حيدر حسين سويري
الحوار المتمدن-العدد: 4663 - 2014 / 12 / 15 - 01:03
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
صحة العقل تشفي مرض البدن
حيدر حسين سويري
قدماه اللتان لا تستطيعان حملهُ لبضعة أمتار، ومعاناتهُ الدائمة من خفقان القلب، وضيق التنفس، بالإضافة إلى مرضيه، إرتفاع الضغط والسكري(نقص الإنسولين)، اللذان يتمتع بهما أغلب العراقيين!
شيخٌ في السادسة والسبعين من عُمره، جلس عند رأسي، عندما إستلقيتُ على ظهري، في إحدى المواكب الحسينية، أثناء سيرنا إلى كربلاء الصمود والشهادة، لتأدية مراسيم زيارة عاشوراء، ولمبايعة الحق ومناصرة المظلوم، وللبرآءة من الباطل، والعمل على الإطاحةِ بالظالمين، أينما كانوا ومتى ما وجدوا، هكذا نفهم الثورة الحسينية، وهكذا نترجمها في جميع ما نقوم به من شعائر.
في كل رحلة من كل عام، نتلقى درساً حسينياً، يلقيه لنا أحد عشاق الحسين، من الذين أصبح الحسين يسري منهم سير الدم في الشريان، الذين أستلهموا معنى الثورة وذابوا فيها، فلم يَعُد فيهم شيئاً يستطيع منهُ الشيطان ومن فوقه مغريات الدنيا الوصل بهِ إليهم، أو التمكن ولو للحظةٍ منهم.
ما إن إستلقيت، حتى بدأ التعب والإرهاق عليَّ واضحاً، فخاطبني الشيخ: أعانك الله ولدي، عظم الله لك الأجر، يبدو أنك مجهداً كثيراً؟
- الحمد لله، ليس شيئاً أمام ما قدمهُ مَنْ ننوي الذهاب إليه
- بلى، أين نحنُ من ذلك!؟ من أين قدومك ولدي؟
- من بغداد
- لا بأس لم يبق أمامك إلا القليل، أستأذنك وأسألك الدعاء.
- إلى أين؟!
- لأتمَ مسيري
- ولكن الجو بارد في الخارج، وقد دخل الليل، أفلا تنام، وتنطلق عند الفجر!؟
- لا، لقد توقفت هنا لأداء الصلاة وتناول دوائي، فأنا مصاب ببعض الأمراض، خفقان القلب وضيق التنفس والضغط والسكر، كفاك الله وسائر المؤمنين شرها؛ هذه الأمراض التي تمنعني من المسير إلا لبضعة أمتار، والآن حان مسيري
- ولكنك قلت: أنك لا تستطيع المسير طويلا!؟
- نعم، في سائر أمور الدنيا، إلا المسير إلى كربلاء، فهنا ينشرح صدري، ويذهبُ عني مرضي
- وبما تفسرُ ذلك؟
- صحة العقل تُلغي الإحساس بوجود المرض، ثم تعمل على شفاء البدن
أمسك الشيخُ عصاه، ونهض واقفاً عند رأسي، كأنهُ النخل في شموخه، ولم أستطع حتى النهوض لتوديعهِ، من شدة الألام وتشنجات قدمي وتقرحاتهما، ذهب وعيني ترقبهُ، وهو يسير مستوياً، لا يرتدي سوى الثوب والعباءة الملقاة على كتفيه، وقطعة القماش التي تغطي رأسه، بالرغم من شدة البرد، وإنتشار الضباب وسط ليلٍ دامس.
#حيدر_حسين_سويري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