|
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الثاني
محمود عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 16:07
المحور:
القضية الكردية
لم تكتفي السلطة الشمولية بالقضاء على العائلات الكبرى، ماديا ومعنويا، وخلق الصراع بينهم وبين أهلهم من الفلاحين، لتفكيك المجتمع الكردي، بل تجاوزتها، فلم تحلى لها وجودهم، خاصة وأن أغلبية الجيل اللاحق بعد عمليات الاستيلاء، تلائموا وتأقلموا مع الواقع والظروف وتدرجوا في المراكز العلمية، مع الصعود الثقافي الذي طال أغلبية المجتمع الكردي، وولجوا في الحياة الاجتماعية-الاقتصادية على بنية مغايره لماضي عائلاتهم المرتبط بالواقع الزراعي، كالعمل الوظيفي، أو الأعمال الحرة، وغيرها من المجالات، والأغلبية عادت وتمكنت من الوقوف على أشلاء الماضي، فبدأت تظهر للسلطة مرحلة أخطر من الأولى وبداية صراع من نوع جديد قائم على الوعي والإدراك. انضم الأغلبية المثقفة وغير المثقفة منهم إلى العمل السياسي والحزبي، بعكس الآباء والأجداد الذين كانوا وطنيين ويملكون العاطفة القومية بشكل غريزي أو لانتماء تاريخي أو لأرضية نبتوا عليها وتجمعهم بها جذور عريقة في الماضي، أي انتماء وحب للقومية الكردية مبنية أغلبيتها على عدم دراية بمقومات القومية بل وربما كان مشوبا بجهل ثقافي مع براءة وصدق نية، وهي في كثيره الأنقى من الانتماء المبني على التخطيط والتكتيك الجارف في بعضه إلى الغايات الذاتية أو الأنانية والتحزب، مع ذلك اصبحوا يشكلون خطرا أعمق وأوسع على استبداد النظام، وبطريقة مغايرة، انتبهت السلطة إلى الواقع الجديد فأعادت دراسة مخططها، وبدأت بالتركيز على تكتيك التهجير القسري للجيل الشاب وبطرق مختلفة ونشر الدعاية لمنافع الهجرة، وأحيت بالترادف معها في الأجواء ثقافة التخوين على منطق الانتماء العائلي وعدم الثقة بهم لتخليهم عن الوطن، وبنضالهم من خلال النسبة والدم، ألحقت بالعديد من موظفي الدولة تهم الرشوة والفساد لتبرير فصلهم وعدم توظيفهم ثانية ونقل البعض إلى مناطق يصعب العيش، وغيرها من الطرق، وهي نفس الأساليب التي استخدمتها فيما بعد مع مجمل الحركة الثقافية والسياسيين الكرد، والشخصيات المتنفذة، وفي نفس الوقت خلقت لأصحاب الأعمال الحرة مضايقات أمنية وحصار اقتصادي، ولاحقت البعض سياسيا وأمنيا، هجرت بعضهم بترهيب مسبق، أو عن طريق الاعتقالات المؤقتة والتعذيب وإخلاء السبيل والترهيب بالاعتقال ثانية، والأمثلة تتجاوز حد حصرها، العديد من القراء تجاربهم تثبت الحقيقة. ودفعتهم إلى النزوح خارج الوطن، وسهلت لهم عمليات السفر بكل الطرق، وحاولت أن تجرد كل المهجرين والمهاجرين في أعين الشعب من الوطنية والإخلاص القومي، إلى درجة محاولة خلق هوة بين رؤية أبناءها لمفاهيم البعد القومي ورؤية الحركة الكردية لها، والغاية كانت خلق صراع بينهم على الأهداف والغايات القومية، ليبني عليها مفاهيم الخيانة أو حب الوطن حسب تأويلاتها. أسندت السلطة ثقافتها الطبقية الماكرة، لتدمير البنية الاجتماعية الكردية، على عدة ركائز: منها تسخير مفاهيم النظرية الشيوعية المستوردة دون توليج بينها وبين الواقع الاجتماعي في المنطقة، والتي حملتها أدوات المنظومة الشيوعية، كالحزب الشيوعي وخاصة الكرد منهم، والذين وقعوا، وبعد عقود من النشاط، بسهولة في حبائل النظام الشمولي، فكانوا يفتتون البنية التحتية للمجتمع، تحت مفاهيم النظرية، متناسين انهم يقضون بتلك الطريقة وفي الوقت نفسه على القوة التي يستندون عليها لتوسعهم، ويخدمون تزايد وتيرة طغيان النظام، المستفيد من الضعف الحاصل في المجتمع الكردي، وقد اندرج ضمن حبائلها بعض الأحزاب الكردية المتشكلة تحت موجة الفكر الاشتراكي، وفي النهاية كانت أهداف السلطة