أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رزكار نوري شاويس - شيء عن الأرهاب الأصولي و انتشاره في العالم الاسلامي















المزيد.....


شيء عن الأرهاب الأصولي و انتشاره في العالم الاسلامي


رزكار نوري شاويس
كاتب

(Rizgar Nuri Shawais)


الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 08:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن ربط مناهج الفكر التكفيري و ما يرتبط به من عنف و إرهاب دموي (بالآخرين) من خارج العالم الاسلامي ( وإن الآخرين هؤلاء يبغون من وراء هذا تشويه صورة الاسلام و المسلمين ) ، ليس إلا ذرا للرماد في العيون و كذبة كبرى من الاكاذيب التي تطلقها بأستمرار منابر الدعاية الديماغوغية لبؤر التطرف الديني بين شرائح المجتمع الاسلامي .. قد يصح القول انها استغلت او تستغل من قبل (الاخرين ) لكن المنبع و الجذور تبقى هي الاساس ، فالعنف الدموي و المجازر و الحرائق و الاستهانة بالارواح البشرية كانت السمة الأساس لأسلوب الحكم الذي رافق نظم الحكم الاسلامية منذ نشوئها و أستغلت الاسلام و أحكامه بتفاسير و إجتهادات محرفة و مشوهة لصالح تعزيز سلطة الحاكم و (جماعته ) و تشديد قبضتهم على رقاب العباد و الهيمنة المطلقة على اقدارهم ، و الهدف كان دائما دنيويا و هو مباهج السلطة و السلطان و التمتع بامتيازاتها وملذاتها .

إن جذور ( الارهاب الديني الاصولي ) المتفشي بشكله الحالي في أرجاء العالم الأسلامي و الشرق الاوسط و التسلل منهما الى العالم غير الاسلامي ، يتعمق الى ازمنة غابرة تسبق بمئات السنين قيام انظمة الحكم الحالية ( خارج العالم الأسلامي ) بل و حتى اكتشاف قارات الامريكيتين و استراليا ، و التي يحاول حماة ومبرري الارهاب ربط مناهج الارهاب و التطرف الاسلامي الاصولي بها ..

و كما يؤكد المؤرخون( المحايدون) و المختصون في التأريخ الاسلامي ، فإن مناهج الأرهاب المتفشي حاليا في الشرق الاوسط و العالم الأسلامي بدأ عام ( 1745م)مع دعوة ( محمد بن عبد الوهاب )المعروفة بـ ( الدعوة الوهابية ) التي بدأت بالأنتشار من منطقة ( نجد ) و سط الجزيرة العربية ، هذه الدعوة استمدت بعض أفكارها من الأسلام و ارتكزت على (تكفير) جميع المسلمين و جعلت من هذا التفكير مبررا دينيا ( شرعيا ..!) للقتل و النهب و سبي نساء و أطفال غيرهم من المسلمين . أما لماذا وجدت الوهابية في منطقة نجد و سكانها من ( الأعراب )منبتا خصبا لها ؟ فهذا الأمر يرتبط بتأريخ هذه المنطقة و سكانها ألاصليين ، فالأعراب النجديون هم من قال الله تعالى عنهم ( قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الأيمان قلوبكم .) و قال تعالى فيهم أيضا ( إنما الأعراب أشد كفرا و نفاقا ) ..

و المؤكد في تأريخ الأسلام ، إن اعراب نجد دخلوا الأسلام في عهد النبي محمد صلى الله عليه و سلم بسبب عدائهم و صراعهم مع ( قريش ) و ليس بدافع ايماني ، ثم إرتدوا عن الأسلام بعد دخول قريش الأسلام ، ثم عادوا اليه بعد أن هزمتهم قريش . و في عهد الخلفاء الراشدين (أبو بكر الصديق ) و ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنهما ، انضموا لجيوش الفتح الاسلامي وعرفوا بالسلب و النهب ، بعدها تمردوا على الخليفة ( عثمان بن عفان ) رضي الله عنه ثم حاصروه و قتلوه ، بعد ذلك خرجوا على آخر الخلفاء الراشدين ( علي بن أبي طالب ) رضي الله عنه و اتهموه بالكفر ثم إغتالوه ، ومنذ ذلك الحين عرفوا بـ ( الخوارج ) .. كل هذا التقلب حدث خلال أقل من (30 ) عاما - من وفاة النبي صلى الله عليه و سلم سنة (632م) و الى إستشهاد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة (661م ) .

