’’ولكنّها مجرّد نظريّة!‘‘

أشمون رعد

الحوار المتمدن-العدد: 4666 - 2014 / 12 / 19 - 21:26
المحور: الطب , والعلوم
    

’’ولكنّها مجرّد نظريّة!‘‘

إنّ مشكلة المغيّبين عقلياً، الجاهلين علمياً، المؤمنين دينياً، أنّهم ينظرون ولا يرون، يسمعون ولا يصغون، يقرؤون ولا يفهمون.... مشكلتهم أنّهم يصدّقون ما يتم تلقينيهم من قبل رجال دينهم من دون أي نوع من الشّك والتمحيص والتفكير.

’’ولكنّها مجرّد نظريّة!‘‘ هي العبارة التي طالما سمعتها من المسلمين أو المسيحيين حين نتحدث عن نظرية التطوّر. ولم أتفاجأ بها أبداً، بل كان لدي يقين دائماً أنني سأنتهي بشرح مفهوم النظريّة العلميّة، لأن المؤمن لا يعي تعريف مصطلح ’’النظريّة‘‘ بالنسبة للعلم، ويخلط بين تعريفها العلمي وتعريفها بالنسبة لسياق الحديث اليومي.

إنّ ما فاجئني البارحة – وهو ما دفعني إلى كتابة هذا الموضوع – أنّ زميلة لي أظهرت جهلاً تاماً بمعنى مصطلح ’’النظريّة العلمية‘‘ على الرغم من أنّها صاحبة اختصاص، وتدرّس مادة الكيمياء منذ عشرات السنوات. إنّني شعرت بنوع من الخجل حين تفوهت هي بهذه الجملة ’’ولكنّها مجرّد نظريّة!‘‘... كيف لي أن أصوّب معلوماتها وهي صاحبة الخبرة والشهادة في الكيمياء!! والأسوء من ذلك، أنّها قالت لي أنّها تؤمن بالتطوّر بالنسبة للنباتات والحيوانات ولكن ليس للإنسان... وعبثاً حاولت إقناعها أنّ الإنسان من الثدييات شأنه شأن الثدييات الأخرى...قالت لي: ’’ أتحاول أن تقول لي أن أصلنا قرد؟‘‘ عرفت حينها أنّ لا جدوى من هذا النقاش، فأنهيته...

إنّ الجاهل بالتفسير العلمي يخلط دائماً بين كلمة فرضية hypothesis وكلمة نظريّة theory.
إن الفرضية هي خطوة واحدة من الخطوات التي يمرّ بها الباحث العلمي، الفرضية هي مجرّد توقّعات لم تصل إلى حد تأكيدها أو رفضها...
أمّا النظرية فهي الفرضيّة بعد أن تمر بمراحل كثيرة من البحث والتدقيق. النظرية هي الفرضيّة التي تم مراقبتها واختبارها وإيجاد العديد من الأمثلة الشواهد المؤيدة لها. إنّ العلم حين يعطي صفة ’’نظرية‘‘ لتفسير علمي معين، أي أنّه – العلم – يعلنه تفسيراً صائباً حتّى يبرهن عكس ذلك.

ويسأل ناكر صحة التطور: إذن إن كانت نظرية التطور صحيحة لِمَ مازلت نظرية ولم يعلنوها قانوناً علمياً؟ وهذا السؤال لا يقلّ جهلاً في العلم عن السؤال الذي سبقه... إنّ القانون العلمي لا يفسّر الظواهر العلمية؛ هو قانون صائب في ظروف معينة، هو تقرير ينتج عن اختبارات ومراقبات متكرّرة. أمّا النظريّة، فهي تفسير للظواهر وأسبابها. أي أن كل منهما مصطلح مختلف عن الآخر وليس القانون العلمي أكثر صواباً من النظرية العلمية، ولا هي أقل صواباً منه، بل هو عرض لنتائج اختبارات معينة وهي تفسير لأسباب النتائج. وخلاصة الأمر فإن النظرية العلمية لا تتطور لتصبح قانوناً علمياً ولا هو بدوره يتراجع ليصير نظريةً.

إنّ على الإنسان أن يعرف أنّ النظرية العلمية هي حقيقة حتّى يثبت العلم غير ذلك، والعلم فقط!

(للأمانة العلمية، بعض ما ورد في هذا الموضوع مذكور في كتاب البرفسور ريتشارد دوكنز (أعظم عرض على الأرض – The Greatest Show on Earth).

#أشمون_رعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات