|
يناير الأمازيغي ، بين الترسيخ والتفسيخ .
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 07:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
**ما أن يحل موعد يناير ويقترب ، إلا وترتفع عقيرة من دأب على التكفير المفرط في محاربة أقدم الأعياد المتوارثة في موطننا هذا ، وفي بلدنا هذا ، وكأن لا محضور يقع ... وأن لا جرم يُقترف ... سوى احتفال شعب بعيده الفلاحي بأبعاده الرمزية الوطنية الراسخة .
**يستند المحرمون في تحريمهم إقامة هذا العيد الأمازيغي على حديث (العيدين –[1])، فما بال هؤلاء عيونهم مغمضة على تجريم وتحريم أعياد أخرى في بلاد الحرمين نفسها ، فمن عيد [ عُكاظ ] ، وعيد [العرضة ] ومهرجان [ الجنادرية] إلى أعياد العرش الملكي السعودي المصطلح عليها باسم ( اليوم الوطني للملكة العربية السعودية -) ناهيك عن ظهور تسميات شوارع باسم ( أبرهة الحبشي) ،و(مسيلمة الكذاب) ، وحتى ( أبا لهب ) أخذ لنفسه مكان رياديا في التسميات من أسماء شوارع ، وأحياء ، حتى بلغ ( مسجد أبا لهب)، هذا في أقدس بلاد الإسلام ، أما في أرض الله الواسعة من بلاد لإسلام فإن الأعياد مصنفة غالبا إلى أعياد دينية ووطنية ، و أعياد يصعب عدها وأكثرها رواجا عند الفرس مثالا : النيروز والمهرجان والسدق .
*** الإسلام بسعة أفقه لا يحارب عادات وتقاليد الأمم الداخلة فيه إلا إذا كانت شركية صارخة .
**لا شك وأن الإسلام هو دين العالمين ، دين كل الأجناس بمختلف لغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، ومن بين مقومات الأمم تقويمها ولسانها ، فعندما يصل الإسلام إلى أمة يدعوهم إلى الإلتزام بقواعد الإسلام والإيمان ، فلا يمنع الناس من ممارسة حقهم الهوياتي اللغوي ، ولا إلغاء تاريخهم ولا مسح تجاربهم و عوائدهم التي توارثوها أب عن جد وعبر الآف السنين ، فقد جاء ليعزز مكارم الأخلاق و يستكمل بناءها لا لصنعها من جديد مصداقا لقول رسلنا الكريم ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) .
**الأمم الداخلة في الإسلام لها خصائصها المتوارثة مثلها مثل أمة العرب ، فقد استغل الفقيه مقومي اللغة العربية والإسلام في تلوين المسلمين بالعروبة ونشر تقاليد العرب بينهم ايهاما لهم بانها عادات إسلامية وما هي بإسلامية وإنما هي عربية خالصة ، فكثير من عادات العرب التي كانت سائدة أيام جاهليتهم قد ثمنها الإسلام ، وحتى بعض عادات الأمم الأخرى غير العربية فيها من العادات الجاهلية والأخلاق والممارسات لها حق الدوام والممارسة ما لم تتصادم مع الإسلام ، فإن كان العرب قوموا بالتاريخ الهجري الذي كان وليد جاهليتهم ، فإن الأمازيغ كذلك من حقهم الإحتفاظ بتقويمهم الأمازيغي الأقدم وتثمينه ، فما يضير من ذلك وما أثره السلبي ؟ ففي تقدير الكثيرين أن الإسلام جاء مشجعا للأعراف والعادات التي لا تخالف الشرع ، فثبتها ووافقها وأقرها ولم يبطلها، فيناير ليس بعيد أصلا وإنما هي مناسبة زمنية فلاحية غير مرتبطة بتاتا بالمعتقد الديني ، فما بال هؤلاء الذين يحاربون مناسبة يناير الفلاحية ،لكنهم يتبادلون التبريكات والتهاني بمناسبة عيد رأس السنة الهجرية بالرغم من أنها خارج إطار الأعياد الشرعية ؟ .