من تلك الأصول استمدت الحركة الوهابية قوة انتشارها في (نجد) ثم الجزيرة العربية و الى العراق و الشام و اسلوبها التكفير و الغزو و النهب و سفك الدماء ، فاضطرت الدولة العثمانية الى الاستعانة بواليها على مصر ( محمد علي باشا ) الذي قضى على الدولة الوهابية المعروفة بـ( الدولة السعودية الأولى ) و ذلك بعد احتلال و تدمير مركز حكمها في ( الدرعية )سنة (1818م ).

لكن اسقاط الدولة الوهابية هذه بحملة عسكرية ( لم ترافقها حملة فكرية تعمل على تصحيح العقيدة التي قامت عليها تلك الدولة الاصولية الارهابية و تعري دعاويها الباطلة ) لم تنجح في القضااء على الفكر الوهابي و فضح زيف دعاويه ، فعادت الحركة للأنتشار و إكتسبت القوة من جديد لتثمر عن قيام الدولة السعودية عام (1902م) . و من يومها تفرعت من الوهابية العديد من الفرق و الجماعات بأسماء مختلفة ، يشوهون جوهر العقيدة و يفتكون بالاسلام المسالم و يكفرونه اينما تمكنوا و لينشروا في ربوع العالم الاسلامي فكرهم البدائي المتخلف المشبع بالكراهية و العنف و يعلنون سرا و علانية ان (مذهبهم ) الأرهابي هو الأسلام الصحيح و غيرهم من المسلمين كفرة ..!! يعاونهم في ذلك صنيعتهم في مصر – حركة الاخوان المسلمين – الذي يعد أول تنظيم لحركة الأخوان المسلمين في العالم الأسلامي .

في بدايات القرن العشرين كان التصوف ( السني ) هو نمط التدين السائد في المجتمع المصرى مع تغلغل قلة من الوهابيين الناقمين على (الشيعة ) و المتصوفة و تكفيرهم بتهمة عبادة الاضرحة و تقديس البشر ، بينما كان الشيعة و المتصوفة ينقمون على الوهابيين في المجتمع المصري استحلالهم لدماء المسلمين و هدمهم لما يعتبرونه مقدسات دينية .
بين هؤلاء و اؤلئك برزعام (1905م) الأمام ( محمد عبدة ) الذي انتقد الصوفية بما وصفه بـ (التخلف العقلي ) ، كما انتقد الوهابية في تزمتهم و تطرفهم و تكفيرهم للآخرين ، و دعا في مؤلفه الموسوم بـ (الأسلام و المدنية ) الى الأبتعاد عن التكفير و قيام الأيمان على العقل و تقديم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض بينهما و هدم السلطة و الدولة الدينية ، إذ ليس في الأسلام دولة دينية إنما دولة مدنية و لم يمنح الأسلام أي فرد أو أية جماعة سلطة على العقائد و تقرير الأحكام ، و دعا الامام (عبدة )أيضا الى حماية الدعوة بمنع الفتنة ، فالقتال في الأسلام وجد فقط لرد الأعتداء و ليس للأكراه في الدين داعيا الى مودة المخالفين في العقيدة (غير المسلمين )و الى التفكر بسنن الله في الخلق و الجمع بين مصالح الدنيا و الآخرة ، منبها الى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو في الدين و أباح الزينة و الطيبات .