تبلغ مراميها، دون صعوبة، فقضت على أمتن العلاقات الاجتماعية، ولتوسيع شمولية قدراتها أشركت العديد من الأحزاب الشكلية معها في جبهة، لمواجهة الشعب والوطن لشرعنة المستبد، والغريب في هذا اشتراك أدوات العالم الشيوعي في نظام واحد مع أعمق الأنظمة القومية والشمولية عنصرية، وكانت تدرك أنها تضفي عباءة الشرعية على النظام الشمولي، ولولا الكره القومي للكيان الكردي، وأن عملية تدمير الكرد كان من ضمن مخططها، في نشرها للمفاهيم الاشتراكية، لما ترددت السلطة في إشراك بعض الأحزاب الكردية الاشتراكية شكلا ومنهاجا، ليزيد من شرعية تدمير المجتمع الكردي تحت منطق الصراع الطبقي. في الوقت الذي كان فيه على هذه الأطراف الكردية وخاصة المثقفين منهم تطوير وتوعية هذه البنية وتوجيهها إلى الدروب القومية الصحيحة، وتمتين العلاقة بين الطبقات لتواجه النظام الشمولي وتمهد لواقع اشتراكي حقيقي متطور، غير متناقض مع الوعي القومي أو الوطني، والتجربة كانت قد توضحت بشكل جلي أمام الأعين في العديد من الدول الأوروبية، حيث اندماج القومية والاشتراكية والتعايش بين المجتمع بدون أي تضارب، بل اثبتوها بأنها أمتن المراحل التي تهدف إلى الاشتراكية الواقعية مع الديمقراطية الحقيقية. كان الواقع الطبقي في المجتمع الكردي مخالفا وعدما مقارنة بالواقع الشيوعي في منابعه والأمكنة التي ظهرت فيها أفكار الصراع الطبقي، رغم إسنادها إلى المفهومين الاشتراكي والنظرية الشيوعية، هذه المعلومة واضحة لكل مطلع نظريا وميدانيا على تاريخ الإقطاع في أوروبا وروسيا قبل الشيوعية، علما يستثنى منها الصراع الطبقي في المجتمع الإسلامي الديني المنتشر في كردستان، لا القومي الكردي، ولا تعنى هنا عائلات المشايخ الدينية الذين ... يتبع... د. محمود عباس الولايات المتحدة الأمريكية [email protected]
#محمود_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهابي مخلص لإسلامه
-
ماذا فعل المربع الأمني بغربي كردستان؟ الجزء الأول
-
المؤامرات السرية في الشرق الأوسط
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود- الجزء الثالث
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود الجزء الثاني
-
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود -الجزء الأول
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو الجزء الثاني
-
عدمية الاتفاقية الكردية في قامشلو - الجزء الأول
-
الكرد في إعلام المعارضة العربية
-
لقائي بجكرخوين
-
ثقل الكرد السياسي إقليميا
-
الحركة الثقافية الكردية والبوصلة المرنة
-
كوباني مدينة أمريكية
-
إنها مؤامرة وليس نص إلهي
-
الخطة السرية لتدمير كردستان
-
حاضر الثقافة الدينية والقومية الكردية
-
السلطة السورية خط أحمر
-
لماذا منطقة عازلة في غرب كردستان؟
-
تركيا العضوة الشاذة في الناتو
-
الإله الكوني حيث الوجود والعدم
المزيد.....
-
فنلندا: تراجع عدد طالبي اللجوء بنسبة 45% والسلطات توقف دراسة
...
-
لندن: اعتقال ستة أشخاص خلال مظاهرة لدعم زعيم منظمة يمينية مت
...
-
تبادل الأسرى بين غزة وإسرائيل.. خطوات منظمة تحت إشراف الصليب
...
-
العراق يوافق على توصيات مجلس حقوق الإنسان الدولي
-
الفلسطينيون يستقبلون المزيد من الأسرى
-
البنتاغون يرحل المهاجرين إلى غوانتانامو خلال أيام وفنزويلا ت
...
-
الضفة المحتلة تستقبل الأسرى المحررين.. فرحةٌ منقوصة وشهادات
...
-
الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.. تهدئة أم تصعيد قادم؟
-
اتهام نتنياهو بمحاولة إفساد صفقة تبادل الأسرى.. والبيت الأبي
...
-
القسام تبث مشاهد تسليم الدفعة الرابعة من الأسرى الإسرائيليين
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|