أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مجدى عبد الهادى - الإنحطاط الحتمي للرأسمالية














المزيد.....

الإنحطاط الحتمي للرأسمالية


مجدى عبد الهادى
باحث اقتصادي

(Magdy Abdel-hadi)


الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 10:29
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن الرأسمالية بطبيعتها لديها من الميول الموضوعية ما يجعلها تنحط أكثر فأكثر ويوماً وراء يوم ، ليس لأي اعتبارات عرضية عابرة ، كما يدّعي بعض المدافعين "المحترمين" عنها ، من المخلصين المؤمنين حقاً بقيم التنوير التي رفعتها البرجوازية يوم صعودها ، بل لاعتبارات تكوينية جوهرية مرتبطة بجوهر النظام وصميم ديناميات عمله ، كنظام : (1) يعظّم الإفقار ولا يعيش ويزدهر سوى بوجوده ، (2) يحابي الملكية ويسيطر عليه التوزيع الشخصي لا الاقتصادي ، (3) يفتقد لكفاءة تخصيص الموارد ، وكنتاج لكل ما سبق : (4) يفتقد للعقلانية الاجتماعية ، و (5) يعادي الحرية والمساواة والديموقراطية .

لا عجب أن البرجوازية اليوم قد ألقت عنها برقع الحياء ، وتخلت عن القيم التي رفعتها يوماً ، وبدأت تجاهر بذلك صراحةً بلسان منظري اليمين المتطرف والليبرالية الجديدة ، فالحرية كاذبة والمجتمع أسطورة والتقدم وهم والديموقراطية ضارة والحكم يجب أن يكون للقلة [1] ، ولا حاجة بالطبع لذكر العدالة عموماً والاجتماعية منها خصوصاً إلا على سبيل النقض والتهجم !!

كما أن كل ما يبشر به المستقبليون والاستراتيجيون والاقتصاديون والساسة وغيرهم يتمحور فقط حول التوقعات الكئيبة لعالم تحكمه نخبة ثرية ضئيلة جداً وسط بحار من الفقر ، فحياة القرن العشرين الرخية نسبياً التي أُتيحت لأول مرة للجماهير العادية الواسعة ستكون على قول أحدهم "حدث عابر في التاريخ الاقتصادي" ، وستنتهي للأبد كافة أحلام آدم سميث وجون ستيوارت ميل برخاء ورفاهية للمواطن العادي .

فالرأسمالية تنتج الفقر بطبيعتها ولأنها تحتاجه ؛ فالأرباح لن تستمر دون إفقار ، والرأسماليون لن يربحوا دون فقراء يقبلون مُجبرين بأقل الأجور ، كما أن الإفقار هو خصيصة تكوينية في الرأسمالية تنشأ عن الانحياز الذي تخلقه الملكية الخاصة في كافة عمليات وعلاقات الإستهلاك والإنتاج والتوزيع والتبادل .

فالرأسمالية بطبيعتها تحابي الملكية ؛ إذ أن مصلحة النظام هى دائماً مصلحة المُلاك والمستثمرين ، حتى وإن حدثت بينهما تناقضات جزئية ووقتية ، لكن مصلحتهم هم وحدهم هى دائماً مصلحة النظام ، لأن النمو هو نمو القاعدة الإنتاجية التي يملكونها ، ولأن التضخم دائماً يلتهم النقود لصالح الأصول ، فالملكية الخاصة لقوى الإنتاج تخلق انحيازاً طبيعياً في النظام للفئات المالكة ، ليس فقط بالسلطة السياسية ، بل بآليات التوزيع التي تحيل ما يبدو شكلياً توزيعاً إقتصادياً إلى مجرد توزيع شخصي يستند لأساس قانوني هو صك الملكية والوراثة .

والرأسمالية تفتقد لكفاءة التخصيص ، فتوزيع الدخل المختل يخلق هيكل طلب مختل وهيكل سياسات عامة مختل ، ينتج الكماليات على حساب الأساسيات ، فيستثمر مليار دولار في أبحاث الفياجرا بدلاً من استثمارها في أبحاث لعلاج الأمراض الفتّاكة ، وينتج مئات الأنواع والموديلات من السيارات الفاخرة ولا ينتج غذاءً كافياً ، وينفق آلاف المليارات على السلاح بدلاً من إنفاقها على التنمية والتعليم .

فنحن لا نتجنى على الرأسمالية إذا ما اتهمناها باللاعقلانية الاجتماعية ، فالرأسمالية تمتلك فقط العقلانية الأداتية ، أي عقلانية أداء الأشياء ، لكنها لا تمتلك عقلانية شاملة تتسائل عما وراء الأفعال والأشياء نفسها ، عن عقلانية وجودها ؛ لا غرابة أن لا تحقق الرأسمالية أولياً سوى الكفاءة الداخلية ، أي كفاءة الإنتاج ، فيما تهدر كفائتي التخصيص والتوزيع ، ونقول أولياً فقط لأن للكفائتين المذكورتين آثاراً عكسية على كفاءة الإنتاج نفسها .