لكن ، لم تمكن الفكر الأسلامي المتزمت و المتطرف من الأنتشار في مصر عبر تنظيم الأخوان المسلمين ؟
إن البيئة السياسية المصرية منذ أيام ( الخديوي اسماعيل ) ساعدت على نمو هذه الجماعة التي استغلت الليبرالية المتاحة في المجتمع و ذلك بالتركيز الممنهج على تحويل نمط التدين (السني الصوفي )بين العامة الى تدين (سني وهابي ) و ساعدها في ذلك السخط الشعبي السائد في الشارع المصري جراء انعدام العدل الاجتماعي و اتساع الفجوة بين الأغنياء و الفقراء ، يضاف على كل ذلك الجهل و الامية و التخلف الثقافي خصوصا في مجالات الفقه الديني ، بالأضافة الى القصور الحاد في استيعاب الأجيال الصاعدة من المتعلمين من أبناء الطبقة الوسطى الذين لم يجدوا متسعا في التوظيف أو العمل السياسي .. في خضم هذه الاوضاع الاجتماعية و السياسية-الثقافية المتردية ، تغلغل الفكر الوهابي المتطرف في المجتمع المصري عبر ما عرف بـ :
1 – مساجد الجمعية الشرعية ، و كان هدفها السيطرة على المساجد و الأئمة و الوعاظ و بالتالي كسب الأتباع ..
2 – ثم جمعية أنصار السنة ، التي أسسها عام (1926م) الشيخ ( حامد الفقي – و كان أزهريا ) الذي ابتاع له اقطاب الدعوة الوهابية السعوديين دارا سكنية صار مقرا للدعوة الوهابية في مصر .. هذه الجمعية تخصصت في نشر الفكر الوهابي و مؤلفات ( إبن التيمية ) و ( إبن القيم ).
3 – ثم جمعية الشبان المسلمين التي تأسست عام (1927م)برئاسة (د. عبد الحميد سعيد )و كان يغلب على نشاطها إتجاهها الحركي ، هذه الجمعية ركزت على الشباب ( خصوصا ابناء الطبقات الفقيرة و المحرومين من التعليم و من غير المثقفين و العاطلين عن العمل من أبناء الطبقات الوسطى ) و انتشرت بينهم ، و كان ( حسن البنا ) من أهم أعضاء هذه ألجمعية ..
4 – ثم جمعية الاخوان المسلمين التي تأسست عام (1928م ) و كانت تمثل الأتجاه الحركي المسلح للحركة الوهابية في مصر ، أسسها ( حسن البنا ) بتوجيه و تمويل من أعيان الحركة الوهابية .

هكذا كانت بدايات انتشار الفكر الوهابي في مصر و منها انتشرت في أرجاء العالمين العربي و الأسلامي إما بأسم الأخوان المسلمين أو بأسماء و عناوين مختلفة .
في مذكراته الموسومة بـ (ألدعوة و الداعية ) يعترف البنا بأرتباطه باالشيخ (وهبة ) احد أقطاب الحركة الوهابية و بصلاته بمصادر المال و النفوذ االوهابية – السعودية و استلامه الأموال منهم ، كما و يؤكد شقيقه (جمال البنا ) في كتابه ( خطابات حسن البنا الشاب ) بصلة شقيقه الوثيقة بالحركة الوهابية السعودية .. من جهته أشار الدكتور ( محمد حسين هيكل – وهو غير محمد حسنين هيكل ) في مذكراته عن السياسة المصرية الى تعرفه على الشاب( حسن البنا )في موسم الحج سنة (1936م)و كيف أن البنا كان وثيق الصلة بأقطاب الوهابيين هناك و يتلقى منهم المال ، و يذكر ( جمال البنا ) أن شقيقه ( حسن البنا ) كان يمسك بيد من حديد بميزانية الجماعة الذين كانوا لا يعرفون عن تفاصيلها الكثير ، لذا فإن الانشقاقات عن جماعة الاخوان إرتبطت دائما بقضايا مالية و اتهام حسن البنا بالأختلاس و التلاعب المالي و إخفائه لمصادر و مبالغ تمويل الجماعة .
من خلال هذا الدعم المالي استطاع ( البنا ) وهو المدرس البسيط ان ينشيء نحو خمسين ألف شعبة و خلية للأخوان في مصر ، و من مصر – كما ذكرنا – انتشرت هذه الحركة الاسلامية المتزمتة و المتطرفة الى اغلب البلدان العربية بتسميات مختلفة بقي ابرزها ( الأخوان المسلمون ) ..


إن ( رابطة العالم الأسلامي )التي نشطت في أواخر القرن العشرين و التي تعد إمتدادا للجمعيات اعلاه ، لعبت دورا أساسيا في تجنيد الشبان و غيرهم من الفئات العمرية اينما تمكنت لترسلهم الى (باكستان ) و (افغانستان ) لغسل أدمغتهم كمجاهدين و تدريبهم على السلاح و إعدادهم كأرهابيين يتم نشرهم فيما بعد في أرجاء العالم الأسلامي و خارجه ، ( جميع من تدربوا توزعوا على المنظمات الأرهابية الناشطة اليوم في العالم الأسلامى ) ناهيك عن تشكيل العديد من الخلايا الأرهابية النائمة من عناصر مختارة من العوائل المسلمة المهاجرة الى ارجاء المعمورة لتنشيطهم وقت الحاجة و قد استغلت غالبية المساجد التي أنشأتها الرابطة في عواصم ومدن العالم غير الأسلامي لهذا الغرض ..

وهكذا ، فجميع المنظمات و الجماعات الأصولية الأرهابية الأخرى التي تلت تأسيس جماعة الاخوان المسلمين لمصرية الى يومنا هذا تأتي امتدادا لها سواء كان ذلك بشكل مباشر او لا ، و منها على سبيل المثال و ليس الحصر( القاعدة و طالبان و جماعة ابو سياف و حركة شباب المجاهدين و انصار الاسلام و انصار السنة و الحركة الأسلامية المسلحةفي الجزائر و فتح الاسلام و حركة الجهاد الاسلامي المصرية و حزب التحرير و تنظيم القاعدة في المغرب العربي و الجيش الاسلامى و جيش محمد و جماعة التوحيد و الهجرة و بوكوحرام و حركة الشباب في الصومال و جماعة النصرة و دالم و داعش و غيرها من الاسامي و المسميات باسم الاسلام ..!! ..) و الجدير ذكره هنا ، ان هذه الفرق و الجماعات الأرهابية رغم منبتها و أصلها الواحد و شربها من ذات المنهل ، الا انها دائما على أهبة الأستعداد للتناحرفيما بينها وتكفير بعضها البعض عند تعارض مصالح زعمائها و تشابك مناطق نفوذها و سلطتها ، و هذا يفضح زيف الرابط بين اهدافهم و مناهجهم من جهة و جوهر الدين و الايمان من جهة اخرى ، و خير مثال على ذلك صراع (داعش ) مع غيره من التنظيمات الأرهابية الاخرى و انقلابها على القاعدة و إعلان زعيمها نفسه خليفة للأسلام و المسلمين الأمر الذي عده زعماء الارهاب لطالبان و القاعدة و غيرهم اهانة و تحقيرا لهم ، فهم يرون في انفسهم الأكثر كفاءة و استحقاقا لحمل هذا اللقب .. أجل فشهوة السلطة و السيادة و المكاسب المادية تكسر و تبطل الرابط بين ايديولوجيتهم و الدين ، لتتلاشى التعاليم الأسلامية المرتبطة بمفهوم الأنسان و قيمته و يتشوه جمال الخالق و الخلق أمام شهوات القتل و النهب و ألأغتصاب و السلطة و النفوذ و مكاسبها ، فأكتساب سلطة دينية عبر الأستيلاء على الأراضي و نهب مواردها و ترحيل سكانها أو اخضاعهم بأستخدام أبشع وسائل البطش و الترهيب تفضح زيف الاسطورة الايمانية لهذه الجماعات عن الدين و الدنيا و الاخرة ووحدة الأمة ..

لكنها جميعا أفاع فقست و خرجت من جحر واحد ، عصبات قتل و نهب و تخريب تضم في صفوفها الآفاقين و الدجالين و القتلة والمغامرين و المهربين و المنحرفين خلقيا و المرضى النفسيين و المدمنين و الجهلة الاميين و الفاشلين و البائسين اليائسين والفقراء و الباحثين عن الشهرة و من ضاقت بهم سبل الحياة و العيش و المغرربهم من البسطاء و المعوقين عقليا ..الخ ..؟ جماعات لأغلبها علاقات وثيقة مع العصابات و المافيات الدولية لتهريب المخدرات و الاتجار بالرقيق الابيض و السلاح و تبييض الأموال ، تحركها عقول شيطانية حاقدة على الانسانية لسبب من الاسباب ، تتبنى القسوة المفرطة و الارهاب لفرض افكار و مفاهيم مسخة بالية ، تعدم و تذبح و تضطهد الاخرين لأبسط اختلاف في الرأي و التفسير او في المذهب و الدين او في العرق و الجنس .. يفجرون اضرحة الأنبياء و دور العبادة و الرموز الدينية والنصب التذكارية للصالحين و العلماء و رجالات الثقافة و الفكر يحرقون الكتب و يغيرون في مناهج العلم و المعرفة الأنسانية و يسعون لأبادة الأقليات العرقية و الدينية ، يفرضون الاتاوات و يسمونها جزية و الدعارة جهادا ، يمحون التأريخ و التراث ويخربون كل ما يرمز للبناء الحضاري و الأرتقاء و التقدم .. يرتكبونها باسم الاسلام وهم يهتفون ( الله أكبر ) !! يقترفون كل هذه الجرائم و المنكرات بحق الانسانية و يتباهون بها و يهينون (57) دولة اسلامية تقف أزائها ( بكل قدراتها العسكرية و البشرية و المادية و الاعلامية ) صامتة تنتظر من امريكا و اوربا المسيحية ان تهب لكسر شوكة الأرهاب ..!!

إن الأرتباط الوثيق بين الارهاب الاصولي بأسم الأسلام و بين الفكر الوهابي مسألة لايمكن لأي شخص جاد انكارها ، فالأضرحة و المزارات الدينية كانت موجودة في العالم الاسلامي قبل الوهابيين طوال قرون و لم يفكر أحد في هدمها و اعتبارها رموزا كافرة ، و الوهابيون كانوا ايضا أول من حرموا الاحتفالات الدينية الأسلامية و منها المولد النبوي الشريف .. نعم ، كل الحركات الارهابية الاصولية التكفيرية في العالم الأسلامي تتبنى الأساليب و المناهج ( الوهابية – الخوارجية ) و تسير على نهجها ، و إذا كان هناك من يقول ان ( سيد قطب ) كان أول من (كفر ) المجتمعات الأسلامية ، نقول ان (محمد بن عبد الوهاب ) مؤسس الوهابية كان قدوته في ذلك ، فقد كفر كل المسلمين بلا إستثناء ما عدا جماعته ، و هذه الروح التكفيرية مستنبطة بالكامل من تراث الخوارج الذي لايزال يهيمن على ثقافة الجزيرة العربية الدينية .. فالاطفال هناك لايزالون يربون على ان كل المسلمين مشركون باستثناء فرقة صغيرة هي الوهابية .


و اليوم و نحن أمام بانوراما الجرائم البشعة بحق الانسانية و التي ارتكبها تنظيم (داعش الارهابي )الذي يدعي الخلافة الأسلامية بأسم الدولة الأسلامية في العراق و الشام .. هل تتراءى صورة دولة اسلامية مزدهرة يسودها العدل و السلام و سعادة يوتوبية ؟ بالطبع لا ، فالتاريخ بكل أدلته الدامغة يؤكد على أن الدولة الأسلامية ( بل الدينية عموما ) ظلت عبر التأريخ موبوءة بالخلافات المذهبية و الحروب الأهلية و الاغتيالات و التنافس الدموي على السلطة و النفوذ حتى بين الأبن و أبيه و الآخ مع أخيه و إحلال كل المحرمات بأسم الدين في سبيل ذلك .
إن داعش الذي انفتق في بيئة الأرهاب و التعصب الاعمى الأحمق ، ليس الا رمزا من رموز الهوس الديني المريض بأسم الأسلام و لا إسلوب للتعامل معه و كبح جماحه الفالت الا بالتعامل معه باللغة التي يفهمها و بتوعية و تربية المجتمع ازاء زيف و بطلان دعاويه .
إن جميع الحكومات و أنظمة الحكم في العالم الأسلامي بلا إستثناء ، يجب أن تتحمل مسؤلية مباشرة و فاعلةفي مواجهة التطرف و الأرهاب .. فمنذ نشأتها و الى يومنا هذا و لأستمرار هيمنتها و نفوذهاو تواصل (عزها و سلطانها ) انتهجت غالبية أنظمة الحكم في العالم الأسلامي نهجا استبداديا اعتمد على التفاسير و الاجتهادات المنحرفة و المحرفة للشريعة و الدين و على جهل الأمة و الأبقاء على التخلف الفكري الحضاري في مجتمعاتها و توكيل شؤون اداراتها الى فئات انتهازية فاسدة مفسدة لايهمها الا مصالحها و رضا الحاكم و السلطان .. و من هذه البيئات تفرخت كل الفرق و الجماعات الأرهابية .. أجل ، فالارهاب الذي يعصف اليوم بالعالم الأسلامي و يشكل خطرا على خارج هذا العالم ايضا تفرخ في مجتمعاتها و في ظل حكوماتها ، فعرابو و سماسرة الأرهاب وجدوا في شباب العالم الاسلامي الذين يعانون من الجهل و العوز ومن البطالة و التهميش و من كل انواع الكبت ؛ الفرائس السهلة لأصطيادهم و تجنيدهم كأرهابيين و قتلة و انتحاريين ، ان الشباب في العالم الأسلامي قبل ان يكونوا فرائسا للفكر الأرهابي المتطرف هم ضحايا لأنظمة القمع و الأستبداد ، ضحايا لمناهج التربية و التعليم ، ضحايا اللاعدل الأجتماعي ، ضحايا التخلف المدني و التقني و التراجع الفكري – الثقافي ، ضحايا الوعاظ و منابرهم المتحجرة المتزمتة ، فمشكلة بعض المسلمين المعاصرين إنهم يصدقون كل ما يقرأونه من تفاسير و إجتهادات في كتب و مخطوطات ألفت قبل قرون ، و ليس من الخطأ أن نقرأفي الكتب و المراجع القديمة ، لكن لابد من تحكيم العقل في ما نقرأ، فـ (تعطيل العقل ) هو المشكلة الكبرى في مجتمعاتنا الأسلامية و هو البوابة التي تطل على باحات الفهم و التحليل الخاطيء المدمر لمشاريع التقدم الحضاري للمجتمع ، و هو الوسيلة التي تحول الافراد و الجماعات ( بهائما ) مسلوبة الأرادة يقودها حامل عصا بمعونة بضعة كلاب الى حيث يشاء و ما يريد ..!!


و لنسأل نحن رعايا العالم الأسلامي أنفسنا .. ماذا لدينا كمجتمعات و نظم و أفكار و إبداعات غير القتل و التخريب و الكراهية لنقدمه للعالم و للإنسانية و لغيرنا من غير المسلمين و من غير مذاهبنا في عالم يضم في رحابه مجتمعات تفتخر بعطائاتها العلمية و الثقافية للأنسانية ، فهناك من يعطي الأنجازات التقنية و هناك من يعطي الفن و هناك من يقدم الحوار الحضاري و هناك من يطرح الديمقراطية و هناك من يسعى للحفاظ هلى البيئة و حماية المناخ ..الخ ..
أما الاسلام الاصولي المتزمت و المتطرف فقد اعلنها داوية مدوية ..( ليس لدينا ما نقدمه للعالم و للأنسانية و لغيرنا من اتباع الديانات و المذاهب و الاعراق الأخرى سوى الذبح و الصلب و الغزو و النهب و سبي النساء و الاطفال و الاتجار بهم في سوق النخاسة ..) !
هل يوجد غيرنا من أتباع المذاهب و الأديان الأخرى في العالم من يعتقد انه سيحصل على النعيم و الجنة و يتقرب به من الله و ينال رضوانه إذا قتل العشرات من الأبرياء و نهب أموالهم و سبى نسائهم و أطفالهم ؟
قد يقول البعض ان من أخذوا هذا الأتجاه ( شواذ و لايمثلون الأمة ) لكن صفة الشذوذ تطلق على ظاهرة في اطار محدود لا على عشرات الألاف من القتلة و الانتحاريين ورائهم موجهين و ممولين و مبررين يسمونهم مجاهدينا و شهداء ..!! لا ، انهم لا يمثلون ظاهرة شاذة في مجتمعاتنا الأسلامية ، بل هم نتاج تربية و ثقافة و مؤثرات و حوافز و جذور و أصول تأريخية لا نرى تحركا جادا مضادا لها لا من قبل الحكومات و لا من قبل الوعاظ و الشيوخ الدينيين لمحاصرة هذه الظاهرة و تفتيت و تفنيد أسبابها و حججها ، بل بالعكس نرى و نسمع تبريرات ( من رجال دين و شيوخ معروفين في العالم الأسلامي كأئمة و وعاظ و دعاة ) من قبيل أن أمريكا و الغرب و روسيا و الصين و الهند و موزمبيق و الاكوادور و الواق واق ...الخ كل العالم الكافر ، يتآمر على الاسلام و المسلمين ..!!

إن التطرف الأصولي بأسم الأسلام كان دائما المشكلة المعقدة في الشرق الاوسط و العائق الاكبر امام تقدمه الحضاري ، و تطور اليوم ليصبح أزمة و خطرا يواجه العالم أجمع ، فالأرهاب تصاعد بحدة و أصبح يهدد كل المعتدلين و المتسامحين و المدافعين عن حقوق الأنسان و دعاة الحوار و التعايش الحضاري اينما كانوا في جغرافيات العالم ..
إن ورم التطرف الاصولي تضخم و تطور نحو الاسوأ و صار سرطانا عابرا للقارات الأمر الذي يجب مواجهته بحزم شديد في إطار جهد دولي و هذا الجهد يجب ان لايقتصر فقط على فعاليات عسكرية صارمة بل يجب ان يرافقها برامج و مشاريع تنموية شاملة للحد من ظاهرة الفقر وتحقيق العدل الاجتماعي و تنفيذ خطط عملية لأنتشال العديد من مجتمعات العالم الأسلامي من مهاوى الجهل و التخلف الفكري و احداث تغييرات جذرية تواكب العصر في مناهج التربية و التعليم من رياض الاطفال و الى مراحل التعليم الجامعي بما يعزز من ترسيخ ثقافات التسامح و التعايش و قبول الاخر في ذهنية الاجيال الجديدة الصاعدة ، و تقديم الدعم و الأسناد بكل أشكالها المادية و المعنوية لكل القوى و الأتجاهات و النظم و الكيانات المناهضة للأرهاب و الداخلة في صراع مع قواها الغاشمة ..و الجهد العسكري يجب ان يرافقه جهد فكري و سايكلوجي يتغلغل في الفكر المنتج للأرهاب الأصولي و إسكات كل تلك الاصوات و الأبواق الأنتهازية المنافقة التي تبرر الأرهاب و تأخذ مواقف مزدوجة منه و تجفيف كل المنابع و المصادرالمالية التي تمول و تغذي الأرهاب فالمال يعد من اهم مقومات قوته ..



#رزكار_نوري_شاويس (هاشتاغ)       Rizgar_Nuri_Shawais#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوامش
- مزار على ناصية زقاق
- ألأخوة العربية الكوردية ..!!!
- تصريحات العامري و المطلوب من الحكومة العراقية المرتقبة ..
- شيء عن ذكرى تأسيس البارتي ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني )
- المالكي و المطلوب بعد تنحيته ..
- أراجيح الدكتاتور ..!!
- شيريد المالكي .. يخربها بعد أكثر ؟!!
- ألمزار ..!
- ألمعضلة العراقية مرة أخرى .. ما ألحل ؟!
- حرب . حرب .. حرب
- ألجنون و شيء عن النرجسية و الدكتاتورية ..!!
- شيء عن الانتهازية و الانتهازيين
- شيء عن العيون
- قصة قصيرة .. و هطل المطر ..!
- سنة أولى ابتدائي
- شيء عن العدل .. و الروح الرياضة
- ما (الجدوى ) من الكتابة ؟.. و لماذا نكتب ؟!
- (ليلى قاسم ) *
- القوى العظمى و مسؤوليتها ازاء الجرائم التي ارتكبت بحق الكورد


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رزكار نوري شاويس - شيء عن الأرهاب الأصولي و انتشاره في العالم الاسلامي