|
الأسباب الحقيقية لأجتياح صنعاء و المخارج العملية لمنع الأنهيار الكامل للدولة اليمنية
رياض طه شمسان
حقوقي و أكاديمي
(Reyad Taha Shamsan)
الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 17:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأسباب الحقيقية لأجتياح صنعاء و المخارج العملية لمنع الأنهيار الكامل للدولة اليمنية رياض طه شمسان يواجه اليمن عدداً من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية، أبرزها ضعف مؤسسات الجيش والأمن و تعدد الولاءات ، و التمدد المسلح لجماعة أنصار الله (الحوثي) في عدد من المحافظات، ونشاط تنظيم القاعدة ضد الجيش والأمن وضد جماعة الحوثي ، وكذلك التحدي السياسي المتمثل في مطالبة جنوب اليمن بالانفصال و الانقسام الحاد بين القوى السياسية، و بكل تأكيد أن استمر هذا الوضع على حاله سيؤدي إلى الأنهيار الكامل للدولة اليمنية في المستقبل القريب و هذا ما يشكل تهديداً حقيقياً و مباشراً للسلم الأجتماعي و السلام العالمي على حد سواء. هذه التحديات تم التحذير منها مبكراً من قبل العديد من الأكاديميين و تحديداً منذو إقتراب الفترة المقرة في المبادرة الخليحية للحوار الوطني على الإنتهاء، و لكن هذه التحذيرات لم تلاقي التجاوب المسؤول من الأطراف المعنية. هذه التحديات لا تزال قائمة على الرغم من تشكيل الحكومة الهجينة التي تجمع بين خصائص الحكومة السياسية و التكنقراط بكادر تقني محدود ، وهذا لا يعني عدم و جود مخارج آمنة، و لكن قبل الحديث عن هذه المخارج من الضروري التطرق إلى الأسباب التي آلت إلى و صول الوضع إلى هذه الحالة الحرجة و المعقدة التراكيب التي يمكن إيجازها بما يلي : - تطويل فترة الحوار الوطني و بالتالي المرحلة الأنتقالية الذي لم يعمل فقط على على انتهاء الشرعية القانونية للسلطة السياسية و أستبدالها بشرعية الواقع السياسي، وأنما ايضاً عمل على فقدان قوى الائتلاف في الحكومة الأنتقالية القدرة في مجارات ديناميكية التطور السياسي المتسارع على الصعيد الداخلي و الخارجي و بالتالي خروج الأوضاع إلى حد خطير عن نطاق السيطرة. - الصراع السياسي بين اصحاب المصالح في التمديد للفترة الأنتقالية من ناحية و المعرقين لعملية الأنتقال الديمقراطي في اليمن من ناحية آخرى و ضعف قوى التغيير الديمقراطي. -عادة في المراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية حتى في ظل و جود حكومة التكنقراط أو الكفاءات تزداد الفرص لممارسة الفساد و يساعد على ذلك حداثة أو عدم اكتمال البناء المؤسسي والإطار القانوني الذي يوفر بيئة مناسبة للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل مما يكون له انعكاسات خطيرة على الوضع العام قد تقوض المراحل الأنتقالية خاصة إذا ما طال زمنها. ناهيك على أن اليمن قد عانى كثيراً من نظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة السيئة و لم يشهد أي بدايات لتحولات ديمقراطية جادة و حقيقية منذو تشكيل حكومة التوافق السياسي التي كانت تفتفتقر إلى خاصية حكومة الكفاءات أو التكنقراط و حتى الآن. وفي نظام لا يوجد فيه أي آلية للمساءلة و المحاسبة القانونية . و هذا القول لا ينفي دور بعض الوزراء في محاولاتهم في تحسين الإداء للجهاز الأداري في بعض الوزارات في الحكومة السابقة و لا يشكك في نزاهة البعض