وهذه اللاعقلانية الاجتماعية تدفع النظام للاستبداد بالضرورة كونه غير مُقنع للأغلبية التي ترى أوجه إنحرافاته غير المنطقية ، فضلاً عن ظلمه ، وهى تحتج عليه بأساليب شتى ، منها الطبيعي والصحيح كالنضال السياسي والاقتصادي والثقافي والتنظيم الموازي والمُضاد على كافة المستويات ، ومنها المنحرف والشاذ كالنزاعات الطائفية والنزعات الفاشية وممارسات الفساد بكافة أشكالها .. إلخ .

ويدعم الإفقار وانعدام المساوة ، فضلاً عن الفساد المؤسسي [2] الذي تنتجه الرأسمالية كما تنتج الفطر ، تعاظم التفاوت في المراكز الاقتصادية والسياسية ، وهو ما يؤدي لمزيد من تعميق الاستبداد والفساد ؛ فالرأسمالية بطبيعتها تعادي الديموقراطية الحقيقية التي تعبر من خلالها الشعوب عن نفسها وعن مصالحها ، والاتجاه الموضوعي في العالم كله اليوم هو تدهور تلك الديموقراطيات الزائفة ، ما لم تأخذ الجماهير الكادحة بزمام المبادرة وتحدث تحولات ثورية حقيقية في كافة أشكال الممارسات السياسية والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .



--------------------------------------------

[1] كنموذج معتمد وذو شأن ، راجع أطروحات عالم المستقبليات الأمريكي ألفن توفلر مؤلف "حضارة الموجة الثالثة" ، و"تحول السلطة" ، و"صدمة المستقبل" .

[2] وهو الفساد المتمركز ضمن ممارسات المؤسسات الكبرى بشكل لا ينفصل عن طبيعة عملها ، ونماذجه الأشهر تتجلي في كافة أشكال رأسمالية المحاسيب وفي ممارسات الشركات دولية النشاط والمؤسسات العاملة بالبورصات العالمية والمحلية .



============================================

نُشر لأول مرة ضمن كراس "منظومة الإفقار الرأسمالي" - سلسلة كراسات الاشتراكية العلمية - العدد الثالث - إصدارات حملة يسار مُوحد - دار روافد للنشر والتوزيع - القاهرة - 2014 م



#مجدى_عبد_الهادى (هاشتاغ)       Magdy_Abdel-hadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفاءة التخصيص الرأسمالية كقاعدة للإفقار المُطلق
- الإفقار المُطلق والنسبي في الرأسمالية المُعاصرة
- لماذا المساواة ضرورية ؟
- الثورة المأزومة..الحلقة المفقودة من الإحتجاج الإجتماعي إلى ا ...
- الخلافة والإمامة والولاية..لمحة أصولية تاريخية
- فلسفة ألفريد مارشال الإجتماعية - سكريبانتي & زاماجني
- الاشتراكية النيوكلاسيكية لأوسكار لانجه وأبا ليرنر - سكريبانت ...
- الفكر الاقتصادي للماركسية التحليلية - سكريبانتي & زاماجني
- الماركسية التحليلية - فيليب فان بارجيس
- إقتصاد أميركا العالمثالثي - بول كريج روبرتس
- أزمة السياسة..نظرة هيكلية في أزمة الاقتصاد المصري
- النضال على الهامش
- التحرش الجنسي..تحليل مادي
- الأصول الإجتماعية للسلطة..شكلاً ومضموناً
- الجوانب الثورية في فكر الخُميني
- أكتوبر 73..الحرب كمسألة طبقية
- الغزو الوهابي لمصر
- رأسمالية المحاسيب .. في الإقتصاد الإجتماعي لمصر المعاصرة
- تحرير الدين
- نيتشه بلسان زرادشت


المزيد.....




- الجبهة المغربية ضد قانوني الاضراب والتقاعد: ضع استثنائي يطبع ...
- -يحابي الأثرياء-.. بايدن يسارع بالهجوم على -نائب ترامب-
- من اليمين واليسار.. كيف انتشرت الشائعات عن محاولة اغتيال ترا ...
- القطاع الطلابي لحزب التقدم والاشتراكية: إشادة بالطالبة المتف ...
- -صدمة اليسار-.. هل تحتاج أوروبا إلى مراجعات أيديولوجية؟
- شبيبة النهج الديمقراطي العمالي تدين السلوك الأرعن لعميد كلية ...
- بيان احتجاجي: المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان ...
- «انقطاع الكهرباء».. بين تخفيف الأحمال وبيزنس الطاقة المتجددة ...
- كرم الأغنياء وإيثار الفقراء.. تنافس قبلي في موريتانيا لدعم ا ...
- «أمن الدولة» تقرر حبس 70 شخصًا على خلفية دعوات «ثورة الكرامة ...


المزيد.....

- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي
- تحديث. كراسات شيوعية (الهيمنة الإمبريالية وإحتكار صناعة الأس ... / عبدالرؤوف بطيخ
- لماذا يجب أن تكون شيوعيا / روب سيويل
- كراسات شيوعية (الانفجار الاجتماعي مايو-يونيو 1968) دائرة ليو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مقدّمات نظريّة بصدد الصراع الطبقيّ في ظلّ الإشتراكيّة الفصل ... / شادي الشماوي
- ليون تروتسكى فى المسألة اليهودية والوطن القومى / سعيد العليمى
- كيف درس لينين هيغل / حميد علي زاده
- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - مجدى عبد الهادى - الإنحطاط الحتمي للرأسمالية