**يبدو أن هذه الجماعة الناقمة على موروثنا الثقافي قد أخطأت التقدير ، فهي اتخذت من تجاوزات فئة صغيرة من الأمازيغ الإستصاليين لاستئصال أمة عن روابطها التاريخية والثقافية ،فلا يمكن اتخاذ بعض الفكر الأمازيغي الشاذ ذريعة لطمس كل ماله صلة بالأمازيغ ؟ فالإقرار بالإختلاف الجنسي واللوني واللساني من غير عصبية هو إحدى الأسس التي تغذي التسامح بين أفراد المجتمع داخل حيز الدولة المدنية الواحدة.
***لكل أمة عيدا .. وهذا عيدنا . ، وهي مناسبة رمزية لكل أمازيغ شمال افريقيا .
** التقويم الأمازيغي اليولياني هو من أقدم التقاويم العالمية، وهو إحدى الدلائل عن قدم أمتنا وثراء سجلها التاريخي الذي طاله النسيان والتشويه . وهو تقويم لا علاقة له بالمعتقد الديني بتاتا ، إنه تقويم شمسي يظهر علاقة الإنسان المغاربي بأرضه ترويضا واستغلالا ، فهو يرمز للرخاء والعطاء والخصوبة ، وهو صلة تفاؤل بقدوم سنة زراعية جديدة يعم فيها الرخاء ووفرة الإنتاج الذي يأتي من كد الفلا حين ، فأي منكر في ذلك ؟؟؟ ، وأي كفر من إحياء هذه المناسبة ؟؟؟
واجب الدولة وعدلها يستدعي ترسيم هذه المناسبةالسعيدة بجعلها عيدا وطنيا على شاكلة غرة محرم ، و أول رأس السنة الميلادية . ما ضاع حق وراءه طالب .
======================== [1]نص حديث العيدين : عن أنس رضي الله عنه قال :قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهمافقال ماهذان اليومان ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مالم يقله القرآن .
-
الإسلام بنظرتين…. تقليدية وحديثة .
-
حول الأمازيغية…. وترسيمها القاتل ؟
-
هل اكتشف الأمازيغ أمريكا قبل كريستوف كولمبس ! ؟
-
لماذا التضييق على خبر انتكاساتنا ؟
-
الحرب على طوبونيميا (Toponymie )الأمازيغ .
-
ما ستخسره العربية بعد ترسيم الأمازيغية ؟ .
-
ترسيم الأمازيغية لن يكون غدا .
-
مخاطر [ تجذير ] الهوية العربية الإسلامية في تونس .
-
تجذير [الناشئة ] في هويتها العربية الإسلامية بتونس؟ ! .
-
العرب أصلهم أعراب ، والأمازيغ أمة بجميع مقوماتها .
-
مخطوطات مكتبة الشيخ [ الموهوب أولحبيب ] بتلا وزرار ، بني ورث
...
-
الإخوان في طريقهم إلى إجهاض ثورة 25 يناير .
-
الحضارة الإسلامية ... سكونٌ أم إقلاع ٌ ؟
-
الفيلم المسيء للرسول ، أهو صراع بين (الطورو ، والطوريرو) ؟ .
-
علمية الباحث الإسلامي في الميزان .
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ الجزء الثاني ]
-
عدالةُ الصحابة بين التعميم والتخصيص . [ ج1]
-
عندما يكون البلهً هم أكثر أهل الجنة ؟
-
[بابا مرزوق ] المدفع الذي أكل كبد فرنسا .
المزيد.....
-
إسبانيا تدين اقتحام بن غفير لباحات المسجد الأقصى
-
ياعيني على الاستحمام?????? تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024.
...
-
إسبانيا تدين اقتحام بن غفير لباحات المسجد الأقصى
-
ابسطي عيالك ونزلي ليهم تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على
...
-
التردد الأحدث.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات وعربس
...
-
تقرير فلسطيني: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى
-
نفيسة خويص مرابطة مقدسية يلاحقها الإبعاد عن المسجد الأقصى
-
وادي الجوز.. حي تحيط به المعالم التاريخية والدينية بالقدس
-
أجدد أغاني البيبي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي عبر أقمار النا
...
-
رفض اسلامي وتنديد أممي وانتقاد أميركي لاقتحام الأقصى
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|