منهم ، لكن تظل تلك الجهود محدودة و غير مجدية للظروف التي تم الأشارة اليها مسبقاً و ما سنشير إليه لاحقاً. - التقاسم و التحاصص للسلطة عمل على خصخصة الدولة بين النخب الحاكمة و أفقد الدولة مضامينها الأجتماعية و السيادية على المستوى الداخلي و إلى حد ما الخارجي و هذا ما أضعف قدراتها السياسية إلى حد كبير على المستوين الوطني و الدولي. و غياب المشروع الوطني في مؤتمر الحوار الوطني الذي يجسد الأرادة الشعبية و أستبدالة بمشروع للقوى السياسية المشاركة و لد الرغبة لدى أنصار الله السعي نحو تحقيق المزيد من المكاسب السياسية التي لم تستطيع أن تنالها اثناء الحوار. و سلبية الحكومة التي كانت مهووسة بالظهور الأعلامي و السياحة والسفريات و اقتنى السيارات الفاخرة و غيرها من الكماليات في وقت زاد فيه عدد المواطنين المتسولين في الشوارع و المترددين على أماكن رمي النفايات، اضافة إلى القرارات الحكومية غير البناءة و الخاطئة شكل دافعاً قوياً وهيئ الفرصة الملائمة لتحقيق تلك الأهداف
و قد كان لضعف الأحزاب السياسية و غياب المشروع الوطني لدى الشركاء في الحكومة التوافقية في ظل تدهور الحالة المعيشية و الأمنية و استمرار الفساد و العبث بالمال العام و المقدرات الوطنية "حيث دخلت اليمن في قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم ضمن تقرير منظمة الشفافية الدولية لهذا العام" و غموض الأفق السياسي دوراً مهماً سواءً في توسيع دائرة السخط الشعبي و الرغبة و القناعة في تغيير النظام القائم أو في الأنتشار السريع لنفوذ حركة انصار الله نتيجة لأنتقاداتها مظاهر الفساد واخفاق الحكومة في تحقيق مهامها. حركة انصار الله استغلت في الوقت المناسب قرار الحكومة اليمنية اللا مسؤول و غير المدروس في رفع الدعم عن المشتقات النفطية و أعلنت عن تبنيها للمطالب الشعبية الملحة التي تخلت عنها بعض الاحزاب في الحكومة الانتقالية و دخلت في مواجهة مباشرة مع النظام من أجل فرض مطالب الشعب المشروعة، وهذا ما مكنها من كسب التأييد الشعبي. و تباطئ الحكومة عن التجاوب الجاد مع هذه المطالب اعطى فرصة أخرى جديدة لتحرك انصار الله نحو تحقيق الأهداف السياسية من خلال الأقدام على تحقيق مطالب الشعب الآنية بالوسائل السياسية و العسكرية في ظل تواطئ بعض الآطراف داخل الحكومة و خارجها سوى كانت أحزاب أو افراد كانت لها حساباتها السياسية الذيقة التي كانت تسعى للتخلص من خصومها و تحقيق المزيد من المكاسب السياسية بما في ذلك حتى الأنفراد بالسلطة و الأستحواذ على المقدرات الوطنية. و بكل تأكيد يبقى الدعم الشعبي للجماعة السبب الرئيسي لنجاح الجماعة في إجتياح العاصمة صنعاء و السيطرة على مقاليد الأمور إلى حد كبير في بداية سبتمبر من هذا العام. و مازالت هناك اسباب اخرى تجعل من الصراع السياسي على السلطة و الثروة و الجغرافيا بين مختلف القوى و الأحزاب اليمنية مستمراً و بكل تداعيته المحلية و الدولية الأمنية و الأقتصادية ... الخ، حتى بعد الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية إذا ما حصلت و من بين اهمها: - مخرجات الحوار تجسد بدرجة اساسية مصالح القوى السياسية المشاركة فيه، و لا تأسس لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة و بعض من المخرجات لا تتجاوب مع المعايير الدولية للديمقراطية و حقوق الأنسان. فمخرجات الحوار تتعلق اساساً بشأن اللامركزية، واستحداث أقاليم جديدة، والطبيعة الفيدرالية وديمقراطية الأحزاب "التي تفتقر إلى الديمقراطية الداخلية" في نظام الحكم، وسعة المشاركة للأطياف السياسية مع هامش من الحقوق و الحريات التي يستحيل ضمانها أو حتى جزءاً منها دون و جود دولة مدنية حقوقية. وهذه الدولة من غير الممكن بنائها في اليمن دون مراعات بدرجة اساسية مبادئ فصل الثروة عن السلطة و الوظائف العامة عن العمل التجاري و الأزدواج الوظيفي ( بأستثناء بعض المجالات التي يتوجب أن يستدركها القانون)، ومنع عمل الأقارب في نفس الهيئات للدولة و خاصة العلياء و استقلالية المؤسسات الدينية عن السلطة السياسة . فغياب هذه المبادئ سابقاً شكل الأساس لنظام الفساد و المحسوبيات و الأدارة و انتهاك حقوق الأنسان و هذا مالم تتضمنه مخرجات الحوار. و هذا لا يعني التقليل من اهمية الحوار الوطني فمخرجاته ستظل تمثل مرجعية اساسية للقوى و النخب السياسية المتصارعة على السلطة و النفوذ التي من الممكن إلى حد ما أن تجنب اللجوء إلى العنف و استخدام القوة في ضروف غياب الدستور و السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب بالطرق الديمقراطية. - تحديد فترة طويلة لصياغة الدستور و انعدام القانونيين المتخصصين في اللجنة الخاصة بصياغته زاد الأمور تعقيداً و غموضاً. و قبل التطرق إلى المخارج العملية للأنتقال الديمقراطي من هذا الوضع من الضروري الأشارة إلى بعض الحقائق التي يجب عدم تجاهلها و التعاطي مع الواقع من خلالها و من بين أهمها: - إفتقار الدولة للقدرة بالقيام بواجباتها السياسية و المجتمعية و هذا يؤكده ما حدث ويحدث اليوم من صراعات. - النخب السياسية اليمنية الحاكمة مازالت تتناسى المصالح الوطنية و مستمرة في تجاهل الأرادة الشعبية و لا تفكر إلا في مصالحها الخاصة. فهي مازالت حبيسة التفكير السياسي القديم و هذا ما اوضحته قرارات الحكومة السابقة و مواقف الأحزاب. - الشعب اليمني أكثر استعداداً للتحول الديمقراطي و الدولة المدنية الحقوقية من النخب السياسية و هذا ما يبدو واضحاً من خلال الأحداث الأخيرة، فقد التفت مجموعات كبيرة من الشعب اليمني حول حركة انصار الله حين تبنت هذه الحركة المطالب الشعبية بغض النضر عن الأنتماء الطائفي أو المذهبي أو القبلي و حتى الحزب أو المنطقة في مجتمع تقليدي. لأن الشعب تجاوز هذه المفاهيم التي يبدو أنها قد تجذرت في أذهان و عقول النخب السياسية و الحزبية الحاكمة. فقد اخطأ من راهن على القبلية و المناطقية و الطائفية و فشلت حسابات كافة القوى التي ارادت أن تحقق اهدافها الشخصية بسقوط العاصمة. - ضمان المصالح الخاصة المشروعة غير ممكن بدون ضمان المصالح العامة. - موازين القوى السياسية ما بعد الأحداث الأخيرة قد تغير بشكل كبير، و ليس على ماهو الحال قبل احداث سبتمبر من هذا العام و في نفس الوقت غير مستقر. - الحركة الحوثية ليس بمقدورها إدارة البلاد ، ولا يمكن لأي طرف سياسي بمفرده القيام بهذه المهمة دون شراكة كافة الأطراف الفاعلة و بدون مساندة مجتمعية لأن التحديات في المر احل الأنتقالية جسيمة والمسؤولية دائماً مشتركة مهما تعددت المصالح. و لهذا يجب التعاطي مع الواقع من خلال هذه الحقائق و للخروج من هذا الوضع السيئ و الخطير يتطلب عمل ما يلي: - تشكيل لجنة قانونية من