- اذن فهو والد ، وهو لك، فينتج عن ذلك انه ابوك وان الجراء اخوتك.
هكذا كان افلاطون ومن بعد الفلاسفة يعارضون السوفسطائيون ويستهزا بهم.
ولكن السبب الذي دفع افلاطون لمعارضة هؤلاء ليس ارائهم فقط بخاصة في
الاخلاق والسياسة والدين فحسب ولكن احترافهم الفكر كذلك فمعارضة افلاطون
كان حول احتراف هؤلاء الناس للفكر وهذا ماجعله يعارضهم بشدة.
ويروي افلاطون في محاورة السوفسطائي قصة يدعو للريبة حقا وهو ان بروتاجوراس
خسر الشاب القضية لم يستحق بروتاجوراس ان يدفع له الاجر. فكانت اول قضية
علم شاباً علي شرط ان يدفع له اجره اذا كسب الاخير اول قضية يترافع فيها فان
كما يقول راسل اول قضية رفعها ضده بروتاجوراس للاستيلاء علي اجر تعليمه
اياه كيف يمكن لمثل هذا الدراما التراجيدية ان يحدث.
وحده افلاطون يعلم ذلك وارسطو من بعده ؟
ارسطوطاليس تلميذ الاخير انه كان مواصل الهجوم علي نفس نهج استاذه وسقراط.
وبعد كل هذه المعارضة والهجوم الذي قاده سقراط افلاطون لم يرى
وقد وصف ارسطوطاليس لغة السوفسطائي بالمغالطي , ويقول ان الجدل مع ان-
العلمية. ورد علي ذلك في كتابه ( الجدل) واما الكتاب الثاني الذي كان مخصص
سقراط استخدمه ايضا - مجرد من لايمكن ان يرقي الي منهج لتحصيل المعرفة
ايضا لمعارضة السوفسطائيين وهدم مذهبهم فهو ( الاغاليط) الذي وصف فيه
السوفسطائي.
من تظاهره بالحكمة وهو ليس بحكيم ونجد ان اهتمام افلاطون وارسطو
بالسوفسطائيين وبذلهم جهدهم ووقتهم لنقد قد اضفي وثبت المعني السئ للفظة
السوفسطائي بانه منتحل للحكمة وليس حكيماً حقيقياً ، وانه هو الذي يكسب المال .

إرث الحركة السوفسطائية:
لا شك ان الحركة السوفسطائية تركت ارثا في تاريخ الفلسفة لم يظهر اثره الا في الفلسفة البراجماتية خاصة وليم جيمس جون ديوي, اللذين طبقا بعض مبادئ السوفسطائيين في فلسفتهم العملية.
بينما كان الاثر الاكبر علي ما بعد الحداثة وان لم يكن اثرا مباشرا الا ان هناك توافق ما بين اراء اوائل السوفسطائيين وبعض فلاسفة ما بعد الحداثة علي سبيل المثال لا الحصر دريدا وليوتار.
ان ما يشكر عليه هذه الحركة هي تحويلها اهتمام الفلسفة بالطبيعة والكون فقط دون الانسان. الي الاهتمام بالانسان نفسه بجعله مقياس الاشياء جميعا ما يوجد منها وما لا يوجد. الشئ الذي سهل الامر كثيرا علي الفلسفات اللاحقة خاصة الفلسفة الحديثة وما بعد الحداثة. ومن المهم ان يعرف المهتم بالفلسفة او المتخصص المعني الحقيقي للسفسطة وليس المعني الشائع الذي جري الترويج له علي مر العصور, الشئ الذي يخصم من رصيد هذه المجموعة. كما ان السوفسطائية لم تكن مدرسة لانهم لم يلتزموا في مكان واحد وانما ظل كل واحد منهم يعمل بمفرده وطريقته الخاصة وما جمعهم هو المذهب الذي استخدموه معا!



#ديفيد_ج._كوج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن سلام غير مرغوب به في الجنوب
- الداعرة الشريفة! قصة قصيرة
- جنوب السودان.. وجامعة الدول العربية
- ريك والحركة هل سينتصر منطق القوة مرة اخري؟


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ديفيد ج. كوج - الحركة السوفسطائية