خمسة إلى سبعة قانونيين متمكنين في القانون الدولي و الدستوري و مستقلين عن أي أحزاب مهمتهم استكمال صياغة الدستور في حالة عدم تمكن اللجنة المختصة بأستكماله، و مراجعة مشروع الدستور اليمني أن استطاعت اللجنة المكلفة بصياغته و إجراء التعديلات اللازمة بما يتلائم مع المعايير الدولية للديمقراطية و حقوق الأنسان و مخرجات الحوار و بما يتجاوب مع خصائص الواقع اليمني على أن لا يتعدى مهمتها ما بين خمسة إلى سبعة اسابيع فقط. - قيام الحكومة اليمنية خلال ستة اشهر من تاريخ منحها الثقة متابعة استكمال صياغة الدستور و الأستفتاء عليه و توفير الضروف الملائمة لإجراء الأنتخابات البرلمانية و الرئاسية. - على جميع الأطراف السياسية الألتزام بالمبادرة الخليجية و قرارات مجلس الأمن و اتفاق السلم و الشراكة، مالم يتوجب اتخاذ الأجراءات اللازمة في حينه دون تباطي و فق هذه الوثائق ضد كل من يقوم بعرقة الانتقال إلى مرحلة بناء الدولة. - العقوبات الأممية ضد كل من يعرقل العملية الأنتقالية يجب أن تكون في حينها حتى لا تبدو كمبرر للتمديد، لأن التمديد بحد ذاته يعني بشكل غير مباشر عرقلة عملية الأنتقال السياسي، و من حق الشعب اليمني بصفته صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير الديمقراطي و الرأي العام الأطلاع على ما تستند عليه هذه العقوبات من حقائق وأدلة و مدى تطبيق هذه العقوبات على الواقع العملي. و في هذا السياق ينبغي التنويه على أن مطالبت الرئيس السابق أن يغادر بلده دون رغبة منه يمثل انتهاكاً لحقوق الأنسان مثله مثل ارغامه على عدم ممارست نشاطه السياسي كمواطن طالما لا يمثل هذا النشاط انتهاكاً للمعايير الدولية لحقوق الأنسان و مواد المبادرة الخليجية و آلياتها، فالقواعد القانونية لحقوق الأنسان و احدة و ليست مزدوجة. في نفس الوقت يتوجب الأشارة إلى أن قانون الحصانة لا يعفي المستفيدين منه بالمثول مام المحاكم العامة إذا توفرت الأدلة القاطعة بأرتكابهم أي انتهاكات للقانون و النظام العام بعد فترة اصدار هذا القانون و دخوله في القوة القانونية .
و ينبغي التأكيد هنا أن بناء الدولة المدنية الحقوقية ضرورة يفرضها الواقع الموضوعي لليمن، فهي ليست فقط قادرة على استيعاب التنوع الثقافي و المناطقي و الطائفي و الديني و السياسي و أنما هي ايضاً اساس تحقيق العدالة الأجتماعية و المواطنة المتساوية وخلق الأستقرار و التنمية الشاملة في اليمن . و مضمون مثل هذه الدولة تشكله حقوق الأنسان و حرياته الأساسية التي تمثل الحد الأدنى للمبادئ المشتركة لمختلف الحضارات و الأديان و الثقافات لجميع الشعوب في العالم الذي كان قد تضمنها ميثاق الأمم المتحدة و تم ترجمتها في الأعلان العالمي لحقوق الأنسان.
الدولة المدنية اليمنية الحديثة التي تشكل الهدف الرئيسي لثورة فبراير 20011م و التي تعد أساس الأمن و الأستقرار لم يبدأ بعد تشكيلها و لا توجد أي معالم تبشر ببنائها و الدخول مباشرة في أي نظام فدرالي أي كان يعني هذا عدم امكانية قيام هذه الدولة بالمستقبل المنظور لأن اقليمها سيكون مجزأ و هذه التجزأة ستؤدي فقط إلى ازدهار الفساد و الأستبداد على مستوى النخب المناطقية و إيجاد مناطق حرة للتطرف و الأرهاب، الذي من المحتمل أن تصاحبها ايضاً الحروب المحلية الأهلية و تمرد الأقاليم عن المركز ... الخ (الصومال نموذجاً).
تشكيل الحكومة الجديدة بهيئتها المختلطة التي توزعت حقائبها بين أغلب المكونات السياسية و أن كان يوجد من هو محسوب على بعض من تلك الأحزاب التي أمتنعت عن المشاركة فيها خطوة ضرورية و تمثل حالة افضل من سابقاتها سواءً من حيث الحيادية عن الأحزاب أو وجود وزراء من ذوي الكفاءة و النزاهة و من عامة الشعب و أن كانوا قليلي العدد ويشكلون نسبة بسيطة و هذه التشكيلة حصلت بسبب رفض حزب المؤتمر و الحوثيون و أنكفاء حزب التجمع اليمني للأصلاح عن المشاركة فيما تسمى حكومة الكفاءات و ليس بمبادرة مسؤولة من جميع الأحزاب. الهدف الرئيسي للحكومة الجديدة يجب أن يتركز بدرجة رئيسية في تهيئة الضروف الملائمة على الأقل في حدها الأدنى لأستكمال صياغة الدستور والأستفتاء عليه و اجراء الأنتخابات العامة في فترة لا تزيد بالحد الأقصى عن تسعة اشهر من يوم حصولها على ثقة البرلمان، اضافة إلى الألتزام بتنفيذ الألتزامات الدولية المتعلقة بمكافحة الفساد و ضمان حقوق الأنسان و المعايير الدولية للديمقراطية و الحكم الرشيد. برنامج الحكومة المقدم إلى البرلمان اشبه ما يكون بتقرير سياسي أو برنامج عمل لحزب سياسي طويل الأمد و مبالغ في انجازه في ظل عدم وجود دستور جديد و سلطة شرعية منتخبه ديمقراطياً هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى يفتقر الى الأبتكار فيما يخص الأساليب التي من خلالها يمكن حل المشكلات التي شخصها التقدير بالأعتماد بدرجة اساسية على الذات و هي متوفرة إلى حد كبير. إذ أن الأعتماد الكلي على المساعدات و المنح الخارجية كما نص عليه البند ثلاثة النقطة الثانية من برنامج الحكومة لتنفيذ مخرجات الحوار يجعلها تنتضر الحلول من الخارج و هذا في اغلب الحالات يكون صعب المنال. و الكم الهائل من الأهداف يشكك في حد ذاته بقدرة الحكومة في استيعاب حجم الأخطار الأقتصادية و الأجتماعية و السياسية و الأمنية التي تهدد اليمن، التي تحتاج إلى تحركات سريعة و فورية و جريئة و موضوعية التي من شأنها تحقيق الأنتقال السياسي في أقصر وقت ممكن. و نكتفي بهذا التطرق السريع لبرنامج الحكومة لأنه ليس الموضوع الرئيسي لهذا المقال
مهمة الحكومة الجديدة محددة و في إطار زمني قصير من ستة إلى تسعة اشهر كحد أقصى ، وسيكون من الواقعي حصرها بما يلي: - صياغة الدستور و الأستفتاء عليه و التحضير للأنتخابات العامة. اتخاذ الأجراءات اللازمة في مكافحة الفساد و العبث بالمال العام على الأقل بالحد الأدنى، أي عدم ممارسة الفساد لما لهذه القضية من اهمية كبيره للعملية الأنتقالية و الأستقرار في اليمن ، و هذا امر ممكن طالمايوجد اعضاء في الحكومة الجديدة مازالوا حتى اللحظة نزيهين و ما زالت الحكومة حريصة على الحياد - الحد من انتهاك حقوق الأنسان و معالجة الأنتهاكات بدلاً من الفعاليات الأعلامية و الترويج لحقوق الأنسان و ترك هذه المهمة للمنضمات الأجتماعية و الحقوقية. و كل هذه المهام يجب أن تسير في وقت واحد، و على الحكومة أن تستمر في العمل لأنجاز هذه المهمات في اقصر وقت ممكن لأن ازدواجية السلطة لا يمكن تجاوزها كما هو واضح إلا من خلال تحقيق هذه المهمات .
و في ظل هذه الأوضاع المستجدة يجب على حركة الحوثيين وكسلطة موازية للسلطة الرسمية فرضها الأمر الواقع أن تحفظ أمن و سلامة أي مواطن أي كان و أحترام الحقوق و الحريات ، و حماية الممتلكات العامة و الخاصة في جميع الأماكن التي تتواجد فيها حتى تتمكن الدولة من القيام بهذه المهمة و تجنب اي اندفاع ضد الخصوم السياسيين أو الأنزلاق نحو خلق مواجهات عسكرية مع أي طرف كان ، لأن هذا لا يمثل فقط مساس للقانون و النظام العام و يفقد الحركة الدعم الشعبي الواسع النطاق و أنما قد يؤدي إلى حرب أهلية شاملة، فهدف الحركة تحقيق مطالب شعبية تم الأعلان عنها مسبقاً وليس ايصال الدولة إلى حالة الأنهيار الكامل.
و بشكل عام قيام جماعة انصار الله بتحركها السياسي والعسكري الذي أدى إلى تغيير موازين القوى السياسية و فرض و اقع جديد يجعلها مسؤولة إخلاقياً و سياسياً في تجسيد مطالب الشعب اليمني في بناء الدولة المدنية الحقوقية الذي مثل الهدف الرئيسي لثورة فبراير.
أن التخلي عن ثقافة العنف و الأقصى و الأنتقام و التطرف يصبح اليوم ليس خياراً وأنما جزءاً لا يتجزأ من تحقيق الأستقرار في اليمن و لا يمكن تحقيق الأستقرار دون مصالحة وطنية شاملة و نهج ثقافة التسامح و الأعتراف بحق و جود الآخرين و أعتبار التنوع الثقافي و الديني قيم وطنية. و في هذه الحالة يصبح العمل على إيجاد توازن بين مصالح كافة القوى و الأحزاب السياسية في ظل أولوية المصالح الوطنية الضمان الأساسي لتحقيق أي توافق سياسي ناجح. و بدون قانون العدالة الأنتقالية الذي يتضمن معالجة كل الأنتهاكات لحقوق الأنسان في عهد الجمهورية اليمنية لا يمكن السير في هذا الأتجاه. و من هنا تأتي ضرورة إقرار قانون للعدالة الانتقالية
و انطلاقاً من هذه المعطيات يتوجب على حركة انصار الله كحركة صاعدة حديثة النشأة أن ترسي قيم أخلاقية سياسية جديدة، و أن تنهج ثقافة التسامح و التعاون من أجل المصالح الوطنية المشتركة خاصة بعد أن صارت تشارك في صنع القرار السياسي في البلاد. اخيراً يمكن القول أن القضية اليمنة بشكل عام أو على مستوى الشمال أو الجنوب أو في هذه المنطقة أو تلك ليست قضية قوى و أحزاب أو جماعات بحد ذاتها تتصارع من أجل الثروة و السلطة و النفوذ و الجغرافيا، و أنما هي قضية شعب بأبعادها الوطنية و الدولية و تتركز بدرجة أساسية في دولة مدنية حقوقية و اجتماعية تضمن الحقوق و الحريات و العدالة الأجتماعية و توفر حياة كريمة و مستقرة لكل مواطن يمني أى كان. و أستقرار اليمن هو استقرار للمنطقة و بدرجة رئيسية لدول الخليج وتحقيق هذا الأستقرار لن يأتي إلا بوجود مثل هذه الدولة و لا توجد خيارات أخرى ممكنة و على جميع القوى الأقليمية و القوى السياسية اليمنية التي تتطلع الحفاظ على الأمن و السلام الدوليين أن تستوعب هذه الحقيقة القائمة.
#رياض_طه_شمسان (هاشتاغ)
Reyad_Taha_Shamsan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التبعات القانونية و السياسية لعدم انتهاء مؤتمر حواراليمن الو
...
-
مفهوم شكل البناء الأداري لأقليم الدولة والأشكالية في بناء ال
...
-
نهاية الشرعية الوطنية والصلاحيات الدولية للسلطة السياسية في
...
-
الواقع السياسي في مصر وغيرها من بلدان النظام الأنتقالي والمع
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|